لا يجوز للمسلم أن يسلم على أخيه المسلم بقول : السلام على من اتبع الهدى؛ فمقتضى هذا أن أخاك هذا ليس ممن اتبع الهدى ولأن هذا السلام خاص بالكفار فقد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم يطلق هذا القول عندما يخاطب الكفار فى رسائله إليهم وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء فإطلاق السلام على المسلمين بهذا اللفظ فيه تعريض ولمز للمسلم عليه .
فبتتبع النصوص نجد أن قول السلام على من اتبع الهدى ترد في نصوص الوحي دائما خطابا لغير المسلمين ومن ذلك :
1- في قوله تعالى حكاية عن نبيه موسى عليه السلام عندما كان يخاطب فرعون ويدعوه إلى الله تعالى فقال : قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى. {طه: 47}.
قال ابن كثير رحمه الله : أي: والسلام عليك إن اتبعت الهدى، ثم ذكر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وإلى مسيلمة الكذاب وفيهما : والسلام على من اتبع الهدى. انتهى من تفسيره.
2- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : أنه لما كتب لهرقل قال : من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية للبخاري : السلام على من اتبع الهدى. ( البخاري 4278- مسلم 4707)
فهذه التحية كان يرسل بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم لغير المسلمين.
وأما من لقي مجموعة فيها مسلمون وكفار أو كتب لهم
فالمشروع في حقه أيضا السلام الشرعي المعهود (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ويقصد بذلك المسلمين ولا يشرع له قول : السلام على من اتبع الهدى. لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم . (صحيح البخاري)
قال ابن حجر رحمه الله (8/230) : يؤخذ منه جواز السلام على المسلمين إذا كان معهم كفار وينوي حينئذ بالسلام المسلمين .انتهى
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
هذه التحية بالكفار بس.
س : واللي يسلم بها على المسلمين؟
الشيخ :
لا ما يجوز، هذا يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما الكفار فيقول : السلام على من اتبع الهدى، أو السلام على من اتبع الحق، أو تمسك بالحق؛ لأنهم لا يبدؤون بالسلام، الكفار لا يبدؤون بالسلام . انتهى من (فتاوى الدروس)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
من كان مسلما بدئ بالسلام ومن لم يكن مسلما لم يجز بداءته بالسلام وهذا معروف في حديث البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم فاضطروهم إلى أضيق الطرق ). وسنة الرسول العملية تؤكد سنته هذه القولية حيث أنه كان إذا أرسل إلى الملوك من الكفار كقيصر وأمثاله بدأه بقوله سلام على من اتبع الهدى ولذلك فلا يجوز لوجه من الوجوه الكتابة إلى من ليس مسلما مبتدئا كتابه بالسلام عليكم أو مختتما له بالسلام عليكم.
والعبرة في ذلك كما جاء في صحيح الأدب المفرد من البخاري من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ( السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم .
وإنما يخاطبون من ليس مسلما بأي عبارة فيها تصبيح وتمسيح وتمسي لهم بالخير ونحو ذلك .
أما إذا كان المسلم المراد مخاطبته فاسقا فهنا مسألة اجتهادية هذا اعتقادي تتعلق بمسألة المقاطعة وهذه المسألة كان يدندن حولها السلف الصالح حيث كانوا يكثرون من التذكير والأمر بمقاطعة المبتدع وعدم إلقاء السلام عليه أنا أقول هذه وسيلة من الوسائل التربوية الإسلامية أعني بذلك المقاطعة وما يتفرع منها ومن ذلك ما نحن بصدده وهو إلقاء السلام على الفاسق مع مراعاة قاعدة أخرى وهنا يظهر أهمية معرفة الشريعة بأصولها وقواعدها التي لا يهتم بها الناشون في العلم ولا يعرفونها للسببين المذكورين انفا لا هم حصلوا تلقيا العلم مباشرة من أهل العلم مباشرة ولا مطالعة طويلة الأمد من كتب السلف الصالح وهي مراعاة قاعدة المفسدة والمصلحة.....انتهى باختصار من (سلسلة الهدى والنور-(901))
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
"لا يجوز أن يسلم الإنسان على المسلم بقوله : " السلام على من اتبع الهدى" ، لأن هذه الصيغة إنما قالها الرسول صلى الله عليه وسلم حين كتب إلى غير المسلمين ،
وأخوك المسلم قل له : "السلام عليكم" . أما أن تقول : "السلام على من اتبع الهدى" فمقتضى هذا أن أخاك هذا ليس ممن اتبع الهدى ،
وإذا كانوا مسلمين ونصارى فإنه يسلم عليهم بالسلام المعتاد يقول : السلام عليكم، يقصد بذلك المسلمين ". انتهى من ("فتاوى العقيدة" (ص 237))
وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
لا يخفى أنه يجب على المسلم مراعاة حقوق إخوانه المسلمين ، ورعاية مشاعرهم ، وأنه يلزمه أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه ، كما جاء ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما لا يخفى أن من حكم السلام إشعار المسلم أخاه المسلم عليه بطيبة نفسه نحوه ، ومحبته إياه كأخ من إخوانه المسلمين ، وذلك بدعائه له بالسلامة المطلقة ، ورحمة الله وبركاته عليه ،
ولا شك أن السلام على المسلم بعبارة : ( السلام على من اتبع الهدى ) فيه من التعريض واللمز ما لا يتفق مع الأصول العامة في وجوب ترابط المسلمين وتعاطفهم وتوادهم وتراحمهم ، وأنهم كالجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، وأنهم كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وأن الأصل فيهم الخير ،
وعليه فلا ينبغي للمسلم أن يحيي إخوانه المسلمين بهذه العبارة : ( السلام على من اتبع الهدى ) وإنما هذه التحية يبعثها الداعية ومن في حكمه إلى غير المسلمين ، كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم". انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/113) .
وجاء فيها أيضا :
الخير لمن يسلم على غيره من المسلمين أن يقول : ( السلام عليكم ) أو ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ).
ولا يقول : ( سلام على من اتبع الهدى ) إلا إذا كان المسلم عليه غيرمسلم، أو كان في المجلس خليط من المسلمين والكفار؛ لأن قولها للمسلم قد يؤثر على نفسه ويثير فيها الظنون السيئة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم. انتهى من (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (١٠٥٦٩))
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل يجوز ان يسلم على المسلم فيقال السلام على من اتبع الهدى؟
فأجاب :
لا. قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما الكافر الذي يدعى الى الاسلام يقال له السلام على اتبع الهدى كما قال موسى وهارون لفرعون قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ .انتهى
وأما إذا ابتدأنا اليهودي أو النصراني بالسلام فإنه نَـردّ عليه فإن قال : السلام عليكم . وكانت واضحة.
قلنا : عليكم السلام .
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق