تأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي يُعد تفريطًا في حق من حقوق الله العظمى، ويثير تساؤلات عن عاقبة من يموت وهو مُقصر في هذا الأمر.
** وقد أجمع العلماء على أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر منكر حرام ومن كبائر الذنوب،
ومن مات على ذلك ولم يكن يجحد وجوبها، فهو في مشيئة الله تعالى، فإن شاء غفر له، ونجّاه من العذاب، وأدخله الجنة فضلاً منه وإحساناً،
وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها، وبعد التعذيب والتطهير يخرجه الله من النار إلى الجنة إذا كان مات مسلم موحد، لا يخلد في النار إلا الكفار.
ومما يدل على ذلك :
قوله سبحانه وتعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ). النساء/48.
- قال الإمام محمد بن نصر المروزيُّ رحمه الله :
... وأخبر أنه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء، يعني : لمن أتى ما دون الشرك، فلقي الله غير تائب منه؛
لأنه لو أراد أن يغفر ما دون الشرك للتائب، دون من لم يتب، لكان قد سوى بين الشرك وما دونه،
ولو كان كذلك لم يكن لفصله بين الشرك وما دونه معنى، ففصله بينهما دليل على أن الشرك لا يغفره لو مات وهو غير تائب منه،
وأن يغفر ما دون ذلك الشرك لمن يشاء ممن مات وهو غير تائب، ولا جائز أن يغفر له ويدخله الجنة إلا وهو مؤمن (أي: معه أصل الإيمان). ينظر: ((تعظيم قدر الصلاة)) (2/617).
- قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:
يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، فإن تاب رجع إلى الإيمان،
ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله جاحدا لها،
فإن تركها تهاونا بها وكسلا كان في مشيئة الله؛ إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه. ينظر: ((مناقب الإمام أحمد)) لابن الجوزي (ص: 226).
- قال الحافظ محمد بن عوف الطائي رحمه الله :
أملى علي أحمد بن حنبل : ( من لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة، فأمره إلى الله؛ إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، إذا توفي على الإسلام والسنة ). ينظر: ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (1/ 311).
- قال الإمام البَغَويُّ رحمه الله :
اتفق أهل السنة على أن المؤمن لا يخرج عن الإيمان بارتكاب شيء من الكبائر إذا لم يعتقد إباحتها،
وإذا عمل شيئا منها فمات قبل التوبة لا يخلد في النار، كما جاء به الحديث،
بل هو إلى الله؛ إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه بقدر ذنوبه، ثم أدخله الجنة برحمته. ينظر: ((شرح السنة)) (1/103).
- قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
فمن جاء مع التوحيد بقراب الأرض، وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها خطايا، لقيه الله بقرابها مغفرة،
لكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم كان عاقبته ألا يخلد في النار،
بل يخرج منها ثم يدخل الجنة. ينظر: ((جامع العلوم والحكم)) (2/ 417).
** خاتمة :
تأخير الصلاة بلا عذر يُعد تفريطًا في حق الله وإثمًا عظيمًا يُخشى أن يُعرض صاحبه لسوء العاقبة، خاصة إذا مات على هذا الحال دون توبة.
المحافظة على الصلاة في وقتها هي صفة المؤمنين الذين يرجون رضا الله، والتهاون بها قد يكون علامة على قسوة القلب وضعف الإيمان.
لذا، لنتقِ الله في صلاتنا، ونسعى إلى أدائها في أوقاتها لنلقى الله تعالى على حال يرضيه.
اقرأ أيضا : ما هى مواقيت الصلواتـ الخمس؟
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق