">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ماذا تفعل الزوجة إذا لم ينفق عليها زوجها


 إذا لم يستطيع الزوج النفقة على زوجته من توفير قوت يومها ‏وكسوتها ونحو ذلك مما لا بد منه ولم تصبر الزوجة فلها الفسخ بأن تفارقه وذلك للحوق الضرر بها من ترك الإنفاق عليها وأن على القاضي أن يزيل هذا الضرر .

فإذا لم ينفق الزوج على زوجته فمن حقها أن ترفع أمرها للقضاء ليفرض لها حقها و تطلب فراقه لذلك لكن إن رضيت وصبرت معه فهو أولى . قال ابن قدامة في المغني : وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه . اهـ

والدليل :

1- قال تعالى : فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ . (البقرة: (229)).

الله سُبحانَه وتعالى خَيَّرَ الزَّوجَ بينَ الإمساكِ بالمعروفِ وهو أن يُمسِكَها ويُنفِقَ عليها، وبينَ التَّسريحِ بإحسانٍ فإذا تعذَّرَ عليه الإمساكُ بمعروفٍ تعَيَّنَ عليه التَّسريحُ . انظر : ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (11/221)

2- عن ابنِ عُمَرَ قال : ( كتَبَ عُمَرُ إلى أُمراءِ الأجنادِ : أنِ ادْعُ فُلانًا وفُلانًا -ناسًا قد انقَطَعوا من المدينةِ وخَلَوا منها- فإمَّا أن يَرجِعوا إلى نِسائِهم، وإمَّا أن يَبعَثوا إليهِنَّ بنَفَقةٍ، وإمَّا أن يُطَلِّقوا ويَبعَثوا بنَفَقةِ ما مضى ). صَحَّح الأثرَ الألباني في ((إرواء الغليل)) (2159).

كانتِ الرسالةُ التي كَتَبَها عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه مُوجَّهةً إلى كُلِّ مَن كان له امرأةٌ، وغابَ عنها دُون أن يترُكَ لها نفقةً أنْ يَبعثوا بنفقةِ أهلِهم أو يترُكوا لهم ما يَكفيهم قبلَ سَفَرِهم وذلك لعدَمِ إنفاقِهم على زَوجاتِهم، وهذا تخييرٌ مِن عُمَرَ إمَّا الإنفاقُ، وإمَّا الطَّلاقُ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ النَّفقةَ لازمةٌ على الزَّوجِ لزَوجتِه حتى وإنْ غابَ عنها، " فإنْ طَلَّقوا بعَثوا بنَفقةِ ما مَضَى"، أي : يُرسِلوا لزَوجاتِهم بقِيمةِ نَفقةِ المُدَّةِ الماضيةِ التي قَضَوْها في سَفَرِهم، وهذا كان رأيًا لعُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه، ولم يُخالِفْه أحَدٌ مِن الصَّحابةِ في ذلك .

قال ابن رشد رحمه الله  :

 " واتفقوا على أن من حقوق الزوجة على الزوج : النفقة ، والكسوة ؛ لقوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الآية ؛ ولما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام : (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ؛ ولقوله لهند : (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فأما النفقة : فاتفقوا على وجوبها ". انتهى من "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" ( 2 / 44 ) .

 قال ابن قدامة رحمه الله :

 " ومن ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدةً , لم يسقط بذلك , وكانت دَيْناً في ذمته , سواء تركها لعذر  أو غير عذر , في أظهر الروايتين [ يعني عن الإمام أحمد ] . وهذا قول الحسن ومالك , والشافعي , وإسحاق , وابن المنذر ".

واستدل رحمه الله بأن "عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد , في رجال غابوا عن نسائهم , يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا , فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى". انتهى من "المغني" (8/ 165) .

     قال الصنعاني :

اختلف العُلَماءُ في هذا الحُكمِ، وهو فَسخُ الزَّوجيةِ عند إعسارِ الزَّوجِ على أقوالٍ : (الأوَّلُ) ثبوتُ الفَسخِ، وهو مَذهَبُ عليٍّ، وعمَرَ، وأبي هُريرةَ، وجماعةٍ مِن التَّابعينَ . انتهى من ((سبل السلام)) (2/326).

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" واختار شيخ الإسلام رحمه الله : أن لها أن تفسخ بعجزه عن الوطء ، وقال : إن عجزه عن الوطء أولى بالفسخ من عجزه عن النفقة ؛ والصحيح ما قاله الشيخ ؛ لأن كثيراً من النساء تريد العشرة مع الزوج ، وتريد الأولاد أكثر مما تريد من المال ، ولا يهمها المال عند هذه الأمور ، فكوننا نقول : إذا عجز عن النفقة فإن لها الفسخ ، وإذا عجز عن الوطء فليس لها الفسخ ، إلا إذا ثبتت عُنته ، فهذا فيه نظر .

فالصواب ما قاله الشيخ رحمه الله : أنه إذا عجز عن الوطء لمرض ، وطلبت الفسخ : فإنها تفسخ ، إلا إذا كان هذا المرض مما يعلم ، أو يغلب على الظن : أنه مرضٌ يزول بالمعالجة ، أو باختلاف الحال ، فليس لها فسخ ؛ لأنه ينتظر زواله ". انتهى من " الشرح الممتع " (12/ 410) .

ولكن من حسن العشرة أن تقف الزوجة بجوار زوجها لا ‏سيما إذا مرت به محنة أو ألمت به نازلة لا أن تتخلص منه بالفراق مع تقلب الأيام ‏وتصرف الليالي ومن لا تطيق العيش مع زوجها إلا في حال الرخاء فقط فهي تدلل على ‏سوء عشرتها وعدم فهمها وإدراكها لرباط الزوجية المبني على المودة والرحمة .

والفُرقةُ بينَ الزَّوجينِ تكونُ إمَّا بطلاقٍ أو فَسخٍ ويوجَدُ فَرقٌ بينهما من أوجُهٍ منها :

الطَّلاقُ بيَدِ الزَّوجِ وإرادتِه واختيارِه ويكونُ بلَفظِ الطَّلاقِ بخِلافِ الفَسخِ.

الفَسخُ لا رَجعةَ فيه إلَّا بعَقدٍ جَديدٍ وبرِضا المرأة بخِلافِ الطَّلاقِ إذا لم يكُنْ طلاقًا بائنًا ولا يُشتَرَطُ رِضاها.

الفَسخُ قبل الدُّخولِ لا يُوجِبُ للمرأةِ شيئًا من المهرِ وأمَّا الطَّلاقُ قبلَ الدُّخولِ وبعد فَرضِ الصَّداقِ فيُوجِبُ لها نِصفَ المَهرِ المسمَّى.

الفَسخُ لا يُحسَبُ مِن عَدَدِ الطَّلَقاتِ التي يَملِكُها الرَّجُلُ.

لا يُشتَرَطُ في الطَّلاقِ قَضاءُ القاضي ولا رِضا الزَّوجةِ بخلافِ الفَسخِ.

الفَسخُ لا يكونُ إلَّا بسَبَبٍ، كالعَيب مثلًا بخلافِ الطَّلاقِ فقد يقَعُ بسَبَبٍ أو بدونِ سَبَبٍ.


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات