">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يجوز قراءة القرآن للحائض والجنب؟ إليك الإجابة


 من الأسئلة المتكررة بين المسلمين : هل يجوز قراءة القرآن للحائض والجنب؟

◄ يظن كثيرون أن ذلك لا يجوز، لكن النصوص الشرعية وأقوال كبار العلماء تُظهر أن المسألة فيها سَعة، وأن الأصل هو جواز القراءة ما لم يرد دليل على التحريم.

هل يجوز قراءة القرآن للحائض والجنب؟

● تجوز قراءة الجنب والحائض للقرآن، ولا يصار إلى القول بالتحريم إلا بدليل صريح، ولم يرد حديث صحيح واحد يمنع الحائض أو الجنب من قراءة القرآن.

● هذا هو مذهب جماعة من السلف، إذ أن الحيض والجنابة مما يعمّ بهما البلوى، ولم يرد النهي عن القراءة في تلك الأحوال، فبقي الأمر على الأصل وهو الإباحة.

 أدلة جواز قراءة القرآن للحائض والجنب:

1- قول النبي ﷺ لعائشة رضي الله عنها- حين حاضت في الحج : “ افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ”(صحيح البخاري (305)).

وجه الدلالة :

✔ يدل الحديث على جواز قراءة الحائض للقرآن، لأن النبي ﷺ لم يستثن من أعمال الحج إلا الطواف بالبيت، وهو صلاة مخصوصة.

✔ كما أن أعمال الحج مشتملة على الذكر والتلبية والدعاء، والقرآن أفضل الذكر، فدل على أن الحائض يجوز لها القراءة، والحائض لا تُمنع من ذلك، فقراءتها للقرآن ليست كالصلاة.

2- حديث عائشة رضي الله عنها : “ أن رسول الله ﷺ كان يذكر الله على كل أحيانه ”(صحيح مسلم (373)).

وجه الدلالة : أن القرآن ذكر، فيدخل في عموم الحديث، فيجوز ذكر الله وقراءة القرآن في جميع الأحوال.

3- أثر ابن عباس رضي الله عنهما : " أنه كان يقرأ ورده وهو جنب ". (رواه ابن المنذر في "الأوسط" (2/98)- بإسناد صحيح).

4- سُئل سعيد بن المسيب رحمه الله : " أيقرأ الجنب شيئًا من القرآن؟ قال : نعم "(رواه عبد الرزاق في "المصنف"- بسند صحيح).

أقوال العلماء في حكم قراءة القرآن للحائض والجنب :

★ بوّب الإمام البخاري رحمه الله باباً في "الصحيح" فقال : 

(تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت) .

 وقال إبراهيم : لا بأس أن تقرأ الآية، ولم يَــرَ ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا .

قال ابن حجر في توجيه "التبويب" :

 والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعا لابن بطال وغيره : إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها

لأنه ﷺ لم يَستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة.

 وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه...،

ولهذا تمسك البخاري ومن قال بالجواز غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث " كان يذكر الله على كل أحيانه ";

لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره ، وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف... ينظر: (فتح الباري شرح صحيح البخاري).

 قال العلامة ابن المُنذِر رحمه الله :

ورخَّصَت طائفة للجنُبِ في القرآنِ، روِّينا عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّه كان يقرأُ وِردَه وهو جنُبٌ. وكان عكرمةُ لا يرى بأسًا للجُنبِ أن يقرأَ القرآن،

وقيل لسعيد ابن المسيب : أيقرأ الجنبُ القرآنَ؟ قال : نعم، أليسَ في جوفِهـ. ينظر: ((الإشراف)) (1/297).

★ قال الإمام النووي رحمه الله : 

وقال داود : يجوزُ للجنب والحائض قراءةُ كُلِّ القرآنِ، وروي هذا عن ابنِ عبَّاس وابن المسيِّبِ. قال القاضي أبو الطيِّب، وابن الصباغ وغيرُهما : واختاره ابنُ المُنذِر. ينظر:((المجموع)) (2/158).

 وقال الإمام ابن حزم رحمه الله :

وقراءةُ القُرآنِ والسجودُ فيه، ومسُّ المُصحَف، وذِكرُ الله تعالى؛ جائزٌ كلُّ ذلك، بوضوءٍ وبغيرِ وُضوءٍ، وللجُنُب والحائِضِ. ينظر: ((المحلى)) (1/94).

 وقد ضعف ابن حزم فى (المحلى بالآثار) حجج القائلين بالمنع، فقال :

 فأما من منع الجنب من قراءة شيء من القرآن - فاحتجوا بما رواه عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن رسول الله ﷺ لم يكن يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة،

وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه ليس فيه نهي عن أن يقرأ الجنب القرآن، وإنما هو فعل منه عليه السلام لا يلزم، ولا بين عليه السلام أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة.

وقد يتفق له عليه السلام ترك القراءة في تلك الحال ليس من أجل الجنابة، وهو عليه السلام لم يصم قط شهراً كاملاً غير رمضان، ولم يزد قط على قيامه على ثلاث عشرة ركعة، ولا أكل قط في خوان، ولا أكل متكئا،

أفيحرم أن يصام شهر كامل غير رمضان أو أن يتهجد المرء بأكثر من ثلاث عشرة ركعة، أو أن يأكل على خوان، أو أن يأكل متكئا؟ هذا لا يقولونه، ومثل هذا كثير جداً.

وقد جاءت آثار في نهي الجنب، ومن ليس على طهر عن أن يقرأ شيئاً من القرآن، ولا يصح منها شيء، وقد بينا ضعف أسانيدها في غير موضع.

 وأما من قال يقرأ الجنب الآية أو نحوها ، أو قال لا يتم الآية ، أو أباح للحائض ومنع الجنب فأقوال فاسدة ; لأنها دعاوى لا يعضدها دليل لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة.

وكذلك تفريقهم بين الحائض والجنب بأن أمد الحائض يطول ، فهو محال ، لأنه إن كانت قراءتها للقرآن حراما فلا يبيحه لها طول أمدها ، وإن كان ذلك لها حلالا فلا معنى للاحتجاج بطول أمدها.

حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر عن قاسم بن أصبغ عن محمد بن وضاح عن موسى بن معاوية ثنا ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة قال : لا بأس أن يقرأ الجنب القرآن،

وبه إلى موسى بن معاوية ثنا يوسف بن خالد السمتي ثنا إدريس عن حماد قال : سألت سعيد بن المسيب عن الجنب هل يقرأ القرآن ؟ فقال : وكيف لا يقرؤه وهو في جوفه،

 وبه إلى يوسف السمتي عن نصر الباهلي. قال : كان ابن عباس يقرأ البقرة وهو جنب.

أخبرني محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا غندر ثنا شعبة عن حماد بن أبي سليمان قال:

سألت سعيد بن جبير عن الجنب يقرأ فلم ير به بأسا وقال : أليس في جوفه القرآن؟ وهو قول داود وجميع أصحابنا. انتهى.

 وقال العلامة الشوكاني رحمه الله:

وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل إثماً ممن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام،

فالكل إما من التقول على الله تعالى بما لم يقل، أو من إبطال ما قد شرعه لعباده بلا حجة. ينظر: "الدراري المضيَّة" (١/ ١٩، ٢٠).

▣▣ الخلاصة :

✔ يتبيّن من مجموع الأدلة وأقوال العلماء أن قراءة القرآن للحائض والجنب جائزة، ولم يثبت في الشرع ما يمنعها.

✔ لكن الأفضل أن يكون المسلم على طهارة عند تلاوة كتاب الله تعظيمًا له، لا وجوبًا.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات