">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع الجمع بين

هل تجوز الصلاة بمكبرات الصوت؟ إليك الحكم الشرعي



يُثار الجدل كثيرًا حول استخدام مكبرات الصوت في المساجد، خاصة فيما يتعلق بالصلاة الجهرية،

 فهل يجوز نقل صوت الإمام عبر مكبرات الصوت الخارجية؟ وما هو الحكم الشرعي في ذلك؟

هذا ما سنوضحه في هذا المقال، مستندين إلى أقوال العلماء والأدلة الشرعية.

▣▣ الحكم الشرعي لإستخدام مكبرات الصوت في الصلاة.

لا يجوز استخدام مكبرات الصوت الخارجية في نقل قراءة الإمام أثناء الصلاة، سواء كانت صلاة التراويح أو غيرها من الصلوات المفروضة،

◄ لأن ذلك يؤدي إلى التشويش والإيذاء لأهل البيوت والمساجد القريبة، فقد نهى النبي ﷺ عن هذا، حيث قال: «لا يؤذين بعضكم بعضًا بالقراءة».

▣ فلا اختيار للمؤمن ولا خيار له في العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى :

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ﴾. [الأحزاب: 36].

▣ إذن من يصلي بالناس ويجهر بالقراءة فى مكبرات الصوت الخارجية للمسجد، مما يتسبب في أذى الناس في منازلهم والتشويش على المساجد المجاورة،

فإنه يخالف ما هو مشروع، ويأثم على ذلك بدلاً من أن يُؤجر، لأن في ذلك إيذاءً للآخرين.

 فالإمام يؤمُّ المصلين داخل المسجد فقط، وليس من هم خارجه، لذا فإن رفع الصوت عبر مكبرات الصوت في المنارة يصبح بلا جدوى، وهذا أمر ينبغي أن تُصان عنه الصلاة.

▣▣ الأدلة على منع رفع الصوت بمكبرات الصوت في الصلاة:

** عن أبي سعيدٍ قالَ : اعتَكفَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في المسجدِ فسمِعَهم يجْهَرونَ بالقراءةِ فَكشفَ السِّترَ وقالَ:

ألا إنَّ كلَّكم مُناجٍ ربَّهُ فلا يؤذِيَنَّ بعضُكم بعضًا ولا يرفعْ بعضُكم على بعضٍ في القراءةِ أو قالَ في الصَّلاةِ. (صحيح أبي داود- رقم: (1332)).

 في هذا الحديث : النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة، لما فيه من التشويش على الآخرين، وأن في هذا أذية يُنهى عنها،

وبالتالي، فإن استخدام مكبرات الصوت الخارجية التي تسبب التشويش يعتبر مخالفًا لهذا النهي النبوي.

قال ابن تيميه رحمه الله : " ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك مُنع منه ". ينظر: (الفتاوى الكبرى- 23/61 ).

▣▣ استخدام مكبرات الصوت في نقل الأذان.

▣ أما بالنسبة للأذان، فيجوز استخدام مكبرات الصوت الخارجية، بل هو مطلوب شرعًا لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا:

 «لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». (رواه البخاري). ولذلك، يبقى الأذان هو الحالة الوحيدة التي يشرع فيها رفع الصوت عبر المكبرات لتبليغ الناس بدخول وقت الصلاة.

▣▣ استخدام مكبرات الصوت الداخلية في المسجد.

▣ تُستخدم المكبرات الداخلية للمسجد لإقامة الصلوات وقراءة الإمام وذلك عند الحاجة.

◄ أما إذا كان صوت الإمام يصل بوضوح إلى المصلين داخل المسجد، فلا مبرر لاستخدام مكبر الصوت في هذه الحالة، 

لا سيما إذا كان الإمام يمسكه بيده، مما قد يؤدي إلى ترك بعض سنن الصلاة وانشغاله بما لا ضرورة له، وقد قال النبي ﷺ: 'إن في الصلاة لشُغلا'. مما يدل على أن الانشغال بغيرها، كالإمساك بالمكبر، هو مما يُنهى عنه.

▣▣ أقوال العلماء في هذه المسألة :

قال الشيخ الألباني رحمه الله : 

... فلا يشرع إذاعة قراءة الإمام يوم الجمعة بخاصة، بل وفي الصلوات الخمس بعامة خارج المسجد ،

لأن هذه القراءة ليس المقصود بها تسميع الناس كلهم، وإنما تسميع الذين يصلّون في المسجد ،

وعلى هذا فأنا أرى ما عليه العالم الإسلامي اليوم من عدم التفريق بين إذاعة الأذان وإذاعة الإقامة وإذاعة القراءة، هذا خلط قبيح بين ما هو مشروع وما ليس بمشروع ،

كلّ ذلك مراعاة بدقّة لتطبيق قاعدة المصالح المرسلة، هذا الذي نقول وندين الله به. ينظر: (سلسلة الهدى والنور - الشريط - ( 361 )).

وقال أيضا رحمه الله :

.. نحن نعلم أن المؤذن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأذان كان على مكان مرتفع والإقامة في المسجد ،

فالذي يسوي بين الأذان والإقامة في إعلان الصوت يكون خالف السنة،..

اذان مسجد إعلانه إلى أبعد مكان بالآت الموجودة اليوم هذه غاية شرعية. أما إعلان الإقامة وإعلان القراءة فهذه بدعة عصرية . ينظر: (سلسلة الهدى والنور الشريط رقم : (321)).

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

.. الذي يطالب بأن تفتح الميكرفونات الخارجية فقد أخطأ؛ وذلك لأن هذه الميكرفونات الخارجية تشوش على من حولهم من المصلين ومن حولهم من المساجد، ويحصل في هذا أذى،

وقد نهى النبي - ﷺ - عن هذا حين خرج إلى أصحابه يوماً أو ليلة، فوجدهم يجهرون بالصلاة، فقال : «لا يؤذين بعضكم بعضاً بالقراءة»، فجعل ذلك إيذاء،

وقال : «لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة». والأذية في هذا مؤكدة ولا إشكال فيها،..

وأي فائدة من رفع القراءة في الصلاة على المنائر، ما الفائدة إلا أنها تشوش على المساجد التي حولها وتشوش على المصلين في البيوت،

في البيوت نساء يصلين تشوش عليهن، كذلك -أيضاً- في أيام الصيف تزعج الصبيان النائمين في السطوح أو في الأحواش،

ولا شك أن قفلها هو الصواب، وأن الذي يفتحها ويتأذى الناس به أنه مخالف للنبي عليه الصلاة والسلامينظر: (لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(143)).

▣▣ أضرار استخدام مكبرات الصوت الخارجية في الصلاة:

1- الوقوع فيما نهى عنه النبي ﷺ - من النهي عن جهر المصلين بعضهم على بعض.

2- أذية من يسمعه من المصلين وغيرهم ممن يدرس علماً أو يتحفظه بالتشويش عليهم.

3- شغل المأمومين في المساجد المجاورة عن الاستماع لقراءة إمامهم التي أمروا بالاستماع إليها .

4- أنه يفضي إلى تهاون بعض الناس في المبادرة إلى الحضور إلى المسجد؛ لأنه يسمع صلاة الإمام ركعة ركعة، وجزءاً جزءاً،

فيتباطأ اعتماداً على أن الإمام في أول الصلاة فيمضي به الوقت حتى يفوته أكثر الصلاة أو كلها .

5- أنه يفضي إلى إسراع المقبلين إلى المسجد إذا سمعوا الإمام في آخر قراءته كما هو مشاهد، فيقعون فيما نهى عنه النبي ﷺ - من الإسراع بسبب سماعهم هذا الصوت المرفوع.

6- أنه قد يكون في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو ولغو كأنما يتحدون القارئ..

◄ وأما قول رافع الصوت إنه قد يؤثر على بعض الناس فيحضر ويصلي لاسيما إذا كان صوت القارئ جميلاً، فهذا قد يكون حقاً، ولكنه فائدة فردية منغمرة في المحاذير السابقة.

▣ والقاعدة العامة المتفق عليها: أنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم، فحكم بما تقتضيه فإن تساوت فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح.. ينظر: (مجموع فتاوى العثيمين(13/74- 78)).

▣▣ خلاصة القول :

▣ لايجوز استخدام مكبرات الصوت الخارجية في نقل قراءة الإمام أثناء الصلاة، وذلك لما تسببه من تشويش وإيذاء للآخرين.

▣ لذلك، ينبغي على أئمة المساجد والمصلين الالتزام بهذه الأحكام الشرعية، ومراعاة حقوق الآخرين وعدم إيذائهم، حتى تكون العبادة خالصة لوجه الله تعالى.


والله اعلم

 ما رأيكم في استخدام مكبرات الصوت في المساجد أثناء الصلاة؟ شاركونا آراءكم وتجاربكم في التعليقات!.


اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات