">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

من نعم الله تعالى على عباده أنْ أذن لهم بدعائه مباشرة بغير وسائط فالدعاء من العبادات الجليلة التي حث عليها الشرع ورغب فيها ،

ففي الدعاء يقف العبد بين يدي الله سائلا حاجته متوسلا إليه بأسمائه وصفاته، متوجها إليه بقلبه، مثنيا عليه بلسانه لا واسطة بينه وبين الله عز وجل.

ولمّا كانت هذه العبادة العظيمة بهذه المرتبة العالية، فلابد من الاهتمام بها وبآدابها وشروطها،

لذلك سأقتصر على ذكر 5 بدع شائعة في دعاء القنوت يجب تجنبها في أدعية الناس خاصة في قنوت صلاة القيام في رمضان لكي يتجنبوها ويتجنبوا الوقوع فى الاثم، والتى منها: 

1- ما يفعله بعض الأئمة من التلحين في الدعاء والتغني والوعظ والتمطيط في الدعاء .

فتجدهم يطبقون أحكام التجويد؛ كالإدغام والإخفاء والمد، حتى يظن الظان أنهم يتلون آيات من الكتاب العزيز، وما هو من الكتاب،

ويزداد الطين بلة إذا ضمن دعاءهم آيات من كلام الله بحيث يعسر على العوام التفريق بينهما؛ ونتيجة لذلك فإن بعض الناس يتأثر بتلحين الإمام أكثر من تأثره بالدعاء نفسه.

2- المبالغة في رفع الإمام صوته في الدعاء والبكاء؛ حتى يصل- أحيانا- إلى حد الصياح والصراخ.

لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يبكي في الصلاة بصوت عال ليبكي من خلفه؛

كما يفعله بعض الأئمة اليوم- هداهم الله- فيستدعون ببكائهم بكاء غيرهم، ناهيك أنهم يبكون بنحيب وعويل وشهيق،

جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اربعوا على أنفسكم؛ إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا بصيرا...))، 

فرفع الصوت بالدعاء بالإضافة إلى مخالفته للسنة، مذهب للخشوع، جالب للرياء، والعياذ بالله.

3- قصد السجع في الدعاء والبحث عن غرائب الأدعية .

فقد جاء فى صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( فانظر السجع من الدعاء، فاجتنبه؛ فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب ).

فمن ذلك قول بعض الأئمة :( يا من لا تراه العيون، ولا يصفه الواصفون ) وإن كان هذا اللفظ قد ورد عند الطبراني في الأوسط، إلا أن إسناده ضعيف،

وهو مخالف لما أجمعت عليه الأمة من وصف الله جل وعلا بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم

4- التطويل في القنوت بما يشق على المؤمنين .

بعض الأئمة ربما جعل دعاء قنوته أطول من صلاته، وهذا خلاف هديه صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يدعو بجوامع الكلم،

 بخلاف ما عليه كثير من الأئمة في هذه الأيام؛ فمنهم من يجعل الدعاء موعظة يذكر فيها الجنة وصفاتها، والنار وما فيها من أهوال، وعذاب القبر وما فيه من وحشة وظلمة،

في سجع متكلف يستثير به عواطف الناس، ويستدعي بكاءهم ، فأين ذلك فى قراءة القران؟!.

5- قال المطيعي في هامش المجموع للنووي (1/790) : ( ومن البدع التي لم بجد لها أصلاً قول المأمومين عند عبارات الثناء هذه ( حقاً ) وقولهم عند ( تباركت ربنا وتعاليت ) ( يا الله …).

فإما أن يؤمّن لأن الثناء في سياق الدعاء، وإما أن يسكت، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى إبطال صلاة من قال " يا الله " ونحوه، لأنه كلام خارج عن الصلاة لم تثبت به سنة.

** قال العلامة القرطبي رحمه الله :

ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخير ألفاظاً مفقرة ، وكلماتٍ مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها فيجعلها شعاره،

ويترك ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا يمنع استجابة الدعاء . انتهى من (((الجامع (7/226))).

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

ما حكم قول بعض الناس في القنوت "بين سقفنا، وكهيعص تكفينا.." الخ، وهل تجوز الصلاة خلف مثل هؤلاء؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب :

هذا العمل بدعة ومنكر ولا أصل له في الشرع، والواجب على الجهات المسئولة عزل هذا الإمام وإبداله بخير منه إذا لم يتب ويدع هذه البدع،

لقول الله سبحانه : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} الآية [التوبة:71]،

ولقول النبي ﷺ: " من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ". رواه الإمام مسلم في صحيحه. انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 9/334).

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

فتسمع في دعاء القنوت عند بعض الأئمة في رمضان الجهر الشديد وخفض الصوت ورفعه في الأداء حسب مواضع الدعاء،

والمبالغة في الترنم، والتطريب والتجويد، والترتيل، حتى لكأنه يقرأ سورة من كتاب الله تعالى ويستدعي بذلك عواطف المأمومين؛ ليجهشوا بالبكاء  .انتهى من [تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد عفا الله عنه ص 83)].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة ، فإن الدعاء من أفضل العبادات وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه.

فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسنَّ ، كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات .

والذي يعدل عن الدعاء المشروع إلى غيره – وإن كان من أحزاب المشايخ – الأحسن له أن لا يفوته الأكمل الأفضل ، وهي الأدعية النبوية، 

فإنها أفضل وأكمل باتفاق المسلمين من الأدعية التي ليست كذلك ، وإن قالها الشيوخ ...

ومن أشد الناس عيباً من يتخذ حزباً ليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان حزباً لبعض المشايخ ،

ويدع الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم وإمام الخلق وحجة الله على عباده ، والله أعلم . انتهى كلامه . انظر: [22/525الفتاوى] .


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات