">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يتابع المأموم إمامه في جلسة الإستراحة أم لا؟


في حالة عدم جلوس الإمام لجلسة الإستراحة فلا يجلس المأموم جلسة الإستراحة إتباعا لإمامه وذلك لأنه يكون في سنَّة والإمام في ركن وهذا من التراخي المكروه في متابعة الإمام لأن متابعة الإمام واجب من واجبات الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام : « وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين ». 

فقد أسقط النبي  هذا القيام الذي هو ركن من أركان الصلاة عن المقتدي لا لشيء إلا لمتابعته للإمام فأولى أن يتابع فيما إذا ترك سنة من السنن .

وأيضا إذا كان الإمام يجلس جلسة الإستراحة ولكن لا يكبر منها إلا إذا استتم قائماً فلا يجلس المأموم أيضا هذه الجلسة لأنه إذا جلس تخلف عن إمامه فيكون فى سنة والإمام فى ركن فإن من تمام المتابعة أن تبادر إلى الانتقال بعد إمامك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا كبر فكبر ، إذا ركع فاركعوا، إذا سجد فاسجدوا ". فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون مُهلة .

وأما إذا كان الإمام يكبر حين يرفع رأسه من السجود ويجلس هذه الجلسة ورآه المأموم جالس فحينئذ يجلس المأموم هذه الجلسة بعد إمامه مباشرة وهو السنة لأن متابعة الإمام واجبة ولا يسبق إمامه فيقوم قبله فهذا حرام ولذلك وجب على المأموم أن يتابع إمامه حتى في ترك الواجب وذلك فيما لو قام الإمام من التشهد الأول سهواً فإن المأموم لا يجلس مُتابعةً للإمام .

ومما يدل على ذلك :

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأَنصِتوا، وإذا قال : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا : آمِينَ، وإذا ركَع فارْكعوا، وإذا قال : سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا : اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدُوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعينَ ). رواه البخاري (734)، ومسلم (414).

قال ابنُ عبد البَرِّ رحمه الله : فقد أجمَع العلماءُ على أنَّ الائتمامَ واجبٌ على كلِّ مأموم بإمامه في ظاهر أفعاله، وأنَّه لا يجوزُ له خلافه لغير عُذر . انتهى من ((التمهيد)) (6/136)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/170).

سئل الشيخ الألباني رحمه الله :

هل جلسة الاستراحة سنة؟ وهل يتابع عليها الإمام؟

فقال رحمه الله :

أما الجواب عن الشق الأول : 

فجلسة الاستراحة سنة..... فلو كان الرسول عليه السلام فعل ذلك للحاجة حينما بدن وأسن كما يقول بعض المتأخرين لم يخف ذلك على الصحابة المشاهدين لصلاته عليه السلام، لا سيما وأبو حميد الساعدي كأنه يتحدى أصحابه ليقول لهم : أنا أعرف بصلاة الرسول منكم، لكن مع ذلك صدقوه، قالوا له : صدقت هكذا كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

.....ولو كان الرسول فعل ذلك للحاجة لسن كانوا فهموا ذلك أكثر من المتأخرين الذين لم يشهدوا صلاته عليه السلام، 

لذلك يؤكد الإمام النووي في كتابه العظيم : المجموع شرح المهذب : أنه ينبغي الاعتناء بالمحافظة على هذه السنة لثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أولئك الصحابة.

أما الشق الثاني من السؤال : 

فهو أن الإمام إذا كان لا يأتي بسنة جلسة الاستراحة فما يتأخر المقتدي عنه بل يتابعه؛ لأن متابعة الإمام واجب من واجبات الصلاة كما قال عليه الصلاة والسلام : « إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين »وهذا حديث عظيم جدًا في تأكيد متابعة المقتدي للإمام ولو كان أخل ببعض السنن؛ 

لأن المتابعة أوجب من السنن فإن هذا الحديث قد أسقط فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المقتدي ركن من أركان الصلاة ألا وهو القيام كما قال عز وجل في القرآن : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }. [البقرة: ٢٣٨] وكما قال عليه السلام في صحيح البخاري من حديث عمران بن حصين : « صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب».

هذا القيام الذي هو ركن من أركان الصلاة أسقطه الرسول عليه الصلاة والسلام عن المقتدي لا لشيء إلا لمتابعته للإمام، فأولى أن يتابع فيما إذا ترك سنة من السنن .هذا جواب الشق الثاني من السؤال. انتهى من (أسئلة وفتاوى الإمارات - ٢/ ٠٠: ٣٧: ٠٢).

وسئل أيضا رحمه الله :

السائل : شيخ إذا صليتُ خلف إمام لا يجلس جلسة الاستراحة، وكنت أنا أرى سنيتها، هل الأولى أن أجلس أو أتركها ؟

فأجاب :

لا، الأولى أن تتابع، الأولى أن تتباع الإمام لأن متابعة الإمام واجبة وجلسة الاستراحة سنة، لموافقة قوله عليه السلام : إنما جُعل الإمام ليؤتم به. هذه قاعدة، 

وقد يظن بعض الطلبة أن تمام الحديث هو تحديدٌ للأماكن التي يجب على المقتدي أن يتابع الإمام فيها وأنَّ هذا التمام للحديث هو تفصيل لقوله :  إنما جُعِل الإمام ليؤتم به

وليس ذلك في اعتقادي تحديدًا وتفصيلًا، وإنما هو تمثيل ببعض الأمثلة الهامَّة وإلا فهناك في بعض الفروع التي أشرت إليها ما لا يدخل في هذه التفصيلات التي ذُكِرت في حديث : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، 

فقوله عليه الصلاة والسلام :  فإذا ركع فاركعوا، وإذا قال : سمع الله لمن حمده، فقولوا : ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين ، هذا التفريع هو ليس لتفصيل :  إنما جعل الإمام ليؤتم به ، وإنما هو ضرب لبعض الأمثلة الهامة التي يجب الاقتداء بالإمام فيها، وإلَّا لم يذكر في الحديث : وإذا سلم فسلموا، فهل يجوز لعدم ذكر السلام في الحديث ألا نتابعه في السلام ؟!

وكذلك مثلًا إذا نسي الإمام التشهد الأول وقام، فماذا نفعل ؟! هذا بلا شك سهوٌ بالنسبة للمأتمين فهم يتابعونه أم لا يتابعونه ؟! يتابعونه، لأن هناك نص صريح في الموضوع، ولكنه مع ذلك لم يُذكر في جملة التفصيلات التي ذُكرت في الحديث، وهكذا دواليك، 

فلهذه القاعدة الهامَّة أقول : بأنه لا ينبغي للمقتدي أن يخالف الإمام اتباعًا لمذهبه هو، 

فيعجبني في هذه المناسبة ما جاء في * سنن أبي داود * بالسند الصحيح : " أن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- كان يوم حج عثمان بن عفان في خلافته ونزل في منى، وكان أتم صلاته -أي: صلى أربعًا- وهم يعلمون جميعًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما حج حجة الوداع صلى في منى قصرًا، أمَّا عثمان فأتم، فكان ينكر هذا الإتمام ابن مسعود عليه، ومع ذلك فكان يصلي صلاته، فيقول له بعض أصحابه : أنت تنكر عليه الإتمام ثم تتم؟ فكان يقول : الخلاف شر

 وهذا كأنه أخذه من رواية في الصحيح في حديث أنس السابق ذكره : إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه  فلا تختلفوا عليه . انتهى من (رحلة النور-(137)).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله : 

لا يجلس المأموم إذا كان الإمام لا يرى الجلسة لا يجلس، ولعل الفرق بين هذه وبين قيام الإمام عن التشهد الأول فإن المأموم يلزمه أن يقوم ولا يجلس، لعل الفرق أن الجلوس للتشهد الأول طويل تتبين فيه المخالفة تماما على الإمام بخلاف ايش جلسة الاستراحة فإن المخالفة فيها يسيرة،

 ولكن مع ذلك نقول : اتبع إمامك، إن كان يجلس اجلس ولو كنت لا تراه، وإن كان لا يجلس لا تجلس ولو كنت تراه، والمتابعة والموافقة ومظهر المصلين في مظهر واحد هذا أمر مهم، 

ألم تر أن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على عثمان أن يتم في منى ومع ذلك صلوا خلفه، من جملة لا تتكلم من جملة من أنكر عبد الله بن مسعود لما بلغه أن عثمان أتم استرجع قال : " إنا لله وإنا إليه راجعون كيف يتم؟ " وكان يصلي معه إتماما فقيل له : " يا أبا عبد الرحمن كيف؟ " قال : " الخلاف شر "شف نظرة السلف، الاختلاف والخلاف بين الأمة شر، 

حتى الإمام أحمد رحمه الله يرى أن القنوت في الفجر بدعة، ويقول : " إذا ائتم بمن يقنت في الفجر فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه "، سبحان الله! وهو يرى أنه بدعة كل ذلك من أجل عدم الاختلاف نعم . انتهى من (شرح كتاب الصلاة ومواقيتها-(02)).

وقال أيضا رحمه الله : 

( مسألة : إذا كان الإنسان مأموماً فهل يُسن له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سنة أو متابعة الإمام أفضل؟

الجواب :

 أن مُتابعة الإمام أفضل ولهذا يترك الواجب وهو التشهد الأول ويفعل الزائد كما لو أدرك الإمام في الركعة الثانية فإنه سوف يتشهد في أول ركعة فيأتي بتشهد زائد من أجل مُتابعة الإمام،

بل يترك الإنسان الركن من أجل مُتابعة الإمام فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً ) فيترك ركن القيام وركن الركوع فيجلس في موضع القيام ويُومئ في موضع الركوع كل هذا من أجل مُتابعة الإمام.

فإن قال قائل : هذه الجلسة يسيرة لا يحصل بها تخلف عن الإمام.

فالجواب :

 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا كبر فكبروا ) فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون مُهلة وهذا يدل على أن الأفضل في حق المأموم ألا يتأخر عن الإمام ولو يسيراً بل يُبادر بالمُتابعة فلا يُوافق ولا يُسابق ولا يتأخر وهذا هو حقيقة الائتمام ). انتهى من ( الشرح الممتع جـ3 ص192 ).

وسئل أيضا رحمه الله :

إذا كان الإمام يرى استحباب جلسة الاستراحة وكان لا يكبر منها إلا إذا استتم قائماً هل يجلس المأموم؟

فأجاب :

 كيف يجلس وهو ما يدري؟

السائل :

 هو يعلم أن الإمام يرى استحبابها.

الشيخ :

 هو إذا جلس تخلف عن الإمام، فلا يجلس .اه
(كتاب المساجد ومواضع الصلاة-(05))

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

 جلسة الاستراحة من سنن الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد، ومتابعة الإمام واجبة وسبقه حرام، 

فالواجب على المأموم إذا جلس إمامه جلسة الاستراحة أن يجلسها حتى لا يسبق إمامه . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء -الفتوى رقم (٤٨٣٠)).

إذن 

أي أمر يؤدي إلى الإخلال بالمتابعة بتقدم على الإمام أو تأخر عنه فإنه لا يجوز فتجب متابعة الإمام في ترك السنن التي يكون الإتيان بها مخلاً بالمتابعة . مثال ذلك : سجود التلاوة والتشهد الأوسط وجسلة الاستراحة 

أما السنن التي لا يقتضي فعلها خلف الإمام تقدما عليه ولا تأخراً عنه فلا بأس بالإتيان بها، ولو تركها الإمام . مثال ذلك : ما لو كان الإمام لا يرفع يديه عند التكبير للركوع أو الرفع منه، أو القيام من التشهد الأول، أو كان لا يضع يديه على صدره في القيام، لأنه لا يترتب على ذلك إخلال بالمتابعة.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" الشيء الذي لا يقتضي التَّأخُّر عن الإمام ولا التَّقدُّم عليه فهذا يأخذ المأموم بما يراه ، مثاله : 

لو كان الإمام لا يرى رفع اليدين عند التَّكبير للرُّكوع والرَّفع منه والقيام من التَّشهد الأوَّل ، والمأموم يرى أن ذلك مستحبٌّ ، فإنه يفعل ذلك ؛ لأنه لا يستلزم تأخراً عن الإمام ولا تقدُّماً عليه ، ولهذا قال الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم : ( إذا كَبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ) والفاء تدلُّ على التَّرتيب والتَّعقيب ،

 وكذلك أيضاً : لو كان الإمام يَتورَّكُ في كلِّ تشهُّد يعقبه سَلام حتى في الثُّنائيَّة ، والمأموم لا يرى أنه يَتورَّك إلا في تشهُّد ثانٍ فيما يُشرع فيه تشهُّدان ، فإنه هنا له ألا يتورَّك مع إمامه في الثُّنائيَّة ؛ لأن هذا لا يؤدِّي إلى تخلُّف ولا سبق ". انتهى من ("الشرح الممتع" (2/319-320)) .


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات