قد حظيت مصر بمكانة خاصة في الإسلام، حيث ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في العديد من المواضع، مما يدل على أهميتها وفضلها.
- في هذا الموضوع، سنتناول فضائل مصر ومكانتها المتميزة في الإسلام.
** مصر في القرآن الكريم :
1 - قد ذكر الله تعالى مصر في أربعة مواضع في كتابه الكريم، وفي ذلك تشريف لها وتكريم،
فقال جَلَّ من قائل : {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ} [يوسف: 21]. وقال سبحانه : {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99].
وقال أصدق القائلين : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: 87]. وقال عز وجل قاصًّا قول فرعون : {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51].
2 - وذكرها سبحانه إشارة في مواضع عديدة تبلغ قُرابة الثلاثين،
وذلك نحو قوله تعالى : {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: 30]، وقوله تعالى : {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} [القصص: 15].
- وقد وصف سبحانه وتعالى أرض مصر أحسن وصف، فقال جل من قائل : {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِين} [الدخان: 25-28].
3 - وقد وُصفت مصر في القرآن بأنها خزائن الأرض،
فقال سبحانه قاصًّا قولَ يوسف عليه الصلاة والسلام : {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} [يوسف: 55]. وما ذلك إلا لكثرة خيراتها، وعظم غلاّتها، وجودة أرضها.
4 - ولم يذكر نهر من الأنهار في القرآن سوى النيل،
وذلك في قوله تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} [القصص: 7]. والمفسرون على أن المقصود باليم هنا هو نيل مصر.
- وقال الكندي : لا يُعلم بلد في أقطار الأرض أثنى الله تعالى عليه في القرآن بمثل هذا الثناء، ولا وصفه بمثل هذا الوصف، ولا شهد له بالكرم غير مصر.
** مصر في السنة النبوية :
قد وصى رسولنا الأعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيرًا،
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهَ اللهَ في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانًا في سبيل الله ". (السلسلة الصحيحة - رقم: (3113)).
- وقال بأبي هو وأمي : " إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا؛ فإن لهم ذمة ورحمًا ". والرحم: لأنّ أم إسماعيل وهاجر من القبط.
- وفي لفظ : " فإن لهم ذمة وصهرًا "، والصهر: لأنّ مارية أم إبراهيم -رضي الله عنه- منهم، والذمة : هي الحُرمة والأمان.
* ولذلك قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : قبط مصر أخوال قريش مرتين.
** فضائل مصر وأهلها :
1 - منها أن فيها الوادي المقدس طوى والجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى، عليه الصلاة والسلام.
2 - وهي المبوأ الصدق الذي أخبر الله تعالى عنه بقوله : ( ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق )،
- قال القرطبي في تفسير المبوأ الصدق : أي منـزل صدق محمود مختار، يعني مصر، وقال الضحاك : هي مصر والشام.
3 - وفي أرضها يجري نهر النيل المبارك الذي ينبع أصله من الجنة ،
كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم وأحمد : "النيل وسيحان وجيجان والفرات من أنهار الجنة".
4 - وفي مصر الربوة التي أوى إليها عيسى بن مريم وأمه على أحد أربعة أقوال للسلف،
- فقد قال ابن وهب وابن زيد وابن السائب : أن مكان الربوة المذكورة في قوله تعالى : (وءاوينـهما إلى ربوة ذات قرار و معين) أنها في مصر.
5 - وعلى أرضها ضرب موسى البحر بعصاه ، فظهرت المعجزة العظيمة والحادثة الفريدة في تاريخ البشرية.
* وقال تعالى قاصاً كلام آل فرعون : (وابعث في المدائن حشرين ) وهذا يدل على كثرة المدن في مصر آنذاك.
6 - وقال عمرو بن العاص رضى الله عنه- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة "، فجعل كل بلاد الإسلام في كفة ومصر في كفة أخرى.
* وقال سعيد بن هلال : إن مصر مصورة في كتب الأوائل وقد مدت إليها سائر المدن يدها تستطعمها، وذلك لأن خيراتها كانت تفيض على تلك البلاد، وقد ذكر سعيد أن مصر أم البلاد وغوث العباد.
* وقال الجاحظ : إن أهلها يستغنون عن كل بلد حتى لو ضُرب بينها وبين بلاد الدنيا سور لغنيَ أهلها بما فيها عن سائر بلاد الدنيا.
* وقال سفيان بن عيينة الهلالي المحدث المشهور (ت 198) لإمام المصريين أحمد بن صالح :
يا مصري : أين تسكن ؟! قال : الفسطاط قال : أتأتي الإسكندرية؟ قال : نعم قال : تلك كنانة الله يجعل فيها خير سهامه.
7- وفي مصر جامع عمرو بن العاص- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أول جامع بني في قارة افريقيا،
وقد ضبط قبلته جماعة كثيرة من الصحابة رضي الله عنهم قُدروا بثمانين رجلاً. ينظر: (كتاب "حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة" للحافظ جلال الدين السيوطي فيما نقله عن الكندي).
خاتمة
قد حظيت بمكانة خاصة في قلوب المسلمين بفضل ما ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وما ورد عنها في السنة النبوية الشريفة.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن مصر ستظل دائمًا رمزًا للعزة والكرامة في العالم الإسلامي.
تعليقات
إرسال تعليق