الصحيح أنه إذا قام الإمام من سجوده وأراد أن يجلس جلسة الإستراحة فإنه يكبر عند رفع رأسه من السجود ويقطعه ثم يجلس جلسة الإستراحة ثم ينهض للقيام بلا تكبير فهذا هو السنة ولا يصح غير ذلك .
وأما من خلفه من المصلين إذا كانوا يعرفون أن الإمام يجلس جلسة الإستراحة فيجلسون مع الإمام ولا يجوز لهم أن يسبقونه بالقيام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ؛ ولا بالقيام ، ولا بالانصراف }. رواه مسلم.
وقال بعض أهل العلم : إذا خشي الإمام إلتباس الأمر على المأمومين بأن يسابقوه فى القيام لا سيما إن كان فيهم من يصلي خارج المسجد فإنه يجلس الاستراحة بلا تكبير ثم يكبر إذا نهض قائما ولا يمد التكبير. لكن الصحيح أن الإمام لا يؤخر التكبير فالسنة أولى ويوجه من خلفه من المأمومين أن يجلسوا وينبههم ألا يسبقوه وإن كانوا لا يرون الجلوس ويأتوا بهذه السنة لأن هذا من تمام المتابعة وهذا هو السنة .
ودليل التكبير عند رفع الرأس من السجود :
1- عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول : وهو قائم ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس ثم يقول : أبو هريرة إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم . (صحيح مسلم).
الشاهد من ذلك : ( ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه ).
2- عن أبي حميد الساعدي رضى الله عنه وهو يحكي صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدد من الصحابة ، قال : .... ويسجد ثم يقول الله أكبر ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ثم يصنع ذلك في بقية صلاته حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر قالوا صدقت هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم . (صحيح أبي داود).
فقوله : ( "ويسجد"، أي : السجدة الثانية، "ثم يقول : الله أكبر ويرفع رأسه"، أي : من السجدة الثانية، "ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه"، أي : يجلس جلسة خفيفة يتم بها ركعته الأولى ) . فهنا ذكر التكبير حين يرفع رأسه ولم يذكر تكبيرا بعد جلسة الإستراحة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"..... من جلس جلسة الاستراحة، فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه، ثم ينهض للقيام بغير تكبير. وقال أبو الخطاب : ينهض مكبرا. وليس بصحيح؛ فإنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه ". انتهى من "المغني" (1/ 381).
وقال المرداوي في "الإنصاف" (2/ 72) :
إذا جلس للاستراحة فيقوم بلا تكبير على الصحيح من المذهب، ويكفيه تكبيره حين رفعه من السجود... انتهى.
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد ، وإذا قام من القعدة كبر ثم قام .
والحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود , وأنه يكبر وهو قاعد ثم ينهض , ففيه إبطال لما يفعله بعض المقلدين من مد التكبير من القعود إلى القيام .
وفي معناه ما أخرجه البخاري , وأحمد , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ..... وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ) .
قلت : فقوله : ( وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ ) , أي : عند ابتداء القيام , وبه فسره الحافظ في الفتح .
ثم ذكر كلام النووي المتقدم وتعقب الحافظ ابن حجر له ، ثم قال :" وأغرب من ذلك مد بعض الشافعية التكبير حين القيام من السجدة الثانية , وينتصب قائماً في الركعة الثانية , ويجلس بين ذلك جلسة الاستراحة " وهي سنة " ,
فتراه يمد التكبير ويمد حتى يكاد ينقطع نفسه قبل الانتصاب , ولا يشك عالم بالسنة أن هذا من البدع. انتهى من (" السلسلة الصحيحة " (604)).
وسئل أيضا رحمه الله :
موضع التكبير بالنسة لجلسة الاستراحة في صلاة ؟
فأجاب :
حينما يرفع رأسه من سجود ، وقد لاحظت اليوم في السهرة أو في الدعوة أن أحدا إخواننا هذول السعوديين بيرفع رأسه من سجود ويجلس جلسة الاستراحة و بيقول : الله أكبر، هذا خالف كل الأحاديث لأن كان يكبر حين يرفع هذا رفع و جلس . انتهى من ( سلسلة الهدى والنور - شريط : 793 ).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
ثم ينهض إلى الثانية مكبرا قائلا : الله أكبر. من حين ينهض من سجوده جالسا جلسة الاستراحة، أو حين يفرغ من سجوده، ينهض يقول : الله أكبر .
فإن بدأ بالتكبير جلس، فينبه الجماعة ألا يسبقوه، حتى يجلسوها ويأتوا بهذه السنة .
وإن جلسها قبل أن يكبر، ثم رفع بالتكبير: فلا بأس.
المهم أن هذه جلسة مستحبة وليست واجبة، فإن أتى بالتكبير قبلها، وجّه المأمومين حتى لا يسبقوه في جلوسها، وإن جلس أولاً، ثم رفع بالتكبير: فلا حاجة إلى التوجيه؛ إلا من باب التعليم بالسنة ". انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (11/ 39).
وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
"متى يكبر الإمام إذا كان جالساً للاستراحة، هل في حال الجلوس، أم إذا شرع في القيام؟
فأجاب :
إذا شرع في النهوض من السجود, يكبر؛ ولو جلس .
إذا كان إماماً، هذا ربما نقول : يرجح أن يكون تكبيره إذا قام .
وإذا كنت مؤتماً إذا جلس الإمام للاستراحة اجلس معه، وإن كنت لا ترى هذه الجلسة، فحينئذٍ يكون التكبير أول ما ينهض من السجود . انتهى من "اللقاء المفتوح" (208/ 19).
وسئل أيضا رحمه الله :
إذا كان الإمام يرى استحباب جلسة الاستراحة وكان لا يكبر منها إلا إذا استتم قائماً هل يجلس المأموم؟
فأجاب :
كيف يجلس وهو ما يدري؟
السائل :
هو يعلم أن الإمام يرى استحبابها.
الشيخ :
هو إذا جلس تخلف عن الإمام، فلا يجلس .اه
(كتاب المساجد ومواضع الصلاة-(05))
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 389) :
كما تعلمون فإن جلسة الاستراحة من مستحبات الصلاة، فهل التكبير يكون عند الرفع من السجود، أم عند الانتهاء من الجلسة والتهيؤ للقيام، وما مقدار هذه الجلسة؟
فأجابت :
يكون التكبير عند الرفع من السجود وينتهي بجلوس المصلي جلسة الاستراحة، ثم يقوم بلا تكبير . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى.
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق