">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع ال

ما هو حكم تارك الصلاة؟ الشيخ الألباني يجيب


الصلاة هي ثاني أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله، وهي العبادة التي تؤكد على علاقة المسلم بربه، وتعد من أعظم العبادات في الدين الإسلامي.
 
** إلا أن من الأسئلة التي تطرح نفسها بكثرة هي : ما هو حكم تارك الصلاة؟ وهل يعتبر تارك الصلاة كافراً؟ 

هذا ما أجاب عليه علماء الأمة، ومن بينهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.

** الشيخ الألباني ورأيه في حكم تارك الصلاة.

الشيخ الألباني رحمه الله كان من العلماء الذين كانوا حريصين على بيان حكم تارك الصلاة بشكل واضح،

وقد ذكر في العديد من كتبه ومجالس العلم :

* أن تارك الصلاة تهاونًا وكسلًا لا يكفر على الراجح، بل يُعتبر فاسقًا مرتكبًا لإحدى أعظم الكبائر، ويستحق القتل من قبل الحاكم المسلم إن لم يتب.

* وإذا توفي قبل أن يُستتاب، فإنه في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وهذا هو قول جمهور الفقهاء.

* أما إذا وُضع أمام خيارين، إما القتل أو التوبة بالرجوع إلى الصلاة، فاختار القتل على التوبة، 

فيُعتبر في هذه الحالة كافرًا مخرجاً من الملة، ولا يُدفن في مقابر المسلمين.

** وإليك أقوال الشيخ رحمه الله:

- قال العلامة الألباني رحمه الله- فى كتاب (حكم تارك الصلاة) :

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ،

وليسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس : الشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة : لا إله إلا الله " فنحن نقولها ".

هذا وفي الحديث فائدة فقهية هامة:

 وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ،ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها ،

ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة خاصة مع إيمانه بمشروعيتها،

فالجمهور على أن لا يكفر بذلك بل يفسق وذهب أحمد [ فيما يذكر عنه ] إلى أنه يكفر وأنه يقتل ردة لا حدا. 

وقد صح عن الصحابة : أنهم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . رواه الترمذي والحاكم.

وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور، وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصاً على أنهم كانوا يريدون ب ( الكفر ) هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار،

ولا يحتمل أن يغفره الله له كيف ذلك وحذيفة بن اليمان وهو من كبار أولئك الصحابة يرد على صلة ابن زفر وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له - فيقول:

ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة. فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه : " يا صلة تنجيهم من النار " ثلاثا،

فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة ومنها بقية الأركان - ليس بكافر بل هو مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة،

فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في غير هذا المكان.

ثم وقفت على " الفتاوى الحديثية " ( 84 / 2 ) للحافظ السخاوي: فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة : 

ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحدا لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين لأنه يكون حينئذ كافرا مرتدا بإجماع المسلمين، فإن رجع إلى الإسلام قبل منه وإلا قتل ،

وأما من تركها بلا عذر بل تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر. 

وأنه - على الصحيح أيضا - بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري كأن يترك الظهر مثلا حتى تغرب الشمس أو المغرب حتى يطلع الفجر - 

يستتاب كما يستتاب المرتد ثم يقتل إن لم يتب ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه . 

ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو وجوب العمل جمعا بين هذه النصوص وبين ما صح أيضا عنه ﷺأنه قال : خمس صلوات كتبهن الله - فذكر الحديث وفيه : " إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".

وقال أيضا : "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة". إلى غير ذلك، ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه، ولو كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث ".

وقد ذكر نحو هذا الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله في "حاشيته على المقنع" (١/ ٩٥ - ٩٦) وختم البحث بقوله :

 " ولأن ذلك إجماع المسلمين، فإننا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة، ترك تغسيله والصلاة عليه، ولا منع ميراث موروثه مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كفر لثبتت هذه الأحكام، 

وأما الأحاديث المتقدمة، فهي على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على الحقيقة، كقوله عليه الصلاة والسلام : " سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر "، وقوله "من حلف بغير الله فقد أشرك " وغير ذلك. قال الموفق : 
 وهذا أصوب القولين ".

أقول (الألباني): نقلت هذا النص من " الحاشية " المذكورة، ليعلم بعض متعصبة الحنابلة، أن الذي ذهبت إليه، ليس رأيا لنا تفردنا به دون أهل العلم، 

بل هو مذهب جمهورهم، والمحققين من علماء الحنابلة أنفسهم، كالموفق هذا، وهو ابن قدامة المقدسي، وغيره،

ففي ذلك حجة كافية على أولئك المتعصبة، تحملهم إن شاء الله تعالى، على ترك غلوائهم، والاعتدال في حكمهمانتهى من ("الصحيحة" (١/ ١/١٧١، ١٧٥ - ١٧٨)).

- وقال أيضا رحمه الله :

يجيب بعض أهل العلم على عدد من الأحاديث الواردة في هذه المسألة مما يفيد شمول عفو الله سبحانه ومغفرته ورحمته لبعض من تاركي الصلاة التي هي دون الشرك 

كما قال جل شأنه : " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".

 - كمثل حديث البطاقة وحديث الشفاعة الآتي وغيرها من الأحاديث بأن يقول ( هؤلاء ) : " هذه أحاديث ( عامة ) وأحاديث تكفير تارك الصلاة ( خاصة ) ". 

أقول (الألبانى) : ولو عكس ( هؤلاء ) - وفقهم الله - قولهم لكانوا أقرب إلى الصواب،

كما هو معروف من قاعدة الوعد والوعيد عند أهل السنة، فيما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  في مواضع عدة من كتبه ك " مجموع الفتاوى " ( 4 / 484 ) ( 8 / 270 ) ( 11 / 648 ) ( 23 / 305 ) وغيره. 

وخلاصة القول في هذه القاعدة : أن نصوص الوعيد داخلة تحت مشيئة الله سبحانه إما عفوا وإما تنفيذا،

 وأما نصوص الوعد فإن الله منفذها كما كتب سبحانه على نفسه ، وفي ذلك يقول من يقول من أهل العلم مستدلا على أصل هذه القاعدة : وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعديانظر: " شرح العقيدة الطحاوية " ( ص 318 ).

- وقال أيضا رحمة الله في " المجلد الأول " من " السلسلة الصحيحة " الحديث تحت الحديث رقم"87" :

بيد أن هنا دقيقة، قل من رأيته تنبه لها، أو نبه عليها، فوجب الكشف عنها وبيانها.

فأقول : " إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه, ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه , أو يدل عليه , ومات على ذلك قبل أن يستتاب , كما هو الواقع في هذا الزمان ,

أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة , فاختار القتل عليها , فقتل , 

فهو في هذه الحالة يموت كافراً , ولا يدفن في مقابر المسلمين , ولا تجري عليه أحكامهم , 

خلافاً لما سبق عن السخاوي , لأنه لا يعقل – لو كان غير جاحد لها في قلبه –أن يختار القتل عليها , هذا أمر مستحيل معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان , لا يحتاج إثباته إلى برهان. 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " مجموعة الفتاوى " (٢/ ٤٨): 

ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل، لم يكن في الباطن مقراًّ
بوجوبها ولاملتزما بفعلها، وهذا كافر باتفاق المسلمين، كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا، ودلت عليه النصوص الصحيحة .... 

فمن كان مصراًّ على تركها حتى يموت، لا يسجد لله سجدة قط، فهذا لا يكون قط مسلماً مقرا بوجوبها، 

فإن اعتقاد الوجوب واعتقاد أن تاركها يستحق القتل، هذا داع تام إلى فعلها، والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور، فإذا كان قادراً ولم يفعل قط، علم أن الداعي في حقه لم يوجد ".

قلت : هذا منتهى التحقيق في هذه المسألة، والله ولي التوفيق ". انتهى .

- وقال أيضا رحمة الله :

 وفي الحديث (كانَ رجلٌ ممَّن كان قبلكم لم يعمل خيراً قطُّ ؛ إلا التوحيد، فلما احتُضر قال لأهله... الى اخره)

دلالة قوية على أن الموحد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يستلزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال؛ كالصلاة ونحوها من الأركان العملية ،

 وإن مما يؤكد ذلك ما تواتر في أحاديث الشفاعة؛أن الله يأمر الشافعين بأن يخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة من الإيمان. 

ويؤكد ذلك حديث أبي سعيد الخدري : أن الله تبارك وتعالى يخرج من النار ناساً لم يعملوا خيراً قط . ويأتي تخريجه وبيان دلالته على ذلك، 

وأنه من الأدلة الصريحة الصحيحة على أن تارك الصلاة المؤمن بوجوبها يخرج من النار أيضاً ولا يخلد فيهاانتهى ( السلسلة الصحيحة- الحديث رقم 3048).

- وقال أيضا رحمة الله في حكم تارك الصلاة (ص: 33) : 

قوله :( لم تغش الوجه ) و نحوه الحديث الآتي بعده : ( إلا دارات الوجوه ) : أن من كان مسلما ولكنه كان لا يصلي لا يخرج [ من النار ] إذ لا علامة له. 

ولذلك تعقبه الحافظ بقوله ( 11 / 457 ) : لكنه يحمل على أنه يخرج في القبضة ، لعموم قوله : ( لم يعملوا خيرا قط). وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في ( التوحيد ) يعني هذا الحديث،

وقد فات الحافظ رحمه الله أن في الحديث نفسه تعقبا على ابن أبي جمرة من وجه آخر ،

وهو أن المؤمنين لما شفعهم الله في إخوانهم المصلين والصائمين وغيرهم في المرة الأولى فأخرجوهم من النار بالعلامة،

فلما شفعوا في المرات الأخرى وأخرجوا بشرا كثيرا لم يكن فيهم مصلون بداهة، وإنما فيهم من الخير كل حسب إيمانهم، وهذا ظاهر جدا لا يخفى على أحد إن شاء اللهانتهى.

- وجاء فى موسوعة الألباني في العقيدة (4/ 408) :

الملقي : إذاً انقطع عني الإشكال، إنما السؤال الآن توجيه هذه العبارة بحيث أنه لم يعمل خيراً قط ولا يدخل الجنة إلا المؤمن..

الشيخ :

 وأنا بقول : تارةً بلى، تارةً لا، لا يدخل الجنة إلا مؤمن مع السابقين الأولين مؤمناً كاملاً، أو على الأقل رجحت حسناته على سيئاته، 

أما إذا كان مؤمناً لكن له سوابق، له سيئات إلى آخره، فإذاً إن لم تشمله مشيئة الله بالمغفرة ،كما قال الله -عز وجل- : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}. (النساء:48)، 

إن لم تشمله مغفرة الله 
فيدخل النار ويعذب ما يشاء، حينئذٍ كما قلنا في الحديث السابق : «من قال لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره»، 

أي تكون هذه الشهادة مش الشهادة بمقتضياتها، «إلا بحقها» كما جاء في حديث : «أمرت أن أقاتل الناس» هذا بالنسبة للمؤمنين الكاملين .

 أما بالنسبة للمؤمنين العصاة فتنجيهم شهادة أن لا إله إلا الله، هذا هو الإيمان وهذا هو أقل ذرة إيمان، أي لم يكن هنا يعني التزام لحقوق شهادة لا إله إلا الله ومحمد رسول الله، 

هذه الحقوق إذا التزمها الإنسان قد يدخل الجنة ترانزيت مع السابقين الأولين، قد يدخلها بعد الحساب، ويكون الحساب نوع من العذاب، ولكنه لا يدخل النار إلى آخرهانتهى.

- وسئل أيضا رحمه الله :

الحديث الذي هو حديث الشفاعة ذكر لي بعض الإخوة يعني أن هناك يرد على حديث الشفاعة الذي في آخره ( أخرجوا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان ) يعني شفاعة الله ورحمة الله في أقوام لم يعملوا خيرا قط

قال هذا خاصة الأخيرة ( لم يعمل خيرا قط ) مثل لفظ الحديث الذي قتل مائة فقالت ملائكة العذاب أنه لم يعمل خيرا قط مع أن الرجل قد أتى تائب وقد عمل خيرا- 

فهذا إشكال لم يعمل خيرا قط مع أن هذا الرجل يؤمن بالله ... كيف يجاب عن هذا الإشكال من قال إنما هذا خرج مخرج الغالب الذي هو لم يعمل خيرا قط؟

فأجاب : 

خليه يأول حديث ( لم يعمل خيرا قط ) بما يشاء، موضوعنا الآن أن هذا حديث صحيح وصريح أن الله عز وجل أذن للمؤمنين الصادقين من أهل الجنة -

بأن يشفعوا لإخوانهم الذين كانوا معهم كانوا يصلون معهم لكن ما نراهم معنا فيستأذنون ربهم بأن يشفعوا لهم فيأذن لهم خرجت أول وجبة ... 

فاستحقوا بها أن يدخلوا النار فأخرجوا بشفاعة الصالحين ثم يأذن لهم بإخراج وجبة أخرى ... 

فالتساؤل الآن ما علاقة حديث ( لم يعمل خيرا قط ) بهؤلاء الذين أخرجوا بشفاعة الصالحين ولم يكونوا من المصلين، لكن شو وجه العلاقة؟

السائل : وجه العلاقة أنه يعني الفهم القائم لعله أن الوجبة الثانية ( أخرجوا من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ) لا ينفي أنهم لم يصلوا ... .

الشيخ :

 ... أن الذين كانوا يصلون أخرجوا.

السائل : والآخرين هل ينفي ... ؟

الشيخ :

 طبعا لأن الذين قالوا هذه الجملة إخواننا كانوا يصلون معنا وما نراهم معنا شفعوا لهم فأخرجوهم ،

فلما أذن لهم بأن يشفعوا في جماعة ثانية هؤلاء ليس فيهم ولذلك نتسائل إيش علاقة هذا الحديث بهذا؟

السائل : إذن هنا ....

الشيخ :

 ... هو الذي جعلنا نحن نستدل بالحديث على أن تارك الصلاة إذا كان مسلما كما قلنا آنفا الفرق بين الكفر الإعتقادي والكفر العملي، 

إذا كان مؤمنا بالصلاة لكنه لم يكن يصلي كسلا وهملا ليس ... فهؤلاء يشفع لهم.

... فحينما نحن نقول أن تارك الصلاة كافر أي مرتد عن دينه ما هو الكفر؟ 

الكفر ماهو لا يمكن أن نتصور عالما حقا لا يوافق على هذا التفصيل الذي استفدناه من شيخي الإسلام ابن تيمية وابن قيم الجوزية... 

كفر عملي وكفر اعتقادي لابد من هذا التفصيل وإلا ألحق من لا يتبنى هذا التفصيل بالخوارج ،

فلابد فالذين يكفرون تارك الصلاة ليس عندهم حجة إطلاقا قاطعة في الموضوع سوى ظواهر النصوص، وهذه الظواهر من النصوص معارضة لظواهر نصوص أخرى،

فلابد من التوفيق بينها فبماذا نوفق؟ 

نوفق من ترك الصلاة مؤمنا بها معترفا بشرعيتها معترفا في قرارة نفسه بأنه مقصر مع الله تبارك وتعالى في إضاعته إياها،

أما أن يسوي بين هذا وبين ذاك المشرك الذي لا يعترف لا بصلاة ولا بزكاة،

 أنا أستغرب جدا كيف نسوي بين من كفره كفر إعتقادي وعملي : المشرك كافر كفرا اعتقاديا وعمليا أي هو ينكر الشريعة الإسلامية بحذافرها ومنها الصلاة فهو إذًا لا يصلي فهو إذًا كافر كفر إعتقادي وكفر عملي

 وأما المسلم فقد يصلي أحيانا كما هو الواقع في كثير من المسلمين التاركين للصلاة ، كيف نقول هذا كهذا يا أخي هذا ليس كهذا هذا يخالف هذا تماما في العقيدة، 

هذا المشرك لا يشهد بلا إله إلا الله محمد رسول الله ولا بلوازمها ... 

أما هذا المسلم الفاسق الخارج عن طاعة الله وطاعة رسول الله يخالفه مخالفة جذرية فهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويؤمن بكل لوازمها،

ولكنه غلبه هوى النفس غلبه حب المال إلى آخره من معاذير ليست معاذير له تشفع في أن يترك الصلاة، 

لكنها معاذير تشفع له عند الله يوم القيامة أنه أنا آمنت بالله ورسوله لكني قصرت، التسوية بين هذا وهذا هي ظلم وأنه ميزان جائر غير عادل،

 هذا مع الأدلة الأخرى الكثيرة والكيثرة جدا التي أشرنا إليها في الدروس السابقة أنه مجرد ما قال ( من ترك الصلاة فقد كفر )، 

مش معناها ارتد عن دينه، لأن من حلف بغير الله فقد كفر مش معناها ارتد عن دينه، 

مثل هذا التعبير كثير وكثير جدا في أحاديث الرسول عليه السلام، فمالذي يحملنا على أن نفسر أن من ترك الصلاة فقد كفر أي ارتد عن دينه، ...

 الأحاديث والنصوص كلها تتجاوب بعضها مع بعض وتضطرنا اضطرارا فكريا عقديا أنه لا نقع في حيصة بيصة ...

هذا التفصيل هو الذي جعلنا نحتج بالحديث، ونحن لم نكن من قبل نحتج بهذا الحديث عندنا أشياء كثيرة وكثيرة جدا،

لكن الحديث هذا في الحقيقة زاد نور على نور أوضح لمن كان غافلا أن هذه المسألة فيها الغلو من بعض المشايخ والعلماء... انتهى باختصار من (متفرقات للألباني-(285)).

- وقال أحد طلاب العلم- للشيخ رحمه الله :

...ولكن أنا أقول حتى بصورة مختلفة أو بلفظ آخر بأن الذي لم يعمل خيرا قط , أي لم يعمل عملا صالحا غير لا إله إلا الله , 

فلا إله إلا الله هي العمل الذي نفعه وهي القول الذي قاله لأنه لسان يتحرك بها فهو عمل وقلب يعتقد فهو عمل أيضا،

ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد, أنه لم يعمل خيرا قط أي من الأعمال التي كان يعملها سائر المؤمنين...

السائل : 

لم يعمل خيرا قط يعني استثنينا لفظ الإيمان الذي هو الشهادة ألا تكفي وحدها برد الحكم بكفر تارك الصلاة ؟

الشيخ : 

يكفي من طريق دلالة العموم.

السائل : يعني كيف شيخنا ؟

الشيخ :

 لم يعمل خيرا قط هلأ نحن حسب ما شرح الأستاذ أبو مالك لم يعمل خيرا قط استثنينا نحن.

السائل : ممكن نستثني أيضا.

الشيخ :

 أما حديث الشفاعة خاص , نص في الموضوع

مداخلة : أستاذ، لعل في زيادة في مسند أحمد من حديث ابن مسعود : لم يعمل خيراً قط إلا التوحيد .

الشيخ : هذا هو

مداخلة : بهذا النص جاءت.

الشيخ : نعم

علي حسن : الإشكال شيخنا هنا هذا اللفظ الذي أشار إليه أخونا أبو عبد الرحمن : « لم يعملوا خيراً قط ». 

أصل من الأصول العظيمة التي استدل بها أهل السنة على قاعدة كلية تجيب على الإشكال من أصله: أن أعمال الجوارح ليست شرط صحة في أصل الإيمان، ولكنها شرط كمال.

الشيخ : كمال الإيمان، نعم

علي حسن : من شرط كمال الإيمان هذا أحد الأدلة على ذلك.

الشيخ : صحيح.

السائل : هذه نقطة أولى , بعدين نقطة ثانية شيخنا تفضلتم بإشارة غالية عزيزة منكم في التفريق- 

أولئك الذين لا يفرقون بين الذي عنده إيمان بالصلاة وبالتالي التوحيد والذي عنده جحود وإنكار للألوهية, وأنا أقول هذه النقطة شيخنا وهذا ملحظ اجتهادي أرجو منكم تقويمي فيها.

الشيخ : تفضل.

الحلبي : إنه هؤلاء يخشى أن يكون قولهم بعدم التفريق هذا سببا في أن يجعلوا الصلاة أهم من كلمة التوحيد، لأن كلمة التوحيد هي الأساس الذي تقبل تحته الصلاة وليس العكس.

الشيخ 

تمام يعطيك العافيةالحمد لله الذي هدانا لها وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. انتهى من (سلسلة الهدى والنور - شريط : (673)).

** إن من يعتبر أهل السنة المعاصرين الذين يتبعون نصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الإرجاء، هو شخص جائر في حكمه،

 ولا يُستغرب ذلك من شخص يعتبر جمهور أهل السنة والعلماء السابقين واللاحقين من المرجئة، لأنهم لم يكفروا تارك الصلاة.

* من أبرز هؤلاء العلماء : الإمام الزهري، والإمام مالك، وحماد بن زيد، والإمام الشافعي وأتباعهم من أهل السنة، بالإضافة إلى الإمام أحمد في بعض أقواله، 

والبربهاري، وابن بطة، وابن البناء، الذين لا يكفرون تارك العمل بالكلية في بعض آرائهم. وكذلك ابن قدامة وكثير من الحنابلة الذين لا يرون كفر تارك الصلاة،

هؤلاء جميعًا، ومن وافقهم، يُعدون من المرجئة بحسب مذهبهم.

وأقول : من يكفر تارك الصلاة، إذا نظر في أحاديث الشفاعة، لا بد أن يأخذ بها كما هي دون تأويل، لأنها تتضمن عقوبة تاركي الصلاة بإدخالهم النار، 

ثم إخراجهم منها بتوحيدهم وبشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء والمؤمنين، 

وأخيرًا برحمة الله أرحم الراحمين، وفيهم من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فكيف بعملهم وصلاتهم؟ وفيهم من لم يعمل خيرًا قط.

هذا هو موقف كثير من أئمة السنة والحديث، كما أن أهل الحديث بمجموعهم على هذا الاعتقاد.

** الختام :

إن حكم تارك الصلاة في الإسلام قضية هامة جداً يجب أن يتفهمها كل مسلم، ويجب على المسلم أن يؤدي الصلاة في أوقاتها ويحرص على الاستقامة في عبادته.

وأما من تهاون في الصلاة أو تركها فليعلم أن ذلك يؤدي إلى فقدان جزء كبير من الإيمان ويعرضه لخطر عظيم، كما بين العلماء وعلى رأسهم الشيخ الألباني رحمه الله.



والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات