القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يجوز التيمم من الجنابة في البرد الشديد؟


 يجوز رفع الجنابة بالتيمم فى حالة فقد الماء أو تعذر إستعماله بسبب مرض أو جرح أو شدة برد بحيث يعجز عن تسخينه،

وإن خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن الضرر مثل أن يغسل عضوًا عضوًا وكلما غسل شيئًا ستره لزمه ذلك ،

وإن لم يقدر وعجز عن ذلك فإنه يتيمم ويصلى ولا يحتاج معه إلى الوضوء لقيام التيمم مقام الغسل وهو كاف لرفع ‏الحدثين الأكبر والأصغر ثم إذا وجد الماء بعد ذلك وجب عليه الإغتسال عما مضى ولا يعيد الصلاة.

والدليل :

1- عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ‌احتلمت في ليلة باردة في غزوة " ذات السلاسل " فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح  فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ 

فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ). النساء/29، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً . " صحيح أبي داود " .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين .اه " فتح الباري " ( 1 / 454 ) .

 فمن عجز عن الماء لمرض يضره الماء أو لعدم وجود الماء ليس معه إلا ماء قليل لحاجته لأكله وشربه فإنه يتيمم والحمد لله؛ لأن الله يقول : فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا. [المائدة:6]، 

ويقول النبي ﷺ : الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، يتيمم في الأرض اللي هو فيها، يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه،هذا هو الواجب على كل مسلم .

2- عن عمران بن حصين رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل في القوم ، فقال : يا فلان ، ما منعك أن تصلي في القوم ؟ فقال : يا رسول الله ، أصابتني جنابة ، ولا ماء . قال : عليك بالصعيد ، فإنه يكفيك .

 وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد الماء فأعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال : ( اذهب فأفرغه عليك ) . رواه البخارى

قال النوويُّ رحمه الله :

وإذا صلَّى الجنُب بالتيمُّم ثمَّ وجد الماء، وجب عليه الاغتسالُ بإجماع العلماء، إلَّا ما حُكي عن أبي سَلمة بن عبد الرَّحمن الإمام التابعي أنَّه قال : لا يلزَمُه، وهو مذهب متروكٌ بإجماعِ مَن قبله ومَن بَعدَه، 

وبالأحاديث الصَّحيحة المشهورةِ في أمرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للجُنُبِ بغَسلِ بَدَنِه إذا وجَدَ الماء .اه ((شرح النووي على مسلم)) (4/57).

قال أيضا رحمه الله :

أجمَعَ العُلَماءُ على جواز التيمُّم عن الحدَث الأصغر، وكذلك أجمع أهلُ هذه الأعصار ومَن قبلَهم على جوازه للجُنُب، والحائض والنُّفَساء، ولم يخالِفْ فيه أحدٌ من الخَلَف، ولا أحدٌ من السَّلف، 

إلَّا ما جاء عن عُمرَ بن الخطَّاب وعبدِ الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عنهما، وحُكي مثلُه عن إبراهيم النَّخَعي الإمام التابعيِّ ، 

وقيل : إنَّ عمر وعبد الله رجعَا عنه، وقد جاءت بجوازه للجنُب الأحاديثُ الصَّحيحةُ المشهورة . انتهى من ((شرح النووي على مسلم)) (4/57).

قال ابن قدامة رحمه الله :

وإن خاف من شدَّة البَرد، وأمكنه أن يسخِّنَ الماء، أو يستعمِلَه على وجهٍ يأمَن الضَّرر، مثل : 

أن يغسِلَ عضوًا عضوًا، وكلَّما غسل شيئًا ستَرَه، لزمه ذلك، وإن لم يقدِر، تيمَّم وصلَّى في قول أكثَرِ أهل العلم . اه ((المغني)) (1/192).

قال ابن تيمية رحمه الله  :

من أصابته جنابة من احتلام أو جماع حلال أو حرام فعليه أن يغتسل ويصلي ،

فإن تعذر عليه الاغتسال لعدم الماء أو لتضرره باستعماله مثل أن يكون مريضا يزيد الاغتسال في مرضه أو يكون الهواء باردا وإن اغتسل خاف أن يمرض بصداع أو زكام أو نزلة،
 
فإنه يتيمم ويصلي . سواء كان رجلا أو امرأة وليس له أن يؤخر الصلاة عن وقتهااه ("مجموع الفتاوى" (21/451)) 

وقال أيضا رحمه الله :

التيمم جائز إذا عدم الماء، وخاف المرض باستعماله، كما نبه اللّه تعالى ـ على ذلك بذكر المريض، وذكر من لم يجد الماء‏.‏ 

فمن كان الماء يضره بزيادة في مرضه؛ لأجل جرح به، أو مرض، أو لخشية البرد ونحو ذلك، فإنه يتيمم سواء كان جنبًا أو محدثا، ويصلي‏.‏

وإذا جاز له الصلاة جاز له الطواف، وقراءة القرآن، ومس المصحف، واللبث في المسجد‏ ولا إعادة عليه إذا صلى، سواء كان في الحضر أو في السفر، في أصح قولي العلماء‏.‏

فإن الصحيح‏ :‏ أن كل من فعل ما أمر به بحسب قدرته من غير تفريط منه، ولا عدوان، فلا إعادة عليه، لا في الصلاة، ولا في الصيام، ولا الحج‏.‏ 

ولم يوجب اللّه على العبد أن يصلي الصلاة الواحدة مرتين، ولا يصوم شهرين في عام، ولا يحج حجين‏ إلا أن يكون منه تفريط، أو عدوان‏.‏ 

فإن نسي الصلاة كان عليه أن يصليها إذا ذكرها، وكذلك إذا نسي بعض فرائضها‏ :‏ كالطهارة، والركوع، والسجود‏.‏ 

وأما إذا كان عاجزًا عن المفروض‏ : كمن صلى عريانًا لعدم السترة، أو صلى بلا قراءة لانعقاد لسانه، أو لم يتم الركوع والسجود لمرضه ونحو ذلك ، فلا إعادة عليه‏‏ ولا فرق بين العذر النادر، والمعتاد ، وما يدوم وما لا يدوم‏.‏

وقد اتفق المسلمون على أن المسافر إذا عدم الماء صلى بالتيمم، ولا إعادة عليه، وعلى أن العريان إذا لم يجد سترة صلى، ولا إعادة عليه‏.‏

 وعلى أن المريض يصلي بحسب حاله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين‏ :‏ صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب‏)‏ ولا إعادة عليه ‏.‏اه (مجموع الفتاوى:21/441)

وقال أيضا رحمه الله :

 يجوز للرجل إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله، وإن كان جنبًا‏ فإذا خشي إذا اغتسل بالماء البارد أن يضره، ولا يمكنه الاغتسال بالماء الحار في بيت ولا حمام، ولا غيرهما، جاز له التيمم، ولا إعادة ـ على الصحيح.

 وإن أمكنه دخول الحمام بجعل، وجب عليه ذلك، إذا كان واجدًا لأجرة الحمام من غير إجحاف في ماله، كما يجب شراء الماء للطهارة‏.‏ 

وإذا كان ممن يمكنه أن يرهن عند الحمامي الطابية والميزب، ويوفيه في أثناء يوم، ونحو ذلك، فعله‏.‏ 

وإن كان في أداء أجرة الحمام ضرر كنقص نفقة عياله، وقضاء دينه، صلى بالتيمم ‏.‏ واللّه أعلم ‏.‏ اه (مجموع الفتاوى لابن تيمية 1-21 مع الفهارس ج12 )

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا أو تستطيع تسخين البارد أو الشراء من جيرانك أو غير جيرانك : 

فالواجب عليك أن تعمل ذلك ؛ لأن الله يقول : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم ) فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء ،

فإن عجزت وكان البرد شديداً وفيه خطر عليك  ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك : فأنت معذور ، ويكفيك التيمم لقول الله تعالى( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم ). 

وقوله سبحانه : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ )والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء . اه (" مجموع فتاوى ابن باز" (10/199، 200)) .

وسئل أيضا رحمه الله :

هل التيمم يُسقط عن الجنب الاغتسال بتاتا ؟ وكم صلاة يمكن أن أصلي به؟

فأجاب :

التيمم يقوم مقام الماء فالله جعل الأرض مسجداً وطهوراً للمسلمين فإذا فقد الماء أو عجز عنه لمرض قام التيمم مقامه،

 فلا يزال كافيا حتى يجد الماء فإذا وجد الماء وجب عليه الغسل عن جنابته السابقة وهكذا المريض إذا برئ وعافاه الله يغتسل عن جنابته السابقة التي طهرها بالتيمم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : 

( الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ). ثم قال : ( فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ بَشَرَتَك ) . رواه الترمذي ، من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، ورواه البزار ، وصححه ابن القطان ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

 فإذا وجد الماء الجنب أمسه بشرته ، أي : اغتسل بعد ذلك عما مضى ، وأما صلواته الماضية فهي صحيحة بالتيمم عند فقده الماء أو عجزه عن استعماله ؛ لمرض يمنعه من الماء حتى ينتهي المرض ويشفى منه وحتى يجد الماء إذا كان فاقدا له ولو طالت المدة .

المقدم : إنما بقاؤه بالتيمم لا يجوز بعد أن يجد الماء؟

الشيخ : أو بعد أن يشفى . انتهى.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

وهذا دليل على أن التيمم مطهر وكاف عن الماء  لكن إذا وجد الماء فإنه يجب استعماله ولهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرغه على نفسه بدون أن يحدث له جنابة جديدة " .اه  ("مجموع الفتاوى" (11/239)) 

وجاء في الموسوعة الفقهية :

اتفق الفقهاء على جواز التيمم للمريض إذا تيقن التلف ،

وكذلك عند الأكثرين إذا خاف من استعمال الماء للوضوء أو الغسل على نفسه أو عضوه، هلاكه أو زيادة مرضه, أو تأخر برئه ويعرف ذلك بالعادة أو بإخبار طبيب حاذق مسلم عدل،

واكتفى بعض الحنفية بأن يكون مستورًا أي : غير ظاهر الفسق . اهـ.

وأما كيفية التيمم

لابد أن نعلم أن التيمُّم مختصٌّ بالوجه واليدين سواء تيمَّمت عن الحدَث الأصغر أو الأكبر ،

فتنوى رفع الحدث عنك بأن تضرب بكفَّيك الأرض ضربة واحدة ضربة خفيفة ثم تمسح بهما وجهَك كله ثم كفَّيك وإذا علِقَ بكفيك التُّراب تنفخ فيهما ثمَّ تمسح بهما وجهَك ثم كفَّيك ،

هذا هو المشروعُ فتكفي ضربةٌ واحدة للكفَّين والوجه هذا هو السُّنة .

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

الكيفيَّةُ عندي التي توافِقُ ظاهِرَ السنَّة : 

أن تضرِبَ الأرضَ بيديك ضربةً واحدةً بلا تفريجٍ للأصابعِ، وتمسَح وجهَك بكفَّيك، ثمَّ تمسَح الكفَّينِ بعضَهما ببعضٍ، وبذلك يَتِمُّ التيمُّمُ . اه ((الشرح الممتع)) (1/413).


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات