يوم الجمعة هو خير يوم في الأسبوع، ويوم عظيم عند الله تعالى، خصّه الله تعالى بكثير من الفضائل،
ومن تلك الفضائل أنّ من يموت يوم الجمعة أو ليلتها أن الله يحفظه ويقيه من فتنة القبر وهذا من علامات حسن الخاتمة إن شاء الله .
* وليس معنى هذا : أن الذي لا يموت في هذا الوقت فقد ساءت خاتمته فإن النبي صلى الله عليه وسلم مات في يوم الإثنين.
وإنما معنى هذا : أنه من زيادة فضل الله عز وجل على من يشاء من عباده ليقيه من فتنة القبر وعذابه.
وذلك لما ورد :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ }. [صحيح الترمذي.( 1074 ) ]. قال الشيخ الألباني رحمه الله : " وله شواهد عن أنس، وجابر بن عبدالله، وغيرهما؛ فالحديث بمجموع طرقه : حسن أو صحيح " ؛ أحكام الجنائز (ص: ٣٥).
دل الحديث على: أن شرف الزمان له تأثير عظيم كما أن فضل المكان له أثر جسيم. ينظر : [ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 1-12 ].
* ففي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم الفضل الذي يثبت للمسلم الذي يموت صباح يوم الجمعة أو ليلته، وذلك أن الله تعالى يقيه " فتنة القبر "،
أي : يحفظه ويحجب عنه سؤال الملكين، أو أنواع الفتن التي تكون بعد الإقبار، من ضغطة القبر وظلمته وعذابه،
وليس سؤال الملكين فقط . وقيل : فتنته هي التحير في إجابة أسئلة الملكين.
* وهذه الأحاديث لا تعارض أحاديث السؤال التي تشمل جميع الأموات المكلفين، مسلمهم وكافرهم، بل تخصها،
وتبين من لا يسأل في قبره ولا يفتن فيه، ممن يجري عليه السؤال ويقاسي تلك الأهوال،
وهذا كله ليس فيه مدخل للقياس، ولا مجال للنظر فيه، وإنما فيه التسليم والانقياد لقول الصادق المصدوق. ينظر: [ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 1-12 ].
- جاء في حاشية البجيرمي على الإقناع ( 2 / 181 ) :
" قَوْلُهُ : ( فِتْنَةَ الْقَبْرِ) أَيْ سُؤَالَ الْمَلَكَيْنِ بِأَنْ لَا يُسْأَلَ أَوْ يُسْأَلَ سُؤَالًا خَفِيفًا، أَوْ الْمُرَادُ بِهَا تَلَجْلُجُهُ فِي جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ ( أي لا يتردد في جواب الملكين )،
أَوْ الْمُرَادُ بِهَا - أي الفتنة - مَجِيءُ الشَّيْطَانِ فِي زَوَايَا الْقَبْرِ وَإِشَارَتُهُ عِنْدَ السُّؤَالِ أَنَّهُ الرَّبُّ ". انتهى.
- وقال العلامة المباركفوري رحمه الله فى شرحه لجامع الترمذي :
، أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمعَةِ ) ، الظاهر فيه أن ( أو ) للتنويع لا للشك.
وقوله ( إلا وَقَاهُ الله فِتْنَةَ الْقَبْرِ ) : أي حفظه الله تعالى من عذابه وسؤاله وهو يحتمل الإطلاق ، والتقييد ،
والأول هو الأولى بالنسبة إلى فضل المولى ، مضيفا أن هذا يدل على أن شرف الزمان له تأثير عظيم كما أن فضل المكان له أثر جسيم. انتهى.
- قال الإمام بدر الدين العيني رحمه الله :
فإن قلت : ليس لأحد اختيار في تعيين وقت الموت ، فما وجه هذا؟
قلت : له مدخل في التسبب في حصوله ؛ بأن يرغب إلى الله لقصد التبرك ، فإن أجيب فخير حصل ، وإلا يثاب على اعتقاده. انتهى من [ العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري ].
وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :
هل صحيح هناك يقال حديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن من مات يوم الجمعة لا يُعَذَّب في القبر؟
فأجاب :
أي نعم . خُفِّف عنه العذاب، ولعلي ذكرت شيئاً من ذلك في كتابي : «أحكام الجنائز»((ص ٤٩)). انتهى من (الهدى والنور / ٣١٧/ ٣٧: ٢٧: ٠٠).
تعليقات
إرسال تعليق