">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل حقًا تجبر النوافل ما فات من الفرائض سهواً وعمداً؟


من رحمة الله تعالى وفضله أنه شرع للمسلم النوافل قبل الصلوات المفروضة وبعدها وفي أوقات متعددة، لتكون زيادة في الأجر، وجابرة للنقص الذي قد يقع في الفرائض.

✅ لكن هل تكمل النوافل ما فات من الصلوات المفروضة، سواء كانت فاتت سهواً أو عمداً؟ هذا السؤال تطرّق إليه كثير من العلماء، واختلفت فيه أقوالهم.

هل النوافل تجبر الصلاة الفائتة سهواً؟

 الجواب : إذا ترك المسلم الصلاة سهواً، ثم لم يتذكرها حتى مات، فالنوافل التي أداها تكون سببًا في تكفير النقص ورفعة الأجر بإذن الله.

هل النوافل تجبر ترك الصلاة عمداً؟

▣ الجواب : الأظهر أن شاء الله انه يكمل بها النقص الذي حصل في ترك الفرائض الفائتة عمدا.

◄ ولكن الواجب عليه التوبة الصادقة أولاً من هذا الذنب العظيم، ثم الإكثار من النوافل رجاء قبولها،

ولله سبحانه أن يفعل ما شاء، فله الفضل والمن، بل له أن يسامح، وإن لم يصِّل شيئا، لا فريضة، ولا نفلا .

⚠️ التحذير من الإتكال على النوافل:

● ينبغي للمسلم أن لا يتهاون في أداء الفرائض أو قضائها معتمداً على النوافل، لأن كثيراً من العلماء لا يرون جبران النوافل لما ترك عمداً من الفرائض.

● فالقبول بيد الله، ولا يدري العبد هل تُقبل منه نافلته وقد ضيّع فريضته؟!

▣▣ الأدلة من القرآن والسنة:

1- قال الله تعالى : ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً﴾.[مريم: 59-60].

2- جاء في الحديث : "ان اول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فان صلحت فقد افلح وانجح، وان فسدت فقد خاب وخسر، فان انتقص من فريضته شيء،

قال الرب عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون ساير عمله على ذلك". (صحيح أبي داود 810).

✔ قوله : ( هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطُوِّعٍ؟ ) : فِي صَحِيفَتِهِ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ ، أَيْ : سُنَّةٍ ، أَوْ نَافِلَةٍ ، مِنْ صَلَاةٍ ،

عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنَ السِّيَاقِ ، قَبْلَ الْفَرْضِ ، أَوْ بَعْدَهُ ، أَوْ مُطْلَقًا. ينظر:("مرقاة المفاتيح" (3/997)).

▣▣ أقوال العلماء في المسألة :

★ جاء في "المحلى" لابن حزم رحمه الله: 

وأما من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها، فهذا لا يقدر على قضائها أبدًا،

فليكثر من فعل الخير، وصلاة التطوع؛ ليثقل ميزانه يوم القيامة، وليتب، وليستغفر الله عز وجل. انتهى.

 قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

واختلف الناس في معنى تكميل الفرائض من النوافل يوم القيامة:

فقالت طائفة : معنى ذلك : أن من سها في صلاته عن شيء من فرائضها أو مندوباتها، كمل ذلك من نوافله يوم القيامة ،

وأما من ترك شيئاً من فرائضها أو سننها عمداً ، فإنه لا يكمل له من النوافل ؛ لأن نية النفل لا تنوب عن نية الفرض. هذا قول عبد الملك بن حبيب المالكي وغيره.

وقالت طائفة : بل الحديث على ظاهره في ترك الفرائض والسنن، عمداً وغير عمد. وإليه ذهب الحارث المحاسبي وغيره.

وهو قول طائفة من أصحابنا وابن عبد البر ، إلا أنهم خصوه بغير العامد.

وحمله آخرون : على العامد وغيره ، وهو الأظهر - إن شاء الله تعالى. ينظر: ("فتح الباري" (5/144)).

★ قال الحافظ العراقي رحمه الله: 

يحتمل أن يراد به : ما انتقصه من السنن والهيئات المشروعة فيها من الخشوع والأذكار والأدعية، وأنه يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله فيها وإنما فعله في التطوع،

ويحتمل أن يراد به : ما انتقص أيضاً من فروضها وشروطها،

ويحتمل أن يراد : ما ترك من الفرائض رأساً فلم يصله فيعوض عنه من التطوع،

والله تعالى يقبل من التطوعات الصحيحة عوضًا عن الصلاة المفروضة،

ولله سبحانه أن يفعل ما شاء، فله الفضل والمن، بل له أن يسامح، وإن لم يصِّل شيئا، لا فريضة، ولا نفلا. ينظر: (تحفة الأحوذي 2/384).

★ وقال المظهري رحمه الله :

قوله : "ثم يكونُ سائرُ عَمَلِه على ذلك" ؛ يعني كذلك الصوم ، إن تركَ شيئًا من الصيام الواجِب ، يؤخذ بدلَه ما صام من السُّنَّة والنوافل،

وإن ترك شيئًا من الزكاة ، يؤخذ بدلَها ما أعطى من الصدقات. ينظر: ("المفاتيح في شرح المصابيح" (2/306)).

▣▣ الخلاصة :

● النوافل تجبر الفرائض الفائتة سهواً.

● أما الفرائض التي تُركت عمداً : فالأصل أن تُقضى مع التوبة، ولا ينبغي الاتكال على النوافل فقط.

● لا يجوز للمسلم أن يتساهل في ترك الصلاة عمداً اعتماداً على النوافل.

● الواجب على المسلم الحرص على أداء الفرائض في وقتها وعدم التهاون، ثم الإكثار من النوافل لنيل الأجر وتكميل النقص.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات