البدعة: هو شرع ما لم يأذن الله به ولم يكن عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؛ ولهذا فسر النبي صلى الله عليه وسلم البدعة بقوله :(كل عمل ليس عليه أمرنا).
وأما مات على بدعة لم يتب منها :
1 - فإن مات على بدعة لم يتب منها، وكانت بدعته كفرية تقدح في أصل الدين ،
كدعاء غير الله، وكبدعة القول بخلق القرآن، ونفي الرؤية، ونفي العلو، وغير ذلك مما هو كفر قولا أو فعلا أو اعتقادا،
ولم يكن صاحب هذه البدعة الكفرية معذورا بجهل أو تأويل أو إكراه، ومات عليها ولم يتب ،
كان مخلداً في النار كغيره من الكفرة والمشركين، فبدعته وجميع عمله مردود، قال تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا }.( سورة الفرقان الآية ٢٣).
2 - وإن مات على بدعة لم يتب منها كإحداث شيء في الدين لم يشرع الله ورسوله ، مثل :
بدعة الخروج على حكام المسلمين أو التزام صوم يوم النصف من شعبان وقيام ليلته واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ،
وما أحدثه الناس من قراءة القرآن قبل أذان الفجر، والتزام الذكر بأعداد معينة في أوقات معينة بهيئات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، وهذه بدع ليست كفرية،
فصاحب هذه البدعة تحت مشيئة الله، وهو متوعد بالنار، أي يستحق دخول النار ولكن لا يخلد فيها.
- سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
عن حديث : كلهم في النار إلا واحدة؟
فأجاب :
فالواحدة هم أهل السنة والجماعة، هم الصحابة وأتباعهم بإحسان، أهل التوحيد والإيمان،
والثنتان والسبعون متوعدون بالنار، فيهم الكافر، وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع،
فمن مات منهم على الكفر فله النار مخلدًا فيها،
ومن مات على بدعة دون كفر، أو على معصية دون كفر؛ فهذا تحت مشيئة الله، وهو متوعد بالنار. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
- وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
قول عليه الصلاة والسلام: ( ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) لا يعني أنها كلها مخلدة في النار،
بل تبتدع بدعة توجب التخليد في النار أو بدعة يستحق بها العبد أن يدخل بها النار ولكنه لا يخلد فيها،
تكون حاله حسب البدعة التي ارتكبها وخالف فيها ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه... انتهى باختصار من (سلسلة لقاء الباب المفتوح-(019)).
** إلا أن الغالب على المبتدعة عدم التوبة والعياذ بالله.
- قال القاضي رحمه الله :
سئل الإمام أحمد رحمه الله : عما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة " وحجز التوبة أيش معناه؟
قال أحمد : لا يوفق ولا ييسر صاحب بدعة ". انتهى من [غذاء الألباب 2/ 583].
- ويعلل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عدم توبة أهل البدع والأهواء بقوله :
لأن اعتقاد هؤلاء لبدعهم يدعوهم إلى ألا ينظروا نظرا تاما إلى دليل مخالفيهم من أهل الحق فلا يعرفون الحق،
ولهذا قال السلف : إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية. وقال أبو أيوب السختياني وغيره : إن المبتدع لا يرجع ". انتهى من [غذاء الألباب 2/ 581].
- سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
عن صحة الحديث : ( إن الله احتجز التوبة على كل صاحب بدعة) ؟
فأجاب :
الحديث يحتاج إلى تأمل ونظر في سنده.
لكن إنما يخشى عليهم، وذلك أن الغالب عليهم أنهم يستحسنون آرائهم ويبقون عليها نسأل الله العافية ، وإلا فإن كثيراً من أهل البدع تابوا وتاب الله عليهم .
وإن صح الحديث فهو من باب الوعيد والتحذير نسأل الله العافية، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم في المدينة :
(( مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا )) هذا من باب الوعيد، وإلا من تاب تاب الله عليه. انتهى من ( شرح كتاب فضل الإسلام - للعلامة ابن باز)
وأخيرا تأمل هذا الأثر
رأى سعيد بن المسيب رحمه الله رجلًا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين فنهاه، فقال : يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة؟
قال : لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة. (رواه البيهقي في السنن الكبرى، وصححه الألباني).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق