القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

المراد بسماع النداء فى الحديث أى أذان الصلاة ويكون سماع الأذان بالصوت المعتاد بدون مكبر صوت ( الميكرفون ) مع رفع المؤذن صوته وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع فحينئذ يجب عليه الحضور إلى المسجد ولا يحل له التخلف عنه إلا لعذر .

 فالعبرة بذلك القرب المعتاد من المسجد الذي يسمع فيه النداء في العادة فإن سمع الاذان وتخلف عن المسجد بغير عذر وصلى وحده في البيت فإن صلاته تصح مع الاثم لأنه عليه الصلاة والسلام قال : (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ). فهذا النص يحكم بصحة صلاة الفرد لكن يخسر سبع وعشرين صلاة .

وأما إذا كان لا يسمعه إلا من المكبر فإنه لا يلزمه الذهاب إلى المسجد فإن ذهب فإن ذلك أفضل وأحسن .

فعنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلاةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْرٍ ) . صحيح الجامع (637)

قال النووي رحمه الله :

الاعتبار في سماع النداء :

 أن يقف المؤذن في طرف البلد والأصوات هادئة والريح ساكنة ، وهو مستمع فإذا سمع لزمه ، وإن لم يسمع لم يلزمه .اهـ . ("المجموع" (4/353))

ومعنى قوله : فلا صلاة له :

المقصود بها لا صلاة كاملة في الأجر .

قال الشيخ الألبانى رحمه الله :

النفي في هذا الحديث هو نفي كمال وليس نفي صحة ، أي لا صلاة له أي كاملة ، أي يفوت عليه سبع وعشرين درجة ، وهذه خسارة في الحقيقة كبيرة لو كان المسلم يقدر هذه الفضيلة حق قدرها ، فقوله عليه السلام ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) فيه إشارة إلى أن صلاة الفذ صحيحة ولكنه خاسر سبع وعشرين درجة ، هذه الخسارة هي التي تتنافى مع الكمال الذي نفاه الرسول في الحديث .اه (سلسلة الهدى والنور-(285))

وجاء في مصنف عبد الرزاق :

 " عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ قَالَ : «إِنْ شَاءَ جَاءَ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا» .

قَالَ : قُلْتُ : وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ : «إِنْ شَاءَ فَلْيَأْتِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ»، قُلْتُ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ فِي مَسْكَنٍ أَسْمَعُ فِيهِ مَرَّةً، وَلَا أَسْمَعُ فِيهِ أُخْرَى أَلِيَ رُخْصَةٌ أَنْ أَجْلِسَ إِذَا لَمْ أَسْمَعْهُ؟ قَالَ : «نَعَمْ»،

 قُلْتُ : وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ حَانَ حِينُهَا الَّذِي أَظُنُّ أَنَّهَا تُصَلَّى لَهُ؟ قَالَ : «نَعَمْ، إِذَا لَمْ تَسْمَعِ النِّدَاءَ»". اهـ من المصنف 1920 وذكر مثله ابن حزم في المحلى 3\111

وجاء فيه أيضاً :

 "عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : فَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فِي الْحَضَرِ وَلمْ يَسْمَعِ الْأُولَى قَالَ : «فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا»". اهـ من المصنف 1922

فالعلم بدخول الوقت موجب للصلاة نفسها سواء في جماعة أو منفرداً ولكن سماع الأذان متعلق به المجيء للجماعة فلو فُرِض أن أحداً في مكان لا يصله صوت الأذان الطبيعى لم تجب عليه الجماعة .

إذن صلاة الجماعة تجب على من كان على مسافة يسمع فيها الأذان وإلا فلا تجب فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال : يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب . رواه مسلم. فلهذا يوجب العلماء صلاة الجماعة على من سمع النداء الطبيعي بلا مكبرات صوت .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

المراد سماع صوت المنادي بدون مكبر، عند هدوء الأصوات وعدم وجود موانع ويعرف ذلك بالعادة المستمرة عند عدم وجود مانع. وعلى المؤمن أن يجتهد في ذلك وأن يحتاط لدينه، وذلك بالحرص على حضور الجماعة والمشاركة لإخوانه في هذه العبادة العظيمة امتثالاً لقوله سبحانه : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وقوله عز وجل : {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من حافظ على الصلاة كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحُشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف" (رواه الإمام أحمد بإسناد حسن). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل تسمع النداء للصلاة؟" قال: نعم، قال: "فأجب". وفي صحيح مسلم أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفق الله المسلمين جميعاً لما يرضيه إنه جواد كريم .اه (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 12/55)

وقال أيضا رحمه الله :

الواجب على من سمع النداء بالصوت المعتاد من غير مكبّر أن يجيب إلى الصلاة في الجماعة في المسجد الذي ينادى بها فيه . . .

أما من كان بعيداً عن المسجد لا يسمع النداء إلا بالمكبّر فإنه لا يلزمه الحضور إلى المسجد وله أن يصلي ومن معه في جماعة مستقلة . . . فإن تجشموا المشقة وحضروا مع الجماعة في المساجد التي لا يسمعون منها النداء إلا بالمكبر بسبب بعدهم عنها كان ذلك أعظم لأجرهم . اهـ . (مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله (12/58)) 

وسئل أيضا رحمه الله :

هل تصح الصلاة في المنزل إذا سمعت الأذان ولم أذهب إلى المسجد، أم لا بد أن تكون الصلاة في المساجد؟

فـأجاب :

الواجب أن تؤدى الصلاة في المساجد مع إخوانك المسلمين؛ لأن الرسول عليه السلام قال: من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال : فأجب، فهذا أعمى ليس له قائد يلائمه ومع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإجابة ولم يرخص له، فكيف بحال القادر البصير، فاتق الله أيها السائل! واحذر من التساهل ومن مشابهة أهل النفاق.

واختلف العلماء : هل تصح في البيت؟ على قولين :

أحدهما : أنها تصح مع الإثم، وهذا هو الصواب تصح مع الإثم... انتهى باختصار


وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

والمراد بسماع الأذان هو بالنسبة للأذان المعتاد الذي ليس فيه مكبر صوت وحتى بالنسبة للأذان المعتاد الذي لا يكون المؤذن فيه خفي الصوت لأنه قد يكون المؤذن ضعيف الصوت وبيتك قريب من المسجد لو أذن غيره لسمعته فالعبرة بذلك القرب المعتاد الذي يسمع فيه النداء في العادة . اه .  (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [ 106])

وقال أيضا رحمه الله :

يجب على من سمع النداء أن يجيب وأن يصلي في المسجد، ولا يحل له أن يتخلف عن الحضور، ولو كان يصلي جماعة مع أصحابه وزملائه، نعم لو كان في حضور المسجد مفسدة كما لو كان هناك دائرة لو خرج الناس من مكاتبهم لتعطل العمل، وحصلت الفوضى، وربما يتخلف من خرج عن عمله أي ربما يخرج إلى الصلاة، ولا يرجع، أو يرجع متأخراً، وربما يخرج بعض الناس بقصد أنه يصلي حسب ما يظهر للناس ولكنه يذهب إلى بيته فإذا ظن أن الناس قد خرجوا قد انتهوا من الصلاة جاء إلى المكتب، فهنا قد يكون له الرخصة في أن يصلوا في المكان نفسه الذي يعملون فيه لما يترتب من الأشياء المخلة إذا خرجوا من مكان العمل . اه (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [234])

وقال أيضا رحمه الله :

لا يلزمهم الحضور إلا إذا سمعوا الإقامة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ) ما قال : إذا أذن

ولكن هل نقول : إنه إذا كان محله بعيداً بحيث يكون حضوره أو وصوله إلى المسجد بمنزلة حضور من سعى عند سماع الإقامة، فهل يلزمه أن يتقدم كما قال العلماء رحمهم الله فيمن كان منزله بعيدا يوم الجمعة: إنه يجب عليه أن يسعى إلى الجمعة، وإن لم يسمع المؤذن إذا كان مكانه بعيداً بحيث يدرك الخطبة والصلاة؟ 

نعم يحتمل هذا، ويحتمل أن يبقى الحديث على عمومه، ويقال : لا يجب السعي إلى الصلاة إلا بسماع الإقامة .اه (شرح كتاب الصلاة بلوغ المرام-(36))

وسئل أيضا رحمه الله :

 هل يوجد تحديد للمسافة من بيته إلى المسجد ؟

فأجاب :

المسافة ليس فيها تحديد شرعي ، وإنما يحدد ذلك العرف أو سماع النداء على تقدير أنه بغير ( الميكرفون ) .اه ("أسئلة الباب المفتوح" ( سؤال رقم 700 )) 


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات