إن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ففضل الله تعالى واسع فقراءة قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن باعتبار الثواب أي أن ثواب قراءتها يعدل ثواب قراءة ثلث القرآن فهذا عمل يسير وأجر عظيم وهذا فى الجزاء وليس الإجزاء أي لا تقوم مقام قراءة ثلث القرآن .
فعن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال : أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القران ؟ قالوا : وكيف يقرأ ثلث القران . قال : قل هو الله أحد تعدل ثلث القران . رواه مسلم
وفى رواية مسلم : « إن الله عز وجل جَزَّأ القرآن بثلاثة أجزاء، فجعل { قل هو الله أحد }جزءً من أجزاء القرآن ».
ومعنى الحديث : أن قراءة قل هو الله أحد لها جزاء ( أجر) قراءة ثلث القرآن وليس أنها تجزئ عن قراءة ثلث القرآن .
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
هذه السورة لها فضل عظيم، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنها تعدل ثلث القرآن )، لكنها تعدله ولا تقوم مقامه، تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن، بدليل أن الإنسان لو كررها في الصلاة الفريضة ثلاث مرات لم تكفه عن الفاتحة، مع أنه إذا قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، لكنها لا تجزئ عنه،
ولا تستغرب أن يكون الشيء معادلاً للشيء ولا يجزئ عنه، فها هو النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قال : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل، أو من ولد إسماعيل ) ، ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء .انتهى (تفسير القرآن للعثيمين- سورة الإخلاص-(35))
وتوضيح ذلك :
1- قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات فكأنما أعتق أربع أنفس من بني إسماعيل ». رواه أحمد.
فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك وقال هذا الذكر عشر مرات؟ فنقول : لا يجزئ. أما في الجزاء : فتعدل هذا كما قال النبي ﷺ.
فلا يلزم من المعادلة في الجزاء المعادلة في الإجزاء ولهذا لو قرأ سورة الإخلاص في الصلاة ثلاث مرات لم تجزئه عن قراءة الفاتحة. فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء .
2- فمن نذر مثلاً : أن يقرأ ثلث القرآن فلا يجزئه قراءة قل هو الله أحد لأنها تعدل ثلث القرآن في الجزاء والثواب لا في الإجزاء والإغناء عن قراءة ثلث القرآن.
3- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة .
فليس معنى ذلك أن من صلى صلاة واحدة فى المسجد الحرام تكفيه عن الفرض فلا يصلى ولكن معناه أن له ثواب مائة ألف صلاة ولكن لا يغنيه ذلك عن باقى الصلوات المفروضة فالمضاعفة للصلوات في المسجد الحرام وفي مسجد النبي ﷺ لا تسقط شيئًا من فرائض الصلاة أبدًا .
4- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فإن عمرة في رمضان تعدل حجة معي . أخرجه البخاري ومسلم
والمعنى : أنها تساويها في الأجر والثواب لا أنها تقوم مقامها عن الحج الواجب وتسقطه عنه .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
إذا كانت قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات تعادل ثواب قراءة القرآن فهل على المسلم إثم إذا ترك تلاوة القرآن اكتفاء بقراءة هذه السورة؟
فأجابت :
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الدين النصيحة، ثلاثا، فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال : " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ».
والنصيحة لكتاب الله تعالى تكون بتلاوته وتدبر آياته والاتعاظ بمواعظه والوقوف عند حدوده بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ولا شك أن الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص دون سائر كتاب الله لا يتفق مع النصيحة لكتاب الله، ولا يتأتى لمن يكتفي بذلك النصح لنفسه بما يحصل له من تلاوة كتاب الله من الأجر والمثوبة، وزيادة الإيمان، ومعرفة الأحكام من الحلال والحرام، والواجب والمسنون والمكروه، والتأدب بآداب القرآن، والتخلق بأخلاقه،
وكفى بانتقاص العبد هذه الأمور زاجرا عن ترك تلاوة كتاب الله، والرسول صلى الله عليه وسلم مع علمه بفضل هذه السورة وإخباره بأنها تعدل ثلث القرآن وزيادة حرصه على عظم الأجر والثواب، لم يقتصر على تلاوة هذه السورة، بل كان يداوم على تلاوة سائر كتاب الله، وقد قال الله تعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }. (سورة الأحزاب الآية ٢١) . وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - الفتوى رقم (٨٢٩) )
فالقرآن أُنزل على ثلاثة أقسام
ثلث منها للأحكام ، وثلث منها للوعد والوعيد ، وثلث منها للأسماء والصفات . وهذه السورة جمعت الأسماء والصفات .
قال النووي رحمه الله :
"قال القاضي : قال المازري : قيل : معناه أن القرآن على ثلاثة أنحاء : قصص، وأحكام، وصفات لله تعالى، و{ قل هو الله أحد }. متضمنة للصفات. فهي ثلث، وجزء من ثلاثة أجزاء " .اه [شرح مسلم:6/95].
الأوقات التي تقرأ فيها سورة الإخلاص
: هذه السورة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر، وفي سنة المغرب، والوتر، وأدبار الصلاة ، وعند النوم وركعتي الطواف لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق