يجوز تعزية الكافر غير المحارب عندما يموت له شخص ما فليس هذا من موالاتهم ويقول له أخلف الله عليك وما شابه ذلك مع عدم الدعاء له بالرحمة والمغفرة ولا يجوز أن يمشي معه فى جنازته أو أن يحضر الصلاة عليه فى الكنيسة لما روى البيهقي بإسناد صحيح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه - قال : "...ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم ومعابدهم فإن السخطة تنزل عليهم " .
ودليل ذلك :
1- عن أنس رضي الله عنه، قال : ( كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له : أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له : أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار). رواه البخاري
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد يهوديا وهو كافر، فدل على جواز تعزية الكافر . ينظر : ((المغني)) لابن قدامة (2/406).
2- عن عقبة بن عامر الجهني ـ رضي الله عنه : أنه مر برجل هيئته هيأة مسلم، فسلم فرد عليه: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فقال له الغلام إنه نصراني! فقام عقبة فتبعة حتى أدركه فقال : إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين، لكن أطال الله حياتك، وأكثر مالك وولدك . (صحيح الأدب المفرد -851/1112).
قال الشيخ الألباني رحمه الله معقبا على هذا الأثر :
في هذا الأثر إشارة من الصحابي الجليل إلى جواز الدعاء بطول العمر، ولو للكافر، فللمسلم من باب أولى، ولكن لا بد أن يلاحظ أن لا يكون الكافر عدواً للمسلمين، ويترشح منه جواز تعزية مثله بما في هذا الأثر . انتهى من (كتاب :صحيح الأدب المفرد(ص:430رقم الأثر1112)).
قال الإمام النووي(ت676هـ) ـ رحمه الله تعالى :
ويجوز للمسلم أن يعزي الذمي بقريبه الذمي، فيقول أخلف الله عليك ولا نقص عددك . انتهى من (روضة الطالبين(2/145).
ذكر ابن القيم رحمه الله في (كتاب : أحكام أهل الذمة) :
- قال الحسن إذا عزيت الذمي فقل : لا يصيبك إلا خير.
- وقال عباس بن محمد الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت له اليهودي والنصراني يعزيني أي شيء أرد إليه فأطرق ساعة ثم قال : ما أحفظ فيه شيئاً .
- وقال حرب قلت لإسحاق فكيف يعزي المشرك قال : يقول أكثر الله مالك وولدك .انتهى
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
عن قوم مسلمين مجاوري النصارى، فهل يجوز للمسلم إذا مرض النصراني أن يعوده، وإذا مات أن يتبع جنازته، وهل على من فعل ذلك من المسلمين وزر أم لا؟
الإجابة :
الحمد لله رب العالمين، لا يتبع جنازته، وأما عيادته فلا بأس بها، فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام، فإذا مات كافراً فقد وجبت له النار، ولهذا لا يصلي عليه، والله أعلم . انتهى من ([مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (24 /265)).
وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
لا يجوز للمسلم أن يشيع جنازة الكافر ويحضر دفنها؛ لأن الله سبحانه نهانا عن موالاة الكفار، وأما تعزية الكافر بميته فلا بأس بها، ولكن لا يدعى لميتهم بالمغفرة . انتهى من [ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (19584)]
أما تهنئتهم بأعيادهم فلا يجوز لأن العيد من خصائص دينهم وعقائدهم ومناهجهم الباطلة فلا يحل لمسلم أن يهنئ كافراً بعيد يختص بدينه ولا مجاملة فى دين الله .
قال الإمام ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) :
" وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول : عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه،
فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام نحوه.
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل؛ فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرَّض لمقت الله وسخطه ". انتهى .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق