">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم من صلى وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة؟


من صلى وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة جاهلا وجودها أو علمها ثم نسي أن يغسلها أم جهل أنها من النَّجاسات أم جهل حكمها أو معتقدا طهارتها فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه .

وأما إذا اشتبهت على المصلى هل الثياب التى سيصلى بها طاهرة أم نجسة أو ملابس محرمة كأن يكون الثوب مسروقا أو مغصوبا فإنه يتحرى ويصلي بإحداها فإذا غلب على ظنه طهارة أحد الثياب صلى فيه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها .

ومما يدل على ذلك :

1- قال تعالى : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. [البقرة: 286]. فالمؤاخذة إنما تكون على ما تعمده الإنسان بخلاف ما وقع فيه خطأ أو نسيانا .

2- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ 

قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا . ((صحيح سنن أبي داود)) (650).

دل الحديث على : أنه لو كان الثوب النجس المجهول نجاسته تبطل به الصلاة لأعادها من أولها .

قال ابن المنذر رحمه الله :

وإذا صلى الرجل ثم رأى في ثوبه نجاسة لم يكن علم بها ألقى الثوب عن نفسه وبنى على صلاته، 

فإن لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه، يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعد ما مضى من الصلاة . انتهى من ((الأوسط)) (2/289).

 قال النووي رحمه الله :

قال جمهور العلماء : لا إعادة عليه، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وابن المسيب، وطاوس، وعطاء، وسالم بن عبد الله، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، والزهري، ويحيى الأنصاري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور،

قال ابن المنذر : وبه أقول، وهو مذهب ربيعة، ومالك، وهو قوي في الدليل وهو المختار . انتهى من ((المجموع)) (3/157).

جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية :

فلو صلّى وببدنه أو ثيابه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة لم تجب عليه الإعادة في أصح قولي العلماء وهو مذهب مالك، وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين - وسواء كان علمها ثم نسيها، أو جهلها ابتداء-؛

 لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم-صلّى في نعليه ثم خلعهما في أثناء الصلاة، لما أخبره جبريل أن بهما أذى،

ومضى في صلاته ولم يستأنفها، مع كون ذلك موجودًا في أول الصلاة، لكن لم يعلم به . انتهى.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

إذا صلى المسلم أو المسلمة في ثوب فيه نجاسة سواء كان الثوب سراويل أو قميص أو إزار أو كان فنيلة أو غير ذلك ولم يذكر إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح،

 وهكذا لو صلى في ثوب نجس ثم لم يعلم بذلك إلا بعد الصلاة فإن جهله عذر كالنسيان، 

فإذا صلى في ثوب نجس أو ناسيًا أو جاهلًا حتى فرغ من صلاته فإن صلاته صحيحة لأنه ﷺ صلى ذات يوم في نعل فيها قذر فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ولم يعد أول الصلاة بل استمر في صلاته، 

فدل ذلك على أن أولها صحيح. فهكذا إذا لم يعلم إلا بعد فراغه منها فصلاته صحيحة لهذا الحديث، حديث : " أنه ﷺ صلى في نعليه وفيهما قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ثم استمر في صلاته " 

فدل ذلك على أن أولها صحيح بسبب الجهل، فهكذا الناسي وهكذا من فرغ منها  وكملها ناسيًا أو جاهلًا بالنجاسة التي في ثوبه أو في نعله فإن صلاته صحيحة،

لكن لو ذكر في أثناء الصلاة فخلع أجزأته الصلاة أيضًا كما خلع النبي ﷺ نعليه واستمر في صلاته ، 

فلو كان في بشته نجاسة أو في غترته نجاسة أو في إزاره نجاسة فخلعه وعليه ثوب يستر عورته عليه قميص يستر عورته فخلع إزاره الذي فيه النجاسة أو سراويله في الحال أجزأته صلاته . نعم.

المقدم : لكن إذا كان عالمًا بالنجاسة قبل الصلاة وكان هذا التفريط منه؟

الشيخ : ولو، إذا كان عالمًا ثم نسي صحت صلاته، أما لو تعمد الصلاة بطلت صلاته. نعم . انتهى

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

والدَّليل على ذلك : القاعدة العظيمة العامة التي وضعها الله لعباده وهي قوله : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )

 وهذا الرَّجُل الفاعل لهذا المحرَّم كان جاهلاً أو ناسياً وقد رفع الله المؤاخذة به ولم يبقَ شيء يُطالب به .

وهناك دليل خاصٌّ في المسألة وهو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صَلَّى في نعلين وفيهما قَذَرٌ وأعلمه بذلك جبريل لم يستأنف الصَّلاة ، وإذا لم يُبْطِل هذا أولَ الصَّلاة فإنه لا يُبْطِلُ بقيَّة الصَّلاة . انتهى من ("الشرح الممتع" (2/232)).

وقال أيضا رحمه الله :

إذا كان الإنسان في حالة السعة فإنا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء، وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، 

وأما إذا نسي أو كان جاهلاً فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة . انتهى من (زاد المستقنع) .

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

س : إذا رأى المسلم في ثوبه أو بدنه نجاسة بعدما فرغ من الصلاة ماذا عليه هل يعيد الصلاة أم لا؟

الجواب :

 لا يعيدها إذا كان لم يعلمها إلا بعد الصلاة، أو كان ناسيا لها فلم يذكر إلا بعد الصلاة؛ 

لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام أخبره وهو في الصلاة أن في نعليه قذرا فخلعهما واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام . التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (٨٣١٤)).

وجاء فيها أيضا :

إذا صلى من على ثوبه أو بدنه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد انقضاء الصلاة فالصحيح من قولي العلماء أنه لا إعادة عليه ولا على من ائتم به في تلك الصلاة ،

لما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرفوا قال لهم : " لم خلعتم؟ " قالوا : رأيناك خلعت فخلعنا، 

فقال : " إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما ». رواه أحمد وأبو داود. ولم يعد أول صلاته، صلوات الله وسلامه عليه، ولم يأمرهم بالإعادة وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءالفتوى رقم (٣١٨٤)).

وأما إذا اشتبهت على المصلى هل الملابس التى سيصلى بها طاهرة أم نجسة أو ملابس محرمة كأن يكون الثوب مسروقا أو مغصوبا فإنه يتحرى ويصلي بإحداها .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

الصحيح : أنه يتحرى، وإذا غلب على ظنه طهارة أحد الثياب صلى فيه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولم يوجب الله على الإنسان أن يصلي الصلاة مرتين،

فإن قلت : ألا يحتمل مع التحري أن يصلي بثوب نجس؟ فالجواب : بلى، ولكن هذه قدرته . انتهى من ((الشرح الممتع)) (1/65-66).

وقال أيضا رحمه الله :

أن القاعدة تنص على أنه إذا تعذر اليقين رجع إلى غلبة الظن ، وهنا تعذر اليقين فنرجع إلى غلبة الظن، وهو التحري انتهى من ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/62).

وإليك بعض الأحكام :

1- لو جهل المصلي موضع النجاسة من الثوب تحرى موضعها، فإن لم يغلب على ظنه وجب عليه غسل الثوب كله.

2- من اشتبه عليه الثوب الطاهر بالثوب النجس ( كأن يكون عنده ثوبان يشبه أحدهما الاخر وقد تبول طفله على أحدهما، فاختلط عليه الأمر : هل الطفل تبول على هذا أم ذاك؟) 

فإنه يتحرى على حسب استطاعته، ثم يصلى في الطاهر على الأغلب عنده فإن تغير اجتهاده في صلاة أخرى صلاها على حسب اجتهاده الاخر، ولا يلزمه إعادة الأولى .

3- لو حمل المصلي طفلا صغيرا وهو في الصلاة صحت صلاته ، والراجح أن ملابسهم محمولة على الطهارة ما لم نتيقن بوجود نجاسة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم  صلى وهو يحمل أمامة بنت أبي العاص .

4- إذا حمل المصلي عينات [من بول وغائط] أثناء الصلاة، ( كمن أدركته الصلاة وهو في طريقه إلى المعمل لتسليم هذه العينات فدخل المسجد وصلى بها) فهل تصح صلاته ؟ فيها قولان، والراجح عدم الصحة.

5- لو فرش المصلي على النجاسة شيئا وصلى عليه صحت صلاته ؛ لأنه غير مباشر للنجاسة ولا حامل لها.

6- إذا أصاب المصلي ثوبه أو بدنه نجاسة يابسة فنفضها، ولم يبق شيء منها وصلى، صحت صلاته بالإجماع .

7- يجوز للمرأة أن تصلي في الثياب التي كانت تلبسها أثناء فترة حيضها بلا كراهة إذا لم يتحقق فيها نجاسة ، 

قالوا : " وتجوز في ثياب الصبيان والكفار والقصابين - (وهم الجزارين)  ومدمني الخمر وغيرهم، إذا لم يتحقق نجاستها، لكن غيرها أولى " . انتهى من [المجموع (3 /164)].


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات