القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

جواز الترحم على أهل البدع بعد موتهم


 يجوز الترحم على أهل البدع غير المكفرة سراً لأنهم مسلمون ولكن ليس جهارا على الملأ فليس هذا من هدى السلف الصالح ولم ينقل عنهم أنهم ترحموا جهاراً على من مات من أهل البدع بل كانوا يفرحون بموتهم فقف حيث وقف القوم . 

فلم يكن السلف الصالح يقتصرون على التحذير من أمثال هؤلاء وهم أحياء فقط فإذا ماتوا ترحموا عليهم وبكوا على فراقهم بل كانوا يبينون حالهم بعد موتهم ويظهرون الفرح بهلاكهم ويبشر بعضهم بعضا بذلك .

ففي الصحيحين من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن موت أمثال هؤلاء : (يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) . فكيف لا يفرح المسلم بموت من آذى العباد وأفسد في البلاد؟!.

ومن هدى السلف الصالح فى ذلك :

1- لما جاء خبر موت المريسي الضال وبشر بن الحارث في السوق قال : (لولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود والحمد لله الذي أماته). [تاريخ بغداد: 7/66] [لسان الميزان: 2/308].

2- وقيل للإمام أحمد بن حنبل : الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد عليه في ذلك إثم؟ قال : (ومن لا يفرح بهذا)؟!. [السنة للخلال: 5/121]

3- وقال سلمة بن شبيب : كنت عند عبد الرزاق- يعني الصنعاني- فجاءنا موت عبد المجيد فقال : (الحمد لله الذي أراح أمة محمد من عبد المجيد). [سير أعلام النبلاء: 9/435]، وعبد المجيد هذا هو ابن عبد العزيز بن أبي رواد وكان رأسا في الإرجاء.

4- ولما جاء نعي وهب القرشي وكان ضالا مضلا لعبد الرحمن بن مهدي، قال : (الحمد لله الذي أراح المسلمين منه). [لسان الميزان لابن حجر: 8/402].

5- وقال الحافظ ابن كثير في [البداية والنهاية12/338] عن أحد رؤوس أهل البدع : (أراح الله المسلمين منه في هذه السنة في ذي الحجة منها ودفن بداره، ثم نقل إلى مقابر قريش فلله الحمد والمنة . وحين مات فرح أهل السنة بموته فرحا شديدا وأظهروا الشكر لله فلا تجد أحدا منهم إلا يحمد الله )! .اه

هكذا كان موقف السلف الصالح رحمهم الله عندما يسمعون بموت رأس من رؤوس أهل البدع والضلال .

وقد يحتج بعض الناس 

على ضد هذا الموقف بما نقله الحافظ ابن القيم في [مدارج السالكين: 2/345] عن موقف شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية من خصومه حيث قال :

 (وجئت يوما مبشرا له بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع،...).

ولكن من تأمل ذلك وجد أنه لا تعارض بين الأمرين فمن سماحة شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا ينتقم لنفسه ولذلك عندما أتاه تلميذه يبشره بموت أحد خصومه وأشدهم عداوة وأذى له نهره وأنكر عليه فالتلميذ إنما أبدى لشيخه فرحه بموت خصم من خصومه لا فرحه بموته لكونه أحد رؤوس البدع والضلال .

وفي مقابل هذا الفرح مع الأسف يحزن آخرون ويبكون أسفا وحزنا إذا مات أحد هؤلاء ويدعون الله أن يخلف على المسلمين مثله! لا أجاب الله دعاءهم .

قال الشيخ زيد المدخلى رحمه الله :

"فإذا ماتوا وهم على الإسلام :

 لا حرج من أن يُترحّم عليهم فيقول : رحمه الله . لكن لا يعلن ويشهر تحسّره عليه لأن صاحب البدعة من أعداء أهل السنة  فلا يُظهر أهلُ السنة الأسفَ عليه  لأن موته خير لأهل الأرض من بقائه .

فبحكم الإسلام : له أن يترحّم عليه بينه وبين نفسه فلا يُعلن ذلك  لأن خطر أهـل البدع واضح ومعلوم على أهل السنة ومحاربتهم لها " .انتهى من إحدى المواقع الاسلامية. 

وقال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله :

أهل السنة والجماعة لا يمنعون من الإستغفار لمؤمن ولو كان مبتدعا، ولو كان عاصيا ولكن أهل الأهواء والبدع لا يظهر الإستغفار لهم علنا زجرا عن البدع وإن كان الإنسان في نفسه يستغفر لهم وإذا كان لوحده يستغفر لهم لكن لا يظهر ذلك على رؤوس الأشهاد لأن هذا يهوّن من شأن معاصيهم في نفوس العامة ويجرئ العامة على ذلك .اه (دراسات في المنهج | ص ١٤٦-(١٤٧)) 

وأما عن التحذير من الميت المبتدع وعدم ستر ما يظهر عليه من علامات سوء الخاتمة عند تغسيله ليحذر الناس من دعوته وينفروا عنه ولا يغتروا به .

     قال الشيخ العثيمين رحمه الله في بابتحريم سب الأموات بغير حق ومصلحة شرعية) :

قال المؤلف – رحمه الله – في كتاب “رياض الصالحين” : باب تحريم سب الأموات بغير حق أو مصلحة شرعية.

“الأموات ” يعني : الأموات من المسلمين، أما الكافر فلا حُرمة له إلا إذا كان في سبه إيذاء للأحياء من أقاربه فلا يسب، وأما إذا لم يكن هناك ضرر فإنه لا حرمة له. وهذا هو معنى قول المؤلف– رحمه الله -: “ بغير حق”.

لأن لنا الحق أن نسب الأموات الكافرين الذين آذوا المسلمين وقاتلوهم ويحاولون أن يفسدوا عليهم دينهم .

“أو مصلحة شرعية ” : مثل أن يكون هذا الميت صاحب بدعة ينشرها بين الناس، فهنا من المصلحة أن نسبَّه، ونحذِّر منه، ومن طريقته، لئلا يغتر الناس به .اهـ  (شرح رياض الصالحين (2 /230-231 ))

     وقال أيضا رحمه الله :

     قوله : “ وعلى الغاسل ستر ما رآه إن لم يكن حسنًا ” أي : على غاسل الميت ستر ما رآه من الميت إن لم يكن حسنًا؛ فربما يرى منه ما ليس بحسن، إما من الناحية الجسدية، وإما من الناحية المعنوية، فقد يرى – والعياذ بالله – وجهه مظلمًا متغيرًا كثيرًا عن حياته، فلا يجوز أن يتحدث إلى الناس، ويقول : إني رأيت وجهه مظلمًا؛ لأنه إذا قال ذلك ظن الناس به سوءًا، وقد يكون وجهه مسفرًا حتى إن بعضهم يُرى بعد موته متبسمًا فهذا لا يستره، أما السيئ من الناحية الجسدية، فإن الميت قد يكون في جلده أشياء من التي تسوؤه إذا اطلع الناس عليها، كما قال الله تعالى في قصة موسى : { تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } أي : قد يكون فيه برص يكره أن يطلع الناس عليه، فلا يجوز للإنسان أن يقول : رأيت فيه برصًا، وقد يتغير لون الجلد ببقع سوداء، والظاهر – والله أعلم – أنها دموية، فلا يذكرها للناس بل يجب أن يسترها .

قال العلماء :

 إلا إذا كان صاحب بدعة، وداعية إلى بدعته، ورآه على وجهٍ مكروه، فإنه ينبغي أن يبين ذلك حتى يحذر الناس من دعوته إلى البدعة، لأن الناس إذا علموا أن خاتمته على هذه الحال، فإنهم ينفرون من منهجه وطريقه، وهذا القول لا شك قول جيد وحسن، لما فيه من درء المفسدة التي تحصل باتباع هذا المبتدع الداعية، وكذا لو كان صاحب مبدأ هدّام كالبعثيين والحداثيين .اهـ (“الشرح الممتع على زاد المستقنع” (5 /297-298))

نسأل الله عز وجل أن يفرحنا بهلاك كل داعية إلى ضلال وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يثبتنا على دينه وعلى التمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم .


والله اعلم


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات