">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

من أكل أو شرب ظاناً غروب الشمس: ما الحكم؟


من أكل أو شرب وهو يظن غروب الشمس ثم تبين له خلاف ذلك فصومه صحيح ولا قضاء عليه، لقوله تعالى : ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾. سورة الأحزاب.

والدليل :

1- قوله تعالى : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. (البقرة: 286).

قال ابن القيم رحمه الله : أن هذا من الخطأ الذي قد عفا الله عنه ولا قضاء على من أفطر مخطئا. انتهى من ((تهذيب سنن أبي داود)) لابن القيم (6/212).

2- عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ.

قِيلَ لِهِشَامٍ : فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ ؟ قَالَ : لا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ . وَقَالَ مَعْمَرٌ : سَمِعْتُ هِشَامًا يقول : لا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لا ؟. (رواه البخاري).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : أنه لم ينقل أن الصحابة أمروا بالقضاء ولو كان واجبا لنقل. انتهى من (( الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/398).

قال ابن تيمية رحمه الله :

وهذا يدل على أنه لا يجب القضاء ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم ، فلما لم ينقل ذلك دل على أنه لم يأمرهم به .

 فإن قيل : فقد قيل : لهشام بن عروة : أمروا بالقضاء ؟ قال : أو بد من القضاء ؟

قيل : هشام قال ذلك برأيه ، لم يرو ذلك في الحديث ، ويدل على أنه لم يكن عنده بذلك علم : أن معمراً روى عنه قال : سمعت هشاماً قال : لا أدري أقضوا أم لا ؟ ذكر هذا عنه البخاري.

وقد نقل هشام عن أبيه عروة أنهم لم يؤمروا بالقضاء ، وعروة أعلم من ابنه ". انتهى من ("مجموع الفتاوى" (25/231)).

وقال أيضا رحمه الله :

والذين قالوا لا يفطر في الجميع ( يعني : إذا أخطأ أو نسي في أول النهار أو آخره ) قالوا حجتنا أقوى ، ودلالة الكتاب والسنَّة على قولنا أظهر :

 فإن الله تعالى قال :  ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا  ، فجمع بين النسيان والخطأ ؛ ولأن من فعل محظورات الحج والصلاة مخطئا كمن فعلها ناسيا،

وقد ثبت في الصحيح " أنهم أفطروا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس " ولم يذكروا في الحديث أنهم أُمروا بالقضاء ، ولكن هشام بن عروة قال : " لا بدَّ من القضاء "،

وأبوه أعلم منه وكان يقول : " لا قضاء عليهم "،

وثبت في الصحيحين " أن طائفة من الصحابة كانوا يأكلون حتى يظهر لأحدهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأحدهم : إن وسادك لعريض ، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل "، ولم ينقل أنه أمرهم بقضاء ، وهؤلاء جهلوا الحكم فكانوا مخطئين،

وثبت عن عمر بن الخطاب أنه أفطر ثم تبين النهار فقال : " لا نقضي فإنا لم نتجانف لإثم "،

وروي عنه أنه قال : " نقضي " ، ولكن إسناد الأول أثبت،

وصح عنه أنه قال :" الخطْب يسير " فتأول ذلك مَن تأوله على أنه أراد خفة أمر القضاء ، لكن اللفظ لا يدل على ذلك.

وفى الجملة : فهذا القول أقوى أثراً ونظراً ، وأشبه بدلالة الكتاب والسنَّة والقياسانتهى من (" مجموع الفتاوى " ( 20 / 572 ، 573 )) .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

جميع مفطرات الصوم من أكل أو شرب أو جماع أو غيرها،

إذا تناولها الإنسان وهو جاهل بأن تناولها بعد طلوع الفجر وهو لم يعلم أنه طلع،

أو تناولها قبل غروب الشمس وهو لم يعلم أنها غربت، لكنه غلب على ظنه أنها غربت فإنه لا شيء عليه؛

ودليل ذلك من كتاب الله قوله تبارك وتعالى : ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾،

وقوله تعالى : ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾. قال الله تعالى: قد فعلت.

 ولما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قالت : [ أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ]،

ولما في ثبت في الصحيح عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، أنه صام فجعل تحت وساده عقالين أحدهما أسود والثاني أبيض، وجعل يأكل وينظر إلى العقالين فلما  تبين له الأبيض من الأسود أمسك،

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل »، ولم يأمره بالقضاء.

وكذلك حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقضاء مع أنهم أفطروا قبل أن تغرب الشمس، لكن هذا ظنهم.

ولو كان القضاء واجباً لكان من الشريعة، ولكان تبليغه واجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته لنقل؛ لأن الشريعة محفوظ.

فلما لم ينقل أن الرسول أمرهم بالقضاء علم أن القضاء ليس بواجب،

وهذا هو القول الصحيح الذي ينطبق على أدلة الشريعة العامة، التي أخذت من يسر هذه الشريعة وسهولتها. انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [308]).

تنبيه: من أكل شاكًّا في غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب فإنه يجب عليه القضاء.

 لأن الأكل في هذه الحال ـأي في حال الشك- في غروب الشمس حرام عليه،

إذ لا يجوز له أن يفطر إلا إذا تيقن غروب الشمس، أو غلب على ظنه غروبها،

وفي هذه الحال أي إذا أكل شاكًّا في غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب يجب عليه القضاء، لأن فطره غير مأذون به.

والفرق بين من أكل شاكا في طلوع الفجر ومن أكل شاكّا في غروب الشمس،

أن الأول : بانٍ على أصل وهو الأصل بقاء الليل،

 والثاني أيضا: بانٍ على أصل وهو الأصل بقاء النهار فلا يجوز أن يأكل مع الشك.

 طيب، إذًا متى يجوز أن يأكل؟

 إذا تيقّن أو غلب على ظنه أن الشمس قد غربت حتى على المذهب في هذه الحال إذا غلب على ظنه أن الشمس قد غربت،

 فله أن يُفطر ولا قضاء عليه ما لم يتبيّن أنها لم تغرب وسبق القول الصحيح أنه معذور أيضا. انتهى من (مجموع الفتاوى للعثيمين المجلد التاسع عشر - كتاب مفسدات الصيام - زاد المستقنع).


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات