">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع ال

طلب الطلاق من الزوج الذي لا يصلي: هل هو واجب؟


الصلاة عمود الدين وأحد أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الفاصل بين الإيمان والكفر كما جاء في النصوص الشرعية،

لذلك فإن هذه المسألة في غاية الخطورة ولا يجوز الاستهانة بها.

** لهذا السبب، تنظر الشريعة الإسلامية بجدية بالغة إلى ترك الصلاة، مما يثير تساؤلًا هامًا : هل يجب على الزوجة طلب الطلاق إذا كان زوجها لا يصلي؟ إليك الإجابة:

* على الزوجة التي يمتنع زوجها عن الصلاة تكاسلًا أن تتحلى بالصبر وتبذل جهدها في نصحه وإرشاده على أمل أن يعود إلى الالتزام والمحافظة على الصلاة،

فإن استجاب للنصح وبدأ بالصلاة، فالحمد لله.

* أما إذا أصر على ترك الصلاة رغم النصيحة وأبدى عنادًا، ففي هذه الحالة يجب عليها أن تطلب الطلاق، 

إذ لا يجوز لها البقاء مع زوج فاسق يصر على هذه الكبيرة العظيمة، حفاظًا على دينها ودين أبنائها، 

فالحياة مع فاسق لا تعود عليها بخير.
 
* وإن رفض الزوج طلاقها، فعليها أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي الذي سيتولى إجباره على الطلاق أو يُصدر حكمًا بتطليقها منه رغمًا عنه.

** إليك أضرار البقاء مع الزوج الذي لا يصلي:

1- ضعف التأثير الديني في الأسرة : الزوج الذي لا يصلي قد يضعف روح الإيمان داخل البيت ويؤثر سلبًا على الأبناء.

2- الإثم المحتمل : البقاء مع من يترك الصلاة قد يُعرض الزوجة للتأثير السلبي على دينها.

3- عدم البركة في الحياة الزوجية : ترك الصلاة يُبعد البركة عن حياة المسلم، مما ينعكس على الأسرة.

** أقوال أهل العلم فى ذلك :

- قال المرداوي الحنبلي رحمه الله في "الإنصاف" :

 إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع ونحوه. اهـ.

- وقال ابن تيمية رحمه الله :

 وَتَهْجُرُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي الْمَضْجَعِ لِحَقِّ اللَّهِ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا. انتهى من (الفتاوى الكبرى).

- وقال أيضا رحمه الله- (فيمن كانت زوجته لا تصلي) :

.. أما إقرار الزوجةِ أو غيرِها ممن هو تحت طاعةِ الرجل على ترك الصلاة فهو حرام بإجماع المسلمين، والمُقِرُّ على ذلك مع القدرة على الإنكار آثم فاسقٌ عاص بلا نزاع، 

... وقد قال تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) ، وما أمر اللهُ به نبيه فهو أمرٌ لأمته ما لم يَقُمْ دليل على التخصيص، ولا تخصيصَ هنا بالاتفاق،

فيجبُ على كل مسلم أن يأمر أهلَه بالصلاة. وكذلك قال تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ) ، قال عليه الصلاة والسلام : عَلِّموهم وأدِّبُوهم.

... وليس كلُّ من وجبَ عليه أن يطلِّقَها ينفسخُ نكاحُها بلاَ فعله، بل يقال له : مرْها بالصلاة وإلاّ فَارِقْها، 

فإن كان عاجزًا عن ذلك لِثِقَلِ صَداقِها كان مُسِيْئًا بتزوجه مَن لا تُصلِّي على هذا الوجه، 

فيتوبُ إلى الله من ذلك، ويَنوِيَ أنه إذا قَدَرَ على أكثر من ذلك فَعَلَه، والله أعلم. انتهى باختصار من (جامع المسائل): (4/ 142 - 144).

- سئل الشيخ الألباني رحمه الله :

 امرأة محافظة على الصلوات الخمس، ولكن زوجها لا يصلي كسلاً، فهل يجوز لها طلب الطلاق، وما هو موقفها وموقف زوجها من بعضهما؟

فأجاب :

 أما أنه يجوز لها فذلك من باب التساهل؛ لأني أقول : يجب عليها أن تطلب مفارقة زوجها التارك للصلاة .

 لأن هذا التارك للصلاة يدور أمره بين أن يكون كافراً مرتداً عن دينه، فهو في هذه الحالة لا إشكال عند أحد إطلاقاً، 

أنه لا يجوز لها أن تبقى تحت عصمته؛ لأنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعيش في كنف كافر،... هذا على قول من يقول بكفر تارك الصلاة .

لكن وإن كان هذا القول عندنا مرجوحاً، والراجح أن تارك الصلاة لابد فيه من التفصيل : 

إن كان تركه للصلاة كسلاً، أي هو يؤمن بها بفرضيتها، وهي تعرف أنه مقصر مع شارعها وهو ربنا تبارك وتعالى، 

فهذا جمع بين إيمان في قلبه وكفر في عمله ، فحينئذٍ يكون كفره في تركه للصلاة كفراً عملياً، وليس كفراً اعتقادياً، هذا رأينا وقد فصلناه مراراً وتكراراً.

فأقول : حتى على هذا القول الراجح، لا يجوز للمرأة المسلمة أن ترضى أن تعيش مع هذا الزوج التارك للصلاة، لماذا؟ لأنه فاسق، هذا في أقل الأحوال .

ومن آثار ذلك : أن هذا الفسق مع الزمن المديد الطويل، إن لم يكن في الزمن القريب، سيؤثر عليها ويجعلها تتساهل بكثير من أحكام دينها،

وبخاصة فيما إذا رزق أولاداً ذكوراً أو إناثاً، فحينئذٍ ستسري عدوى هذا الفاسق إلى الأولاد .

ولذلك : فيجب على المرأة التي ابتليت بزوج فاسقٍ تاركٍ للصلاة أو شارب للخمر أو مرتكب للزنا، في أي حالة من هذه الأحوال التي يستحق بها الزوج حكم الفاسق شرعاًـ 

فيجب عليها أن تطلب مفارقة هذا الزوج الفاسق، مهما كان ظروفها، هذا الذي ندين الله به. انتهى باختصار من (الهدى والنور- ٤٥١).

وسئل أيضا رحمه الله :

رجل متزوج هو لا يصلي وزوجته تصلي، .. ثلاث سنوات وهو غافل عن ذكر الله، ماذا تفعل؟

فأجاب :

... فإذا كان الزوج تاركاً للصلاة ومستمر على ذلك كما تذكر، فللمرأة أن تطلب مفارقته من الحاكم الشرعي، 

وهو يجبره أولاً بحكم إمارته وولايته عليه أن يحافظ على الصلاة، فإن استمر على تركها فَرَّق بينه وبينها رغم أنفه. انتهى باختصار من («الهدى والنور- ٩٣ »).

** خاتمة :

الصلاة هي أساس الدين وتركها لا يجوز بأي حال من الأحوال. 

إذا أصر الزوج على ترك الصلاة كسلاً، فإن واجب الزوجة أن تحاول إصلاحه بالنصح والتوجيه، 

فإن لم يستجب، وجب عليها طلب الطلاق حفاظًا على دينها ودين أبنائها. 

نسأل الله أن يهدي تاركي الصلاة وأن يرزقنا الثبات على طاعته.


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات