يُستحب للخطيب أن يدعو أثناء خطبة الجمعة ويشير بسبابته عند دعائه ولا يرفع يديه لأن رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء بدعة.
* ويُسَنُّ التأمين على دعاء الخطيب عند المالكية والشافعية والحنابلة إلا أنه يكون عند المالكية والحنابلة سرا،
وبلا رفع صوت عند الشافعية، ولا تأمين باللسان جهرا عند الحنفية بل يؤمن في نفسه. ينظر: (الموسوعة الفقهية الكويتية (1/116)).
* وأما بالنسبة للمأموم فقد اختلف فيه : هل يرفع يديه أم لا ؟
فمنهم من منعه : وحجتهم في ذلك أنه لم يثبت الرفع ولو ثبت لنقل إلينا.
ومنهم من استحبه : لأن المأموم لم يرد فيه نص، لذا حكمه باق على الأصل وهو استحباب رفع اليدين له،
لعموم الأدلة الواردة في أن من آداب الدعاء رفع اليدين ولا يخرج عن هذا العموم إلا بدليل .
* إلا أنه الأفضل للمأموم عدم الرفع لأنه يقتدي بخطيب الجمعة فى ذلك، ومن رفع فلا يُنكر عليه لما سبق.
* كما أن إلتزام الدعاء في الخطبة الثانية فقط ليس له أصل في السنة كما يفعل خطباء الجمعة في هذا الزمان .
ومما يدل على ذلك :
ما رواه مسلم في صحيحه عن عُمَارَةَ بن رُؤَيْبَةَ قال : رَأَى بِشْرَ بن مَرْوَانَ على الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ فقال قَبَّحَ الله هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ
لقد رأيت رَسُولَ اللَّهِ ما يَزِيدُ على أَنْ يَقُولَ بيده هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ .
فهذا الحديث : يدل على مشروعية الدعاء في الخطبة كما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه عند دعائه في الخطبة،
وقد قيده البعض بأن عدم رفع الأيدي مختص بخطيب الجمعة دون المأمومين، وليس بالإثنين معاً كما قال به البعض الأخر.
قال النووي رحمه الله : فِيهِ أَنَّ السُّنَّة أَنْ لا يَرْفَع الْيَد فِي الْخُطْبَة وَهُوَ قَوْل مَالِك وَأَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ .اهـ.
وفي "تحفة الأحوذي" : وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ رَفْعِ الأَيْدِي عَلَى الْمِنْبَرِ حَالَ الدُّعَاءِ .اهـ.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة ولا في خطبة العيد لا للإمام ولا للمأمومين ،
وإنما المشروع الإنصات للخطيب والتأمين على دعائه بينه وبين نفسه من دون رفع صوت ،
وأما رفع اليدين فلا يشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه في خطبة الجمعة ولا في خطبة الأعياد ،
ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر عليه ذلك ، وقال : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفعهما ،
نعم إذا كان يستغيث في خطبة الجمعة للاستسقاء ، فإنه يرفع يديه حال الاستغاثة - أي طلب نزول المطر -
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في هذه الحالة ،
فإذا استسقى في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد، فإنه يشرع له أن يرفع يديه تأسياً بالنبي. انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز (12/339)).
* إلا أنه قد جرى جمهور أهل العلم على تقييد عدم جواز رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة بالإمام دون المأموم.
فقالوا : بأن حديث (عمارة بن رؤيبة) أخصُّ من محلِّ النزاع؛ فإنه مُخْتَص بالإمام ولا يشمل المأمومين،
ولو سَلَّمْنَا أنه يشملهم، فيكون دالاً على استحباب رفع الإصبع في الدعاء يوم الجمعة، وهم لا يقولون به أيضاً،
ثم ليس استدلالهم بهذا الحديث بأولى من الاستدلال بحديث أبي هريرة في رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - كلتا يديه في دعائه على المنبر للاستسقاء،
فإن قيل : هذا الرفع خاص بدعاء الاستسقاء؟! قلنا : وكذلك حديث عمارة بن رُوَيبة خاص بالإمام دون المأمومين.
- ثم إن إنكار عمارة على بشر برؤيته النبي - صلى الله عليه وسلم - يشير بأصبعه لا يعد دليلا على عدم جواز رفع اليدين بمفرده،
لأن عمارة روى ما رأى، وهذا لا ينفي أن يكون رآه غيره على غير هذه الهيئة.
قال الحافظ : " ورده - يعني الإمام الطبري - بأنه إنما ورد في الخطيب حال الخطبة, وهو ظاهر في سياق الحديث؛
فلا معنى للتَّمَسُّكِ به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيتها ". انتهى.
قال شيخ الإسلام في "الفتاوى": " ويُكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة وهو أَصَحُّ الوجهين لأصحابنا;
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يشير بأصبعه إذا دعا، وأما في الاستسقاء فرفع يديه لما استسقى على المنبر ". انتهى.
وقال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار": " الحديثان المذكوران في الباب يدلان على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء وأنه بدعة ". انتهى.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق