يجوز للرجل أن يسلم على جماعة النساء من غير مصافحة وللرجال أن يسلموا على المرأة الواحدة عند أمن الفتنة ويجب على الآخر الرد .
وأما السلام بين رجل واحد وامرأة واحدة لا يجوز إلقاء السلام عليها ولو سلَّم عليها الرجل لا يجِب عليها الرّد بل لا يجوز وليس لها أن تسلِّم عليه ابتداء فإن سلَّمت لا تستحقُّ الرد فإن أجابها كُرِهَ له ذلك أما إذا لم تُخْشَ الفتنة بالسلام فيجوز كالسلام على العجائز وذوات المحارم .
والدليل :
* روى البخاريُّ عن سهل بن سعد : أنهم كانوا يصلون الجمعة ثم يأتون إلى عجوزٍ في طريقهم فيسلِّمون عليها. (البخاري حديث 225).
* روى أبو داود عن أسماء ابنة يزيد، قالت : مرَّ علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوةٍ فسلَّم علينا. (صحيح أبي داود للألباني حديث: 4336).
* روى البخاري عن الحسن البصري قال : "كنَّ النساءُ يُسلِّمْنَ على الرجال". (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 779).
* روى عبدالرزاق، عن معمرٍ، عن قتادة، قال : أما امرأةٌ من القواعد، فلا بأس أن يسلِّمَ عليها، وأما الشابةُ فلا. (إسناده صحيح) .
قال النووي رحمه الله :
أما النساء فإن كن جميعًا سلم عليهن وإن كانت واحدة سلم عليها النساء وزوجها وسيدها ومحرمها سواء كانت جميلة أو غيرها، وأما الأجنبي فإن كانت عجوزًا لا تشتهى استحبَّ له السلام عليها واستحب لها السلام عليه، ومَن سلم منهما لزم الآخرَ ردُّ السلام عليه،
وإن كانت شابة أو عجوزًا تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه ومَن سلم منهما لم يستحق جوابًا ويكره رد جوابه هذا مذهبنا ومذهبُ الجمهور .اه
(مسلم بشرح النووي جـ 7 صـ 404).
وقال القرطبي رحمه الله :
التسليمُ على النساء جائزٌ إلا على الشابات منهن خوف الفتنة من مكالمتهن بنزعة شيطانٍ أو خائنة عينٍ،
وأما المتجالات (كبيرات السن) والعُجُز فحسنٌ للأمنِ فيما ذكرناه، هذا قول عطاءٍ وقتادة، وإليه ذهب مالكٌ وطائفةٌ مِن العلماء .اه
(تفسير القرطبي جـ 5 صـ 303) .
قال الشيخ الألبانى رحمه الله :
الراجح - والله أعلم - أنه لا يجوز للمرأة الشابة أن تُلقي السلام على الرجل الشاب أو الرجال ، أما إذا كانت المرأة مسنَّةً عجوزًا ، فألقت السلام حيث لا يغلب على الظَّنِّ أنه يترتب من وراء إلقائها شيء من الفتنة ؛ فلا بأس من إلقائها السلام ، كما أن العكس كذلك - أيضًا - أي : لا بأس على الرجل أن يُلقي السلام على المرأة العجوز التي لا تُشتهى ، أما بغير هذا الشرط ؛ فلا نعلم في السنة أن السلف الصالح كانوا إذا مرُّوا بالنساء يسلمون عليهنَّ هكذا بدون أيِّ تفريق مما ذكرناه آنفًا .
وعدم إلقاء السلام على المرأة الشابة والرجل الشاب هو من باب سد الذريعة وهي قاعدة هامة في الشّريعة يجب الاهتمام بها والاعتماد عليها في الإجابة عن كثير من المسائل كهذه المسألة ، وهذه القاعدة دلَّ عليها كثير من نصوص الشريعة كتابًا وسنَّةً ، ومن أبينها وأوضحها قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( كُتب على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ) ، فهذا نص الحديث في " الصحيحين " ، وفي رواية في " مسند الإمام أحمد " ( وزناها اللمس ) ، إلا أن هذه الرواية في سندها عبد الله بن لهيعة القاضي ، فمع أنه كان رجلًا فاضلًا يحكم بالشرع فقد طرأَ عليه سوء حفظ في الحديث ، ولذلك فلا يحتج المحدِّثون بما تفرَّد به من الحديث فضلًا عن أنهم لا يحتجون بما خالف به الثّقات من الحفاظ ، ... أن روايته هذه كأنها رواية بالمعنى ؛ لأن البطش الذي يتبادر عندنا اليوم هو ... ولا يظهر أنه مقصود بهذا فيه ، ( واليد تزني وزناها البطش ) ، وإنما المقصود اللَّمس كما جاء في رواية ابن لهيعة ، ثم قال - عليه الصلاة والسلام - : ( والرجل تزني وزناها المشي ، والفم - في رواية في خارج " الصحيحين " في " سنن أبي داود " بسند صحيح - والفم يزني وزناه القُبَل ، والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذبه ) ، فهذا الحديث فيه بيان نوعين من التحريم ؛ النوع الأول ما حُرِّم لغيره ، والنوع الثاني ... ما حُرِّم لذاته ، وهو الزنا ، وما قبل ذلك هو كما قلنا من باب سدِّ الذريعة ، والنهي عن اتخاذ الوسائل التي قد تُؤدي إلى الوقوع في المحرّم لذاته .اه
(الفتاوى الإماراتية - شريط : 9 توقيت الفهرسة : 00:34:45)
وسئل أيضا رحمه الله :
أريد أن أتصل بأخ لي بصديق بالتليفون بالهاتف ، فترفع أخته - مثلًا - فيقول : يجوز لي أن أقول : السلام عليكم ، وهي تقول : وعليكم السلام ، فلان موجود ؟ لا مو موجود ، إذا جاء قولي له أن فلانا اتصل بك ؟
فأجاب :
هنا ما دام أنه لا بدّ من الكلام فمن باب أولى لا بد من السلام ، ذلك لأن الأصل أن الرجل لا ينبغي أن يكلّم المرأة خشية من باب ما ذكرنا من باب سد الذريعة ، وإذا كان لا بد من الكلام ؛ فلا يجوز الكلام في الإسلام إلا بعد السلام .
وإذا كان يُخشى أن يتكلم الرجل مع المرأة كلامًا نظيفًا عاديًّا لا يخشى منه أن يترتب لوجود البون الشاسع بين الرجل المُتكلِّم والمرأة المُتكلَّم معها ، إذا كان لا يُخشى من هذا الكلام ؛ فمن باب أولى أنه لا يخشى من إلقاء السلام ، ولذلك فأنا أعتبر أن العكس - أيضًا - أي : إذا المرأة طلبت أختًا لها أو صديقة لها بطريق الهاتف ، فطلع لها رجل ، فهي تسأل عن صاحبتها أو أختها أو أو إلخ ، فإذا كان لا بد لها من الكلام مع الرجل فلتقدِّم بين يدي ذاك الكلام السلام ، لأنه قد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة : ( من بدأكم بالكلام قبل السلام ؛ فلا تجيبوه ) ، هذا هو الحكم بلا شك موجَّه أصالة إلى الرجال ، لكن ما دام الموضوع في المكالمة الهاتفية حيث لا يُخشى أن يترتب مفسدة شرعية ، وهو أو هي لا بد من أن تتكلَّم أو يتكلَّم ؛ فليكن أول ما تتكلم به أو يتكلم به : السلام عليكم .
السائل : سؤال حول نفس الموضوع ، مثلًا إذا كان الرجل وزوجته في البيت ، فرنَّ التليفون ، يعني هل يجوز للمرأة أن ترفع التليفون أو لا بد للزوج هو الذي يرفع التليفون ، يمكن قد يكون رجلًا ؟
الشيخ : هو الرجل بعبع ؟! هو القضية فقط من باب سد الذريعة ، فإذا الذريعة ما فيه خوف منها ؛ فحينئذٍ تبدؤه بالسلام ، ثم بالكلام الضروري .اه
(الفتاوى الإماراتية - شريط : 9 توقيت الفهرسة : 00:34:45)
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
الرجل لا يسلم على المرأة والمرأة لا تسلم على الرجل؛ لأن هذا فتنة، اللهم إلا عند المكالمة الهاتفية، فتسلم المرأة أو الرجل بقدر الحاجة فقط، أو إذا كانت المرأة من معارفه؛ مثل أن يدخل بيته فيجد فيه امرأة يعرفها وتعرفه فيسلم وهذا لا بأس به، أما أن يسلم على امرأة لقيته في السوق فهذا من أعظم الفتنة فلا يسلم .اه
(اللقاء الشهري>اللقاء الشهري [13])
وأما عن تقبيل المحارم
قال الإمام العثيمين رحمه الله :
وأما تقبيل المحارم فتقبيلهن على الرأس والجبهة لا بأس به، وتقبيلهن على الخد لا بأس به من مثل الأب لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي مريضة فقبل خدها، فهذا لا بأس به.
أما إذا كان من غير البنت فإنه يكون التقبيل على الجبهة وعلى الرأس،
أما مصافحة المرأة غير ذات المحرم فإنها حرام لأن مصافحتها أبلغ في حصول الفتنة من مشاهدتها.
أما تقبيل رأس العجائز من ذوات المحارم فلا بأس به ومن غير ذوات المحارم فلا تقبلها.
وهل يجوز تقبيل رأس زوجة أبيه؟
نعم يجوز؛ لأنها من محارمه،
وهل يجوز أن يصافح بنت زوجته؟
هذا فيه تفصيل :
إن كان قد دخل بأمها فيصافحها إن أمن الفتنة وإلا فلا.
كيف يكون لها بنت ولم يدخل بها؟
تكون البنت من شخص سابق ويكون هو قد عقد عليها ولكن لم يدخل بها أي : لم يجامعها وحينئذٍ لا تكون هذه البنت محرماً له .اه
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق