القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يقتص الكافر من المسلم يوم القيامة؟


على الإنسان المؤمن أن يتقي الله تبارك وتعالى فلا يظلم أحداً من الخلق لأن الله سبحانه يقتص يوم القيامة للمظلوم من الظالم ولو كان الظالم مسلماً والمظلوم كافراً.

وكيفية الإقتصاص للكافر من المسلم مرد علمها إلى الله تعالى.

فالمسلم إذا ظلم الكافر وكان هذا الكافر ذميا أو مستأمنا أو معاهدا فإنه يقتص له منه لحديث : ( يقتص الخلق بعضهم من بعض )،

فلا يجوز للمسلم أن يظلمه ولا أن يعتدي عليه لحديث : ( ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ).

- وأما إن كان هذا الكافر حربيا معتديا فلا شيء على المسلم ولا يعد ظالماً له إذا ظلمه .

- وأما الكافر إذا ظلم المسلم فإنه يؤخذ من سيئات المسلم ثم تطرح على الكافر فيشدد عليه فى العذاب لأن الكافر لا حسنات له أصلا.

ومما يدل على ذلك :

1- قال الله تعالى : ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (الزمر/ (31)).

قال الإمام الطبري رحمه الله : " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : .. ثم إن جميعكم أيها الناس تختصمون عند ربكم، مؤمنكم وكافركم، ومحقوكم ومبطلوكم، وظالموكم ومظلوموكم، حتى يؤخذ لكلّ منكم ممن لصاحبه قبله حق حقُّه.

وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب لأن الله عم بقوله : ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ خطاب جميع عباده، فلم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض،

فذلك على عمومه على ما عمه الله به، وقد تنزل الآية في معنى، ثم يكون داخلا في حكمها كلّ ما كان في معنى ما نزلت به "انتهى من "تفسير الطبري" (21/287) .

2- عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال : " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لا ينبغي لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أن يَدخلَ الجنةَ وأحدٌ من أهلِ النارِ يُطالبُه بمظلَمَةٍ ،

ولاينبغي لأحدٍ من أهلِ النارِ أن يَدخلَ النارَ وأحدٌ من أهلِ الجنةِ يُطالبُه بمظلَمَةٍ قالوا وكيف وإنَّا نأتي عُراةً غُرْلًا بُهْمًا قال بالحسناتِ والسيئاتِ . (صحيح - تخريج كتاب السنة للألباني-رقم: 514).

فثبت بذلك : أن أصحاب المظالم يقتص لهم من ظالميهم يوم القيامة سواء كان الظالم مسلماً أو كافرا .

3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقتص للخلق بعضهم من بعض ، حتى للجماء من القرناء، وحتى للذرة من الذرة ) .((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (4/116).

قال ابن كثير رحمه الله : ( المراد بالذرة هاهنا النملة، والله أعلم. وإذا كان هذا حكم الحيوانات التي ليست مكلفة، فلتخليص الحقوق من الآدميين والجان بعضهم من بعض يوم القيامة أولى وأحرى! ). ينظر: ((البداية والنهاية)) (20/ 18).

4 - عن العرباض بن سارية السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : .. وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ، ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم . (هداية الرواة للألباني -رقم : 163 - خلاصة حكم المحدث : حسن).

جاء فى فيض القدير للمناوي رحمه الله : أي : ولا يحل لكم ضرب أحد نسائهم لأخذ الطعام أو غيره قهرا أو لتجامعوهن فلا تظنوا أن نساء أهل الذمة حل لكم كنساء الحربيين ،

( ولا أكل ثمارهم ) أي ونحوها من كل مأكول ( إذا أعطوكم الذي عليهم ) من جزية وغيرها والحديث كناية عن عدم التعرض لهم بالإيذاء في أهل أو مسكن أو مال إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.. انتهى باختصار.

5 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : إنك ستأتي قوما أهل كتاب،... فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، 

فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب. (صحيح البخاري).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : قوله : ( واتق دعوة المظلوم ) أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم . 

وفيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم ، والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم الإشارة إلى أن أخذها ظلم . 

قوله : ( حجاب ) أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع ، والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعا : دعوة المظلوم مستجابة ، وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه. وإسناده حسن.. ينظر : (فتح الباري شرح صحيح البخاري).

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : "واتق دعوة المظلوم" : يعني أنك إن أخذت من كرائم أموالهم فقد ظلمتهم فيدعون عليك ،

"فاتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" : تصل إلى الله عز وجل ، ويستجيبها ولو كانت من كافر ، 

المظلوم إذا دعا الله ولو كان كافرا انتقم الله تعالى ممن ظلمه إما عاجلا وإما آجلا ، لأن هذا من باب إقامة العدل ، 

والله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين ، ومن تمام حكمه العدل بين عباده فيأخذ للمظلوم من الظالم : " اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " . المصدر : (شرح رياض الصالحين-(66)).

فهذه النصوص التى ذكرناها تدل على حرمة الاعتداء على الكافر وأن ذلك من الظلم الذي حرمه الله تعالى وللمظلوم حق عنده سبحانه .

سئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

في يوم القيامة يقتص للمسلم من المسلم فكيف يقتص للكافر من المسلم؟ 

فأجاب :

الله أعلم ، قد نقول لكن العلم عند الله أنه يخفف عن الكافر من العذاب بقدر مظلمته، ثم يعذب العذاب اللائق به، وكذلك بالعكس يشدد عليه في العذاب . انتهى من (شرح كتاب الأيمان والنذور-(03)).

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

السؤال : هل الكفار يقتصون من المسلمين ممن ظلموهم في الدنيا، وهل يقتصون من بعضهم بعض؟

الجواب :

 يقتصون من بعضهم بعض ، هذا ثبت الناس يجون بأعمال أمثال الجبال فيأتي وقد أخذ مال هذا وضرب هذا، وقتل هذا فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته إلى آخر الحديث،

فيقتض لبعضهم من بعض، في الحديث أن النبي ﷺ قال : « حتى يُقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء » يُقتص يوم القيامة للمظلومين من الظلمة . انتهى.
https://www.youtube.com/watch?v=v0FsLClezUk


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات