">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

▣▣ ما هو الإكراه شرعًا؟

الإكراه في الشريعة الإسلامية : هو إجبار الإنسان على فعل شيء لا يريده، ويترتب عليه ضرر بالغ، مثل القتل أو التعذيب أو التشريد.

◄ فإذا تحقق الإكراه بشروطه الشرعية، يُعذر الإنسان ولا يأثم ولا يُؤاخذ شرعًا على الفعل المرتكب تحت الضغط أو التهديد.

◄ إلا أنه لا يجوز قتل النفس التي حرم الله بحجة الإكراه، قال ابن العربي :

ولا خلاف بين الأمة أنه إذا أكره على القتل أنه لا يحل له أن يفدي نفسه بقتل غيره، ويلزمه الصبر على البلاء الذي نزل به. اهـ.

▣▣ متى يُعتبر الإكراه عذرًا شرعيًا؟

يُعد الإكراه عذرًا شرعيًا يُسقط المؤاخذة إذا توفرت الشروط التالية:

 كان التهديد بضرر بالغ أو هلاك محقق، مثل: القتل، التعذيب، أو التشريد.

✔ غلب على ظن المكره أن التهديد سيقع فعلًا إذا لم يمتثل.

✔ لم تكن لديه وسيلة للدفاع عن نفسه أو للفرار من المعتدي.

✔ كان عاجزًا عن مقاومة المعتدي أو الاستعانة بمن يحميه.

✅ تنبيه مهم : من الشروط الأساسية لاعتبار الإنسان مُكرهًا شرعًا: أن يكون عاجزًا تمامًا عن المقاومة أو الهروب.

★ مثال تطبيقي : إذا هُدد شخص — كأن تكون امرأة أو رجلًا — ولكن كان بإمكانه الهرب، أو الاستعانة بالشرطة، أو بمن يستطيع حمايته،

فإنه لا يُعد مكرَهًا شرعًا، لأنه كان يملك وسيلة للنجاة دون الوقوع في الحرام.

▣▣ أمثلة على الإكراه الشرعي:

▪️ القتل أو التشريد أو الضرب المفضي للهلاك 

▪️ أو التعذيب الجسدي الشديد للمكره أو لولده وزوجته 

▪️ أو إذا أُكرهت المرأة بمنع الطعام والشراب، حتى يُخاف عليها من الهلاك، فهذا يُعد إكراهًا شرعيًا.

▣▣ متى لا يُعتبر الإكراه عذرًا؟

إذا كان التهديد بسيطًا أو يمكن دفعه، مثل:

السب أو الشتم.

التهديد بالضرب غير المبرح.

وجود إمكانية للهرب أو طلب النجدة.

◄ في هذه الحالات، لا يُرفع الحكم الشرعي، ويُعد الفعل اختياريًا.

▣▣ أنواع الإكراه في الفقه الإسلامي :

1- الإكراه المُلجِئ أو الكامل : وهو الذي لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار؛ وذلك بأن يهدِّده بما يضر بالنفس أو بعضوٍ من البدن، وحكمه أن يعدم الرضا ويفسد الاختيار.

2- الإكراه غير الملجئ أو الناقص : وهو التهديد بما لا يضر النفس أو العضو؛ كالتخويف بالحبس أو القيد أو الضرب الذي لا يتلف، وحكمه أنه يعدم الرضا، ولا يفسد الاختيار.

▣▣ أقوال العلماء في أحكام الإكراه :

 قال ابن قدامة في "المغني" :

من شرط الإكراه ثلاثة أمور:

ـ أحدها : أن يكون من قادر بسلطان أو تغلب، كاللص ونحوه ..

ـ الثاني : أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به، إن لم يجبه إلى ما طلبه.

ـ الثالث : أن يكون مما يستضر به ضررًا كثيرًا، كالقتل، والضرب الشديد، والقيد، والحبس الطويل، فأما الشتم، والسب، فليس بإكراه، رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير.

فأما الضرر اليسير: فإن كان في حق من لا يبالي به، فليس بإكراه، 

وإن كان في بعض ذوي المروءات، على وجه يكون إخراقًا بصاحبه، وغضًا له، وشهرة في حقه، فهو كالضرب الكثير في حق غيره.

وإن توعد بتعذيب ولده، فقد قيل : ليس بإكراه؛ لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى أن يكون إكراهًا؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه، فكذلك هذا. اهـ.

★ قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

وهو نوعان : 

أحدهما : من لا اختيار له , ولا قدرة له على الامتناع ، 

كمن حُمل كرها , وأُدخل إلى مكان حلَف على الامتناع من دخوله ، أو حُمل كرهاً ، وضُرب به غيره حتى مات ذلك الغير , ولا قدرة له على الامتناع،

أو أضجعت ، ثم زني بها ، من غير قدرة لها على الامتناع ، فهذا لا إثم عليه بالاتفاق .

والنوع الثاني : من أكره بضرب أو غيره حتى فعل هذا الفعل ...

فإن أكره على شرب الخمر أو غيره من الأفعال المحرمة ، ففي إباحته قولان : أحدها : يباح له ذلك ، استدلالاً بقول الله تعالى : (وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ...) ...

 وذكر الحديث المتقدم في نزولها في عبد الله بن أبي ، ثم قال :

وهذا قول الجمهور كالشافعي وأبي حنيفة وهو المشهور عن أحمد ، وعن عمر بن الخطاب ما يدل عليه. انتهى باختصار من (" جامع العلوم والحكم " ( ص 376 )).

 وقال ابن حجر في "فتح الباري" :

 الإكراه هو إلزام الغير بما لا يريده، وشروط الإكراه أربعة :

ـ الأول : أن يكون فاعله قادرًا على إيقاع ما يهدد به, والمأمور عاجزًا عن الدفع - ولو بالفرار -.

ـ الثاني : أن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك.

ـ الثالث : أن يكون ما هدده به فوريًا، فلو قال : إن لم تفعل كذا ضربتك غدًا لا يعد مكرهًا, ويستثنى ما إذا ذكر زمنًا قريبًا جدًّا أو جرت العادة بأنه لا يخلف.

ـ الرابع : أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره ... ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور،

ويستثنى من الفعل ما هو محرم على التأبيد كقتل النفس بغير حق. اهـ.

▣▣ خلاصة : متى يُرفع الإثم بسبب الإكراه؟

✔ يُرفع الإثم والحكم الشرعي عن الشخص المكره فقط إذا تحققت جميع الشروط السابقة.

 أما إذا توفرت له وسيلة للنجاة أو لم يكن التهديد جديًا، فلا يُعد معذورًا شرعًا.


والله اعلم

اقرأ أيضا :



هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات