">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

 يُستحب البكاء فى الصلاة من خشية الله عز وجل ولا يُبطلها فهو من صفات أهل الخير والصلاح فمن الناس من يوجل قلبه وتفيض بالدمع عينه فهذا أكمل ممن يقشعر جسده ولا تفيض بالدمع عينه إن سلم من آفة الرياء .

والدليل :

1- قال الله تعالى : ( وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ). سورة الإسراء آية (109).

قال القرطبي رحمه الله :

 الثانية قوله تعالى : يبكون دليل على جواز البكاء في الصلاة من خوف الله تعالى أو على معصيته في دين الله وأن ذلك لا يقطعها ولا يضرها.

 ذكر بن المبارك عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء وفي كتاب أبي داود وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء .اه (تفسير القرطبي 10 / (342 ))

2- عن عبد الله بن الشّخّير رضي الله عنه قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ [القِدْر] - يَعْنِي يَبْكِي . صحيح النسائي 

3- وروى البخاري : عن عمر رضي الله عنه أنَّه صَلَّى الصبحَ وقرأَ سورةَ يوسفَ حتى بلغ قولَه تعالى : ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾. [يوسف: ٨٦]. فسُمِع نشيجُه.

 والمراد بالنَّشيج هو : صوت معه توجُّعٌ وبُكاءٌ.

4-  عن علي رضي الله عنه قال : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا " وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح " . صحيح الترغيب والترهيب رقم ( 545 ) ، ورقم ( 3330 ) .

قال الطحاوي رحمه الله :

 باب البكاء في الصلاة : قال أبو حنيفة وأصحابه إن كان من خوف الله لم يقطعها وإن كان من وجع قطعها وقال عبيد الله بن الحسن إذا اشتد كأنه قد عمل في غير الصلاة ولما كان قليله إذا كان من خوف الله لا يقطع كذلك كثيره .اه (مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (4/395))

قال ابن قدامة رحمه الله :

"َأَمَّا الْبُكَاءُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ الَّذِي يَنْتَظِمُ مِنْهُ حَرْفَانِ فَمَا كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ خَوْفِ اللَّهِ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ". انتهى . ("المغني" (1/394-395)) .

قال العيني رحمه الله :

 وهو يعدد فوائد حديث حديث عائشة رضي الله عنها في إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه العاشر: البكاء في الصلاة لا يبطلها وإن كثر وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم علم حال أبي بكر في رقة القلب وكثرة البكاء ولم يعدل عنه ولا نهاه عن البكاء وأما في هذا الزمان فقد قال أصحابنا إذا بكى في الصلاة فارتفع بكاؤه فإن كان من ذكر الجنة أو النار لم يقطع صلاته وإن كان من وجع في بدنه أو مصيبة في ماله أو أهله قطعها وبه قال مالك وأحمد . اه ( عمدة القاري للعيني 5 / 190).

قال العلامة الألباني رحمه الله :

في بكاء وفي تباكي ، البكاء لا يفسد الصلاة ؛ لأنه يكون مغلوبًا على أمره ، أما التباكي فلا شكَّ أنه قد يعرِّض الصلاة للفساد ، والله المستعان . فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام يصلي - يقول الراوي - : ( كان لصدره أزيزٌ كأزيز المرجل ) ، أي : يبكي ، ولكن ما يصدع في البكاء ، كأنه بكاء مكتوم في الصدر ، لكن لا بد ما يظهر .اه  (فتاوى رابغ - شريط : 6 توقيت الفهرسة : 00:54:18 )

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

إذا غلبه البكاء خشية لله وتعظيمًا له خشوعًا عند القراءة أو سماعها فلا بأس قد كان النبي ﷺ يبكي وكان الأخيار يبكون، فقد ثبت عنه ﷺ أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء في الصلاة، وكان الصديق  إذا صلى بالناس لا يسمع صوته من البكاء، وكان يسمع لـعمر نشيج البكاء وهو يصلي بالناس.

فالمقصود أنه إذا غلبه ذلك ولم يتعمده للرياء وإنما غلبه عند سماع القرآن أو عند قراءة القرآن فإنه لا حرج عليه، ولكنه ينبغي له أن يجاهد نفسه مهما أمكن في عدم التشويش على الناس أو عدم تفهيمهم لكتاب الله ؛ لأن المقصود الخشوع مع تفهيم الناس كلام الله حتى يستمعوا له ويستفيدون كلام الله والذي يغلبه لا يضره، والله ولي التوفيق. اه

وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

ما حكم رفع الصوت بالبكاء في الصلاة؟

الجواب :

لا شك أن البكاء من خشية الله عز وجل - من صفات أهل الخير والصلاح، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخشع في صلاته ويكون لصدره أزيز كأزيز المرجل، وقال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً﴾. [الاسراء: 109].

فالبكاء عند قراءة القرآن، وعند السجود، وعند الدعاء من صفات الصالحين، والإنسان يحمد عليه، والأصوات التي تسمع أحياناً من بعض الناس هي بغير اختيارهم فيما يظهر، وقد قال العلماء - رحمهم الله-:

 إن الإنسان إذا بكى من خشية الله، فإن صلاته لا تبطل، ولو بان من ذلك حرفان فأكثر لأن هذا أمر لا يمكن للإنسان أن يتحكم فيه، ولا يمكن أن نقول للناس لا تخشعوا في الصلاة ولا تبكوا . 

بل نقول : إن البكاء الذي يأتي بتأثر القلب مما سمع، أو مما استحضره إذا سجد؛ لأن الإنسان إذا سجد استحضر أنه أقرب ما يكون إلى ربه - عز وجل - كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ».

والقلب إذا استحضر هذا وهو ساجد، لا شك أنه سيخشع ويحصل البكاء، ولا أستطيع أن أقول للناس امتنعوا عن البكاء، ولكني أقول إن البكاء من خشية الله والصوت الذي لا يمكن للإنسان أن يتحكم فيه لا بأس به، بل كما تقدم البكاء من خشية الله تعالى من صفات أهل الخير والصلاح . اه (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(14/244- 245))

وقال أيضا رحمه الله :

"البكاء في الصلاة إذا كان من خشية الله عز وجل والخوف منه وتذكر الإنسان أمور الآخرة وما يمر به في القرآن الكريم من آيات الوعد والوعيد فإنه لا يبطل الصلاة .

 وأما إذا كان البكاء لتذكر مصيبة نزلت به أو ما أشبه ذلك فإنه يبطل الصلاة لأنه حدث لأمر خارج عن الصلاة وعليه أن يحاول علاج نفسه من هذا البكاء حتى لا يتعرض لبطلان صلاته ويشرع له أن لا يكون في صلاته مهتماً بغير ما يتعلق بها فلا يفكر في الأمور الأخرى ؛ لأن التفكير في غير ما يتعلق بالصلاة في حال الصلاة ينقصها كثيرا" انتهى . ("فتاوى نور على الدرب" (141 / 9) ).


والله اعلم

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات