إذا تيقن الصائم من غروب الشمس بأن غاب جميع قرص الشمس وأقبل الليل فقد حل له الفطر سواء أذن المؤذن أم لم يؤذن فالعبرة بغروب الشمس،
فكما لا يجوز إثبات هلال رمضان بعلم الفلك إلا بالرؤية العينية كذلك لا يجوز إثبات وقت الإفطار أو أيَّ وقت من الأوقات الخمسة إلا بالرؤية البصرية .
فمتى ما غربت الشمس وغابت وسقطت أي إذا غاب جميع القرص أفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق ،
ولو بقي للشمس آثار صفرة ترى مثلًا : في الجبال أو في الأشجار، مادام أن قرص الشمس قد غاب وسقط، فإن الصائم يفطر.
فإذا غلب على ظن الصائم أن الشمس قد غربت فأفطر فلا شيء عليه ولا يجوز له أن يفطر وهو شاك في غروبها .
والدليل :
1-قال النبي صلى الله عليه وسلم : إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ . رواه البخاري.
قوله : " فقد أفطر الصائم " لفظ خبر ، ومعناه الأمر ، أي : فليفطر الصائم .
فيستحب تعجيل الفطر بعد الغروب وتأخير السحور إلى قرب طلوع الفجر ،لقول رسول الله ﷺ : لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. متفق عليه.
2- مراقبة غروب الشمس لتعجيل الإفطار: عن سهل بن سعدالساعدي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى على نَشَزٍ (مرتفع من الأرض) فإذا قال قد غابت الشمس أفطر. (تخريج صحيح ابن حبان للأرناؤوط-رقم: (3510)).
دل الحديث على : حرص النبي ﷺ على تعجيل الفطر عند تحقق غروب الشمس مباشرة واختفاء قرصها ،
وأن العبرة في الفطر هي دخول وقت الغروب ولا يشترط سماع أذان المغرب، كما عليه عامة المسلمين.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" هذا الحديث يدل على أن مجرد غيبوبة القرص ، يدخل به وقت صلاة المغرب ، كما يفطر الصائم بذلك ، وهذا إجماع من أهل العلم : حكاه ابن المنذر وغيره.
قال أصحابنا والشافعية وغيرهم : ولا عبرة ببقاء الحمرة الشديدة في السماء بعد سقوط قرص الشمس وغيبوبته عن الأبصار". انتهى من ("فتح الباري" (4/352)).
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
" وسن تعجيل فطر أي : المبادرة به إذا غربت الشمس ، فالمعتبر غروب الشمس ، لا الأذان ،
لاسيما في الوقت الحاضر حيث يعتمد الناس على التقويم ، ثم يعتبرون التقويم بساعاتهم ، وساعاتهم قد تتغير بتقديم أو تأخير ،
فلو غربت الشمس ، وأنت تشاهدها ، والناس لم يؤذنوا بعد ، فلك أن تفطر ،
ولو أذنوا وأنت تشاهدها لم تغرب ، فليس لك أن تفطر ؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال : ( إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق ، وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب ، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) .
ولا يضر بقاء النور القوي ، فبعض الناس يقول :
نبقى حتى يغيب القرص ويبدأ الظلام بعض الشيء فلا عبرة بهذا ، بل انظر إلى هذا القرص متى غاب أعلاه فقد غربت الشمس ، وسن الفطر .
ودليل سنية المبادرة : قوله صلّى الله عليه وسلّم : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) ، وبهذا نعرف أن الذين يؤخرون الفطر إلى أن تشتبك النجوم كالرافضة أنهم ليسوا بخير .
فإن قال قائل : هل لي أن أفطر بغلبة الظن بمعنى أنه إذا غلب على ظني أن الشمس غربت فهل لي أن أفطر ؟
فالجواب :
نعم ، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، ثم طلعت الشمس )،
ومعلوم أنهم لم يفطروا عن علم ، لأنهم لو أفطروا عن علم ما طلعت الشمس ، لكن أفطروا بناءً على غلبة الظن أنها غابت ، ثم انجلى الغيم فطلعت الشمس ". انتهى من ("الشرح الممتع" (6/267)) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
المهم الآن : يجب أن نفرق بين الدعوة وبين أسلوب الدعوة، يختلف الأمر اختلافاً كثيراً، بين إنسان يعيش في مسجد جَوُّه سلفي وبين مسجد آخر جوه خلفي،
يجب أن يفرق بين مسجد وآخر، كما أنه يجب أن يفرق بين إعتنائه بالإفطار الشرعي بين أناس وآخرين .
أناس -مثلاً- من إخوانك عندهم مبدأ التمسك بالسنة، لا يوجد مانع، بل يجب أنك تفطر أمامهم بعد دخول وقت الإفطار، لغروب الشمس، وقبل الأذان الذي يؤذنون اليوم بناءً على التوقيت الفلكي،
أما إذا كنت في جماعة لم يسمعوا بدعوة الكتاب والسنة أو الدعوة السلفية، فهؤلاء ينبغي على الداعية حقاً أن يفكر طويلاً كيف يثير هذه المسألة.
أنا أقول لكم شخصياً عن نفسي وبعض إخواننا، في رمضان أنا أرى الشمس تغرب من داري لأنها مرتفعة، فأفطر، ثم أسمع الأذان فأنزل أصلي مع الجماعة،
فأنا أجمع بين فضيلتين : فضيلة التعجيل بالإفطار التي قالها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف : «لا تزال أمتي بخير ما عَجَّلوا الفطر»،
كما أن هناك حديث آخر يحض على تعجيل أداء صلاة المغرب، « لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا صلاة المغرب إلى اشتباك النجوم».
ولذلك كانت السنة العملية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفطر على تمرات أو على جرعة من ماء، ثم يصلي المغرب، فيُعَجِّل بالأمرين : جمعاً بين الفضيلتين.
فأنا أقول شخصياً : نفطر في البيت وأنزل أصلي في المسجد، لكن لا يجوز كتمان هذه السنة كما كان الأمر قبل هذه الأيام الأخيرة،
.....فإذا عرف أهل العلم الحكم الشرعي وكتموه، كان كتمانهم للعلم مصيبة عليهم في الدنيا والآخرة.
الله عز وجل -كما نعلم جميعاً- أخذ العهد والميثاق من أهل العلم أن يُبَيِّنوه للناس ولا يكتمونه، كما هو في القرآن الكريم وكما قال عليه السلام : «من كتم علماً أُلْجِم يوم القيامة بلجام من نار».
إذاً : المسألة تحتاج إلى حكمة، لكن كما قال ربنا في القرآن الكريم : {ومَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}،
وقال في الآية الأخرى : {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم}. [فُصِّلَت: ٣٥] . انتهى من (الهدى والنور /٢٠٣/ ٥٦: ٤٠: ٠٠) (الهدى والنور /٢٠٣/ ٢٠: ٥٥: ٠٠)
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
هل يجوز الإفطار قبل المؤذن وبعد التحقق من مغيب الشمس؟
الجواب :
إذا تحقق الصائم غروب الشمس وإقبال الليل فقد حل له الفطر، قال تعالى : " ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ".
وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا أقبل الليل من هاهنا, وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم ". متفق على صحته.
وبذلك يعلم أنه لا يعتبر ما خالف ذلك من التقاويم، كما أنه لا يشترط سماع الأذان بعد تحقيق غروب الشمس. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٩٢٤٨)).
وأما من تعذر عليه معرفة دخول الوقت فله تقليد مؤذن ثقة عارف بالأوقات.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق