القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

فضل من مات يوم الجمعة أو ليلتها وحسن الخاتمة


من فضل الله على عباده أن من يموت يوم الجمعة أو ليلتها أن الله يحفظه ويقيه من فتنة القبر وهذا من علامات حسن الخاتمة إن شاء الله .

وليس معنى هذا أن الذي لا يموت في هذا الوقت فقد ساءت خاتمته  فإن النبي صلى الله عليه وسلم مات في يوم الإثنين وإنما معنى هذا : أنه من زيادة فضل الله عز وجل على من يشاء من عباده ليقيه من فتنة القبر عذابه .

وذلك لما ورد :

 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ }. [صحيح الترمذي.( 1074 ) ]. أخرجه أحمد رقم: (٦٥٨٢ - ٦٦٤٦) من طريقين عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، والترمذي رقم: (١٠٧٤) ، من أحد الوجهين، وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " وله شواهد عن أنس، وجابر بن عبدالله، وغيرهما؛ فالحديث بمجموع طرقه : حسن أو صحيح " ؛ أحكام الجنائز (ص: ٣٥). 

دل الحديث على : أن شرف الزمان له تأثير عظيم كما أن فضل المكان له أثر جسيم‏ . ينظر : [ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 1-12 ].

ففي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم الفضل الذي يثبت للمسلم الذي يموت صباح يوم الجمعة أو ليلته، وذلك أن الله تعالى يقيه " فتنة القبر "، أي : يحفظه ويحجب عنه سؤال الملكين، أو أنواع الفتن التي تكون بعد الإقبار، من ضغطة القبر وظلمته وعذابه، وليس سؤال الملكين فقط . وقيل : فتنته هي التحير في إجابة أسئلة الملكين. 

وهذه الأحاديث لا تعارض أحاديث السؤال التي تشمل جميع الأموات المكلفين، مسلمهم وكافرهم، بل تخصها وتبين من لا يسأل في قبره ولا يفتن فيه، ممن يجري عليه السؤال ويقاسي تلك الأهوال، وهذا كله ليس فيه مدخل للقياس، ولا مجال للنظر فيه، وإنما فيه التسليم والانقياد لقول الصادق المصدوق . انتهى من (موقع الدرر السنية)

جاء في حاشية البجيرمي على الإقناع ( 2 / 181 ) :

" قَوْلُهُ : ( فِتْنَةَ الْقَبْرِ) أَيْ سُؤَالَ الْمَلَكَيْنِ بِأَنْ لَا يُسْأَلَ أَوْ يُسْأَلَ سُؤَالًا خَفِيفًا، أَوْ الْمُرَادُ بِهَا تَلَجْلُجُهُ فِي جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ ( أي لا يتردد في جواب الملكين ) ، أَوْ الْمُرَادُ بِهَا - أي الفتنة - مَجِيءُ الشَّيْطَانِ فِي زَوَايَا الْقَبْرِ وَإِشَارَتُهُ عِنْدَ السُّؤَالِ أَنَّهُ الرَّبُّ ". انتهى

وقال العلامة المباركفوري رحمه الله فى شرحه لجامع الترمذي :

 ، أن قوله صلى الله عليه وسلم :‏‏ ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمعَةِ ) ، الظاهر فيه أن ( أو ) للتنويع لا للشك.

وقوله ( إلا وَقَاهُ الله فِتْنَةَ الْقَبْرِ ) : أي حفظه الله تعالى من عذابه وسؤاله وهو يحتمل الإطلاق ، والتقييد ، والأول هو الأولى بالنسبة إلى فضل المولى‏ ، مضيفا أن هذا يدل على أن شرف الزمان له تأثير عظيم كما أن فضل المكان له أثر جسيم‏ .‏ انتهى

 وقال الإمام القرطبي رحمه الله :

إن هذه الأحاديث أي التي تدل على نفي سؤال القبر لا تعارض مع أحاديث السؤال السابقة‏ ، أي لا تعارضها بل تخصصها ، وتبين من لا يسأل في قبره ولا يفتن فيه ، ومن يجري عليه السؤال ويقاسي تلك الأهوال‏ ، وهذا كله ليس فيه مدخل للقياس ، ولا مجال للنظر فيه‏ ، وإنما فيه التسليم والانقياد لقول الصادق المصدوق‏ .‏ انتهى من [ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 1-12 ].

وقال الحكيم الترمذي رحمه الله :

ومن مات يوم الجمعة فقد انكشف له الغطاء عما له عند الله لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ، ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل في سائر الأيام ، 

فإذا قبض الله عبداً من عبيده فوافق قبضه يوم الجمعة كان ذلك دليلاً لسعادته وحسن مآبه ، وإنه لا يقبض في هذا اليوم إلا من كتب له السعادة عنده ، فلذلك يقيه فتنة القبر ، لأن سببها إنما هو تمييز المنافق من المؤمن . انتهى من [ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 1-12. ]

قال الإمام بدر الدين العيني رحمه الله :

 فإن قلت : ليس لأحد اختيار في تعيين وقت الموت ، فما وجه هذا؟

قلت : له مدخل في التسبب في حصوله ؛ بأن يرغب إلى الله لقصد التبرك ، فإن أجيب فخير حصل ، وإلا يثاب على اعتقاده. اهـ. [ العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري ]

وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :

هل صحيح هناك يقال حديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن من مات يوم الجمعة لا يُعَذَّب في القبر؟

فأجاب :

 أي نعم . خُفِّف عنه العذاب، ولعلي ذكرت شيئاً من ذلك في كتابي : «أحكام الجنائز»((ص ٤٩)). انتهى من (الهدى والنور / ٣١٧/ ٣٧: ٢٧: ٠٠).

هذا وقد جمع العلامة الألباني رحمه الله في كتابه "أحكام الجنائز" علاماتٍ يُستدلُّ بها على حُسْن الخاتمة، ومنها :

1- النطق بالشهادتين؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( مَن كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخَل الجنَّة ). [صحيح أبي داود].

2- الموت برَشْح الجَبين؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( مَوت المؤمن بعَرَق الجَبين ). [صحيح النسائي]. 

3- الموت ليلة الجمعة أو نهارها؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( ما من مُسلِم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة، إلاَّ وقَاه الله فتنةَ القبر )[[صحيح الترمذي.( 1074 ) ]]. 

4- الإستشهاد في سبيل الله؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( للشهيد عند الله ستُّ خِصالٍ : يُغفَر له في أوَّل دَفْعَة من دمه، ويَرى مقعده من الجنَّة، ويُجار من عذاب القبر، ويَأْمن الفزعَ الأكبر، ويُحلَّى حُلَّةَ الإيمان، ويُزوَّج من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه ). [ صحيح ابن ماجه].

5- الموت بالطَّاعون؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( الطاعون شهادة لكلِّ مسلمٍ ). [البخاري].

(6 - 8) - الموت بداء البطن، والموت بالغَرَق والهدْم؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( الشهداء خمسة : المطعون، والمبطون، والغَرِق، وصاحب الهدْم، والشهيد في سبيل الله ). [البخاري].

9- موت المرأة الحامل أو في نِفاسها؛ لحديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( والمرأة يَقتلُها ولدُها جَمعاءَ، شهادةٌ ). [ إسناده صحيح وله طرق أخرى-أحكام الجنائز]. 

(10 - 11) - الموت بالحَرْق وذات الجَنْب؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( الشهادةُ سبعٌ سوى القتل في سبيل الله : المطعون شهيد، والغَرِق شهيد، وصاحب ذات الجَنْب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهَدْم شهيد، والمرأة تَموت بجُمْعٍ شهيدةٌ ).[صحيح الجامع].

12- الموت بداء السلِّ؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( السلُّ شهادة )[صحيح الجامع]. 

(13 - 15)- الموت في الدفاع عن المال، وعن النفس، وعن الدين؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( مَن قُتِل دون ماله، فهو شهيد، ومَن قُتِل دون أهله، فهو شهيد، ومَن قتِل دون دِينه، فهو شهيد، ومن قتِل دون دَمِه، فهو شهيد ). [ إسناده صحيح - أحكام الجنائز].

16- الموت مُرابِطًا في سبيل الله؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( رباط يوم وليلة، خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرَى عليه عمَلُه الذي كان يَعملُه، وأُجرِي عليه رزقُه، وأَمِنَ الفتَّان ). [مسلم].

17- الموت على عَمَلٍ صالِح؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ( مَن قال : لا إله إلا الله؛ ابتغاءَ وجْه الله - خُتِم له بها - دخَل الجنَّة، ومَن صام يومًا ابتغاءَ وجْه الله - خُتِم له بها - دخَل الجنة، ومَن تَصدَّق بصدقة ابتغاءَ وجْه الله - خُتِم له بها - دخَل الجنة ). [صحيح الترغيب].


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات