القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الأفضل للمسلم أن يسعى لمعرفة الراجح من أقوال أهل العلم فى كل مسألة فإن لم يمكنه ذلك فليستفت من يثق بدينه وعلمه وليعمل بقوله فإن هذا فرض المقلد كما قال تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ). النحل/43 . فإن بلغه القولان المتعارضان فليتبع قول الأوثق والأعلم بحسب ظنه . والواجب على المسلم أن يتبع كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في ضوء فهم الصحابة الكرام الذين زكاهم الله تعالى .

إذا كان الإنسان طالب علم يمكنه أن يجتهد وينظر في أدلة الفريقين فيحكم بما يرى أنه أقرب إلى الصواب فهذا هو الواجب عليه . ومن كان عاميا غير قادر على الإجتهاد فله أن يتبع من يرى أنه أقرب إلى الصواب من العلماء إما لغزارة علمه وإما لثقته وأمانته ودينه فإن لم يعلم أيهما أرجح في ذلك فله أن يأخذ بالأيسر لكون الشريعة مبنية على التخفيف طالما أنه لا يفعل ذلك اتباعا لهواه وإرضاءً لشهوته . فقد ثبت في الصّحيحين عن عائشة أمّ المؤمنين أنها قالت : "ما خُيِّر رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً". ([ رواه البُخاريّ]).

 فدلّ الحديث على أنّ الجنوح إلى الأسهل كان منهج النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأدنى ما يفيد ذلك جواز الأخذ بالأخفّ، وتتبّع ما فيه تخفيفاً وتيسيراً على المكلّف، اقتداءً بالنبيّ صلى الله عليه وسلم الذي كان ميّالا إلى الأخفّ. ([انظر: بادشاه، تيسير التّحرير، ج4، ص254.]).

قال الطوفي رحمه الله

 في شرح مختصر الروضة :

 قوله : «فإن استويا عنده» ، أي : إن استوى المجتهدان عند المستفتي في الفضيلة، واختلفا عليه في الجواب، ففيه ثلاثة أقوال : أحدها : يتبع «أيهما شاء» مخيرا لعدم المرجح. الثاني : يأخذ بأشد القولين، لأن «الحق ثقيل مري والباطل خفيف وبي» ، كما يروى في الأثر. وفي الحكمة : إذا ترددت بين أمرين، فاجتنب أقربهما من هواك. وروى الترمذي من حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما وفي لفظ : أرشدهما. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه أيضا النسائي وابن ماجه. فثبت بهذين اللفظين للحديث أن الرشد في الأخذ بالأشد. الثالث : يأخذ بأخف القولين لعموم النصوص الدالة على التخفيف في الشريعة، كقوله - عز وجل -: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. انتهى.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : 

مسائل العلم يجب على الإنسان أن يتبع من يرى أنه أقرب إلى الصواب إما لغزارة علمه وإما لثقته وأمانته ودينه. فإن لم يعلم أيهما أرجح في ذلك فقد قال بعض أهل العلم إنه يخير إن شاء أخذ بقول هذا وإن شاء أخذ بقول هذا، وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أحوط أي بالأشد احتياطاً وإبراءً للذمة، وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أيسر لأن ذلك أوفق للشريعة إذ أن الدين الإسلامي يسر كما قال الله تبارك تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) وكما قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن الدين يسر) وكما قال وهو يبعث البعوث : (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) أي أنه إذا اختلفت آراء العلماء عندك وليس عندك ترجيح فإنك تأخذ بالأيسر لهذه الأدلة ولأن الأصل براءة الذمة، ولو ألزمنا الإنسان بالأشد للزم من ذلك إشغال ذمته والأصل عدم ذلك وهذا القول أرجح عندي أي أن العلماء إذا اختلفوا على قولين وتكافأت الأدلة عندك في ترجيح أحد القولين فإنك تأخذ بالأيسر منهما، وهذا أعني القول بالأخذ بالأيسر فيما يتعلق بنفس الإنسان أما إذا كان يترتب على ذلك مفسدة فإنه يمتنع من إظهار ذلك وإعلانه... وعلى هذا فنقول : القول الصحيح أن نأخذ بالأيسر ما لم يتضمن ذلك مفسدة فإن تضمن ذلك مفسدة فليأخذ بالأيسر في حق نفسه فقط . انتهى.

(فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [276])

وقد نص فقهاء المذاهب على أن مراعاة خلاف المذاهب الأخرى له ضوابط وشروط ومن أمثلة ذلك قال السيوطي رحمه الله في شروط مراعاة الخلاف :

1- أن لا توقع مراعاته في خلاف آخر ومن ثَمَّ كان فصل الوتر أفضل من وصله ولم يراع خلاف أبي حنيفة لأن من العلماء من لا يجيز الوصل .

2- أن لا يخالف سنة ثابتة ومن ثَمَّ سُنَّ رفع اليدين في الصلاة ولم يبال بقول من قال بإبطاله الصلاة من الحنفية لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية خمسين صحابيا.

3- أن يقوى مُدركه بحيث لا يعد هفوة ومن ثَمَّ كان الصوم في السفر أفضل لمن قوي عليه ولم يبال بقول داود : إنه لا يصح ". انتهى .

( "الأشباه والنظائر" ص 137 ).

وأما الاعتماد على الاحتياط مطلقا فقد يدخل المشقة على الإنسان أو يحرمه من الفضل فمثلا : تكرار العمرة في السنة : منعه مالك ، واستحبه غيره ، فهل يحرم الإنسان نفسه من الأجر عملا بالاحتياط ؟.

قال الزركشي رحمه الله :

 " وكذلك يضعف الخروج من الخلاف إذا أدى إلى المنع من العبادة لقول المخالف بالكراهة أو المنع كالمشهور من قول مالك : إن العمرة لا تتكرر في السنة وقول أبي حنيفة : إنها تكره للمقيم بمكة في أشهر الحج وليس التمتع مشروعا له وربما قالوا : إنها تحرم فلا ينبغي للشافعي مراعاة ذلك لضعف مأخذ القولين ولما يفوته من كثرة الاعتمار وهو من القربات الفاضلة .

أما إذا لم يكن كذلك فينبغي الخروج من الخلاف لا سيما إذا كان فيه زيادة تعبد كالمضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة يجب عند الحنفية وكذلك الاستنشاق عند الحنابلة في الوضوء والغسل من ولوغ الكلب ثماني مرات والغسل من سائر النجاسات ثلاثا لخلاف أبي حنيفة وسبعا لخلاف أحمد والتسبيح في الركوع والسجود لخلاف أحمد في وجوبها والتبييت في نية صوم النفل فإن مذهب مالك وجوبه وإتيان القارن بطوافين وسعيين مراعاة لخلاف أبي حنيفة والموالاة بين الطواف والسعي لأن مالكا يوجبها وكذلك التنزه عن بيع العينة ونحوه من العقود المختلف فيها .انتهى .

 ("المنثور في القواعد" 2/ 132)

قال العلاّمة الألباني - رحمه الله :

موقف المسلم في المسائل الخلافية :

  أولا : أن تسمع الدليل من كل من المختلفين , وتتجرد عن اتباع الهوى - حفظك الله من الهوى - , ثم تفكر في دليل هذا ودليل هذا , ثم اتبع ما أداك إليه الدليل - ولو كنت رجلا عاميّا - , ولا تقل : (هذا شيخ) و (هذا شيخ) (هذا عالِم) و (هذا عالم) ؛ وحينئذ تأخذ ما يناسب هواك , وهذا لابد منه للخلاص من اختلاف العلماء في مسألة ما .

ثانيا : أن تأخذ بمبدأ (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) وإذا كانت المسألة ليس فيها احتياط يأتي قول الرسول - عليه السّلامُ - (استفت قلبك وإن أفتاك المفتون) والقلب المذكور : القلب المؤمن بالله - عزوجل - المستحضر مراقبة الله - عزوجل - .اهـ

 (الشريط 19 من سلسلة الهدى والنور)


والله أعلم 


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات