الحصول على تزكية أهل العلم أمر مرغوب فيه، ولكنه ليس شرطًا أساسيًا لتعليم الناس أو إفتائهم.
* فمن عرف الحق بدليله، واستند إلى الأدلة الشرعية الصحيحة، وكان أهلاً لذلك،
فله أن يقوم بتعليم الناس وإفتائهم حتى وإن لم يحصل على تزكية صريحة من أهل العلم.
* فطالب العلم يزكيه علمه وعمله وإتباعه للدليل بفهم السلف الصالح ، وعدم الطعن فى الأكابر من أهل العلم ،
وعدم مخالفته للسنة ومجانبته لأهل البدع والتحذير منهم.
- وقد تكلم الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان" :
عن الإجازة وهل هي شرط في إقراء القرآن خصوصا وفي تعليم العلوم الإسلامية عموما في الجزء الأول صفحة 135-136فقال ما نصه :
الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة، فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد،
وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء خلافاً لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونه شرطاً،
وإنما اصطلح الناس على الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالباً من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم لقصور مقامهم عن ذلك،
والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية ". اهـ
- وقال العلامة السفاريني في إجازته لعثمان الرحيباني رحمهما الله :
" والإجازاتُ لا تفيد عِلماً فمن حصل العلوم، وأدرك منطوقها والمفهوم، فقد فاز، وأجيز على الحقيقة لا المجاز،
ومن لا فلا؛ ولو ملأ سَبَتَ أمه إجازات "!. انتهى من (ثبت العلامة السفاريني (ص322-323)).
- قال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله :
التَّزكيةُ تكُون بثلاثةِ أُمورٍ :
الأمر الأوَّل: نَصُّ العُلماء المُعتبَرِين على تزكيتِه، أنْ ينُصَّ العُلماء أو بعضُهم، ولا نحْصُر التَّزكيةَ في عالِمٍ ولا عالِميْن ولا ثلاثة،
بل أنْ ينُصَّ عالِمٌ مِن العُلماء المُعتبَرِين أو جمْعٌ مِنهم على أنََّ فُلانًا مُزكَّى، ويصلُحَ لأنْ يُؤخذَ عنه العلمَ.
الأمر الثَّاني: أنْ يشتهِرَ بالتَّعليم مِن غيرِ أنْ يُنكَرَ عليه مِن أهلِ العلم، يُعرف بأنَّه مُدرِّسٌ، ويَشْتهِر هذا عنه،
ولا يُنكِرُ أهلُ العلمِ المُعتبَرُون تدرِيسَهُ؛ فهذه تزكيةٌ سُكُوتيَّةٌ، إذْ لا يلِيق بمَقامِ العُلماء أنْ يكُون هذا مِمَّن يُنهى عن الدَّرس عليه ولا....
والأمر الثَّالث: وهذا مِن الأهميَّةِ بمكان أنْ يُزكِّيَهُ عِلمُهُ، فلا يُعلِّمُ إلاَّ السُّنَّة، أعني ما يكُون فيه الحقِّ، ولا يأخُذ إلاَّ عن عُلماء السُّنَّة،
ويُقرِّر كُتب عُلماء السُّنَّة، ولم يُؤخذْ عليه ردٌّ لكلام العُلماء المُعتبَرِين، ولا مُخالَفات للسُّنَّة؛ فهذا يُزكِّيهِ علمُهُ.
وليس كُلُّ طالب علمٍ نافع يعرِفُهُ العُلماء، ولكن يُنظَرُ في علمِهِ الَّذي يبُثُّهُ،
هل يُعلِّم السُّنَّة؟ هل يحترِمُ آراء عُلماء السُّنَّة؟ هل ينقُلُ كلام عُلماء السُّنَّة؟ فإنْ كان ذلك كذلك؛ فقد زكَّاهُ عِلمُهُ، ويُؤخذُ عنه العلم.
والقولُ بأنَّه لا يُؤخذ العلم إلاَّ عمَّن زكَّاهُ العُلماء نصًّا يسُدُّ بابَ الخيرَ...انتهى باختصار من (سُؤال وُجِّه للشَّيخ حفِظه الله في دورة فقه المعاملات المالِيّة والّتي أُقيمتْ في مسجد السّلف الصّالِح في مدينة الشّارِقة في دولة الإمارات العربِيّة المُتّحدة في شّوال عام 1434 هـ).
الخلاصة
* لا تثبت العصمة بتزكية أي أحد أنه من أهل العلم بل التزكية تأتي لرفع الجهالة عن المزكَّى .
فالتزكية إذاً كاشفة عن علم العالم وأهليته وليست موجدة لعلمه، كما يظن البعض فضلا عن أن تكون تلك التزكية موجدة لأهليته .
* فالتزكيات إذاً تعرفنا بالعالم فقط لأن العالم لا تجعله التزكية عالما بل ترشد إليه فقط،
فهذه التزكية ليست تزكية نبوية من وحي رب السماء بحيث تعطى المُزكى أماناً فلن يتغير أبداً حتى يموت، فالإنسان معرض للفتنة في أي لحظة والعياذ بالله.
* ولا بدَّ من التنبيه على أنه قد يكون المزكَّى على الجادة لكنه ينحرف بعدها، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن – فلا قيمة بعدها للتزكية وهي تسقط بما فيها بسقوطه ولا كرامة.
لذلك ننصح المتعالمين والمتمسحين بالمشايخ لا تبحثوا عن التزكيات لأن أفضل مزك هو علم العالم ثم عمله.
فاعرف الحق تعرف أهله .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق