">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما مصير من أخر الصلاة عن أول وقتها ثم مات؟


الصلاة في الإسلام هي أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، وقد أمر الله تعالى بأدائها في أوقاتها المحددة، فقال سبحانه : ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾. [النساء: 103].

* لكن الإسلام أتاح للمسلم أداء الصلاة في وقتها الموسع (أولِه ووسطِه وآخرِهِ)، 

ولم يشترط أن تكون في أول الوقت تحديدًا، مع أن تعجيل الصلاة في أول وقتها أفضل.

** فتأخير الصلاة عن أول وقتها لا يأثم المرء به مادام عازماً على أدائها في الوقت، وإذا مات قبل أن يؤديها لم يكن عاصياً ولا إثم عليه، 

لأنه فعل ما يجوز له فعله، والموت ليس من فعله فلا يأثم به، ولكن بلاشك أن فعل الصلاة فى أول الوقت أولى من تأخيرها.

ومما يدل على ذلك :

1- قوله تعالى : {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم مواقيتها من كذا إلى كذا،

فمن أداها فيما بين أول الوقت وآخره فقد صلاها في الزمن الموقوت لها.

2- لكل صلاة وقت يبدأ من دخول وقتها وينتهي عند خروجها، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ ، 

فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ ، 

وَصَلَّى بِيَ يَعْنِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ ، 

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ ، وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ ، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ (صحيح أبي داود-رقم : 393 ).

* قوله : "والوقتُ ما بينَ هذينِ الوَقتينِ"، أي : إنَّ وقتَ كلِّ صلاةٍ ما بينَ أوَّلِ وقتِها كما بيَّنه في اليومِ الأولِ، 

وبينَ آخرِ وقتِها كما بيَّنه في اليومِ الثاني؛ فالصَّلاةُ في أولِه ووسطِه وآخرِهِ.

- جاء في "شرح المهذب" للنووي رحمه الله (3/58) :

يجوز تأخير الصلاة إلي آخر وقتها بلا خلاف ، فقد دل الكتاب، والسنة، وأقوال أهل العلم على جواز تأخير الصلاة إلي آخر وقتها، 

ولا أعلم أحداً قال بتحريم ذلك إلا إذا خشي مانعاً يمنعه من فعل الصلاة على الوجه الواجب في آخر الوقت، فلا يجوز له التأخير حينئذ. انتهى.

- قال ابن قدامة رحمه الله-فى كتاب "روضة الناظر" :

إذا أخَّر الواجبَ الموسعَ فمات في أثناء وقته قبل ضيقه لم يمت عاصيًا، لأنه فعل ما أُبيح له فعله لكونه جُوِّز له التأخير.

فإن قيل : إنما جاز له التَّأخير بشرط سلامة العاقبة؟

قلنا : هذا محال؛ فإنَّ العاقبة مستورة عنه .

ولو سألنا فقال : "عليَّ صوم يومٍ فهل يحل لي تأخيره إلى غدٍ؟ " فما جوابه؟

إن قلنا : "نعم" فلم أثم بالتَّأخير؟

وإن قلنا : "لا"، فخلاف الإجماع.

وإن قلنا : إن كان في علم الله أنَّك تموت قبل غدٍ لم يحل وإلا فهو يحل.

فيقول : وما يُدريني ما في علم الله؟! فلا بدَّ من الجزم بجوابٍ.

فإذًا معنى الوجوب وتحقيقه : أنه لا يجوز له التأخير إلا بشرط العزم، ولا يُؤخر إلا إلى وقتٍ يغلب على ظنِّه البقاء إليه. انتهى.

* قال الشيخ ابن باز رحمه الله- معقباً على ذلك :

هذا الذي قاله المؤلفُ صحيح، فإنَّ الوقت الموسّع إذا أخَّر صاحبه فيه العبادة ما يكون آثمًا، فلو مات ما يكون آثمًا، 

لو مات في أثناء وقت الظهر قبل أن يُصلي الظهر فلا شيءَ عليه، 

أو مات في أثناء العصر قبل أن يُصلي لا شيءَ عليه، أو مات في أثناء المغرب قبل أن يُصلي لا شيء عليه؛ 

لأنَّ الوقت مُوسّع، ليس عليه أن يُبادر بها من أول الوقت، هذا من فوائد التَّوسعة، 

فلو أنه مات في أثناء وقت الظهر أو العصر أو العشاء أو المغرب. قلنا : لا حرجَ عليه. انتهى من (دروس ومحاضرات -روضة الناظر).

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :

 تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُهَا كُلَّهَا بِشُرُوطِهَا، 

وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ أَوَّلِهِ إلَّا إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا أَثْنَاءَهُ وَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ... 

وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ وَلَمْ يَظُنَّ مَوْتَهُ فِيهِ فَمَاتَ لَمْ يَعْصِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ لِكَوْنِ الْوَقْتِ مَحْدُودًا وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْهُ. ينظر: "تحفة المحتاج ومعه حاشيتا الشرواني والعبادي" (1/ 431-432، ط. دار إحياء التراث العربي).

** تنبيه: لو ترتب على تأخير الصلاة تضييع الصلاة جماعة بدون عذر فيصليها في آخر وقتها منفرداً ،

كان آثماً بذلك ، عند من يرى أن صلاة الجماعة واجبة وجوباً عينياً على الرجال البالغين. انتهى.



والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات