القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم إلتفات خطيب الجمعة يمينا وشمالا أثناء الخطبة؟


ليس من السنة أن يلتفت خطيب الجمعة يميناً وشمالاً أثناء الخطبة ولكن يقصد تلقاء وجهه ومن أراده إلتفت إليه من المستمعين وهذا مع كونه مخالفا للسنة ففيه سوء أدب بكثرة الإلتفات .

ومما يدل على ذلك :

1- جاء عند مسلم في صلاة العيدين من حديث أبو سعيد الخدري أنه قال :  ... قام صلى الله عليه وسلم فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم .. (صحيح مسلم ، كتاب العيدين ، حديث رقم ( 889))

دل الحديث على : بيان كيفية وقوف الخطيب وأنه يكون مواجها للناس.

2- عن عدي بن ثابت عن أبيه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم (صحيح ابن ماجه رقم: (939))

 أي : من أجل النظر إلى الخطيب ؛ فإن من كان على جانبي الصف فإنه قد ينحرف عن التوجه إلى القبلة، وهذا من الأمور المعفو عنها أو أنه يتوجه إلى الخطيب بوجهه دون جسده، كما أن الخطيب يكون مستدبرا للقبلة متوجها إلى الناس . ينظر: (الدرر السنية -الموسوعة الحديثية).

3- عن مطيع بن الحكم رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عيه وسلم : كان إذا صعد المنبر ؛ أقبلنا بوجوهنا إليه. (الصحيحة برقم (2080)).

قال الإمام الشافعي رحمه الله في (كتابه الأم) :

ولا أحب أن يلتفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته ، 

لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه، فهو لا يلتفت ناحية يُسمع أهلها إلا خفيَ كلامه على الناحية التي تخالفها ، مع سوء الأدب من التلفت . انتهى.

 قال الماوردي في ( الحاوي الكبير ) عقب كلام الشافعي هذا:

وهذا كما قال . من سنة الخطيب أن يستدبر بها القبلة ، ويستقبل بها الناس خطبة الجمعة، لرواية البراء بن عازب قال : 

" كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا خطب يستقبلنا بوجهه ونستقبله بوجوهنا ". 

ولأنه يعظهم بخطبته ، ويوصيهم بتقوى الله سبحانه ، ومراقبته ، وكان إقباله عليهم أبلغ في الانتفاع بها واستقبالهم بوجهه أبلغ في الاستماع لها ، 

وينبغي أن يقصد بوجهه قصد وجهه ، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا ولا يفعل ما يفعله أئمة هذا الوقت ، من الالتفات يمينا وشمالا في الصلاة على النبي {صلى الله عليه وسلم} ، 

ليكون متبعا للسنة ، اخذا بحسن الأدب ، لأن في إعراضه عمن أقبل إليه ، وقصد بوجهه إليه ، قبح عشرة ، وسوء أدب ، 

ولأنه إذا أقبل بوجهه قصد وجهه عم الحاضرين سماعه ، وإذا التفت يمينا قصر عن سماع يسرته ، وإذا التفت شمالا قصر عن سماع يمنته .اه.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

أما استقبال الإمام أهل المسجد، واستدباره القبلة، فمجمع عليه أيضا، والنصوص تدل عليه أيضا ؛ فإنه يخاطبهم ليفهموا عنه . انتهى من ((فتح الباري)) (5/477)

وقال الإمام النووي رحمه الله :

يسن أن يقبل الخطيب علي القوم في جميع خطبتيه ، ولا يلتفت في شيء منهما ، 

قال صاحب الحاوي وغيره : ولا يفعل ما يفعله بعض الخطباء في هذه الأزمان من الالتفات يمينا وشمالا في الصلاة على النبي- صلي الله عليه وسلم- ولا غيرها ، فإنه باطل لا أصل له ، 

واتفق العلماء على كراهة هذا الالتفات ، وهو معدود من البدع المنكرة ، 

وقد قال الشيخ أبو حامد في "تعليقه" : يستحب أن يقصد قصد وجهه ، ولا يلتفت في شيء من خطبته عندنا.

وقال أبو حنيفة : يلتفت يمينا وشمالا في بعض الخطبة كما في الأذان وهذا غريب لا أصل له . انتهى من ("شرح المهذب" (4/399)).

وقال الموفق ابن قدامة في (المغني) :

وَمِنْ سُنَنِ الْخُطْبَةِ أَنْ يَقْصِدَ الْخَطِيبُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، 

وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي سَمَاعِ النَّاسِ ، وَأَعْدَلُ بَيْنَهُمْ ، فَإِنَّهُ لَوْ الْتَفَتَ إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ لَأَعْرَضَ عَنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ . اهـ.

وقال العلامة الشربيني في (مغني المحتاج) :

( وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا ، وَ ) لَا ( شِمَالًا فِي شَيْءٍ مِنْهَا ) لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا وَلَا يَعْبَثُ بَلْ يَخْشَعُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ . اهـ.

قال القاسمي في كتابه إصلاح المساجد :

 " ولا أصل لذلك ، بل السنة استقبال الناس بوجهه من أول الخطبة إلى آخرها ". انظر : إصلاح المساجد ص( 48) .

وأما عن استقبال الناس للخطيب بوجوههم.

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله : 

أما قوله : " السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخطب؛ من كان منهم يلي القبلة أو غيرها "، 

فهو - كما قال - سنة مسنونة عند العلماء، لا أعلمهم يختلفون في ذلك، وإن كنت لا أعلم فيها حديثا مسندا، إلا أن وكيعا ذكر عن يونس عن الشعبي، قال : 

من السنة أن يستقبل الإمام يوم الجمعة، ووكيع عن أبان بن عبد الله البجلي، عن عدي بن ثابت، قال : كان النبي عليه السلام إذا خطب استقبله أصحابه بوجوههم، 

وذكرها أيضا ابن أبي شيبة، عن وكيع، وروى استقبال الإمام إذا خطب يوم الجمعة عن جماعة من العلماء بالحجاز والعراق . انتهى من ((الاستذكار)) (2/50).

 وقال الإمام النووي رحمه الله : 

ويستحب للقوم الإقبال بوجوههم على الخطيب ، وجاءت فيه أحاديث كثيرة ؛ ولأنه الذي يقتضيه الأدب ، وهو أبلغ في الوعظ ، وهو مجمع عليه . انتهى من ((المجموع)) (4/528).

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله :

قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : يكون الإمام عن يميني متباعدا، فإذا أردت أن أنحرف إليه حولت وجهي عن القبلة؟ 

فقال : نعم ؛ تنحرف إليه، وممن كان يستقبل الإمام ابن عمر، وأنس

وهو قول شريح، وعطاء، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وابن جابر، ويزيد بن أبي مريم، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي . انتهى من ((المغني)) (2/225).
 
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله : 

كان إذا جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلم في غير الجمعة، أو خطب قائما في الجمعة، استدار أصحابه إليه بوجوههم . انتهى من ((زاد المعاد)) (1/430). 

وقال العلامة العيني رحمه الله :

فإن قلت : ما المراد باستقبال الناس الخطيب ؟ هل المراد من يواجهه ؟ أو المراد جميع أهل المسجد، حتى إن من هو في الصف الأول والثاني - وإن طالت الصفوف - ينحرفون بأبدانهم ، أو بوجوههم لسماع الخطبة؟

قلت : الظاهر أن المراد بذلك من يسمع الخطبة دون من بعد فلم يسمع فاستقبال القبلة أولى به من توجهه لجهة الخطيب . انتهى من ((عمدة القاري)) (6/221).

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

الخطيب يوم الجمعة ليس من السنّة أن يلتفت يمينا ويسارا ،

وقد صرح ابن أبي شامة في كتابه " الباعث على إنكار البدع والحوادث " أن من البدع، بدع الخطيب يوم الجمعة أن يلتفت يمينا ويسارا، 

فكيف لو رأى هذه الإشارات والشوبرات يمنيا ويسارا وهذا اللهج برفع الصوت من الحاضرين الذين يتجاوبون مع الخطيب وأكثرهم لا يعلموا مع الأسف الشديد .

خلاصة القول هذه المسألة الأولى مما جاء في السؤال يظهر بدهيّا أنها خلاف السنّة المحمدية . انتهى من (صفة صلاة النبي - شريط : (4)).

وقال أيضا رحمه الله :

عن مطيع الغزال عن أبيه عن جده مرفوعا : « كان إذا صعد المنبر أقبلنا بوجوهنا إليه »(الصحيحة برقم (2080)).

ترجم له الإمام بقوله : (استقبال الخطيب من السنن المتروكة). ثم قال :
 
هذا وقد أورد البخاري الحديث في «باب يستقبل الإمام القوم، واستقبال الناس الإمام إذا خطب، واستقبل ابن عمر وأنس رضي الله عنهم الإمام». ثم أسند تحته حديث أبي سعيد. 

قال الحافظ في «الفتح» «٢/ ٤٠٢» : « وقد استنبط المصنف من الحديث مقصود الترجمة ، ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا، 

ولا يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه، 

وإذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال خطبة أولى، لورود الأمر بالاستماع لها، والإنصات عندها ». 

قال : « من حكمة استقبالهم التهيؤ لسماع كلامه، وسلوك الأدب معه في استماع كلامه، 

فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته، وموافقته فيما شرع له القيام لأجله ». انتهى من (السلسلة الصحيحة (٥/ ١١٦ - ١١٧)).

وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

هل من السنة أن يلتفت الخطيب يميناً وشمالاً؟ 

فأجاب : 

هذا ليس من السنة؛ لأنه إن اتجه يميناً أضر بأهل اليسار، وإن اتجه إلى اليسار أضر بأهل اليمين، 

والمستحب أن يقصد تلقاء وجهه، ومن التفت إليه من المستمعين فلا حرج لأنه يروى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يفعلونه . انتهى من (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين المجلد السادس عشر - باب صلاة الجمعة).

وسئلت اللجنة الدائمة :

صليت الجمعة في أحد مساجد الخرج فرأيت الخطيب أثناء الخطبة يلتفت يميناً وشمالاً ويرفع يديه ويشير بهما ذات اليمين وذات الشمال، وتكرر ذلك منه من أول الخطبتين إلى نهايتهما. فهل تصرفه هذا يليق بخطبة الجمعة ؟ وهل له أصل في السنة المطهرة ؟

الجواب :

الأولى أن يقصد الخطيب تلقاء وجهه وأن يتجنب الالتفات أثناء الخطبة يميناً أو يساراً ويتجنب الإشارة بيده؛ 

لأن هذا شيء لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما الوارد الإشارة بالسبابة، 

حيث إنه عند التفاته إلى أحد الجانبين قد أعرض عن الجانب الآخر، وقد كره ذلك جمع من العلماء، 

إلا أن الالتفات بالوجه والإشارة بالأيدي لو حصل لا أثر له على صحة الخطبة . انتهى من ("اللجنة الدائمة" (1/415) المجموعة الثالثة).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات