">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

القرآن الكريم : كيف وصل إلينا كلامُ الله عز وجل؟


القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل الذي أنزله على نبيه محمد ﷺ، وهو أعظم كتابٍ أنزله الله على البشرية، محفوظ من التحريف والتبديل، معجِز في بيانه، وهداية للناس أجمعين.

✅ في هذا المقال نتحدث بتفصيلٍ علمي عن كيفية نزول القرآن الكريم، وطريق وصوله من الله سبحانه وتعالى إلى النبي ﷺ، ثم إلى الصحابة، وصولاً إلى الأمة الإسلامية حتى يومنا هذا.

✅ كيف تلقي جبريل عليه السلام القرآن من الله عز وجل؟

● تلقّى جبريل عليه السلام القرآن الكريم من الله عز وجل مباشرة، فسمعه منه بصوتٍ وحرفٍ كما هو، ثم نزل به إلى الرسول ﷺ بلفظه ومعناه، وأدّاه كما سمعه.

● ثم ألقى جبريل القرآن على النبي ﷺ، فسمعه النبي بأذنه، ووعاه بقلبه، ثم بلّغه إلى أصحابه رضي الله عنهم.

● وهكذا وصلنا إلينا القرآن الكريم محفوظاً كما أنزل، وما بين دفّتي المصحف وما في صدور القرّاء كلّه كلام الله غير مخلوق.

● فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة قاطبة أن الله تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء ومتى شاء، وكيف شاء وأن جبريل عليه السلام سمع القرآن الكريم من الله تعالى وبلغه محمد .

● ومن زعم أنه مخلوق فقد كفر بالله العظيم، كما قال العلماء: “ من قال مخلوق فهو كافر عليه لعائن الله والملائكة والناس أجمعين ”.

✅ ما معنى قول السلف : "القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود"؟

✔ معنى قول أهل السنة : " منه بدأ " : أى: أن الله تعالى تكلم به فظهوره وابتداؤه من الله تعالى.

✔ ومعنى قولهم : " وإليه يعود " : أى: أنه يرفع من الصدور والمصاحف في آخر الزمان فلا يبقى في الصدور منه آية ولا في المصاحف.

★ قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول : قال سفيان ابن عيينة : قال عمرو بن دينار : 

أدركت أصحاب النبي فمن دونهم منذ سبعين سنة يقولون : الله الخالق وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله منه خرج وإليه يعود. ينظر: ( الرد على الجهمية ص189 ، ط بدر البدر).

★ قال ابن تيمية رحمه الله : " قَوْلُهُمْ : مِنْهُ بَدَأَ : رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ : إنَّهُ مَخْلُوقٌ فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَخْلُوقِ ابْتَدَأَ ، فَبَيَّنُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ ؛ مِنْهُ بَدَأَ ، لَا مِن بَعضِ المَخلُوقَاتِ.

وَإِلَيْهِ يَعُودُ : أَي : فَلَا يَبقَى فِي الصُّدُورِ مِنهُ آيَةٌ ، وَلَا فِي المَصَاحِفِ حَرفٌ ". يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (12/561).

✅ الأدلة على أن القرآن كلام الله المنزل:

1- قال الله تعالى- في سورة النحل : ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)...

قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102).﴾.

 في هذه الآيات بيان واضح أن القرآن نزل من عند الله تعالى بوساطة روح القدس (جبريل عليه السلام)، نزولاً حقيقياً لفظاً ومعنى،

فهو القرآن العربي المنزل بالحق، ليس من تأليف بشر ولا وحي شيطان، بل هو كلام الله الخالق عز وجل.

2- قال الله تعالى : ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾. (النمل: 6).

 فى هذا دليل واضح على أن القرآن تلقاه النبي ﷺ من الله تعالى مباشرة عن طريق جبريل، وليس من اللوح المحفوظ أو أي مصدر آخر كما زعم بعض أهل البدع.

3- عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله  : إذا تكلَّمَ اللهُ بالوحيِ سمِعَ أهلُ السَّماءِ الدُّنيا صلصلةً كجرِّ السِّلسلةِ على الصَّفا ، فيُصعَقونَ ،

فلا يزالونَ كذلكَ حتَّى يأتيَهُم جبريلُ ، حتَّى إذا جاءَهُم جبريلُ ، فُزِّعَ عَن قلوبِهِم فيقولونَ : يا جبريلُ ماذا قالَ ربُّكَ ؟ فيقولُ الحقَّ ، فيقولونَ : الحقَّ الحقَّ. "صحيح الجامع-رقم: 436 ".

★ قال الإمام أحمد رحمه الله : " وقد سمت الملائكة كلام الله كلاماً ولم تُسمِّه خلقاً ،... فقالوا : ماذا قال ربُّكم ، ولم يقولُوا ماذا خلق ربكم،

فهذا بيان لمن أراد الله هداه ". ينظر: (كتاب: الرد على الجهمية والزنادقة- لأحمد بن حنبل) .

✅ هل أخذ جبريل القرآن من اللوح المحفوظ؟

✔ جعل شيخ الإسلام ابن تيمية القول بأخذ جبريل للقرآن من اللوح المحفوظ أو غيره تفريعاً للقول بخلق القرآن، وبين أن هذا القول باطل من وجوه عديدة، منها:

1- قال تعالى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ }. (النحل:102). وروح القدس هو جبريل، كما قال في الآية الأخرى : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ }. (الشعراء: 193،194)،

وقد نزل بالقرآن من عند الله بالحق، لا من لوح ولا من هواء، كما تؤكد الآيات الكريمة.

2- قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ }. (المائدة: 67). فالقرآن تنزيل من الله مباشرة، لا من مخلوق، ومن زعم أنه من اللوح أو غيره فقد كذب القرآن وافترى على الله.

3- لو كان جبريل عليه السلام قد أخذ القرآن من اللوح المحفوظ مباشرة، لكان اليهود أكرم على الله من أمة محمد ﷺ،

إذ قد ثبت أن الله كتب التوراة لموسى عليه السلام بيده وأنزلها مكتوبة، فقرأ بنو إسرائيل ألواحًا كتبها الله تعالى، 

بينما المسلمون أخذوا القرآن عن محمد ﷺ، ومحمد عن جبريل، وجبريل عن اللوح،

فيلزم من ذلك ـ على قول هؤلاء الجهمية ـ أن تكون منزلة بني إسرائيل كمنزلة جبريل، وأرفع من منزلة محمد ﷺ، وهذا باطل.

4- ثم إن كان جبريل لم يسمعه من الله وإنما وجده مكتوباً كانت العبارة عبارة جبريل، وكان الكلام كلام جبريل ترجم به عن الله،

كما يترجم عن الأخرس الذي كتب كلاماً، ولم يقدر أن يتكلم به، وهذا خلاف دين المسلمين. ينظر: (مجموع الفتاوى - الجزء الثاني عشر).

🕌 أقوال العلماء في كيفية نزول ووصول القرآن إلينا:

★ قال الحافظ البيهقي رحمه الله :

قوله تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } يريد به والله أعلم إنا أسمعناه الملك، وأفهمناه إياه، وأنزلناه بما سمع فيكون الملك منتقلاً به من علو إلى سفل. ينظر: (الأسماء والصفات- للبيهقي).

★ ‏وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله - في "فتح الباري" :

 والمنقول عن السلف اتفاقهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق تلقّاه جبريل عن الله وبلّغه جبريل إلى محمد عليه الصلاة والسلام وبلّغه ﷺ إلى أمته. انتهى.

★ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

فعلم أن القرآن العربي منزل من الله لا من الهواء، ولا من اللوح، ولا من جسم آخر، ولا من جبريل، ولا من محمد، ولا غيرهما،

وإذا كان أهل الكتاب يعلمون ذلك فمن لم يقر بذلك من هذه الأمة كان أهل الكتاب المقرون بذلك خيراً منه من هذا الوجه. ينظر: (مجموع الفتاوى- لابن تيمية 1-(21)).

 وذكر ابن تيمية- عن أبي حامد الاسفرائيني، قوله :

مذهبي ومذهب الشافعي وفقهاء الأمصار- أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال : مخلوق فهو كافر،

والقرآن حمله جبريل مسموعاً من الله، والنبي  سمعه من جبريل، والصحابة سمعوه من رسول الله  

وهو الذي نتلوه نحن بألسنتنا، وفيما بين الدفتين، وما في صدورنا : مسموعاً، ومكتوباً، ومحفوظاً..

فالقرآن كلام الله لفظه ومعناه سمعه منه جبريل، وبلغه عن الله إلى محمد، ومحمد سمعه من جبريل وبلغه إلى أمته، فهو كلام الله حيث سمع، وكتب، وقرئ،

كما قال تعالى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }. ينظر:(مجموع الفتاوى لابن تيمية 1-(21)).

✅ خلاصة القول :

● إذن، القرآن الكريم كلام الله المنزل غير المخلوق، أنزله الله على نبيه محمد ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام، سمعه جبريل من الله،

وسمعه النبي من جبريل، وسمعه الصحابة من النبي ﷺ، ثم تناقله المسلمون حفظاً وتلاوة وكتابة حتى يومنا هذا.

● فالواجب على المسلم أن يوقن بأن القرآن كلام الله حقاً، لا يشبه كلام المخلوقين، ولا يجوز أن يُقال فيه مخلوق، فإن ذلك من أقوال أهل البدع والضلال.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات