">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الرد على أدلة القائلين بكفر تارك الصلاة


قال الإمام أحمد رحمه الله :

 " والإيمان قول وعمل يزيد وينقص

زيادته إذا أحسنت، ونقصانه إذا أسأت. 

ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها، فإن تركها كسلا أو تهاونا كان في مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه ". انتهى من ("طبقات الحنابلة" (1/343) رواية مسدد، نشر دار المعرفة).

قال الحافظ ابن عبد البر في «الاستذكار» : أجمعوا أنه من ‌تركها ‌وهو ‌قادر ‌على ‌إتيانها ممن تجب عليه، أنه غير كافر بفعله ذلك إلا أن يكون جاحدا لها، مستكبرا عنها . اهـ. 

إليك الرد على أدلة القائلين بكفر تارك الصلاة :

1- استدل بعض أهل العلم في تكفيرهم تارك الصلاة بآية من القرآن العظيم يجعلونها عماد أدلتهم في التكفير وهي قوله جل شأنه : فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين . [ التوبة : 11 ].

 قالوا : وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى اشترط  لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين إقام الصلاة فمن لم يقم بها فلا يعد أخا لنا في الدين. (فإن تابوا) يعني : من الشرك (وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، فإن افتقد واحد من هذه الشروط الثلاثة، فإنهم لا يكونون إخوة لكم في الدين.

فالجواب على هذا الاستدلال : 

- عندنا أدلة تدل على أن تارك الزكاة لا يكفر وهو ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 

"ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضيين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار"، ومن المعلوم أنه إن كان يمكن أن يرى سبيله إلى الجنة فليس بكافر لمجرد تركها .

أن منطوق الأدلة التي ذكرناها من قبل والتى سنذكرها فيما بعد يدل على أن تارك الصلاة لا يخرج من الملة وهذا المنطوق يقدم على مفهوم هذه الآية، فالله تعالى يقول :  فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ. [التوبة:11]. فمفهوم هذه الآية : أن من ترك هذه الثلاثة أو شيئاً منها فليس أخاً لنا.

 فالتعارض هو بين مفهوم الآية ومنطوق النصوص أو الأحاديث التي ذكرناها من قبل والتى سنذكرها فيما بعد التي تدل على عدم كفره وعند تعارض المنطوق مع المفهوم يقدم المنطوق . 

وكما لا يكفر تارك الزكاة تقديماً لمنطوق حديث : (ثم يرى سبيله إما إلى جنة وإما إلى نار) على مفهوم هذه الآية، فكذلك يقدم منطوق النصوص الدالة على عدم كفر تارك الصلاة على مفهوم هذه الآية . 

فتكون كلمة (فإخوانكم في الدين) في شأن الشرك محمولة على أصل الأخوة أما في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فتحمل على كمال الأخوة في الدين يعني : ليسوا إخواننا إخوة كاملة بل ناقصة .

قال الشيخ الألبانى رحمه الله :

 الآية ماذا تقول : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ }[التوبة: ١١]فالآية تُسَوِّي بين الصلاة والزكاة، وأنت تُفَرِّق مع المُفَرِّقين، صح؟ قل : صح.

مداخلة : صح.

الشيخ : 

إذاً : هل في الآية دليل على أن تارك الصلاة [كافر]؟ هنا المشايخ يقعوا في حيص بيص، 

إن قالوا : إن الآية دليل على أن تارك الصلاة كافر، يقال لهم : إذاً : تارك الزكاة كافر، فإن قالوا : تارك الزكاة ليس بكافر فيقال : أيضاً تارك الصلاة ليس بكافر لأن الآية واحدة، ومذكور فيها الصنفان تارك الصلاة وتارك الزكاة .

مداخلة : فإن أراد أحد التَمَلُّص وقال : نحن استدللنا بهذه الآية على تكفير تارك الصلاة لأدلة أخرى، وكل هذا تملص.

الشيخ :

 لا، ماعليش، نحن نمشي مع الشيخ هنا، نقول له : هات الأدلة الأخرى، وخسرت الدليل الأول.

مداخلة : إذاً الدليل هذا ساقط الاستدلال به.

الشيخ : وهذا المقصود به.

مداخلة : [طيب أدلتهم الأخرى]؟

الشيخ :

 أدلة أخرى، ما فيه غير من ترك الصلاة فقد كفر، وأعطيناك أدلة أخرى فيها كفر، من فعل كذا فقد كفر، من فعل كذا فقد كفر .

مداخلة : لكن ليس كُفر خُروج من الملة.

الشيخ :

 نعم، هو هذا، بعدين عندنا حديث : « خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن أَدَّاها وأحسن أداءها وأتم ركوعها وسجودها وخشوعها، كان له عند الله عهد أن يُدْخِله الجنة، ومن لم يفعل فليس له عند الله عهد، إن شاء عَذَّبه وإن شاء غفر له » 

والله يقول : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }. [النساء: ٤٨] . انتهى من «الهدى والنور /٤٥١/ ٠٤: ٢٠: ٠٠». «الهدى والنور / ٤٩٦/ ١٨: ١٦: ٠٠»

وقال أيضا رحمه الله :

 جوابي من ناحيتين : أن الإخوة قد تكون عامة، وقد تكون خاصة، فإذا كانت الإخوة المنفية هنا بسبب ترك ما فرض الله هي الإخوة العامة فكلامهم صحيح، 

لكن هذا ليس عليه دليل يُلْزِمُ المخالفين لهذا الرأي بقولهم؛ لاحتمال أن تكون الإخوة المنفية هي الإخوة الخاصة، وهذا لا بد لهم من أن يتبنوه، وهذه من الحجج القوية، 

لأنهم يفرقون بين تارك الصلاة وتارك الزكاة، من حيث أن تارك الزكاة ما يقطعون بكفره وردته كما يفعلون بالنسبة لتارك الصلاة، وقد ذكر مع ترك الصلاة ترك الزكاة، فما كان جوابهم، هذا الجواب جدلي، لكنه صحيح، وقد قدمنا الجواب العلمي، فما كان جوابهم عن تارك الزكاة هو جوابهم عن تارك الصلاة .

يعني : نحن [ لا ينبغي ] أن نقول : أن المقصود فقط الجملة الأولى، وهي التوبة، وإنما التوبة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، المجموعة هذه، إذا انتفت يساوي نفي الإخوة، 

لكن هذه الإخوة المنفية هذه هي إخوة مطلقة أي : فهم مشركون كما كانوا من قبل أم بقدر ما ينقصون تنقص الإخوة، فبيكون المنفي إخوة الكمال كنفي «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له»، نفي الكمال وليس نفي الصحة .

مداخلة : إذاً في الفقرة الأخيرة هذه أجبت عن استدلالهم من السنة وهو قولهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة وأن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» أن هذه الأحاديث ليست على ظاهرها؟

الشيخ :

 طبعاً، كفر دون كفر، حَلَّها ابن عباس رضي الله عنه.

مداخلة : ويقولون أيضاً أقوال الصحابة أقوال الصحابة يقول أمير عمر الخطاب رضي الله عنه : «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة». والحظ : النصيب، وهو هنا نكرة في سياق النفي، فيكون عاماً لا نصيب قليل ولا كثير، هذا قول عمر بن الخطاب ما الجواب عليه، أوهل يصح هذا الاستدلال؟

الشيخ : 

هذا لا يخرج عن البحث السابق ... مثل لا إيمان ما هو الفرق، ولا دين، ولا حظ. 

يعني : أريد أضيف تضيفوا على ما سبق أن هذا نكرة تفيد الشمول، هذا كلام عربي صحيح، لكن هذا حينما لا يكون هناك أدلة تضطرنا إلى تقييد هذه الدلالة، وإلا إذا أخذنا لا إيمان ولا يدخل الجنة و .. و .. ونحو ذلك من العبارات هذه، خرجنا بمذهب الخوارج، 

لكن حينما يضم إلى مثل هذا النص لا سيما وهو موقوف، وليس بمرفوع، إذا ضم إليه الأحاديث التي فيها إثبات الإيمان لمن يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأنه ينجو من الخلود في النار، 

حينئذ نضطر أن نقول أن هذا الاصطلاح العلمي الفقهي من حيث أن هذا نكرة منفية وهي تفيد الشمول، هذا إذا نظرنا نظرة خاصة بهذا النص، 

أما إذا نظرنا إلى الأدلة الأخرى فحينئذ نقول : لا حظ كمثل قولنا في لا إيمان ولا دين ونحو ذلك، أي : لا حظ كاملاً كما قلنا أيضاً في الإخوة .

مداخلة : لا إخوة كاملة.

الشيخ : نعم.

مداخلة : ويكون الجواب أيضاً على قول عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... 

الجواب [نفس الجواب] انتهى من «الهدى والنور» «١٤٠/ ٣١: ٠٩: ٠٠»

ومن أدلة الصرف عن التكفير إلى معنى نفي الأخوة الإيمانية الكاملة التى فى الآية هو :

* أدلة عدم خلود عصاة الموحدين في النار، قال الله -تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )(النساء:48)، 

قال النبي -صلى الله عليه وسلم : ( خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ )(رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

وقال صلى الله عليه وسلم : (فَيُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ : يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَيَقُولُ : وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي، وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ). (متفق عليه).

وقال صلى الله عليه وسلم : (فَيَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: شَفَعَتِ الْمَلائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ). (رواه مسلم).

والمصلون إنما يخرجهم النبيون والملائكة والمؤمنون بأثر السجود كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَمَرَ المَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلامَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ)(متفق عليه). وهؤلاء الذين لم يعملوا خيرًا قط غيرهم.

2- استدل بعض أهل العلم على كفر تارك الصلاة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ؟

الرد على ذلك :

قال الشيخ الألبانى رحمه الله :

 لكن ما قال العهد الذي بيننا وبين من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يعني هذا الذي دخل في الإسلام حديثا يجب أن يطور حياته مع المسلمين عملياً خشية أن يكون قد قال أشهد أن لا إلا الله نفاقاً .

السائل : حتى تميزه .

الشيخ :

 لكان هذا رجل مسلم وقد يأتي ببعض الشهادات العملية ولو أحيانا على أنه مسلم فهذا الحديث يعني ما في إشكال لو فسر بملاحظة مرجع الضمير ( العهد الذي بيننا وبينهم ) المشركين وليس المسلمين .

السائل : هل نستطيع أن نقول منافق يا شيخ .

الشيخ : نعم .

السائل : هل نستطيع أن نقول بأنه منافق الذي لا يصلي ؟

الشيخ :

 الجواب لعلك تعرفه إذا تذكرت معي أن النفاق قسمان مثل الكفر كفر اعتقادي كفر عملي ونفاق كذلك .

السائل : تذكرت كلمة حديث ابن مسعود يا شيخ لما قال : ( كنا نرى من يتخلف عن هذه الصلاة منافق معلوم النفاق ) ( كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) .

الشيخ :

هذا كفر هذا نفاق عملي .هل قُتل هذا ؟ إذًا ما اعتُبر ردة . انتهى من (فتاوى عبر الهاتف والسيارة-(170))

وقال أيضا رحمه الله :

 معنى : ( ترك الصلاة فقد كفر ) : كفرا عمليا ، أي فعل فعل الكفار ، الكفار لا يصلون فهو فعل فعلهم ، هذا لما يكون السؤال : ترك الصلاة كسلا ، 

أما إذا ترك الصلاة جحودا ، الجحد إله علاقة بالقلب ، حينئذ بكون كفره كفر عملي . قلنا : الكافر ينكر شرعية الصلاة ، فالآية السابقة : (( لم نك من المصلين ))

السائل : (( قالوا لم نك من المصلين ))

الشيخ :

 (( لم نك من المصلين )) ، (( ولم نك نطعم المسكين )) ، (( وكنا نخوض مع الخائضين )) ، (( حتى أتانا اليقين )) : هذا من الكفار عقيدة ، هلأ أنت لا تشك ولا أحد يشك أنه النصارى واليهود والملاحدة كلهم ما يؤمنون بشرعية الإسلام كله ، هل يؤمنون بشرعية الصلاة ؟

السائل : طبعا لا

الشيخ :

 لا ، إذن هم ينكرون شرعية الصلاة ، صح ؟

السائل : نعم .

الشيخ :

 طيب ، بيجي رجل مسلم يشهد أن لا إلا الله وأن محمدا رسول الله وبآمن بكل ما شرع الله ، من ذلك الصلاة ، فهو في إيمانه بشرعية الصلاة خالف الكافر ، صح ؟

السائل : نعم .

الشيخ :

 الكافر لا يؤمن ، هذا مؤمن ، لكن هذا الإيمان الذي آمن به لا يخرجه إلى حيز العمل والتطبيق .

السائل : نعم .

الشيخ :

 فهو من الناحية العملية فعل فعل الكفار ومن الناحية الاعتقادية ، خالف الكفار ،

فما بجوز نظلم هذا الإنسان ، ونقول : هذا كافر كذك الكافر ، ذاك لا يؤمن بالصلاة ! هذا يؤمن بالصلاة ، وربنا يقول : (( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ، ما لكم كيف تحكمون )) ، هذا مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ووو إلى آخره ، يؤمن بالأركان ، يؤمن بأركان الإسلام لكن الله يهديه ترك الصلاة ، هون ما بهما بقى التفصيل اللي دخلنا فيه آنفا !!

السائل : نعم

الشيخ :

 كان ما يصلي وصار يصلي ، وكان يصلي بطل يصلي إلى آخره ، المهم نلاحظ هالنقطتين : نقطة تتعلق بالقلب وهو الإيمان أو الكفر ، ونقطة تتعلق بالجوارح والبدن وهو العمل ، 

فرجل كافر لا يؤمن بشرعية الصلاة ، وبالتالي لا يصلي ، فهذا جمع بين الكفرين كفر اعتقادي والكفر العملي . مسلم يؤمن بالصلاة وبكل ما جاء في الإسلام فهو خالف الكافر في عقيدته .

السائل : نعم .

الشيخ :

 لكنه شابه الكافر في عمله ، فهو لا يصلي ، فلذلك لما قال عليه السلام : ( فمن ترك الصلاة فقد كفر ) أي عمل عمل الكفار ، فالكفار أولا : بنص القرآن ، وثانيا : بمشاهدة الواقع ، لا يصلون ، لأنهم لا يؤمنون بالصلاة ، ولا يؤمنون بالإسلام كله ،

أما هذا المسلم التارك للصلاة ليس كذاك من حيث العقيدة ، ولذلك جاء الاستدلال بالآية السابقة في محله : (( أفنجعل المسلمين )) هذا مسلم (( كالمجرمين )) أولئك مجرمون كفار كيف تحكمون ؟! فكيف تحكمون ؟!

 هذا لا يجوز للمسلم أن يسوي بين الكافر كفرا اعتقاديا وعمليا ، وبين ملسم يؤمن ويكفر عمليا ، لا يستويان مثلا ، ولذلك فمعنى الحديث واضح جدا كما لخصت الجواب في أول الكلام لما قيل :

السائل : الحمد لله !

الشيخ :

 ( من ترك الصلاة فقد كفر ) كفرا عمليا ، بس أنت احفظ هالكلمة هاي تنجو من البلبلة والقلقلة . انتهى من (فتاوى عبر الهاتف والسيارة-(186))

وقال أيضا رحمه الله :

قوله عليه الصلاة والسلام بعد أن يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة، يقول الله : « شفعت الملائكة والأنبياء والمؤمنون، ولم يبق إلا شفاعة أرحم الرحمين » فيقول : « أخرجوا من لم يعمل خيراً قط ».

فمثل هذا الحديث حينئذٍ يوجب علينا أن نُجْري عملية تصفية على هذه الآثار التي تُرْوَى عن السلف في تكفير تارك الصلاة، 

فما كان منها غير ثابت استرحنا منها، ولا نُوْجِد تعارضاً بينها وبين الأحاديث الدالة على أن تارك الصلاة تركاً غير مقرون بالجحد إنه لا يكفر، ولا يرتد عن الدين،

 وما كان منها ثابتاً تأولناه كما نتأول الأحاديث المرفوعة التي تُرْوَى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتي يتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه ليس مُسْلِماً.

كالحديث المعروف مثلاً في صحيح مسلم وغيره : « من ترك الصلاة فقد كفر » فلا بد حينذاك من تأويل هذا الصحيح من المرفوع كذاك الصحيح من الموقوف، تأويلاً يتفق مع النص الصريح الذي ذكرناه آنفاً، حيث يُخْرَج من النار غير المصلين أيضاً.

هذه كلمة بمناسبة أن الآثار أيضاً ينبغي تحري الصحة فيها في كثير من الأحيان . انتهى من «الهدى والنور /٣٥٠/ ٠٥: ٤٨: ٠٠» و«الهدى والنور /٣٥١/ ٤٥: ٠٠: ٠٠».

وقال أيضا رحمة الله في " المجلد الأول " من " السلسلة الصحيحة " الحديث تحت الحديث رقم"87" :

إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه , ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه , أو يدل عليه , ومات على ذلك قبل أن يستتاب , كما هو الواقع في هذا الزمان ,

أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة , فاختار القتل عليها , فقتل , فهو في هذه الحالة يموت كافراً , ولا يدفن في مقابر المسلمين , ولا تجري عليه أحكامهم , 

خلافاً لما سبق عن السخاوي , لأنه لا يعقل – لو كان غير جاحد لها في قلبه –أن يختار القتل عليها , هذا أمر مستحيل معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان , لا يحتاج إثباته إلى برهان ". اهـ .

3- استدل بعض أهل العلم بأثر عبد الله بن شقيق العقيلي على كفر تارك الصلاة كسلا والذى فيه : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ". رواه الترمذي

 الرد على ذلك :

قال الشيخ الألبانى رحمه الله :

هذا الحديث الموقوف ونحوه محمول على المعاند المستكبر الممتنع عن أدائها ولو أنذر بالقتل. كما قال ابن تيمية وابن القيم، انظر رسالتي «حكم تارك الصلاة». انتهى من «التعليق على الترغيب والترهيب» «١/ ٢٥٦»

كما أن العلماء الذين استدلوا بأثر عبد الله بن شقيق لم يطلعوا على ما يدل على ضعفه سنداً ومتناً، ولو اطلعوا على ما يدل على ضعفه لما احتجوا به والدال على ضعفه رواية إسماعيل بن علية ولفظها : " ما علمنا شيئا من الأعمال قيل : تركه كفر ، إلا الصلاة ". رواه الخلال في "السنة"(4/144) رقم (137.

فأين ذكر الصحابة وإجماعهم في هذه الرواية الصحيحة؟ وأين تكفيرهم لتارك الصلاة هذا وقد ثبت بسند صحيح صححه العلامة الالبانى عن عن سوار بن شبيب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إن ها هنا قومًا يشهدون علىّ بالكفر : فقال : ألا تقول : لا إله إلا الله، فتكذبهم. المصدر : الإيمان لابن أبي شيبة

 فهذا يدل على أن ابن عمر يحكم بالإسلام لمن قال: لا إله إلا اله وإن لم يصلِّ  فهذا نص صريح فى اسقاط دعوى الاجماع رغم محاولة الفريق الاخر تأويل هذا الأثر فى ردودهم بتأويلات واهية .

ولذلك يقول ابن دقيق العيد :

 « دعوى الإجماع دعوى عسيرة الثبوت، لا سيما عند من يشترط في ذلك التنصيص من كل قائل من أهل الإجماع على الحكم ولا يكتفي بالثبوت، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من ادعى الإجماع فقد كذب ».اه [شرح الإلمام] 

فباختصار في هذا الموضوع :

1- أن عبد الله بن شقيق ما روى إلا عن عدد قليل من الصحابة مما يبطل دعوى الإجماع .

2- أن بشر بن المفضل لم يسمع من الجريري إلا بعد الاختلاط فإن صحَّ أنه سمع منه قبل الاختلاط، فيحتمل أنه سمع هذا الأثر بعد الاختلاط احتمالاً قوياً أو يكون قد وهم فيه. ومما يدل على هذا أن إسماعيل بن علية قد رواه بنص يخالف نص رواية بشر.

فرواية بشر نصها : " لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة". 

ونص رواية إسماعيل بن علية : " ما علمنا شيئا من الأعمال قيل : تركه كفر ، إلا الصلاة ". 

والفرق بينهما واضح جداً عند المنصفين واعتبار رواية إسماعيل بن علية موافقة ومتابعة لرواية بشر من المكابرات .

فرواية بشر بن المفضل تُسنِد التكفير إلى الصحابة بلفظ يوهم إجماعهم على هذا التكفير.

بينما رواية إسماعيل لا تُسند هذا التكفير إلى أصحاب النبي  لا من قريب، ولا من بعيد.

وقوله : " قيل " يحتمل أن القائلين غير أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم-. ويحتمل أن القائل واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-، أو من التابعين، فإن عبد الله بن شقيق قد روى عن بعض التابعين . راجع "تهذيب الكمال" (15/90).

وكذا رواية عبد الأعلى : " ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة " قال : " كانوا يقولون : تركها كفر " . فيها مخالفة لرواية بشر بن المفضل فلا يجوز الجزم بأن قائليها هم الصحابة وهي تقوي رواية إسماعيل بن علية، لا رواية بشر بن المفضل . 

والذين صححوا رواية بشر لو اطلعوا على روايتي إسماعيل بن علية وعبد الأعلى لكان لهم موقف حازم منها  وأزيد لو اطلعوا عليهما لأعلّوا بهما رواية بشر على طريقة أئمة الحديث.  ويحتمل أن بعضهم يعرف ضعف رواية بشر، ولكنه يتساهل في قبولها على طريقة كثير من أهل الحديث في التساهل في روايات الترغيب والترهيب . 

كما أن أحاديث المختلطين تروى إذا وجد لها ما يعضدها فأين ذلك؟!

فأثر عبد الله بن شقيق ....لم يسنده إلى أبي هريرة -رضي الله عنه. وهو عند الحاكم بإسناده إلى عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة -رضي الله عنه . وهذا واحد من الأدلة الدالة على ضعف أثر عبد الله بن شقيق.

فتارة يسند إلى عبد الله بن شقيق وأخرى إلى أبي هريرة.

وتارة يرويه بشر بن المفضل عن الجريري عن ابن شقيق بلفظ.

ويخالفه إسماعيل بن علية فيرويه عن الجريري بلفظ آخر.

ويرويه عبد الأعلى بلفظ مغاير للفظ رواية بشر.

هذا مع احتمال أن بشراً ما روى هذا النص عن الجريري إلا بعد الاختلاط.

فإذا لم يضعف هذا الأثر بهذه الاختلافات في الإسناد والمتن فلا سبيل إلى تضعيف الأحاديث والآثار الضعيفة والباطلة ويغلق باب التضعيف والتعليل.

فهل سمع بشر من الجريري هذا الأثر قبل الإختلاط أم بعده أو أمره مشكل؟

فلا يقبل إلا بدليل من شاهد أو متابع أو نحوه كما هو ظاهر صنيع الشيخين البخاري ومسلم فيما رويا عنه غير هذا الأثر وهذا الأثر لم يروياه. فتنبه .اه

 كما أن عبد الله بن شقيق لم يرو إلا عن عدد قليل من الصحابة. وهم :

1- عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-. 2- وعثمان بن عفان –رضي الله عنه-. 3- وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. 4- وعبد الله بن عباس-رضي الله عنه. 5- وعبد الله بن أبي الجدعاء. 6- وعبد الله بن أبي الحمساء. 7- ومحجن بن الأدرع، وقيل بينهما رجاء بن أبي رجاء. 8- ومرة بن كعب البهزي، 9- وأبو ذر –رضي الله عنه-. 10- وأبو هريرة –رضي الله عنه-. 11- وعائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-. 12- وعبد الله ابن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما-. وفيه نظر، فقد قال يعقوب بن سفيان الفسوي : حدثني محمد بن عبد الرحيم قال : سألت علياً عن عبد الله بن شقيق هل رأى عبد الله بن عمر؟ قال : لا، ولكنه رأى أبا ذر وأبا هريرة .اه 

فهذا صريح بأن عبد الله بن شقيق ما رأى إلا اثنين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم فكيف تصح دعوى عبد الله بن شقيق إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة،  وعدم تكفيرهم بسائر الأعمال، وهو لم يرو إلا عن هذا العدد القليل؟ 

كيف تصح دعوى عبد الله بن شقيق إجماع الصحابة وهم يزيد عددهم على مائة ألف؟!.

 فقد ذكر الحافظ ابن حجر عدداً من المؤلفات في الصحابةثم قال : " فجمعت كتاباً كبيراً في ذلك ميزت فيه الصحابة من غيرهم؛ ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعاً الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة إلى ما جاء عن أبي زرعة الرازي، 

قال : توفي النبي -صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم قد روى عنه سماعاً أو رؤية ".اه انظر "مقدمة الإصابة" (1/4).

4 - استدل بعض أهل العلم بتعريف كلمة الكفر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: « بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر.

الرد على ذلك :

قال الشيخ الألبانى رحمه الله :

 إذا كان الحديث له دلالة ظاهرة ينصرف الذهن إليها، ولكن إذا قام مانع شرعي يمنع من أن ينصرف الذهن إلى هذه الدلالة الظاهرة فهنا يأتي ما يسمى بالتأويل والتوفيق بين الأحاديث، يعني : مثلًا قوله عليه الصلاة والسلام « لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له » فإذا نظرنا إلى هذا الإطلاق أليس يعني ذلك أنه كافر؛ لأنه نفى مطلق الإيمان؟

 فإذًا! فنفى الإيمان مطلقًا، لا إيمان مطلقًا لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، ... الشيء الكثير النصوص الشرعية، 

ولكن لما الإنسان يجمع بين هذا النص وبين نص آخر، يضطر أن يقول : لا إيمان كاملًا، لا دين كاملًا، وعلى هذا تؤولت كثير من الأحاديث، كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - عند جمهور الأئمة : « من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر» . فلا صلاة له، هذا نفي للصلاة، أي : تكون الصلاة باطلة،

لكن الذين يقولون بأن هذه الصلاة مع الجماعة فريضة لكن ليست شرطًا أو ركنًا من أركان الصلاة، يضطرون أن يفسروا هذا الحديث على ضوء الأحاديث الأخرى، صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، وليس القصد الآن هنا تحرير القول بمثل هذا الحديث، 

وإنما المقصود التذكير بأساليب العلماء في سبيل التوفيق بين حديث يدل بظاهره على شيء ثم لما يضمون إليه الأحاديث الأخرى يضطرون أن يخرجوا عن هذه الدلالة الظاهرة ويفهموا أن دلالة الحديث على ضوء الأحاديث الأخرى.

وما أكثر الأحاديث بهذا الصدد، مثلًا : «لا يدخل الجنة قتات» ما الذي يتبادر للذهن؟ لا يدخل أبدًا، لكن عندما تأتي للأحاديث التي تفيد عدم خلود المسلم مهما كان عاصيًا في النار، ويذكر مثلًا حديث الشفاعة ونحو ذلك: « وأخرجوا من النار من كان في ... » كل هذه الأحاديث لما تجمع مع مثل حديث : «لا يدخل الجنة قتات» أو نمام أو ديوث أو .. إلى آخره،

 يضطر أن يفهم الحديث على غير المتبادر إلى الذهن، قد يكون الحديث المشهور هكذا؛ لأنه لا يوجد في الشريعة مطلقًا أن الإنسان يكفر بترك عمل، وهو يؤمن بأن هذا العمل [واجب] . انتهى من «رحلة النور» «٣٠ ب/٠٠: ١٨: ٢٣».

5 - أما استدلالهم بحديث عوف بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم " . قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف قال : " لا ما أقاموا فيكم الصلاة ".

حيث قالوا : أن تركهم للصلاة الذي علق عليه النبي صلى الله عليه وسلم منابذتهم وقتالهم بالسيف ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم إلا إذا أتوا كفرا مخرجا من الملة .

والرد على ذلك :

أن محمل هذا الحديث وما شابهه عند الجمهور على حكم القتل أو المقاتلة لا على الكفر والحكم بالخروج من الملة!.

ومن المعلوم أن الحكم بالقتل -فضلا عن المقاتلة- لا يلزم منه الحكم بالكفر، فليس كل من يستحق القتل يكون كافرا

قال ابن رشد في «المقدمات الممهدات» بعد أن ذكر قول من قال بكفر تارك الصلاة :

القول الثاني : هو ما ذهب إليه مالك والشافعي وأكثر أهل العلم، أن من ترك الصلاة وأبى من فعلها وهو مقر بفرضها، فليس بكافر، ولكنه يقتل على ذنب من الذنوب لا على ‌كفر، ويرثه ورثته من المسلمين.

والحجة لهم : قول أبي بكر الصديق في جماعة من الصحابة في الذين منعوا زكاة أموالهم : " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة "، فقاتلهم ولم يسبهم؛ لأنهم لم يكفروا بعد الإيمان، ولا أشركوا بالله، وقالوا لأبي بكر : ما كفرنا بعد إيماننا، ولكننا شححنا على أموالنا. 

وقول النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : « نهيت عن قتل المصلين »، فدل ذلك على أنه قد أمر بقتل من لم يصل. 

وما روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "سيكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" قالوا: يا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: "‌لا، ‌ما ‌صلوا الخمس" فدل ذلك على أن من لم يصل الخمس قوتل. 

وقوله في مالك بن الدخشن : " أليس يصلي؟ " قالوا : بلى، ولا صلاة له، قال : " أولئك الذين نهانا الله عنهم " فدل على أنه لو لم يصل لم يكن من الذين نهاه الله عن قتلهم، بل كان يكون ممن أمر الله بقتلهم.

فدلت هذه الآثار كلها على القتل، ولم تدل على الكفر.

وتأولوا الآثار الواردة بتكفير من ترك الصلاة في ظاهرها على ما تأولوا عليه قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن »، وعلى ما تأولوا عليه « سباب المسلم فسوق وقتاله ‌كفر » وعلى ما تأولوا عليه قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض »...اهـ. 

إذن دلالة هذا الحديث وما شابهه عند الجمهور إنما هي في مسألة الإمامة وانعقادها، وحكم الخروج على الأئمة، ففيهما دليل على مشروعية ذلك إذا ترك الحاكم الصلاة، كما دل حديث عبادة على ذلك في حال طروء الكفر على الحاكم، فهما سببان متغايران.

ولذلك قال القاضي عياض في «إكمال المعلم» - ونقله عنه النووي في شرح مسلم-: لا خلاف بين المسلمين أنه لا تنعقد الإمامة للكافر، ولا تستديم له إذا طرأ عليه، وكذلك إذا ‌ترك ‌إقامة ‌الصلوات ‌والدعاء إليها. اهـ. 

وقال الطيبي في شرح المشكاة : قوله : (( ما أقاموا فيكم الصلاة )) فيه إشعار بتعظيم أمر الصلاة، وأن ‌تركها ‌موجب ‌لنزع ‌اليد ‌من ‌الطاعة، كالكفر على ما سبق في حديث عبادة بن الصامت في قوله : (( إلا أن تروا كفراً بواحاً )). اهـ. 

6 - أما من إدعى الإجماع على كفر تارك الصلاة كسلا

فإليك موقف الإمام أحمد والشافعي وغيرهما ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن القيم من دعاوى الإجماع .

قال ابن تيمية رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (19/271) :

 وإذا نقل عالم الإجماع ونقل اخر النزاع : 

إما نقلا سمى قائله ؛ وإما نقلا بخلاف مطلقا، ولم يسم قائه فليس لقائل أن يقول نقلا لخلاف لم يثبت ؛ فإنه مقابل بأن يقال ولا يثبت نقل الإجماع بل ناقل الإجماع ناف للخلاف، وهذا مثبت له، والمثبت مقدم على النافي. 

وإذا قيل : يجوز في ناقل النزاع أن يكون قد غلط  فيما أثبته من الخلاف : إما لضعف الإسناد ؛ أو لعدم الدلالة، 

قيل له : ونافي النزاع غلطه أجوز ؛ فإنه قد يكون في المسألة أقوال لم تبلغه ؛ أو بلغته وظن ضعف إسنادها وكانت صحيحة عند غيره  أو ظن عدم الدلالة وكانت دالة، فكلما يجوز على المثبت من الغلط  يجوز على النافي مع زيادة عدم العلم بالخلاف.

وهذا يشترك فيه عامة الخلاف ؛ فإن عدم العلم ليس علما بالعدم لا سيما في أقوال علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم- التي لا يحصيها إلا رب العالمين ؛ ولهذا قال أحمد وغيره من العلماء : من ادعى الإجماع فقد كذب ؛ هذه دعوى المريسي والأصم . 

ولكن يقول : لا أعلم نزاعا والذين كانوا يذكرون الإجماع كالشافعي وأبي ثور وغيرهما يفسرون مرادهم : بأنا لا نعلم نزاعا، ويقولون هذا هو الإجماع الذي ندعيه ".اه

وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (1/29-30) متحدثاً عن أصول الإمام أحمد –رحمه الله :

 ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا ولا قياسا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا ويقدمونه على الحديث الصحيح. 

وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت، وكذلك الشافعي أيضا نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ولفظه : ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعا

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول : ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب من ادعى الإجماع فهو كاذب لعل الناس اختلفوا ما يدريه، ولم ينته إليه، 

فليقل : لا نعلم الناس اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكنه يقول : لا نعلم الناس اختلفوا أو لم يبلغني ذلك هذا لفظه. 

ونصوص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف، ولو ساغ لتعطلت النصوص، 

وساغ لكل من لم يعلم مخالفا في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص؛ فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع  لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده " .اه

وللمزيد انظر :

كتاب : ( حكم تارك الصلاة ) للشيخ الألباني، وكتاب : ( فتح من العزيز الغفار بإثبات أن تارك الصلاة ليس من الكفار) للشيخ عطاء عبد اللطيف.


والله اعلم


اقرأ أيضا..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات