لا بأس بإجتماع الناس والجلوس للعزاء إذا خلا المكان من البدع والمنكرات كالتدخين والبدع كالجلوس على الهيئة المعروفة اليوم لقراءة القرآن في بيت الميت فهذا بدعة محدثة وكأن يتكلف أهل الميت صنع الولائم وإطعام الناس فهذا شغل زائد على شغلهم وهو من البدع أو كإقامة السرادقات وإضاءة الأنوار من أجل الإفتخار والمباهاة فهذا من البدع. وهو مذهب الحنفية وبعض المالكية ورواية عن أحمد واختاره ابن باز .
والتعزية تكون في أي مكان لقي فيه المسلم أخاه فيعزي المسلم أهل المصاب في أي مكان قابلهم فيه سواء في المسجد عند الصلاة على الجنازة أو في المقبرة أو في الشارع أو السوق أو في منزلهم أو يتصل بهم بالهاتف ولا تحد بثلاثة أيام بل فى أى وقت .
والسنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاما يشبعهم أما المصابون أهل الميت فلا يجوز لهم في شرع الله أن يصنعوا طعاماً وحسبهم ما نزل بهم من مصيبة لقوله عليه السلام لأقارب جعفر : «اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد شغلهم ما يكفيهم» فشغل هؤلاء بمصيبتهم لا يجوز أن يُشْغِلوا أنفسهم بضيافة واستقبال المُعَزِّين وأن هذا ليس عرساً إنما هذا وفاة .
والدليل :
1- حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ : كُلْنَ مِنْهَا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ). رواه البخاري (5417) ، ومسلم (3216).
التلبينة : هي حساء يعمل من دقيق ونخالة وربما جعل معه عسل وسميت به تشبيها باللبن لبياضها ورقتها .
فهذا الحديث فيه الدلالة الواضحة على أنهم كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً سواء اجتماع أهل الميت أو اجتماع غيرهم معهم .
2- وعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : " لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَنْ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِعُمَرَ: أَرْسِلْ إلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ ، لاَ يَبْلُغُك عَنْهُنَّ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ . فَقَالَ عُمَرُ : " وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُهْرِقْنَ مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ ، أَوْ لَقْلَقَةٌ ". رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 290) ، وعبد الرزاق الصنعاني (3/ 558) بسند صحيح.
وَالنَّقْعُ : التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ .
وَاللَّقْلَقَةُ : الصَّوْتُ ، أي ما لم يرفعن أصواتهن أو يضعن التراب على رؤوسهن.
قال ابن الهمام رحمه الله :
ويجوز الجلوس للمصيبة ثلاثة أيام وهو خلاف الأَولى ويُكره في المسجد. انتهى من ("شرح فتح القدير" (2/150))
وقال الحَصْكَفي رحمه الله :
ولا بأس … بالجلوس لها ـ أي : التعزية ـ في غير مسجد ثلاثة أيام . انتهى من ("شرح تنوير الأبصار" (3/173ـ176))
قال ابن نُجيم الحنفي :
" وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ إلَيْهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْأَطْعِمَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ ". انتهى من " البحر الرائق" (2/207).
قال ابن عبد البر :
" وأرجو أن يكون أمر المتجالسة في ذلك خفيفاً ". انتهى من ("الكافي" (1/283))
قال شمس الدين المنبجي الحنبلي :
" إن كان الاجتماع فيه موعظة للمعزَّى بالصبر والرضا وحصل له من الهيئة الاجتماعية تسلية بتذاكرهم آيات الصبر وأحاديث الصبر والرضا فلا بأس بالإجتماع على هذه الصفة فإن التعزية سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن على غير الصفة التى تفعل في زماننا من الجلوس على الهيئة المعروفة اليوم لقراءة القرآن تارةً عند القبر في الغالب ،وتارةً في بيت الميت ، وتارة في المجامع الكبار فهذا بدعة محدثة ، كرهها السلف ". انتهى من " تسلية أهل المصائب " (ص: 121) .
وقال المرداوي رحمه الله :
" وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ ، قَالَ الْخَلَّالُ : سَهَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ...، وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ [ ابن تيمية ] . وَعَنْهُ : الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَلِغَيْرِهِمْ ، خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ". انتهى من "الإنصاف" (2/565)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
أما الجلوس للعزاء، فلا أصل له في الشرع، لكن إذا جلس جلوس العادة في بيته وجاءه إخوانه يعزونه في الجلوس المعتاد بعد المغرب, بعد الظهر, في الضحى الجلوس المعتاد لا بأس من غير أن يصنع وليمة، ولكن يجلس جلوس العادة, فيأتي إخوانه يسلمون عليه ويعزونه لا حرج في هذا، ولو بعد ثلاث، ولو عزوه بعد شهر، أو بعد عشر، إذا بلغهم الخبر متأخرا وعزوه لا بأس ولو بعد ثلاث لا حرج في ذلك، والحمد لله. يكفي التلفون في العزاء؟ يكفي التلفون في العزاء من طريق الهاتف، لا بأس، أو من طريق المكاتبة، والحمد لله . انتهى من (فتاوى نور على الدرب)
وأما أثر جرير بن عبد الله الذى قال فيه :
( كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ). رواه أحمد
فعلى القول بصحته فالمقصود منه :
الاجتماع الذي يكون فيه صنعٌ للطعام من أهل الميت لإكرام من يأتيهم ومن يجتمع عندهم ولذلك نص في الأثر على الأمرين :
( كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ : مِنْ النِّيَاحَةِ ) ، فاجتماع هذين الوصفين معاً ، هو الذي يعد من النياحة .
إذن النياحة أن يجتمع الناس عند أهل الميت ويتكلف أهل الميت صنع الولائم وإطعام الناس فهذا شغل زائد على شغلهم وهو من البدع .
قال الإمام الشوكاني رحمه الله :
" يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَأَكْلَ الطَّعَامِ عَنْدَهُمْ نَوْعًا مِنْ النِّيَاحَةِ ،لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّثْقِيلِ عَلَيْهِمْ وَشَغْلِهِمْ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ شُغْلَةِ الْخَاطِرِ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُخَالِفَةِ السُّنَّةِ لأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِأَنْ يَصْنَعُوا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا فَخَالَفُوا ذَلِكَ وَكَلَّفُوهُمْ صَنْعَةَ الطَّعَامِ لِغَيْرِهِمْ ". انتهى من " نيل الأوطار" (4/ 118) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" المقصود أن كونهم يجمعونهم ليقرؤوا ويأكلوا هذا لا أصل له، بل هي من البدع أما لو زارهم إنسان يسلم عليهم ويدعو لهم ويعزيهم وقرأ في المجلس قراءة عارضة ليست مقصودة لأنهم مجتمعون فقرأ آية أو آيات لفائدة الجميع ونصيحة الجميع فلا بأس أما أن أهل الميت يجمعون الناس أو يجمعون جماعة معنية ليقرؤوا أو يطعموهم أو يعطوهم فلوساً ، فهذا بدعة لا أصل له". انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (14/ 202).
وأما قولهم بأن الاجتماع للعزاء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو من البدع المحدثة فيجاب عنه :
بأن الاجتماع للعزاء من العادات وليس من العبادات والبدع لا تكون في العادات بل الأصل في العادات الإباحة ثم إن التعزية أمر مقصود شرعاً ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا باستقبال المعزين والجلوس لذلك فإن ذلك مما يعينهم على أداء السنة .
وقد سئل الشيخ ابن باز عن استقبال المعزين والجلوس للتعزية ، فقال : " لا أعلم بأساً فيمن نزلت به مصيبة بموت قريب ، أو زوجة ، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب لأن التعزية سنة واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة وإذا أكرمهم بالقهوة ، أو الشاي ، أو الطيب ، فكل ذلك حسن ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (13/373).
وسئل أيضا رحمه الله :
عن حكم الجلوس للتعزية؟
فأجاب :
" إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فلا حرج إن شاء الله حتى لا يتعبوا الناس لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة " . انتهى من "مجموع الفتاوى" (13/382).
وقال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله:
مسائل التعزية واجتماع أقارب الميت الذين يقصد تعزيتهم أو مواساتهم في موت قريب لهم؛ يعني الاجتماع المعروف الذي يسمى اجتماع العزاء هذا حصل الكلام؛ كلام الشباب فيه وبعض الناس في هذا الوقت من جراء فتوى من لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في أن الاجتماع لا يشرع، أصل الاجتماع بل الذي يشرع هو التفرق.
وبقية علمائنا وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز وبقية المشايخ يقولون لا بأس بالاجتماع، وهذا القول هو الأولى والراجح؛ لأن الاجتماع إلى أهل الميت في هذا الزمن يحصل به التعزية والتعزية سنة وعمل مشروع قد قال عليه الصلاة والسلام من عزى مصابا فله مثل أجره، والمواساة مشروعة، وإذا تفرق الناس فلن تحصل المواساة والتعزية إلا بكَلَفة؛ يعني أين تلقاه هل في العمل الفلاني ستجده أو في بيته أو خرج، سيكون هناك مشقة في التتبع وفوت للتعزية.
ولهذا قال من أفتى بمشروعية الاجتماع قال : إنه يدخل تحت قاعدة الوسيلة للمشروع مشروعة، وأن الوسائل لها أحكام المقاصد، فلما كان المقصد وهو السعي مشروعا فوسيلته الآن وهي الاجتماع مشروعة، في مثل هذه المدن الكبار مثل تفرق الناس ونحو ذلك، لا يحصل إلا بهذا، إلا فيما نذر إذا كانت القرية صغيرة أو الإنسان معروف أنه طول الوقت في هذا أو كان المعزى واحد فقط؛ يعني واحد فقط إما أن يكون في بيته أو في عمله، فهذه المسألة تختلف؛ لكن إذا تعددوا وصارت التعزية لا تحصل إلا بالاجتماع اجتماع من يُعزى أولى من تفرقهم؛ لأن التعزية التي فيها تسلية ومواساة وتحصيل لأجر لا تحصل إلا بذلك.
هنا هل الاجتماع يُعد من النياحة؟ الاجتماع لا يعد من النياحة إلا إذا انضم إليه أن يصنع أهل الميت الطعام للحاضرين جميعا ليظهر الفخر وليظهر كثرة من يحضر الوليمة ونحو ذلك، وهذا موجود كان في الجاهلية، ولهذا جاء في حديث أبي أيوب : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة .
فالنياحة تشمل شيئين صنع الطعام مع الاجتماع لماذا؟ لأن أهل الميت هم الذين يصنعون الطعام ويدعون الناس ليقال هذا عزاء فلان أنه أكبر عزاء، أو أنهم اجتمعوا لأجل فلان، ما يموت ويروح هكذا، مثل ما يقول بعض البادية، فيعملون [...] ضخمة وكذا، وهم الذين يتكلفون بصنع الطعام وبنحر الإبل وذبح الذبائح؛ ليكثر من يجتمعوا عليها، هذه النياحة المنهي عنها بالاتفاق.
أما الاجتماع اجتماع المواساة والعزاء دون صنع الطعام ودون تكلف، فإن هذا لا يدخل في النياحة، وقد جاء في صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنها كان إذا مات لها ميت اجتمع النساء من قرابتها إليها، اجتمعوا إليها، فقالت : فربما حضر وقت الطعام فقامت امرأة إلى برمتها أو كذا فصنعت شيئا يأكلونه. يعني هؤلاء القرابة القليلين. استدل بهذا الحديث على أن أصل الاجتماع للنساء لأجل المواساة تجتمع المرأة بقريبتها أختها فلانة كذا أن هذا له اصل من هدي السلف.أيضا الاجتماع اجتماع الرجال ليس ثم ما يمنع منه .
ابن القيم رحمه الله وغيره تكلموا عن مسألة الاجتماع وقالوا : إن هدي السلف هو التفرق، والنبي ما أثر عنه أنه جلس في مكان ليقبل العزاء أو نحو ذلك، وهذا صحيح لكن ليس الحال هو الحال، وليس الوقت هو الوقت، وليست الصورة هي الصورة الموجودة في هذا الزمن، فكلام ابن القيم على بابه في قرية؛ واحد معروف إذا ما لقيته في بيته تلقاه في المسجد أو في السوق أو نحو ذلك، في شيء محدود هذا صحيح.
أما في مثل بلد لا يمكن أن يلتقي فيه الناس إلا باجتماع، أو إذا تفرقوا عسر على الناس تحقيق سنة العزاء فإن الاجتماع للعزاء لا بأس به.
أما تحديد مدة فلا أصل له، تحديد مدة ثلاثة أيام سبعة أيام اختلف فيها الفقهاء لكن لا أصل له من السنة، السنة ليس فيها دليل يدلُّ على أن مدة العزاء محدودة بأيام؛ بل مدة العزاء تكون بحسَب من يأتي، إذا كان الناس يأتون يوم فينتهي، يومين وانتهى، خمسة أيام وانتهى وهكذا، وإذا كان غالب أحوال الناس أنهم في ثلاثة أيام الأول ينتهون؛ لكن لا اصل لتحديد المدة في الشرع . انتهى من [ شرح الطحاوية الدرس 42]
وقال الشيخ محمد بازمول حفظه الله :
الاجتماع عند الميت من النياحة إذا صوحب بمحرم أمّا مجرد الاجتماع فليس بمحرم وليس من النياحة .
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ : كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ» (أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب التلبينة، حديث رقم: (5417)، ومسلم في كتاب السلام، باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض، حديث رقم: (2216).)؛ فهذا الحديث يفيد اجتماع النساء عند بيت الميت، وتفرقهن، واجتماع الأقارب بعد ذهاب الأجانب، وصنع التلبينة لهن وهو يدل على أن الاجتماع في بيت الميت للعزاء لا حرج فيه. وإنما النياحة أن يجتمعوا ويكلفونهم صنع طعام .
عن جَرير ابن عبد الله البَجَلي، قال : «كنَّا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعةَ الطعام بعد دَفْنه من النِّيَاحة».
فلو صنع الطعام غير أهل الميت بدون فخر ولا تعديد شرع، لحديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ : لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ حِينَ قُتِلَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ أمْرٌ يَشْغَلُهُمْ -أَوْ- أتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ». (أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه، وهو حديث حسن).
وعليه؛ فإن حضر أقارب الميت العزاء، ونزلوا عند أهل الميت، فإن اجتماعهم لا حرج فيه، وضيافتهم لا بأس بها، وليست من النياحة فإن صنع الطعام لأهل الميت جيرانهم ونحوهم، ودخل في ذلك من هو نازل عندهم ليس ذلك من النياحة، والله أعلم.
إنما النياحة أن يجتمع الناس عند أهل الميت، ويتكلف أهل الميت صنع الولائم وإطعام الناس، فهذا شغل زائد على شغلهم وهو من البدع.
المقصود :
- أن مجرد الاجتماع عند أهل الميت للعزاء ليس من النياحة .
- أن نزول الأقارب عند أهل الميت إذا كانوا مسافرين لا حرج فيه .
- وأن ضيافة الأقارب لا حرج فيها .
- وأن المشروع أن يصنع الأقارب أو الجيران أو المعارف الطعام لأهل الميت .
- أن صنع الولائم؛ لإطعام الناس الذين يحضرون العزاء من النياحة .
وعليه فلا يشرع طرد الأٌقارب، بل لا مانع من ضيافتهم إذا جاؤوا من سفر، والبدعة ليست في مجرد الاجتماع إنما في الاجتماع مع صنع الطعام. والله أعلم . انتهى. ينظر : مدونة الشيخ .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق