ما دام الزوج قد أذن لزوجته في العمل مع أنها لا يجب عليها العمل فليس له حق أن يأخذ شيئا من راتبها بغير رضاها وللزوجة أن تطالب زوجها بالإنفاق عليها ولو كانت غنية ولو كانت موظفة ولو كان لها راتب لأن الإنفاق على الزوجة ليس من باب دفع الحاجة ولكنه من باب مقابلة العوض بالعوض فكما أنه يستمتع منها وبها فكذلك يجب عليه الإنفاق عليها .
قال العلامة ابن باز رحمه الله :
مرتبها لها، ومن مالها؛ إلا إذا سمحت لك بالراتب كله أو ببعضه سماحًا واضحًا، لا شبهة فيه؛ فلا بأس عليك؛ لقول الله في سورة النساء : فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا. [النساء:4]. فإذا طابت نفسها بالراتب أو ببعض الراتب فلا حرج عليك،
أما إن كنت توعدها بالطلاق، أو بالهجر، أو بالأذى؛ إن لم تعطك فهذا لا يجوز لك لأنها ما طابت نفسها بذلك، ولكن خوفًا منك، أو من طلاقك؛ سلمت لك المال أو بعض المال، لا فلا يجوز هذا، ولكن عليك بالكلام الطيب، والعشرة الطيبة؛ فإن سمحت بشيء فالحمد لله، وإلا فدعها ومالها، وأنفق عليها واصبر، وقم بالواجب، وأحسن الخلق خيركم خيركم لأهله، والرسول يقول ﷺ: البر حسن الخلق فعليك بحسن الخلق، وعدم الأذى والهجر لزوجتك بغير حق، ولا تكن سفيهًا، ولا تكن أيضًا سيء الخلق مع أهلك الله يقول : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. [النساء:19] هكذا يقول ربنا ، ويقول سبحانه : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ. [البقرة:228].
فالواجب أن تعاشرها بالكلام الطيب، والوجه المنبسط، والسيرة الحميدة، والإنفاق المناسب .. في الفراش وفي غير ذلك، تكون جيدًا في الفراش وفي غيره، بالخلق الحسن، بالكلام الطيب، وانبساط الوجه، وكف الأذى والضرب الذي بغير حق،
هكذا يجب على الزوج وعليها هي أيضًا أن تفعل مثل ذلك الخلق الطيب، والأسلوب الحسن، والكلام الطيب، والسيرة الحميدة، والسمع والطاعة لك في المعروف، هذا هو الواجب عليكما جميعًا، ومالها لها، ومالك لك، إلا إذا طبت نفسًا لها بشيء، أو طابت نفسها بشيء لك؛ فالأمر واسع والحمد لله،
وإذا كانت لم تشرط عليك أنها تعمل فأنت بالخيارإما أن تسمح لها، وراتبها لها، وإما أن تمنعها من العمل، وتبقى في البيت والحمد لله،
أما إذا كان مشروطًا عليك أنها تعمل فالمسلمون على شروطهم، ويجب عليك أن تمكنها من شرطها لقول النبي ﷺ : إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج .اه متفق على صحته.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
وأما أخذ شيء من راتبها فلا يجوز لأن المال مالها وهي حرة أن يكون عند العقد لم يشترط عليه أن تدرس مثلا ثم أرادت أن تدرس واتفقت معه على أن يأذن لها في التدريس بشرط أن تجعل له نصيبا من راتبها فلا بأس .. انتهى باختصار من (فتاوى الحرم النبوي-(50))
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج . فإن كان الزوج قد وافق على عمل زوجته قبل العقد وكان عملها مضبوطاً بالضوابط الشرعية فتخرج إليه محتشمة متحجبة وتسلم فيه من الاختلاط بالرجال الأجانب ولم يكن فيه تضييع لما أوجب الله عليها من حقوق للزوج والأبناء فإنه ليس له أن يمنعها منه وليس له أيضا أن يتسبب في ذلك .
أما إن اختل وصف مما سبق فله أن يمنعها سواء كانت تعمل قبل الزواج أو لا تعمل وذلك لمنافاة خروجها مع حكم الشرع .
فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي (دولة الإمارات العربية المتحدة) 30 صفر - 5 ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9 - 14 نيسان ( إبريل ) 2005م. ما يلي :
اشتراط العمل :
1- يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضي الزوج بذلك ألزم به ويكون الاشتراط عند العقد صراحة .
2- يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد.
3- لا يجوز شرعاً ربط الإذن ( أو الاشتراط ) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءاً من راتبها وكسبها.
4- ليس للزوج أن يُجبر الزوجة على العمل خارج البيت .
أما إذا أصرت الزوجة على الخروج للعمل بالرغم من رفض الزوج
وذلك في حالة أن يكون زوجها قادراً على النفقة وباذلاً له وفي حال كون عملها غير مشترَط عليه فيلزمها طاعته في تركه ولا يحل لها معاندة أمره فإن أصرت على المخالفة كانت ناشزا ، ومن وسائل علاج هذا النشوز ما يلي :
1- الوعظ ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح وهي الطرق التي دلَّ عليها قوله تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ). النساء/34 .
2- أن توسط أهلها ومن له تأثير عليها لنصحها بترك العمل والتفرغ لبيتها وزوجها وأولادها .
3- إذا لم يُجد معها ما سبق :
فله أن يهددها بالطلاق وله أن يوقع طلقة واحدة لتوكيد الأمر وبيان أنه لا سبيل للتراجع عن موقفه فإن لم تبال بذلك كان له الخيار إما أن يبقيها زوجة إن رأى في ذلك نفعاً له ولبيته وأولاده وإما أن يفارقها .
ولتعلم الزوجة أنها آثمة بعصيانها لزوجها وتمردها عليه وأنه يجوز لزوجها أن يضيِّق عليها لتختلع منه وترد المهر الذي قبضته أو تتنازل عن المؤخر منه.
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق