إذا تذكر الرجل في صلاته أنه أحدث سواء كان الحدث أكبر أو أصغر ولم يتوضأ فإنه يخرج ثم يتوضأ ويبني على ما فات من صلاته ولا يعيد الصلاة من جديد وهذا فيمن كان ناسيا أو سبقه الحدث .
وهو قول أبو حنيفة والشافعي في القديم ورواية عن أحمد وابن أبي ليلى والأوزاعي ورجح هذا الرأى الإمام الألبانى.
والدليل :
قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فى موضع أنه تذكر الجنابة بعد أن كبر ودخل في الصلاة .
- فعنْ الحسن عن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ مَكَانَكُمْ ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى بِهِمْ ) . (صحيح أبي داود رقم: (233)) (وصححه شعيب الارناؤوط فى تخريج مشكل الآثار رقم: (623 )))
أي : أتم بهم الصلاة فالحديث واضح الدلالة على أنه لم يعيد تكبيرة الإحرام مرة أخرى .
- وعن عطاء بن يسار : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي صَلاَةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنِ امْكُثُوا ، فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى جِلْدِهِ أَثَرُ الْمَاءِ ) .رواه مالك في الموطأ (1/48/رقم 110) بسند صحيح إلى عطاء
- وفى رواية أخرى ذكرها ابن حزم فى المحلى : أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ دخل في صلاةِ الفجرِ فكبَّرَ فأومأَ إليهم : أن مكانَكم ، ثم جاء ورأسُه يقطرُ ، فصلى بهم ،فلما قضى الصلاةَ قال : إنما أنا بشرٌ مثلُكم وإني كنتُ جُنبًا.
وقد جاءت أيضا طرق كثيرة لهذه الرواية التي فيها إثبات تكبير النبي صلى الله عليه وسلم ودخوله في الصلاة قبل تذكره الجنابة وخاصة المراسيل الصحيحة عن ابن سيرين وبكر المزني وعطاء بن يسار كل ذلك يدل على صحة الحادثة ووقوعها .
قال النووي رحمه الله :
وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والأوزاعي : يبني على صلاته . وحكاه ابن الصباغ وغيره عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر رضي الله تعالى عنهم . ورواه البيهقي عن علي وسلمان الفارسي وابن عباس وابن عمر وابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعطاء وطاوس وأبي إدريس الخولاني وسليمان بن يسار وغيرهم رضي الله تعالى عنهم ...... ". انتهى باختصار من "المجموع" (4/6).
وقال ابن حزم رحمه الله :
وإذا أحدث الإمام ، أو ذكر : أنه غير طاهر ، فخرج ، فاستخلف : فحسن - فإن لم يستخلف فليتقدم أحدهم يتم بهم الصلاة ولا بد ، فإن أشار إليهم أن ينتظروه ؟ ففرض عليهم انتظاره حتى ينصرف فيتم بهم صلاتهم ، ثم يتم لنفسه ؟ أما انتظاره : فلما ذكرنا آنفا من { ذكر رسول الله ﷺ أنه جنب فخرج وأومأ إليهم أن مكانكم ثم عاد ، وقد اغتسل فصلى بهم }. اه (محلى ابن حزم - المجلد الأول/الصفحة الرابعة والسبعون)
قال العلامة الالبانى رحمه الله :
رجل دخل في الصلاة وهو ناسي أنه محدث على غير وضوء على غير طهارة بل ربما يتذكر أن حدثه حدث أكبر جنب في أثناء الصلاة تذكر فهذا أخل بالركن الذي أنت تشير إليه وهو الطهارة لقوله عليه الصلاة والسلام ( لا صلاة ) وخذوها أيضا فائدة أخرى على الماشي ( لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) لا وضوء لمن لم يسم بسم الله في الوضوء وهذا ركن أيضا يخل به جماهير المتوضئين لا يهتمون بالتسمية بين يدي الوضوء فيجب الاهتمام بهذا لقوله عليه الصلاة والسلام ( لا صلاة لمن لا وضوء له ) نفيٌ للصلاة بسبب لا وضوء، ثم نفي للوضوء بسبب لا تسمية لا بسملة،
فالآن نعود إلى ما كنا فيه رجل دخل في الصلاة ناسيا الطهارة سواء كانت الطهارة الكبرى أو الصغرى وهو في الصلاة تذكر هل بطلت صلاته؟ المعروف عند أكثر العلماء أنها بطلت ولكن قد جاء في الحديث الصحيح في " سنن أبي داود " و " مسند الإمام أحمد " من حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله تعالى عنه " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ذات يوم بالناس صلاة الفجر ثم أشار إليهم أن مكانكم ودخل بيته ".
وتعرفون أن بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان بجانب مسجده من ذهب منكم لزيارة المسجد النبوي يتصور تماما أين كان بيت الرسول عليه السلام هو حيث قبره الآن أي إلى جهة الشرق من المسجد وعن يسار الإمام فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قام يصلي بالصحابة ذات صباح وإذا به يقول لهم إشارة بيده وليس تلفظا بلسانه أن مكانكم ثم ذهب وعاد ورأسه يقطر ماء فصلى بهم أي أتم بهم الصلاة وقال ( إنما أنا بشر مثلكم وإني كنت جنبا فنسيت ) .
وقد جاء عنه أنه أعاد التكبير
ولكن لعله شبه لك الأمر واختلط عليك حديث بحديث فحديث أبي دواد الذي ذكرته لك آنفا هو من حديث أبي بكرة الثقفي لكن هناك حديث آخر في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قام ليصلي صلاة الفجر فتذكر بأنه على جنابة فذهب واغتسل فجاء وكبر وصلى ) ، هذه غير تلك . اه
وقد جاء
عن النبي صلى الله عليه وسلم فى موضع آخر يختلف عما سبق أنه لما وقف ليكبر ذكر أنه جنب قبل أن يكبر فذهب فاغتسل ثم رجع فأقام بهم الصلاة.
ففي صحيح مسلم (605) ، وهذا لفظه :
( أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَقُمْنَا فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ ذَكَرَ فَانْصَرَفَ وَقَالَ لَنَا : مَكَانَكُمْ ، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدْ اغْتَسَلَ ، يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ فَصَلَّى بِنَا ) .
فهذان فعلان في موضعين متباينين
1- خرج صلى الله عليه وسلم مرة فكبر ثم ذكر أنه جنب فانصرف فاغتسل ثم جاء فصلى بهم ولم يذكروا أنه كبر من جديد .
2- وجاء مرة أخرى فلما وقف ليكبر ذكر أنه جنب قبل أن يكبر فذهب فاغتسل ثم رجع فأقام بهم الصلاة.
قال النووي في "شرح مسلم" (5/103) : " ويحتمل أنهما قضيتان وهو الأظهر ". انتهى .
وقال أيضا الإمام الألبانى :
هناك حديثان اثنان :
أحدهما من حديث أبي هريرة ، والآخر من حديث أبي بكرة الثقفي ، الحديث الأول يقول: « أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليصلي صلاة الفجر فتذكر قبل أن يكبر أنه على جنابة، فذهب واغتسل وجاء وصلى بهم »، هذا الحديث ليس موضوعنا.
الحديث الثاني هو بحثنا :
حديث أبي بكرة : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر ذات يوم لصلاة الفجر، ثم تذكر، فأشار إليهم أن مكانكم، فذهب وجاء ورأسه يقطر ماءً، فصلى بهم "، هذا الحديث الثاني، نحن نقول : أن هذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على ما صلى من قبل.
وهنا مسألة خلافية بين العلماء :
إذا وقع للمصلي ما يبطل صلاته، كأن يكون -مثلاً- وهو يصلي خرج منه ناقض للوضوء على خلاف النواقض المعروفة عند العلماء، مثلاً: رَعُفَ، فمن يقول: أن الرعاف ينقض الوضوء، هذا بطل وضوءه، خرج الدم بطل وضوءه من يقول به، أما النواقض كما قال عليه السلام: « فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً » فهذه نواقض متفق عليها، فأي ناقض خرج من المصلي ثم ذهب وتوضأ، فهل يبني على صلاته، أي : يعتبر الصلاة الماضية التي صلاها على طهارة ثم انتقضت هذه الطهارة، هذه الطهارة المنتقضة هل نقضت الصلاة السابقة، أم تبقى هذه الصلاة صحيحة ؟،
فهنا قولان للعلماء :
منهم من يقول : يبني على ما مضى، أي ما صلى ركعة -مثلاً- صلاها فانتقض وضوءه بناقض من النواقض، فمعنى يبني أي : الركعة التي صلاها ما دام صلاها على طهارة فهي ركعة صحيحة، فإذا جدد وضوءه يبني، أي : لو كان يصلي الصبح لا يأتي بركعتين وإنما يأتي بركعة واحدة.
أما من يقول : إنه يستأنف الصلاة، فمعنى ذلك : أن تلك الركعة لا قيمة لها، فهو يبتدئ الصلاة من جديد.
حديث أبي بكرة من الأحاديث الصحيحة التي ترجح أن من عرض له ما يبطل صلاته أنه يبني على ما صلى ما دام أنه كان معذوراً، ومن الأعذار هو النسيان، وهذا ما وقع للرسول عليه السلام في قصة أبي بكرة ، حيث دخل في الصلاة وهو جنب، فذهب واغتسل وجاء ورأسه يقطر ماء فصلى، ما قال: فابتدأ الصلاة.هذه واحدة.
الناحية الأخرى :
أنه عليه السلام لو كان يريد أن يبين لأمته أن مثل هذه الحادثة التي وقعت له، لم يكن به من حاجة بأن يشير إليهم، أن يقول لهم إشارة بيده أن مكانكم، وإنما يقول لهم بلسانه : أنا بطلت صلاتي؛ لأني تذكرت أنني على غير طهارة فاجلسوا استريحوا حتى آتيكم، أما أن يشير إليهم إشارة لا يصرح لهم بعبارة.
وثانياً :
أن يوقفهم كأنهم في الصلاة، وهم حقيقة في الصلاة. فهذه علامات تؤكد أن قوله : فصلى. أي : أتم الصلاة، فإذاًَ وضح لك ما هو المقصود بكلمة البناء هنا.
السائل :
أريد إستيضاحاً آخرا بارك الله فيك: أنه كان على جنابة، فإذا صلى بهم ركعة -على سبيل المثال- أي : أن الإمام صلى بهم ركعة، فحسب ما قلت أنه يبني بهم على الركعة الأولى، طيب، ألا نقول : أن هنالك القاعدة التي تقول : ( ما بني على فاسد فهو فاسد )، فصلاته أصلاً كانت فاسدة؛ لأنه أصلاً كان على جنابة!.
الشيخ :
ما هو الدليل أنها فاسدة؟.
السائل :
أنه أصلا جنب عندما دخل على الصلاة.
الشيخ :
ما عليش يا أخي، لكن نحن نقول : هذا غير متعمد ؛ هذا ناسي : ﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة:286]، هذا السؤال يشبه تماماً : ما حكم من يأكل في رمضان ناسياً هل يبطل صيامه ؟، الجواب : لا... لأنه كان ناسياً، فهل يصح أن نقيس الناسي على العامد ؟، فنقول : الذي يأكل ناسياً في رمضان كالذي يأكل عامداً في رمضان ؟، لا يستويان مثلاً.
فحينما نريد أن نقول : ( ما بني على فاسد فهو فاسد )، القاعدة صحيحة، لكن سنطبق القاعدة نفسها : ( ما بني على فاسد فهو فاسد )، نحن نقول : أنت تبني على فاسد، لماذا ؟، لأنه لا دليل على أن الذي يصلي وهو ناسٍ لوضوئه وتذكر هذا الوضوء، أو ناسيا لجنابته فتذكر وهو في الصلاة فبنى عليها، أنه بنى على فاسد، لا... نحن بحاجة إلى دليل، والدليل الآن على خلاف المُدَعَى واضح.
السائل :
لماذا لا نقول : بأنه اللي يصلي الصلاة تامة على غير طهارة وهو ناسٍ نأمره بأن يعيد.
الشيخ : أثر عمر .
السائل :
طبعا ألا مثلاً نقول : أنُه نتبع الحديث، بما أن النبي عليه الصلاة والسلام اعتد بركعة ؟.
الشيخ:
لو كان الحديث بعد الصلاة، لو كانت القصة كما وقع لـ عمر لقلنا بالحديث، لكن الحديث خاص في جزئية طبقناها، أثر عمر في جزئية أعم من ذلك فطبقناه، ووضعنا كل شيء بمكانه .
السائل :
شيخنا! في هذه المسألة بالذات، بعض المذاهب يشيرون إلى استدبار القبلة، يعني كيف العمل هنا بما أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا شك أنه استدبر القبلة ؟.
الشيخ:
لا ما نقول نحن : لا شك، ممكن هذا، يعني ممكن هذا مثلا هنا، ممكن إنسان أنه إذا تذكر أن لا ينحرف عن القبلة، يأتي ويتوضأ، يقف هنا ويتوضأ، ممكن هذا، فإذا أمكن فعليه أن يحرص أن لا ينحرف عن القبلة، أما إذا كان ولا بد لأن المكان في وضع -مثلاً- دبر القبلة، فلا بد له أن يذهب إليها منحرفاً عن القبلة، فالانحراف عن القبلة كالحدث تماماً، كل منهما، أي : استقبال القبلة شرط، والطهارة شرط، لكن هذه الطهارة إذا اغتفرت بسبب عذر شرعي، فكذلك استدبار القبلة يلحق بنفس الحكم هذا عندما لا يمكن إلا كذلك . اه (سلسلة الهدى والنور الشريط الثالث رقمه : (622)).
أما إذا كان هذا الشخص
قد شك أثناء الصلاة أوبعدها في صحة وضوئه فالصلاة في كلتا الحالتين صحيحة ولا تلزم إعادتها لأن الأصل بقاء الطهارة فلا تبطل إلا بيقين .
وأما إذا تذكر الإمام
بعد الصلاة أنه نسي أن يتوضأ فيعيد هو الصلاة سواء كان الحدث أكبر أو أصغر وصلاة المأمومين صحيحة فالإمام هو الذي يؤمر بالإعادة فقط دون المأمومين لعدم علمهم بذلك فإن عمر رضي الله عنه صلى بالناس صلاة الفجر وهو جنب وقد كان ناسيا فأعاد الفجر ولم يأمر من صلى وراءه تلك الصلاة أن يعيدها ولأنهم معذورون لكونهم لايعلمون .
قال العلامة العثيمين رحمه الله :
إذا صليت بغير وضوء فهذا من باب ترك المأمور ولا يعرض الإنسان فيه بالنسيان بل إذا نسي أتى بالواجب عليه لقول النبي عليه الصلاة والسلام : من نام عن صلاة ونسيها فليصلها إذا ذكرها، فلم يسقطها بالنسيان. وهكذا جميع أوامر الله ورسوله لا تسقط بالنسيان إذا كان وقت الطلب بها باقياً.
وعلى هذا فنقول :
عليك أن تعيد الصلاة؛ لأنك صليت بغير وضوء. أما بالنسبة للمأمومين الذين أتموا بك فلا إعادة عليهم؛ لأنهم صلوا بطهارة خلف إمام لا يعلم عن حاله، فهم أتوا بما أُمروا به، فليس عليهم في ذلك شيء.
أما إذا ذكرت ذلك
في أثناء الصلاة فإن الواجب عليك الانصراف؛ لأنه لا يجوز لك الاستمرار في صلاة وأنت على غير وضوء، بل يجب عليك أن تنصرف من صلاتك وحينئذٍ تأمر أحداً ممن وراءك أن يتم الصلاة بالجماعة الذين خلفك فإذا كنت قد صليت ركعتين أتم بهم الركعتين الباقيتين إذا كانت الصلاة رباعية، وإن لم تفعل فإن لهم أن يقدموا واحداً منهم يتم بهم الصلاة، فإن لم يتيسر ذلك فإنهم يتمون صلاتهم كل واحد وحده، ولا تبطل صلاتهم بذلك؛ لأنهم -كما قلت- قد أتوا بما يجب عليهم وفعلوا ما أُمروا به من الائتمام بهذا الرجل، ولا يدرون عن حاله، فإذا تبين له أنه غير متوضئ فإن الخلل تبين في صلاته وحده، أما صلاتهم هم فلم يتبين فيها خلل. هذا حكم صلاة هؤلاء بالنسبة لما إذا علمت في أثناء الصلاة. وبالنسبة إذا لم تعلم إلا بعد الصلاة فالحكم سواء.
وأما من فرَّق من أهل العلم
بين كونه علم بعد الصلاة أو علم في أثناء الصلاة وقال : إذا لم يعلم إلا بعد فراغه من الصلاة فصلاة المأموم صحيحة، وإذا علم في أثنائها بطلت صلاتهم فإن هذا لا وجه له لأن العلة واحدة
ولأن هؤلاء المأمومين معذورون حيث ائتموا بمن ظاهر صلاته الصحة، ولا يعلمون عن الأمور الباطنة، فإذا ذكر في أثناء الصلاة فما الذي يبطل ما مضى من صلاتهم وهم قد قاموا فيه بما يجب عليهم؟!
وحينئذٍ يستمرون في صلاتهم. وكما قلت الأفضل له أن يعين واحداً منهم يتم بهم الصلاة حتى لا يرتبكوا في بقية صلاتهم هذا سواء كان الحدث أكبر أو أصغر .اه
أما إذا كان نجاسة
يعني ذكر أن على ثوبه نجاسة في أثناء الصلاة مثلاً أو في حين فرغ من الصلاة فإذا ذكر حين فرغ من الصلاة فصلاته هو صحيحة وصلاتهم هم صحيحة أيضاً إذا كانت نجاسة على بدنه أو ثوبه ونسي أن يغسلها أو ما علم بها إلا بعد أن فرغ من الصلاة، فإن صلاته صحيحة وصلاتهم صحيحة أيضاً؛ لأن هذا من باب اجتناب المحظور.
وأما إذا لم يذكر هذه النجاسة أو لم يعلم بها إلا في أثناء الصلاة يعني وهو يصلي رأى بقعة نجسة في ثوبه فإنه إن تمكن من إزالة هذا الثوب في أثناء الصلاة فعل كما لو كان عليه ثوبان فأكثر ورأى النجاسة في الثوب الأعلى وخلعه فليستمر في صلاته، أو رأى النجاسة في مشلحه مثلا فخلعها يستمر في صلاته.
أما إذا لم يتمكن مثل ألا يكون عليه إلا ثوب واحد وإذا خلعه تعرى فإنه حينئذٍ ينصرف ويتم المأمومون صلاتهم على ما ذكرنا من قبل.
ولهذا خلع النبي عليه الصلاة والسلام نعليه ذات يوم وهو يصلي بالناس، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف سألهم لماذا خلعوا نعالهم، قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا. فقال النبي عليه الصلاة والسلام : إن جبريل أتاني فأخطرني أن فيهما قذى فخلعتهما واستمر الرسول عليه الصلاة والسلام في صلاته ولم يستأنفها.
وهذا دليل على أن الإنسان إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة أن عليه نجاسة على ثوبه فإنه يزيل هذا الثوب النجس إذا أمكن ويستمر في صلاته. اه
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق