يجوز المسح على الشراب الممزق والرقيق الشفاف والخفيف كما يجوز على الشراب الثخين، ولا يُشترط أن يكون الجورب ساتراً لمحل الفرض.
** لأنه لا دليل على هذا الشرط فإن اسم الجوارب (الشَّراب) ما دام باقياً فإنه يجوز المسح عليه،
لأن السنة جاءت بالمسح على الجوارب (الشَّراب) على وجه مطلق وما أطلقه الشارع فإنه لايصح لأحد أن يقيده ، فكل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل.
** ولأنه لو كان الشراب الممزق والرقيق يمنع مِنَ المسح لَبيَّنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ المَقامَ مَقامُ بيانٍ، و«تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لَا يَجُوزُ» كما تَقَرَّرَ في القواعد.
** فيكون المسح على القدم إذا كانت مستورةً، ولا يلزم أن يكون السَّاتر قد أغلق على العضو إغلاقًا تامًّا لا يبدو منه شيء،
ولذلك إذا كان الجورب قاصرًا على الكعبين أو كان فيه شقوقٌ ممزق فيجوز المسح عليه ، وكذلك إذا كان خفيفًا فإنه يجوز المسح عليه لأنه ساترٌ للقدم.
** ولكن يشترط في صحة المسح على الشراب الممزق والرقيق أن تكون ملبوسة على طهارة .
وإليك الأدلة :
1 - عن أبي موسى الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. (صحيح ابن ماجه-رقم : (460)).
2 - عن المغيرة بن شعبة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. (صحيح أبي داود-رقم : (159)).
3 - جاء فى الأثر: أنه مسح على الجوربين -علي بن أبي طالب وابن مسعود والبراء ابن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس. (صحيح أبي داود-رقم : (159)).
* أي : ثبت عن هذا الجمع من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين هذا الفعل، وهذا من الأفعال التعبدية التي لا تكون بالاجتهاد، ومثل هذا يكون له حكم الرفع،
أي : إن هؤلاء الصحابة قد أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فدل على أنه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه.
4 - وروى عبد الرزاق- بإسناد صحيح - عن قتادة عن أنس بن مالك : أنه كان يمسح على الجوربين قال : نعم، يمسح عليهما مثل الخفين. ينظر: (مصنف عبد الرزاق(١/٢٠٠)).
** إذن ما ذكره بعض الفقهاء من شروط للجوربين الذين يمسح عليهما بأن يكونا منعلين أو مجلدين أو ثخينين وغير ذلك من الشروط،
فلم يقم دليل صحيح على اعتبار هذه الشروط، ولم يرد دليل على تقييد الجوربين بهذه الشروط.
** وإليك كلام أهل العلم:
- قال الإمام ابن حزم رحمه الله :
اشتراط التجليد خطأ لا معنى له لأنه لم يأت به قرآن ولا سنة ولا قياس صاحب.
والمنع من المسح على الجوربين خطأ لأنه خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاف الآثار. ينظر: (المحلى (1/324)).
- وعقب الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله : على كلام ابن حزم المذكور- بقوله :
يؤيده أن كل المروي في المسح على الجوربين مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه قيد و لا شرط ، ولا يفهم ذلك لا من منطوقه ولا من مفهومه ولا من إشارته،
وجلي أن النصوص تحمل على عمومها إلى ورود مخصص وعلى إطلاقها حتى يأتي ما يقيدها، ولم يأت هنا مخصص ولا مقيد لا في حديث ولا أثر. انتهى من (رسالة المسح على الجوربين ٧٠ - (٧١)).
- قال الإمام النووي رحمه الله :
وحكى ابن المنذر : إباحة المسح على الجوربين- عن تسعة من الصحابة : علي وابن مسعود وابن عمر وأنس وعمار بن ياسر وبلال والبراء وأبي أمامة وسهل بن سعد. ينظر: ((المجموع)) (1/٤٩٩).
- وقال أيضا رحمه الله :
حكَى أصحابنا عن : عُمر وعليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما جوازَ المسحِ على الجورَبِ، وإنْ كان رقيقًا. ينظر: ((المجموع)) (1/500).
- وقال ابن قدامة رحمه الله :
... لأنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم مسَحوا على الجوارِبِ، ولم يظهرْ لهم مخالِفٌ في عَصرِهم ؛ فكان إجماعًا. ينظر: ((المغني)) (1/215).
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما سواء أكانت مجلدة أو لم تكن في أصح قولي العلماء،
ففي السنن : "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه" وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك،
فإن الفرق بين الجوربين والنعلين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة....
وأيضاً فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء... ينظر: (مجموع الفتاوى (21/214 )).
- وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
القول الراجح : أنَّه يجوزُ المسحُ على الجَوربِ المخرَّقِ، والجوربِ الخفيف الذي تُرى من ورائِه البَشَرة؛
لأنَّه ليس المقصودُ مِن جواز المسحِ على الجورَبِ ونحوه أن يكون ساترًا. ينظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/167).
- وقال أيضا رحمه الله :
ومنهم مَن قال : لا يُشترَطُ ذلك كلُّه، وإنَّه يجوزُ المسح على الجَوربين الرقيقينِ ولو كان يُرى من ورائهما الجِلدُ، ولو كانَا يمكِنُ أن يمضِيَ الماءُ منهما إلى القدَم،
وهذا القَولُ هو الصَّحيح؛ لأنَّه لا دليلَ على الاشتراط، والحكمة من جواز المسح موجودة في الرقيقين كما هي موجودة في الثخينين. ينظر: ((نور على الدرب-260)).
- وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
إذا تقرر هذا فحديث الجوربين مما تلقى بالقبول وعضده عمل الصحب عليهم رضوان الله ووافق آية : { وامسحوا برءوسكم وأرجلكم } على قراءة الجر والنصب إذا رجعت إليه،
ويندرج تحت قاعدة رفع الحرج ويوافق مسح الخف وجميع هذه مما يصحح المروي أيما تصحيح... ينظر: ( ص27 - 43كتاب المسح على الجوربين -للألباني).
** هذا، وقد ثبت المسح على الجوربين -أيضاً- عن بعض الصحابة، وجمع من كبار الفقهاء من التابعين والأئمة المجتهدين وغيرهم،
لذلك ينظر: رسالة الشيخ جمال الدين القاسمي«المسح على الجوربين» التي حققها الشيخ أحمد شاكر،
وخرَّج أحاديثها شيخنا الإمام الألباني، وله عليها ذيل اسمه «تمام النُّصح في أحكام المسح». ففيهما كفاية.
https://bit.ly/4fGPmIE
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق