">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما حكم نسيان القرآن بعد حفظه؟ وهل يأثم المسلم بذلك؟


▣▣ نسيان القرآن بعد الحفظ – هل هو إثم؟

● اختلف الكثيرون في حكم نسيان القرآن بعد حفظه، لكن الراجح من أقوال العلماء أنه: 

لا يوجد دليل شرعي ثابت على أن من حفظ شيئًا من القرآن ثم نسيه يأثم أو يلحقه وزر، إنما من تهاون فيما حفظه، ولم يتعاهده فقد فرط في خير كثير، وفضل عظيم يسره الله له.

● فالرسول  لم يثبت عنه أنه توعّد من حفظ القرآن ثم نسيه، وكل ما ورد في ذلك من أحاديث ضعيفة لا تصح، إنما الثابت عنه أنه حثّ على تعاهد القرآن ومداومة مراجعته حتى لا يضيع من الصدور.

✅ قال النبي ﷺ : " تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا ". (رواه البخاري).

◄ وهذا يدل على أن الواجب على المسلم المحافظة على ما حفظ من القرآن ومراجعته باستمرار، لكن لم يثبت أن النسيان بذاته يُعتبر إثمًا.

▣▣ أدب المسلم إذا نسي شيئًا من القرآن :

✔ أرشد النبي  إلى أدبٍ مهم عند نسيان الآيات، فقد نهى من حفظ شيئًا من القرآن ثم نسيه أن يقول : " نسيت آية كذا وكذا "، وأمر أن يقول : " أُنسيت آية كذا وكذا ".

✅ قال ﷺ: " بِئْسَمَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ سُورَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ أَوْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ "(رواه البخاري ومسلم).

◄ وهذا يعني أن المسلم لا يقول : " نسيت الآية "، بل يقول : " أُنسيتُ الآية "، أي أن الله تعالى قد أنساه إياها، وهذا من باب الأدب مع كلام الله عز وجل.

▣▣ الأحاديث الضعيفة الواردة في نسيان القرآن:

وردت بعض الأحاديث التي تُفهم على أن نسيان القرآن من الكبائر، لكن أهل العلم ضعفوا هذه الأحاديث، ومنها:

1- حديث أنس بن مالك- قال ﷺ : (عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها). " ضعيف الترمذي ".

2- حديث سعد بن عبادة- قال ﷺ : (ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله عز وجل يوم القيامة أجذم). " ضعيف أبي داود ".

◄ إذن، لا يصح الاستدلال بهذه الروايات على أن نسيان القرآن إثم أو من الكبائر.

▣▣ معنى "النسيان" في القرآن الكريم:

✅ قوله تعالى : ﴿كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا﴾. [طه:126]، المقصود بالنسيان هنا : الإعراض والجحود والتكذيب، وليس النسيان الطبيعي الذي قد يصيب الإنسان بسبب الغفلة أو الانشغال.

✅ أما قوله تعالى : (وكذلك اليوم تُنسى)، فالمقصود بالنسيان هنا : الترك في العذاب، أي أن الجزاء يكون من جنس العمل؛

فكما ترك العبد العمل بآيات الله وأعرض عنها، فإن الله يتركه في العذاب يوم القيامة.

▣▣ أقوال العلماء في حكم نسيان القرآن بعد حفظه:

★ سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

عمن حفظ بعض الآيات ثم نسيها هل ياثم؟

فأجاب :

نرجو أن لا إثم في ذلك، لكن لو تيسر الحفظ، والعناية كان هذا هو الذي ينبغي، لما من الله بالحفظ، ينبغي الحرص على هذا، والاستقامة عليه، والثبات عليه،

ومراجعته حتى تبقى هذه الآيات، أما من نسيها فلا حرج عليه -إن شاء الله- لأن الإنسان محل نسيان.

وأما ما ورد في بعض الأحاديث : أن من حفظ القرآن، ثم نسيه لقي الله وهو أجذم فهو حديث ضعيف... ينظر: (فتاوى نور على الدرب).

★ قال علماء اللجنة الدائمة :

فلا يليق بالحافظ له أن يغفل عن تلاوته ، ولا أن يفرط في تعاهده،

بل ينبغي أن يتخذ لنفسه منه ورداً يوميّاً يساعده على ضبطه ، ويحول دون نسيانه ؛رجاء الأجر ، والاستفادة من أحكامه ، عقيدة ، وعملاً ،

ولكن مَن حفظ شيئاً مِن القرآن ثم نسيه عن شغل ، أو غفلة : ليس بآثم ، وما ورد من الوعيد في نسيان ما قد حفظ : لم يصح عن النبي . ينظر: (" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 99 )) .

▣▣ الأسئلة الشائعة :

س1: هل يأثم المسلم إذا نسي القرآن بعد حفظه؟

ج : لا يوجد دليل شرعي ثابت يدل على أن المسلم يأثم إذا نسي القرآن بعد حفظه، لكن الواجب أن يحرص على مراجعته وعدم التفريط فيه.

س2: ما معنى قوله تعالى (فَنَسِيتَهَا) في سورة طه؟

ج : المقصود بالنسيان في هذه الآية هو الإعراض عن العمل بالآيات والجحود، وليس النسيان الطبيعي الذي يقع فيه الإنسان.

س3: ما أدب المسلم إذا نسي شيئًا من القرآن؟

ج : نهى النبي ﷺ أن يقول المسلم : "نسيت آية كذا"، بل يقول : "أُنسيت آية كذا" من باب الأدب مع كلام الله.

س4: ماذا قال العلماء عن نسيان القرآن بعد الحفظ؟

ج : قال ابن باز رحمه الله : لا إثم في ذلك، لكن على المسلم أن يراجع القرآن باستمرار.

 وكذلك أفتت اللجنة الدائمة : بأنه لا إثم في النسيان إذا وقع عن غفلة أو انشغال.

▣▣ الخلاصة :

✔ نسيان القرآن بعد الحفظ لا يُعتبر إثمًا شرعيًا، لكن فيه تفريط وخسارة لفضل عظيم.

✔ الأحاديث التي وردت في إثم نسيان القرآن ضعيفة ولا يُحتج بها.

✔ ترك مراجعة القرآن يُفوّت على صاحبه الأجر العظيم، لكنه لا يُدخل في دائرة الذنوب الكبيرة.

لذلك، الأفضل للمسلم أن يجعل لنفسه وردًا يوميًا من القرآن ليبقى دائم الصلة بكلام الله، وينال الأجر العظيم في الدنيا والآخرة.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات