القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم مسابقة أو التأخر عن الامام فى الصلاة؟


 العبد عليه أن يتعلم أحكام دينه حتى يعبد الله على بصيرة فهو مأمور في الصلاة بمتابعة الإمام حتى لا تفسد عليه صلاته وهو لا يشعر .

 قال ابنُ حزم رحمه الله : واتَّفقوا أنَّ مَن فَعَل ما يفعله الإمامُ من ركوع وسجود وقيام بعدَ أنْ فعلَه الإمام، لا معه ولا قبله، فقدْ أصاب . انتهى من ((مراتب الإجماع)) (ص: 26).

وقال ابنُ تَيميَّة رحمه الله : أمَّا مسابقة الإمام، فحرامٌ باتفاق الأئمَّة، لا يجوز لأحدٍ أن يركعَ قبل إمامه، ولا يرفع قَبلَه، ولا يسجُد قَبلَه . انتهى من ((مجموع الفتاوى)) (23/336).

قال العلامة العثيمين رحمه الله :

علاقة المأموم بإمامه علاقة متابعة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فركعوا وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقالوا : ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ".

ومقام المأموم مع إمامه ( في هذه الناحية يتنوع إلى أربع مقامات ( متابعة، وموافقه، ومسابقة، وتأخر.

فأما المتابعة :

 هي السُّنَّةُ فيأتي الإنسان بأفعال الصلاة بعد إمامه مباشرة إذا ركع ركع بدون تأخر وإذا سجد، سجد بدون تأخر وهكذا في بقية أفعال الصلاة... 

وينبغي ألا يشرع المأموم في الانتقال إلى الركن حتى يصل إليه فلا يبدأ في الآنحناء للسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض .

قال البراءُ بن عَازب : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال : سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظهرَهُ حتى يقعَ النبي صلى الله عليه وسلم سَاجداً ، ثم نَقَعُ سجوداً بعدَه . رواه البخاري

وأما الموافقة :

فأن يفعل هذه الأفعال مع إمامه ، يركع مع ركوعه ويسجد مع سجود، ويقوم مع قيامه، ويقعد مع قعوده .

ومنها الموافقةُ في الأقوالِ : فلا تضرُّ إلا في تكبيرةِ الإِحرامِ والسلام.

ومنها الموافقةُ في الأفعالِ : وهي مكروهةٌ كالموافقه فالركوع والسجود.

وأما المسابقة :

فأن يتقدم إمامه في هذه الأفعال ، فيركع قبله ، ويسجد قبله ، ويقعد قبله... فهو محرم ودليلُ هذا

قولُ النبي صلى الله عليه وسلم : لا تركَعُوا حتى يركعَ ، ولا تسجدُوا حتى يسجدَ. 

والأصلُ في النَّهي التحريمُ متى سَبَقَ المأمومُ إمامَه عالماً ذاكراً فصلاتُه باطلةٌ ، وإنْ كان جاهلاً أو ناسياً فصلاتُه صحيحةٌ ،

إلا أنْ يزولَ عذره قبل أنْ يُدرِكَهُ الإمامُ فإنه يلزمُه الرجوعُ ليأتيَ بما سَبَقَ فيه بعدَ إمامِه فإن لم يفعلْ عالماً ذاكراً بطلتْ صلاتُه ، وإلا فلا .

وأما التأخر :

فأن يتوانى في متابعة الإمام، فإذا ركع الإمام، بقي واقفاً يقرأ، وإذا سجد بقي قائماً يحمد وهكذا. 

والتَّخلُّفُ عن الإِمامِ نوعان : تخلُّفٌ لعذرٍ، وتخلُّفٌ لغير عذرٍ .

فالنوع الأول : 

أن يكون لعذرٍ : فإنَّه يأتي بما تخلَّفَ به ويتابعُ الإمامَ ولا حَرَجَ عليه حتى وإنْ كان رُكناً كاملاً أو رُكنين، 

فلو أن شخصاً سَها وغَفَلَ، أو لم يسمعْ إمامَه حتى سبقَه الإمامُ برُكنٍ أو رُكنين فإنه يأتي بما تخلَّفَ به ويتابعُ إمامَه ،

 إلا أن يصلَ الإمامُ إلى المكان الذي هو فيه؛ فإنَّه لا يأتي به ويبقى مع الإِمامِ، وتصحُّ له ركعةٌ واحدةٌ ملفَّقةٌ مِن ركعتي إمامهِ الرَّكعةِ التي تخلَّفَ فيها والرَّكعةِ التي وصلَ إليها الإِمامُ وهو في مكانِهِ. 

مثال ذلك : رَجُلٌ يصلِّي مع الإِمامِ والإِمامُ رَكَعَ ورَفَعَ، وسَجَدَ ، وجَلَسَ ، وسَجَدَ الثانيةَ ، ورَفَعَ حتى وَقَفَ، والمأمومُ لم يسمعْ المُكبِّرَ إلا في الرَّكعةِ الثانيةِ لانقطاعِ الكهرباء مثلاً ،

ولنفرضْ أنه في الجمعة  فكان يسمعُ الإِمامَ يقرأُ الفاتحةَ ثم انقطعَ الكهرباءُ فأتمَّ الإِمامُ الركعةَ الأُولى وقامَ وهو يظنُّ أنَّ الإِمامَ لم يركعْ في الأُولى فسمعَه يقرأ (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)  

فنقول : تبقى مع الإِمامِ وتكونُ ركعةُ الإِمامِ الثانيةِ لك بقية الركعة الأولى فإذا سلَّمَ الإِمامُ فاقضِ الركعةَ الثانيةَ. 

قال أهلُ العِلمِ : وبذلك يكون للمأمومِ ركعةٌ ملفَّقةٌ مِن ركعتي إمامِهِ لأَنه ائتَمَّ بإمامه في الأُولى وفي الثانية .

فإن عَلِمَ بتخلُّفِهِ قبلَ أن يصلَ الإِمامُ إلى مكانِهِ فإنَّه يقضيه ويتابعُ إمامَه، مثاله : 

رَجُلٌ قائمٌ مع الإِمامِ فرَكَعَ الإِمامُ وهو لم يسمعْ الرُّكوعَ  فلما قال الإِمامُ : سَمِعَ اللهُ لمَن حمِدَه سَمِعَ التسميعَ، 

فنقول له : اركعْ وارفعْ ، وتابعْ إمامَك ، وتكون مدركاً للركعةِ ؛ لأن التخلُّفَ هنا لعُذرٍ .

النوع الثاني : 

التخلُّف لغيرِ عُذرٍ : إما أن يكون تخلُّفاً في الرُّكنِ أو تخلُّفاً برُكنٍ .

- فالتخلُّفُ في الرُّكنِ معناه : أن تتأخَّر عن المتابعةِ لكن تدركُ الإِمامُ في الرُّكنِ الذي انتقل إليه.

 مثل : أن يركعَ الإِمامُ وقد بقيَ عليك آيةٌ أو آيتان مِن السُّورةِ وبقيتَ قائماً تكملُ ما بقي عليك لكنك ركعتَ وأدركتَ الإِمامَ في الرُّكوعِ فالرَّكعةُ هنا صحيحةٌ ، لكن الفعلَ مخالفٌ للسُّنَّةِ ،

لأنَّ المشروعَ أن تَشْرَعَ في الرُّكوعِ من حين أن يصلَ إمامك إلى الرُّكوعِ ولا تتخلَّف لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا رَكَعَ فاركعوا .

- والتخلُّفُ بالرُّكنِ معناه : أنَّ الإِمامَ يسبقك برُكنٍ ، أي : أن يركَعَ ويرفعَ قبل أن تركعَ . 

فالفقهاءُ رحمهم الله يقولون : إذا تخلَّفتَ بالرُّكوعِ فصلاتُك باطلةٌ كما لو سبقته به وإنْ تخلَّفتَ بالسُّجودِ فصلاتُك على ما قال الفقهاءُ صحيحةٌ لأنه تَخلُّفٌ برُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ .

ولكن القولَ الراجحَ : أنَّه إذا تخلَّفَ عنه برُكنٍ لغيرِ عُذرٍ فصلاتُه باطلةٌ سواءٌ كان الرُّكنُ ركوعاً أم غير ركوع . 

وعلى هذا ؛ لو أنَّ الإِمامَ رَفَعَ مِن السجدةِ الأولى وكان هذا المأمومُ يدعو اللهَ في السُّجودِ فبقيَ يدعو اللهَ حتى سجدَ الإِمامُ السجدةَ الثانيةَ فصلاتُه باطلةٌ ؛ لأنه تخلُّفٌ بركنٍ وإذا سبقه الإِمامُ بركنٍ فأين المتابعة ؟

وكل هذه المقامات مذمومة إلا مقام المتابعة.

- فالموافق لإمامه مخالف لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " لا تكبروا حتى يكبر الإمام ولا تركعوا حتى يركع".

 - والسابق له، واقع في التحذير الشديد الذي حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : " إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا "، جملة شرطية تقتضي أن يقع المشروط فور وجود الشرط، وأن لا يتأخر عنه، فهو منهي عنه.

- فالمسابقة : حرام.

- والموافقة : قيل : إنها مكروهة، وقيل : إنها حرام.

- والتأخر : أقل أحواله الكراهة.

- أما المتابعة : فهي الأمر الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم.

وهنا مسألة :

 أي الحالات أشد : المسابقة، أم الموافقة، أم التخلف عنه؟ 

الجواب :

 المسابقة أشدها، لأنه ورد فيه الوعيد المتقدم ولأن القول الراجح أن الإنسان إذا سبق إمامه عالماً ذاكراً بطلت صلاته، 

سواء سبقه إلى ركن أو بالركن لأنه إذا سبق إمامه فقد فعل فعلاً محرماً في الصلاة . انتهى من (مجموع فتاوى العثيمين رحمه الله - المجلد الخامس عشر - باب صلاة الجماعة./ مع الشرح الممتع).

وسئل العلامة ابن باز رحمه الله :

حكم مسابقة المأمومين للإمام في الصلاة؟

فأجاب :

الواجب على المأمومين متابعة الإمام وعدم المسابقة، فالمسابقة محرمة والمتابعة واجبة، فليس لهم أن يسابقوه وليس لهم أن يوافقوه، وعليهم أن يتابعوه، قال النبي ﷺ : 

إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا ، ولا تركعوا حتى يركع ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا  ولك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجدالحديث .
 
وقال عليه الصلاة والسلام : إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف يعني السلام ، فالواجب عليهم أن يتابعوه وألا يسابقوه . 

والمسابقة تبطل الصلاة إذا سبق الإمام بطلت صلاته نسأل الله العافية، يقول النبي ﷺ : 

أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار نسأل الله العافية ، فهذه عقوبة، هذا خطر عظيم، 

فالمسابق تحرم عليه المسابقة، ومسابقته تبطل صلاته إلا إذا رجع وتابع الإمام.

وأما الموافقة فمكروهة أو محرمة بل ظاهر النصوص تحريمها، ولكن إذا فعلها بأن كبر بعد تكبير إمامه لكن قبل أن ينقطع صوته وقبل أن يستوي راكعا أجزأت الركعة وأجزأ التكبير لكنه خالف السنة، 

فالواجب عليه أن ينتظر حتى ينقطع الصوت، حتى يستوي الإمام راكعا، حتى يستوي ساجدا، حتى يكون قد تابع من دون مسابقة .. 

لا يسابق ولا يوافق ولكن يكون بعد إمامه، لأن الرسول ﷺ قال : ولا تكبروا حتى يكبر، ولا تركعوا حتى يركع وقال : فكبروا إذا كبر فكبروافهذا يدل على أنه يتصل به مباشرة لكن بعده لا معه ولا قبله.

فالواجب على المأموم أن يلاحظ هذه الأمور وألا يتحرك حتى ينقطع صوت إمامه ، 

إذا انقطع صوته كبر وإذا استوى راكعا ركع وإذا استوى ساجدا سجد، حتى لا يحط قبله ولا يكون معه، وفيه خطر عظيم في بطلان صلاته، فليحذر أن تبطل صلاته وهو لا يشعر . انتهى.


والله اعلم


وللفائدة..

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات