من جامع زوجته فى نهار رمضان جاهلا بالحكم فلا قضاء عليه ولا كفارة لأن الجاهل معذور بعدم بلوغ الشرع له لقوله تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ . {الأحزاب:5 }. فكل أمر غٌلب الصائم عليه فلا قضاء ولا كفارة .
جاء فى حاشية الروض المربع :
ونقل ابن القاسم :
كل أمر غلب عليه الصائم، فليس عليه قضاء ولا كفارة. قال أكثر الأصحاب: وهذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة، وقال ابن عبد البر: الصحيح في الأكل والوطء، إذا غلب عليهما، لا يفطرانه، وكذا قال غير واحد من أهل العلم: الجماع كالأكل، فيما مر فيه، من الشك، والإكراه، والجهل. وفي المبدع : وعنه لا يكفر، وعليه أكثر العلماء.
وقال أيضًا :
فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة أن من فعل محظورًا، مخطئًا أو ناسيًا، لم يؤاخذه الله، وحينئذ يكون بمنزلة من لم يفعله، فلا يكون عليه إثم، ومن لا إثم عليه، لم يكن عاصيًا، ولا مرتكبًا لما نهي عنه، ومثل هذا لا تبطل عبادته .اه
وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
رجل جامع امرأته في نهار رمضان ولم ينزل وهو يجهل هذا الحكم وعقوبته ويعلم أن الجماع بالإنزال حرام فما الحكم؟
فأجاب :
" القول الراجح أن من فعل مُفطِّراً من المفطرات أو محظوراً من المحظورات في الإحرام أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه فهذا الرجل الذي أتى أهله في نهار رمضان إذا كان جاهلاً بالحكم يظن أن الجماع المحرم هو ما كان فيه إنزال فإنه لا شيء عليه .
أما إذا كان يدري أن الجماع حرام ولكنه لم يعرف أن فيه الكفارة فإن عليه الكفارة لأن هناك فرقاً بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالعقوبة فالجهل بالعقوبة لا يعذر به الإنسان والجهل بالحكم يعذر به الإنسان
ولهذا قال العلماء :
لو شرب الإنسان مسكراً يظنُّ أنه لا يُسكر أو يظن أنه ليس بحرام فإنه ليس عليه شيء، ولو علم أنه يسكر وأنه حرام ولكن لا يدري أنه يُعاقب عليه، فعليه العقوبة ولا تسقط عنه" .اه ( من "اللقاء الشهري" (1/ 7) - بترقيم الشاملة ).
وقال أيضا رحمه الله :
إذا جامع زوجته في نهار رمضان يظن أن الجماع لا بأس به فلا حرج عليه لا إثم ولا كفارة ولا قضاء لأن القاعدة أن كل من فعل محظوراً في العبادة ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه لقول الله تعالى : ﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾. [البقرة: 286]
فقال الله تعالى : «قد فعلت». ولقوله تعالى : ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾. [الأحزاب: 5] . اه (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(19/340))
فالصحيح أن الرجل إذا كان معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة وأن المرأة كذلك إذا كانت معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فليس عليها قضاء ولا كفارة. ولكن عليك أخى المسلم أن تجتهد في تعلم أحكام الشرع حذرا من الوقوع في مثل هذه الأخطاء .
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق