إذا أخطأ المُصلي أو نسي آية من السورة التى يقرأها بعد الفاتحة في الصلاة فلا تبطل الصلاة بذلك ولا شيء عليه سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا وسواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا لأن القراءة بعد الفاتحة سنة وليست واجبة .
وإنما يحاول المصلى تصحيح الخطأ وتذكر المنسي فإن لم يستطع فله أن يتجاوز الآية إلى التي تليها أو يترك هذه السورة ويستفتح سورة أخرى أو يركع فإذا فعل أي شيء من ذلك فلا حرج عليه وليس عليه أن يسجد للسهو. قال تعالى : رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا .
إلا أن يكون الخطأ في قراءة الفاتحة فإنها ركن في الصلاة فمن أخطأ فيها بلحن يحيل المعنى أو أسقط حرفاً منها ثم استدركه أثناء الركعة صحت فإن فاتت الركعة دون تصحيح فسدت الركعة وقضاها .
والدليل :
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلُبِّسَ عليه، فلما انصرف قال لأبي - رضي الله عنه- : أصليت معنا؟ قال : نعم. قال : فما منعك . وفي لفظ " فما منعك أن تفتحها علي". (صحيح أبي داود رقم: (907))
دل هذا الحديث على أن من أخطأ في قراءته في الصلاة أن صلاته صحيحة ولا يسجد للسهو كما دل هذا الحديث على الحثُّ على تَذْكير الإمام إذا نُسِّي في الصلاة .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : ( في كل صلاة قراءة، فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى منا أخفيناه منكم، ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل) . رواه مسلم
قال النووي رحمه الله :
وفيه استحباب السورة بعدها، وهذا مجمع عليه في الصبح والجمعة والأوليين من كل الصلوات، وهو سنة عند جميع العلماء، وحكى القاضي عياض رحمه الله تعالى عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة، وهو شاذ مردود. ((شرح النووي على مسلم)) (4/105).
وقال ابن قدامة رحمه الله :
وجملة ذلك، أن قراءة السورة بعد الفاتحة مسنونة في الركعتين من كل صلاة، لا نعلم في هذا خلافا . ((المغني)) (1/408).
قال ابن تيمية رحمه الله :
واللحن الذي يحيل المعنى : إن أحاله إلى ما هو من جنس معنى من معاني القرآن خطأ، فهذا لا يبطل صلاته، كما لو غلط في القرآن في موضع الاشتباه فخلط سورة بغيرها،
وأما إن أحاله إلى ما يخالف معنى القرآن، كقوله : (أنعمت) بالضم، فهذا بمنزلة كلام الآدميين، وهو في مثل هذه الحال كلام محرم في الصلاة، لكنه لو تكلم به في الصلاة جاهلا بتحريمه ففي بطلان صلاته نزاع في مذهب أحمد وغيره؛ كالناسي، الصحيح أنه لا يبطل صلاته، والجاهل بمعنى (أنعمت) عذره أقوى من عذر الناسي، فإنه يعلم أنه كلام الآدميين، لكن لا يعلم أنه محظور،
وعلى هذا فلو كان مثل هذا اللحن في نفل القراءة لم تبطل، وأما إذا كان في الفاتحة التي هي فرض، فيقال: هب أنها لا تبطل من جهة كونه متكلما، لكنه لم يأت بفرض القراءة، فيكون قد ترك ركنا في الصلاة جاهلا، ولو تركه ناسيا لم تصح صلاته، فكذلك إن تركه جاهلا، لكن هذا لم يترك أصل الركن، وإنما ترك صفة فيه، وأتى بغيرها، ظانا أنها هي، فهو بمنزلة من سجد إلى غير القبلة . ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/118).
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إذا قرأ الإمام في الصلاة ما تيسر من القرآن ثم نسي تكملة الآية ، ولم يعرف أحد أن يرد عليه من المصلين ، فهل يكبر وينهي الركعة أم يقرأ سورة غيرها ؟ .
فأجاب :
" هو مخير إن شاء كبر وأنهى القراءة ، وإن شاء قرأ آية أو آيات من سورة أخرى ، على حسب ما تقتضيه السنة المطهرة في الصلاة التي يقرأ فيها إذا كان ذلك في غير الفاتحة . أما الفاتحة فلا بد من قراءتها جميعها ؛ لأن قراءتها ركن من أركان الصلاة " انتهى من ("مجموع فتاوى ابن باز" (12 /129)) .
وقال أيضا رحمه الله :
الفرض في هذا هو الفاتحة، فإذا قرأت الفاتحة وهي الحمد؛ سورة الحمد حصل المقصود والحمد لله، فإذا قرأت زيادة آية أو آيتين أو قرأت آية بدل آية أو نسيت آية وأتيت بآية، أو نقص منك كلمة لا يضرك، وصلاتك صحيحة وليس عليك إعادة ركعة ولا إعادة الصلاة، والحمد لله، بل صلاتك صحيحة . اه
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق