لا يُشرع القنوت في صلاة الفجر خاصة بل هو بدعة، وإنما يشرع في كل الصلوات الخمس إذا نزل بالمسلمين نازلة جديدة .
* فإذا نزلت بالمسلمين نازلة فيدعو المصلى بعد الرفع من الركوع في آخر ركعة من كل فريضة من الصلوات الخمس حتى يكشف الله النازلة ويرفعها عن المسلمين .
* فالقنوت في الفجر ليس له أصل صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام كسنة رتيبة دائماً أبداً،
الرسول عليه السلام قنت شهراً وليس في الفجر فقط بل في الصلوات الخمس، وهذا اسمه قنوت النازلة ،يعني :
تَعْرِض للمسلمين نازلة تعرض ما معنى تعرض؟ يعني : فجأة يُفاجؤون بها مثل عدو هاجمهم فيدعون أما الشيء إذا صار عادي مستمراً هذه ما صارت نازلة.
** أما هذا القنوت الذي يفعله بعض الناس هذا ليس فيه حديث صحيح ولكن فيه حديث ضعيف عند علماء الحديث : لفظه : « ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الفجر حتى فارق الدنيا ». قد حكم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى - على الحديث بالنكارة كما في الضعيفة (3/384) برقم (1238) وضعفه ابن الجوزى وابن باز وشعيب الأرناؤوط.
والدليل :
1 - عن أبي مالك الأشجعي قال : قلت لأبي يا أبة إنك قد صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا في الكوفة نحوا من خمس سنين ، أكانوا يقنتون ، قال : أي بني محدث. (صحيح الترمذي).
- بل رواه النسائي [ 1/ 549-550 ] بلفظ : صليت خلف رسول الله فلم يقنت وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت وصليت خلف عمر فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال : يا بني إنها بدعة .
2 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد. (السلسلة الصحيحة-إسناده صحيح).
3 - حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم. (السلسلة الصحيحة- إسناده جيد).
فدل هذان الحديثان : برواية أبي هريرة وأنس بن مالك على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على دعاء القنوت .
- قال صاحب التنقيح : وسند هذين الحديثين صحيح وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة. انتهى من (سنن الدارقطني، 2/40، هامش).
- وقال أبو مجلز : صليت مع ابن عمر صلاة الصبح فلم يقنت فقلت له لا أراك تقنت فقال : لا احفظ عن أحد من أصحابنا. انتهى من (" السنن الكبرى " (2/302 )).
4 - وقد روى عبد الرزاق في " مصنفه " ( 3/ 105- 108) جملة من الآثار عن الصحابة تدل على ذلك منها :
* ما رواه عن أبي نجيح ( 3/ 108 ) قال : سألت سالم بن عبد الله ، هل كان عمر بن الخطاب يقنت في الصبح ؟ قال : لا إنما هو شيء أحدثه الناس بعد .
* وعن علقمة والأسود قالا : ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من الصلوات إلا إذا حارب فإنه كان يقنت في الصلوات كلهن ،
ولا قنت أبو بكر ، ولا قنت عمر ، ولا عثمان ، حتى ماتوا حتى ولا قنت علي حتى حارب أهل الشام ، فكان يقنت في الصلوات كلهن. انتهى من ( المصنف 3/ 107).
وإليك كلام أهل العلم
- قال الترمذي رحمه الله :
وقال أحمد وإسحاق : لا يقنت في الفجر الا عند نازلة تنزل بالمسلمين فإذا نزلت نازلة فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين،
بل قال الترمذي رحمه الله عقب ذكره هذا الأثر عن الإمام احمد : والعمل عليه عند اكثر اهل العلم. انتهى من (عمدة القاري شرح صحيح البخاري 1-25 ج)(6))).
- قال شيخ الإسلام رحمه الله :
والصواب هو القول الثالث الذي عليه جمهور أهل الحديث وكثير من أئمة الحجاز وهو الذي ثبت في الصحيحين وغيرهما ،
أنه صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على رعل وذكوان وعصية ثم ترك هذا القنوت ، ثم أنه بعد ذلك بمدة بعد خيبر ، وبعد إسلام أبي هريرة قنت ، وكان يقول في قنوته : اللهم انج الوليد ..
فلو كان قد نسخ القنوت ، لم يقنت هذه المرة الثانية ، وقد ثبت في السنة أنه كان يقنت في الصلوات الخمس وأكثر قنوته كان في الفجر ،
ولم يكن يداوم على القنوت لا في الفجر ولا غيرها بل ثبت في الصحيحين عن أنس أنه قال : " لم يقنت بعد الركوع إلا شهرا " .
فالحديث الذي رواه الحاكم وغيره من حديث الربيع ابن أنس أنه قال : " ما زال يقنت حتى فارق الدنيا " إنما قاله في سياقه القنوت قبل الركوع، وهذا الحديث لو عارض الحديث الصحيح، فكيف وهو لم يعارضه.
وانما معناه أنه كان يطيل القيام في الفجر دائما، قبل الركوع.
وأما انه كان يدعو في الفجر دائما قبل الركوع أو بعده بدعاء يسمع منه أولا يسمع فهذا باطل قطعا،
وكل من تأمل الأحاديث الصحيحة علم هذا بالضرورة، وعلم أن هذا لو كان واقعا لنقله الصحابة والتابعون، ولما أهملوا قنوته الراتب المشروع لنا،
مع أنهم نقلوا قنوته الذي لا يشرع بعينه، وانما يشرع نظيره؛ فان دعاءه لأولئك المعينين، وعلى أولئك المعينين ليس بمشروع باتفاق المسلمين؛ بل إنما يشرع نظيره.
فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين، ويدعو على الكفار في الفجر، وفي غيرها من الصلوات، وهكذا كان عمر يقنت لما حارب النصارى بدعائه الذي فيه : (اللهم العن كفرة اهل الكتاب) الى آخره. انتهى من ((22/270)مجموع الفتاوى).
- قال الشوكاني رحمه الله :
إذا تقرر ذلك علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال أن القنوت مختص بالنوازل وانه ينبغي عند نزول النازلة ان لا تخص به صلاة دون صلاة،
وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص من حديث انس عند ابن خزيمة، وقد تقدم، ومن حديث أبى هريرة عند ابن حبان بلفظ : كان لا يقنت الا ان يدعو لاحد او يدعون على احد، واصله في البخاري. انتهى من ( نيل الأوطار 1/ 376).
- وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
القنوت شرعا قنوتان : مشروع وغير مشروع
المشروع هو ينقسم إلى قسمين : له سبب عارض والقسم الآخر ليس له سبب عارض ،
فالقسم الأول له سبب عارض : فيما ينزل من المسلمين من المصائب وهذا ما يسمى بقنوت النازلة فهو جائز وفي الصلوات الخمس دون أي تخصيص بأي صلاة من هذه الصلوات الخمس .
والقنوت المشروع الآخر الذي لا يرتبط بنازلة : فهو القنوت في الوتر حيث يسن القنوت في الوتر دون أن يراعى في ذلك النازلة أو المصيبة تنزل بالمسلمين .
فإذن هما نوعان قنوت لنازلة وقنوت لغير نازلة : قنوت النازلة في الصلوات الخمس , قنوت غير النازلة فقط في سنة الفجر .
وإذا عرفنا هذا التفصيل نقول الذي يريد أن يتوسط في الموضوع بين القولين الذين ذكرتهما فبعضهم يحافظ على قنوت الفجر دائما والبعض الآخر لا يأتي بهذا القنوت مطلقا ،
فهناك قول وسط يقول نفعل أحيانا ونترك أحيانا هذا الذي يفعل أحيانا ويترك أحيانا، نقول له :
ان كنت تفعل حينما تفعل أحيانا من أجل النازلة فخالفت السنة من حيث تخصيص هذا القنوت بالفجر لأن القنوت في النازلة لا يختص بالفجر ،
فهلا عممت وقنت أحيانا في الفجر وأحيانا في الظهر وبقية الصلوات الخمس .
.... فإذن هذا الذي يقنت في الفجر أحيانا نقول له إما أن تدع إذا كان قنوتك في الفجر ليس قنوت نازلة، وإما أن تعمم إن كان لنازلة بقية الصلوات الخمس.
ومن هنا يظهر بأن الذي لايقنت في صلاة الفجر هو الأحرى والأولى بالسنة الصحيحة ،هذا ما لدي من الجواب على هذا السؤال .
ومن هنا يظهر بأن الذي لايقنت في صلاة الفجر هو الأحرى والأولى بالسنة الصحيحة ،هذا ما لدي من الجواب على هذا السؤال .
السائل :
أحيانا نصلي وراء مثل هؤلاء الناس الذين يقنتون مداومة فترى أن بعض الإخوة لا يرفعون أيديهم ولايؤمنون وراءه فما حكم ذلك ؟
الشيخ :
هذا طبعا لايجوز لانه يخالف قوله عليه السلام كما نذكر دائما وأبدا ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ) فينبغي متابعة الإمام في مثل هذه المسائل الخلافية بين العلماء قديما فضلا عن ذلك حديثا،
فيتابع هذا الإمام ولو كان المتابع لا يرى شرعية في ذلك فيما لو صلى لنفسه هذا هو الجواب. انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(703)).
- وقال العلامة ابن باز رحمه الله :
أما القنوت الدائم في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني كما استحبه بعض أهل العلم فهذا ليس بجيد،
والصواب أنه لا يستحب في الفجر ولا في غيرها بصفة دائمة، وإنما يفعل للنوازل، إذا كان هناك نازلة تضر المسلمين قنت الإمام .
أما اتخاذ قنوت في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني سنة دائمة، فهذا قول بعض أهل العلم كالشافعية رحمهم الله وجماعة معهم، ولكنه قول مرجوح،
الصواب أنه لا يستحب ؛ لأنه ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي قال : قلت لأبي : يا أبتِ إنك صليت خلف رسول الله ﷺ وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفكانوا يقنتون في الفجر؟! فقال : أي بني محدث.
فهذا يدل على أنه ليس معروفاً في عهده ﷺ ولا في عهد الخلفاء الراشدين في غير النوازل؛ ولهذا قال هذا الصحابي الجليل : إنه محدث، يعني الاستمرار عليه والقنوت من دون أسباب هذا هو الراجح وهو الأقوى دليلاً،... انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
- سئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
إذا كان الإنسان مأموماً هل يتابع هذا الإمام فيرفع يديه ويؤمن معه أم يرسل يديه على جنبيه؟
والجواب على ذلك أن نقول :
بل يؤمن على دعاء الإمام ويرفع يديه تبعاً للإمام خوفاً من المخالفة، وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجل إذا ائتم برجل يقنت في صلاة الفجر، فإنه يتابعه ويؤمن على دعائه،
مع أن الإمام أحمد رحمه الله لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه، لكنه رحمه الله رخص في ذلك؛ أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر خوفاً من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب... انتهى من (مجموع الفتاوى للعثيمين - المجلد الرابع عشر - باب صلاة التطوع).
اقرأ أيضا : 5 بدع شائعة في دعاء القنوت يجب تجنبها
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق