يُستحب للمسلم الإفطار على رطب، فإن لم يوجد فتمر، فإن لم يوجد فماء،
وقد أهمل هذه السنة وفرَّط فيها وضيَّعها الكثيرون فينبغي الإعتناء بها،
إلا أنها سنة مستحبة وليست بواجب فإن أفطر المسلم بغير ذلك فلا حرج،
ويقول إذا أفطر: ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ).((صحيح سنن أبي داود))).
كما أنه ليس من السنة أن يفطر الإنسان على وتر، ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع إلا يوم العيد عيد الفطر.
وأما من لم يجد شيئا يفطر عليه من مأكول أو مشروب، فإنه ينوي الفطر بقلبه ولا يمص إصبعه، أو يجمع ريقه ويبلعه كما يفعل البعض.
ودليل ذلك :
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات، حسا حسوات من ماء ). ((صحيح سنن أبي داود)) .
وهذا الترتيب لكمال السنة لا لأصلها لأنه إن كان التمر موجودا وبدأ بالماء أو اقتصر عليه فلا شك في مخالفة السنة . ينظر: (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح).
2- وعنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وجد تمرا فليفطر عليه، ومن لا، فليفطر على ماء، فإن الماء طهور ». (صحيح ابن خزيمة-رقم : (2066))
قال الحافظ في الفتح : لعل البخاري أشار إلى أن الأمر في قوله : من وجد تمرا فليفطر عليه ومن لا فليفطر على الماء , ليس على الوجوب ,
وقد شذ ابن حزم فأوجب الفطر على التمر وإلا فعلى الماء. انتهى.
( فإن الماء طهور ) أي بالغ في الطهارة فيبتدأ به تفاؤلا بطهارة الظاهر والباطن.
قال الطيبي : لأنه مزيل المانع من أداء العبادة ولذا من الله تعالى على عباده { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } كذا في المرقاة. انتهى.
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
عن أنس مرفوعًا : « كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن رطبات فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء ».
والغرض من ذكري للحديث مع الإيجاز في التخريج إنما هو التذكير بهذه السنة التي أهملها أكثر الصائمين،
وبخاصة في الدعوات العامة التي يهيأ فيها ما لذ وطاب من الطعام والشراب، أما الرطب أو التمر على الأقل فليس له ذكر.
وأنكر من ذلك، إهمالهم الإفطار على حسوات من ماء، فطوبى لمن كان من { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}. [الزُّمَر: ١٨]. انتهى من (السلسلة الصحيحة (٦/ ٢/ ٨٢١)).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
الإفطار بالماء والتمر أو أي شيء أخر؟
فأجاب :
ما تيسّر، لكن بالتمر أفضل، الرُّطَب، إن كان رطب أفضل، ثم التمر، ثم الماء، وإن أفطر بالخبز أو غيره؛ فلا بأس.
س: لو أفطر بأي شيء آخر؟
الشيخ :
لا حرج، لكن الأفضل بالرُّطَب إنْ وُجِد أو بالتمر؛ لقوله ﷺ: فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور،
وقال أنس : « كان النبي ﷺ يفطر على رُطَبات، فإن لم يجد أفطر على تمرات، فإن لم يجد حَسَوات من ماء ». انتهى من (فتاوى الدروس).
أسرار الإفطار على تمر
قال ابن القيم رحمه الله :
وفي فطر النبي ﷺ من الصوم على الرطب أو على التمر أو الماء تدبير لطيف جداً،
فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء فلا تجد الكبد فيها ما تجذبه وترسله إلى القوى والأعضاء، والحلو أسرع شيء وصولاً إلى الكبد وأحبه إليها،
ولا سيما إن كان رطباً، فيشتد قبولها له، فتنتفع به هي والقوى،
فإن لم يكن فالتمر لحلاوته وتغذيته فإن لم يكن فحسوات من الماء تطفئ لهيب المعدة وحرارة الصوم، فتنتبه بعده للطعام، وتأخذه بشهوة. انظر: (زاد المعاد-ص165-ج(6)).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق