يجوز التيمم لرفع الجنابة في حال عدم توفر الماء أو تعذّر استخدامه بسبب مرض أو جرح أو برودة شديدة مع تعذر تسخينه وشراؤه.
** أما إذا خاف من شدة البرد، وكان بإمكانه تسخين الماء أو استخدامه بطريقة تمنع الضرر، كأن يغسل عضوًا عضوًا ويغطي ما تم غسله، فعليه القيام بذلك.
** وإذا لم يتمكن من تسخين الماء أو استخدامه بطريقة آمنة، فإنه يتيمم ويصلي،
ولا يحتاج للوضوء ، لأن التيمم يقوم مقام الغسل ويكفي لرفع الحدثين الأكبر والأصغر.
** فيقوم المسلم بضرب الأرض بيديه ضربة واحدة بلا تفريج للأصابع، ويمسح وجهه بكفيه، ثم يمسح الكفين بعضهما ببعض، وبذلك يتم التيمم.
** وفي حال توفر الماء لاحقًا، يتوجب عليه الإغتسال، لكنه لا يعيد الصلاة التي أداها.
ودليل ذلك:
1- قوله تعالى : فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا. [النساء: 43].
* وجه الدلالة : أن من لم يقدر على استعمال الماء، يعد في حكم العادم للماء؛ ولذلك يباح له التيمم. ينظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/36).
2- عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة " ذات السلاسل " فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟
فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ). النساء/29، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً. " صحيح أبي داود " .
* وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين. ينظر: " فتح الباري " ( 1 / 454 ) .
3- قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء، ولو إلى عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك. (صحيح-تخريج سير أعلام النبلاء-للأرناؤوط -رقم : (2/49)).
- قال ابن عبدِ البَرِّ: الإجماعُ على أنَّ الجُنب إذا صلَّى بالتيمُّم ثمَّ وجد الماءَ، لزِمه الغُسل. ينظر: ((الاستذكار)) (1/318).
* الجنابة : تطلق على كل من أنزل المني بشهوة إما من احتلام أو بجماع أو غيره، وسميت بذلك؛ لاجتناب صاحبها الصلاة والعبادات حتى يطهر منها.
** إليك كلام أهل العلم:
- قال النوويُّ رحمه الله :
أجمَعَ العُلَماءُ على جواز التيمُّم عن الحدَث الأصغر،
وكذلك أجمع أهلُ هذه الأعصار ومَن قبلَهم على جوازه للجُنُب، والحائض والنُّفَساء، ولم يخالِفْ فيه أحدٌ من الخَلَف، ولا أحدٌ من السَّلف،
إلَّا ما جاء عن عُمرَ بن الخطَّاب وعبدِ الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عنهما، وحُكي مثلُه عن إبراهيم النَّخَعي الإمام التابعيِّ ،
وقيل : إنَّ عمر وعبد الله رجعَا عنه، وقد جاءت بجوازه للجنُب الأحاديثُ الصَّحيحةُ المشهورة. ينظر: ((شرح النووي على مسلم)) (4/57).
- قال ابن قدامة رحمه الله :
وإن خاف من شدَّة البَرد، وأمكنه أن يسخِّنَ الماء، أو يستعمِلَه على وجهٍ يأمَن الضَّرر، مثل :
أن يغسِلَ عضوًا عضوًا، وكلَّما غسل شيئًا ستَرَه، لزمه ذلك ، وإن لم يقدِر، تيمَّم وصلَّى في قول أكثَرِ أهل العلم. ينظر: ((المغني)) (1/192).
- قال ابن تيمية رحمه الله :
التيمم جائز إذا عدم الماء، وخاف المرض باستعماله، كما نبه اللّه تعالى ـ على ذلك بذكر المريض، وذكر من لم يجد الماء.
فمن كان الماء يضره بزيادة في مرضه؛ لأجل جرح به، أو مرض، أو لخشية البرد ونحو ذلك، فإنه يتيمم سواء كان جنبًا أو محدثا، ويصلي.
وإذا جاز له الصلاة جاز له الطواف، وقراءة القرآن، ومس المصحف، واللبث في المسجد ولا إعادة عليه إذا صلى،
سواء كان في الحضر أو في السفر، في أصح قولي العلماء.
فإن الصحيح : أن كل من فعل ما أمر به بحسب قدرته من غير تفريط منه، ولا عدوان، فلا إعادة عليه، لا في الصلاة، ولا في الصيام، ولا الحج.
... وقد اتفق المسلمون على أن المسافر إذا عدم الماء صلى بالتيمم، ولا إعادة عليه، وعلى أن العريان إذا لم يجد سترة صلى، ولا إعادة عليه.
وعلى أن المريض يصلي بحسب حاله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين :
صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب. ولا إعادة عليه. ينظر: (مجموع الفتاوى:21/441).
- وقال أيضا رحمه الله :
يجوز للرجل إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله، وإن كان جنبًا فإذا خشي إذا اغتسل بالماء البارد أن يضره،
ولا يمكنه الاغتسال بالماء الحار في بيت ولا حمام، ولا غيرهما، جاز له التيمم، ولا إعادة ـ على الصحيح... ينظر: (مجموع الفتاوى لابن تيمية 1-21 مع الفهارس ج12 ).
- وقال بدر الدين العيني رحمه الله :
أجمعوا على أنه لو خاف على نفسه الهلاك، أو على عضوه ومنفعته، يباح له التيمم. ينظر: ((البناية شرح الهداية)) (1/517).
- قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا أو تستطيع تسخين البارد أو الشراء من جيرانك أو غير جيرانك :
فالواجب عليك أن تعمل ذلك ؛ لأن الله يقول : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم )، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء ،
فإن عجزت وكان البرد شديداً وفيه خطر عليك ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك :
فأنت معذور ، ويكفيك التيمم ، لقول الله تعالى : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم )... ينظر: (" مجموع فتاوى ابن باز" (10/199، 200)) .
اقرأ أيضا : طريقة التيمم الصحيحة.
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق