يُكره ابتداء الصلاة وهو يحبس أو يُدافع البول والغائط وخروج الريح أو أحدهم فإن صلى دون أن يقضي حاجته صحت صلاته مع الكراهة ولكن الأولى للمسلم ألا يصلي بهذه الحالة بل يقضي حاجته من غائط وبول وريح ثم يتوضأ ويصلي وهو مطمئن القلب خاشع الجوارح خاشع القلب مقبل على صلاته هذا هو الذي ينبغي للمؤمن .
فعن عائشة رضي الله عنها : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان ) . رواه مسلم. الأخبثان : الغائط والبول .
قال النووي رحمه الله :
" في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب به ، وذهاب كمال الخشوع وكراهتها مع مدافعة الأخبثين وهما : البول والغائط ".انتهى
فإن صلى دون أن يقضي حاجته صحت صلاته مع الكراهة لأن النهي فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم تعلق بفوات فضيلة الخشوع لا فريضة فجمهور العلماء يحملون قول النبى على نفي الكمال لا على نفي الصحة
قال الخرشي في شرح مختصر خليل :
أو أتى به على حالة غير مرضية بأن يضم وركيه أو فخذيه ولا يأتي بالصلاة إلا بصعوبة شديدة .
واعلم أن محل بطلانها بالشغل إذا دام، وأما إذا حصل ثم زال فلا إعادة . اهـ
قال برهان الدين ابن مفلح :
ويكره أن يصلي وهو حاقن ، أي : بوله، سواء خاف الجماعة أو لا، لا نعلم فيه خلافا .انتهى من ((المبدع)) (1/426).
وسئل الشيخ الألبانى رحمه الله :
إنسان صلى وهو يصارع أحد الأخبثين, صلاته تسقط رأساً، وإلا لا تقبل أبدا؟
فأجاب :
صلى وهو محشور يعني, لا، صلاته صحيحة لكنها ناقصة فالرسول عليه السلام كان يقول : «لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان». والمقصود من الحديث هو أن يتفرَّغ المسلم بقلبه لعبادة ربه، وما ينشغل بنفسه.
لكن لو صلى هكذا ومحتفظ على كل أركان الصلاة والطهارة وما شابه، ذلك فصلاته صحيحة لكن يا تُرى شو ينكتب له، كما قال عليه السلام «إن الرجل ليُصَلِّي الصلاة وما يُكْتَب له منها إلا عُشْرُها تُسْعُها ثُمْنُها سُبْعُها سُدْسُها خُمْسُها نِصْفُها». هذا بالكثير فليحرص الإنسان إذاً أن يُكْتَب له من الصلاة أكبر قدر ممكن . انتهى من (الهدى والنور / ٥٢/ ٣٠: ٣٠: .. )
وسئل أيضا رحمه الله :
ما المقصود : «لا صلاة» أهي مطلقاً لا صلاة .. أم لا صلاة تامة، أفتونا جزاكم الله خيراً؟
فأجاب :
في المسألة للعلماء قولان اثنان :
أحدهما : أنها بمعنى : لا صلاة كاملة، أي : إذا صلى المسلم بحضرة طعام، والمقصود بحضرة طعام : ليس المعنى الظاهر، أي : أن هنا مائدة وُضِعَت هذا معنى : بحضرة طعام، لكن هو كان من قبل قد أكل حتى شبع وشرب حتى ارتوى، مع ذلك وُضِعَ الطعام، هل هذا هو المقصود؟ الجواب : لا، وإنما المقصود : «لا صلاة بحضرة طعام» أي : وهو تائق له محتاج إليه، ومع ذلك فهو صلى فهذه الصلاة هل هي صحيحة أم لا؟ كما قلت -آنفاً- بعد هذا التوضيح .
أقول : القول الأول وهو الذي عليه أكثر العلماء، أن المقصود نفي كمال الصلاة، وليس المقصود نفي صحتها، «لا صلاة» أي : لا صلاة كاملةً.
والقول الثاني : أن الحديث على ظاهره، أي : من صلى وهو تائق إلى الطعام وبحاجة إليه، فصلى وقلبه مشغول به، فهذا صلاته باطلة، كذلك وهو .. تمام الحديث : «وهو يدافعه الأخبثان» المعنى واحد سواءً في الفقرة الأولى أو في الفقرة الأخرى، فمن قال في الأولى : «لا صلاة كاملة» فكذلك في الأخرى، ومن قال بأنه «لا صلاة مطلقاً» أي : إن صلاته باطلة، فيقول أيضاً فيمن صلى وهو حاقن فصلاته أيضاً على القول الثاني إنها صلاة باطلة .
الذي حمل الجمهور القائلين على القول الأول، أي : أن يتأولوا قوله عليه السلام : «لا صلاة» بـ «لا صلاة كاملة» .. الذي حملهم على ذلك أمور، يحضرني منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر في بعض الأحاديث الصحيحة المروية في صحيح البخاري ومسلم : أن المصلي إذا قام يصلي جاء الشيطان وسَحَب من دُبُره شعرة، يُوهمه أنه قد خرج منه شيء يُبْطِل الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة : «فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً».
فإذاً : قد يشعر الإنسان بشيء من قرقرة في باطنه ولكنه لم يجد ريحاً ولا سمع صوتاً، فحينئذٍ لا ينصرف من صلاته فهذه اعْتَبِرُوها قرينة على أن قوله عليه السلام في الأول : «لا صلاة» إنما يعني : لا صلاة كاملةً، هذا الذي يحضرني من الجواب عن هذا السؤال . انتهى من (الهدى والنور /٧٣٢/ ٥٢: ٠٢: ٠١)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
وأما كون الصلاة تصح أو ما تصح فهذا محل نظر، والأقرب إن شاء الله الصحة إذا كان المصلي عقل صلاته وأتمها كما شرع الله، لكنه فعل أمرًا لا ينبغي، كونه يصلي وهو يدافع غائطًا أو بولًا أو ريحًا هذا خلاف ما شرعه الله، وأقل أحواله أن يكون مكروهًا وإن كان الظاهر من النص تحريم ذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن يتخلص من هذا ويعمل بالنص ويتباعد عن شبهة بطلان صلاته . انتهى من ( فتاوى نور على الدرب)
وقال أيضا رحمه الله :
إذا حضرت الصلاة، وحضر ما يشوش عليه صلاته من بول أو غيره؛ فإنه ينفتل ينصرف من المسجد ليتوضأ؛ لأن النبي قال : لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان الأخبثان : البول والغائط.
فإذا كانا يدافعانه فيشقان عليه، فإنه لا يصلي، بل يرجع إلى البيت حتى يتخلص منهما، ثم يصلي ولو في بيته إذا كان ما يمديه على الجماعة، يصلي في بيته؛ فصلاته في البيت مع الخشوع والسلامة من المدافعة أولى وأفضل من صلاته مع الإمام وهو يدافع الأخبثين .
والرسول ﷺ أراد بهذا العناية بالصلاة، وتعظيم شأنها؛ حتى تؤدى على خير وجه، فالمشغول بالبول أو بالغائط قد لا يؤديها على الكمال، وقد يشغل بهذين الأخبثين، فلا يؤديها كما ينبغي .
لكن لو كان التأثر بهما قليلًا وضعيفًا ما يشوش عليه صلاته؛ فإنه يصلي، ثم يخرج، ولا يذهب إلى البيت؛ إذا كانت المسألة خفيفة، والمدافعة لا تؤثر على صلاته، ولا تخل بخشوعه؛ لأنه إنما أحس بذلك شيئًا قليلًا، لا يشق عليه، فإنه يصلي، أما إذا كانت المدافعة شديدة وقوية؛ فإنه يخرج من المسجد، بل ويقطع الصلاة حتى يفرغ منهما . انتهى من ( فتاوى نور على الدرب)
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
صلاته مدافع الأخبثين صحيحة عند جمهور أهل العلم ويحملون قوله صلى الله عليه وسلم : «لا صلاة لحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثان»، يحملون ذلك على نفي الكمال لا على نفي الصحة، ولكن مع هذا يكره له أن يصلي وهو يدافع الأخبثين؛ لأن ذلك يشغله عن الخشوع في الصلاة اللهم إلا إذا كانت المدافعة شديدة، فإن القول بأن صلاته لا تصح قول وجيه جداً لأنه لا يتمكن في هذه الحال من استحضار ما يقول وما يفعل، ولأن ذلك قد يسبب عليه ضرراً بدنياً وقد نهي عن إلحاق الضرر بالبدن، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لا ضرر ولا ضرار».
وأما كونه يخشى من فوات صلاة الجماعة فإنه لا حرج عليه لو فاتته صلاة الجماعة في هذه الحال، فإذا ذهب وقضى حاجته وتوضأ فإنه لو فاتته الجماعة لا إثم عليه ولا حرج . انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [126])
وقال أيضا رحمه الله :
ولو قال قائل إنه حاقن ويخشى أنه إن قضى حاجته أن تفوته صلاة الجماعة فهل يصلي حاقنا ليدرك الجماعة أو يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة ؟ الثاني يعني يقضي حاجته ويتوضّأ ولو فاتته الجماعة لأن هذا عذر وإذا طرأ عليه في أثناء الصّلاة فله أن يفارق الجماعة طيّب .
وإذا قال قائل إن الوقت قد ضاق وهو الآن يدافع أحد الأخبثين فإن قضى حاجته وتوضّأ خرج الوقت وإن صلى قبل خروج الوقت صلى وهو يدافع الأخبثين فهل يصلي وهو يدافع الأخبثين أو يقضي حاجته ويصلي ولو بعد الوقت ؟
..... فللعلماء في هذه المسألة قولان :
القول الأول : أنه يصلي ولو مع مدافعة الأخبثين حفاظا على الوقت.
والقول الثاني : يقضي حاجته ويصلي ولو خرج الوقت وهذا القول الثاني أقرب إلى قواعد الشّريعة لأن هذا بلا شكّ من اليسر والإنسان إذا كان يدافع الأخبثين يخشى على نفسه ولكن جمهور أهل العلم على الأول يقولون إنه يصلي ولو مع المدافعة وهذه في المدافعة القريبة .
أما المدافعة الشديدة التي لا يدري ما يقول فيها ويكاد يتقطّع من شدّة الحصر فهذا لا شكّ أنه يقضي حاجته ثم يصلي وينبغي أن لا يكون في هذا خلاف .انتهى من (كتاب الصلاة-26- شرح / زاد المستقنع)
وأما من يشعر بحركة فى الدبر أثناء الصلاة
فلا يلتفت إلى ذلك وهذا ما أمر به رسول الله كما في الصحيحين عن عباد بن تميم، عن عمه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال : "لا ينفتل - أو لا ينصرف - حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا". ولكن إذا انتقض وضؤوك في الصلاة عن يقين بسماع الصوت أو بوجود الرائحة فعليك أن تعيد الوضوء والصلاة .
وأما من يعانى من انفلات الريح والغازات
بمعنى أنه يخرج منه باستمرار أو عدم التحكم به فله نفس حكم من به سلس البول فيجب عليه الوضوء لكل صلاة ولا يضره انفلات الريح أثناء الوضوء أو أثناء الصلاة لأنه ليس في وسعه أكثر من ذلك؛ وقد قال تعالى : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. [التغابن:16]. وعن أبى هريرة قال : قال - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أمركم بأمرٍ، فأتوا منه ما استطعتم". متفق عليه.
فله أن يصلي بوضوئه ما شاء من نوافل الفريضة حتى يدخل وقت الفريضة الأخرى فينتقض وضوؤه بدخول وقتها ويجب عليه الوضوء للفرض الجديد وهكذا وهذا إذا كان الانفلات يلازمه في جميع وقت الصلاة.
وأما إذا كان يعلم أن الغازات ستنقطع عنه وقتاً يمكنه فيه أن يتوضأ ويصلي الصلاة قبل خروج وقتها وجب عليه أن ينتظر ذلك الوقت فيتوضأ فيه ويصلي ولو أدى ذلك إلى فوات صلاة الجماعة لأن تحصيل شرط صحة الصلاة مقدم على كونها في جماعة .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق