السنة عد أو عقد التسبيح بأصابع اليد اليمنى إلا أنه لم ينقل إلينا حديث صحيح فى كيفية عد النبي ﷺ التسبيح على أصابع يده اليمنى هل كان النبي ﷺ يعقد بكل أصبع تسبيحة واحدة أو ثلاث تسبيحات بكل مفصل تسبيحة فلم نعلم الكيفية ومادام لم يثبت فى هذا شيئا فالأمر فيه سعة .
والدليل :
1- عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو قال : رأيتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يعقِدُ التَّسبيحَ . وفي زيادةٍ : بيمينِهِ. (1502 صحيح أبي داود)
قالَ العلاَّمةُ الألبانيُّ رحمه الله :
أي: بيمينه، فالتَّسبيح باليدين معًا خلاف السُّنَّة، والعَجَب مِن أُناسٍ يأكُلون باليدِ اليُمنى فقط، ويُسبِّحون بهما!! . المصدر: " صحيح الكَلِم الطَّيِّب " لشيخ الإسلام ابن تيميَّة، بقلم [العلاَّمة]/ محمَّد ناصر الدِّين الألبانيِّ، مكتبة المعارف، الرِّياض، ط8، 1407هـ/1987م، ص67، 68.
2- عَنْ يُسَيْرَةَ بِنتِ يَاسر رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَاعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ وَلَا تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ الرَّحْمَةَ . صحيح الترمذى.
والمقصود بالعقد : هو العد . والذي يظهر أن معنى : " الأنامل " في الحديث : هو الأصابع وهو من إطلاق الجزء وإرادة الكل.
قال الشوكاني رحمه الله :
(والحديث الأول يدل على مشروعية عقد الأنامل بالتسبيح... وقد علل رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك في حديث الباب بأن الأنامِلَ مسؤولات مستنطَقاتٌ، يعني أنهن يشهدنَ بذلك، فكان عقدُهن بالتسبيحِ من هذه الحيثيَّة أولى من السبحة والحَصى) .اه
((نيل الأوطار)) (2/366).
قال شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله :
( يعقدها بيده ) أي : بأصابعها ، أو بأناملها أو بعُقَدِها .اه
(" عون المعبود " ( 13 / 273 ) ).
وقال أبو الحسن المباركفوري رحمه الله :
والظاهر : أن يراد بها أي : الأنامل - : الأصابع من باب إطلاق البعض وإرادة الكل عكس ما ورد في قوله تعالى : ( يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُم فِي آَذَانِهِم ). (البقرة/19 ) لإرادة المبالغة .اه
(" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 7 / 478 ))
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
(اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات)
الأنامل يعني : الأصابع .
(" فتاوى نور على الدرب " ( شريط رقم 230 ) ).
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 21 / 258 ) :
قال ابن علاَّن :
يحتمل أن المراد : العقد بنفس الأنامل أو بجملة الأصابع . قال : والعقد بالمفاصل : أن يضع إبهامه في كل ذِكر على مفصل . والعقد بالأصابع : أن يعقدها ثم يفتحها . اه
وفي " شرح المشكاة " : العقد هنا : بما يتعارفه الناس .اه
وجاء في كتاب " التَّرجيح في مسائل الطَّهارة والصَّلاة " (ص 353-361- ط.دار الهجرة) لفضيلة الشَّيخ : د. محمَّد بن عُمر بازمول -حفظه الله-: تَفصيلٌ حَسَنٌ لمسألةِ " عقد اليد اليُمنَى بالتَّسبيح "؛ فليَرْجِعْ إليه مَن شاء فقد رد فيه على من ضعف زيادة بيمينه. وقال في نهاية المبحَث :
" والمقصود أن التسبيح يعقد باليد اليمنى؛ هذه هي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يشرع عقد اليد اليسرى بالتسبيح؛ فإنها إنما تستعمل فيما فيه أذى، وإنما تشترك مع اليمنى فيما لا يمكن الاقتصار فيه على اليد اليمنى فقط، وهذا غير حاصل في عقد التسبيح باليد؛ إذ يمكن الاقتصار فيه على اليد اليمين فقط؛ فإنه ذكر الله تعالى، وهذا من الأمور الشريفة، ويمكن الاقتصار فيه على اليد اليمنى فقط، والله الموفق ". انتهى.
ويشهد لإقتصار التسبيح باليد اليمنى
- عن عائشة - رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ( يحب التيامن يأخذ بيمينه ويعطي بيمينه ويحب التيمن في جميع أموره . صحيح النسائي
- وعنها - رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيامن في شأنه حتى في ترجله * ونعله وطهوره . صحيح ابن خزيمة [ 1/122 رقم 244 ] .
- وعنها - رضي الله عنها : كانت يَدُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اليُمْنى لطُهورِهِ ولطَعامِهِ، وكانتِ اليُسْرى لخَلائِهِ، وما كان مِن أذًى . (حسن بطرقه وشاهده تخريج المسند لشعيب الارناؤوط رقم: (26284))
- عن أبي قتادة رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ولا يتنفس في الإناء . رواه مسلم
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شأنه إلا ما كان في الإستنجاء والخروج من المسجد والدخول إلى الخلاء وخلع النعل .
وأما عن التسبيح بالسبحة أو المسبحة
فهذا لا يجوز لأنه لا هدي بعد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وهو التسبيح باليد اليمنى لأنها سوف تشهد يوم القيامة بالعمل الذي حركت فيه والتسبيح بالسبحة أو المسبحة خلاف ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد يجر إلى الرياء .
قال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1/110) عند تخريجه لحديث : "نعم المذكّر السبحة" (حديث موضوع) : ثم إن الحديث من حيث معناه باطل عندي لأمور :
الأول :
أن السبحة بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم أصحابه على أمر لا يعرفونه ؟ والدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح في " البدع والنهي عنها عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا فضربه برجله ثم قال : لقد سَبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ، وسنده صحيح إلى الصلت ، وهو ثقة من اتباع التابعين .
الثاني :
أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه .اه
وقال أيضا رحمه الله (1/117) :
ولو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة وهي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت مع اتفاقهم على أنها أفضل لكفى فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل! ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعة ، فترى بعض المنتمين لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! وبعضهم يعدُّ بها وهو يحدثك أو يستمع لحديثك ! وآخِر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أنني رأيت رجلا على دراجة عادية يسير بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس وفي إحدى يديه سبحة ! يتظاهرون للناس بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين وكثيرا ما تكون هذه البدعة سببا لإضاعة ما هو واجب فقد اتفق لي مرارا - وكذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم فرد عليّ السلام بالتلويح دون أن يتلفظ بالسلام ومفاسد هذه البدعة لا تحصى فما أحسن ما قال الشاعر: وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف. اه
وقال أيضا رحمه الله :
كثير من الناس في هذه المناسبة يستريحون الى القول بجواز السبحة قال لأنها تساعد المسبح بها على العد بدقة ؛ نحن نقول كما جاء في الحديث الصحيح ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) . فلو كان هناك في الشرع وسيلة لعد الذكر وإحصائه خير عند الله تبارك وتعالى من العد بالأنامل كان ما ينسى ربنا (( وما كان ربك نسيا )) .. أن يشرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم تلك الوسيلة ، هذا من جهة ؛ ومن جهة أخرى أنني ألمس الحكمة السلفية التي تقول " ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة " وهذا روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن السند ضعيف ؛ فأنا ألمس لمس اليد هذه الحقيقة ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة ، الذين احتاجوا إلى استعمال السبحة ما هو إلا لأنهم اخترعوا قبل استعمالهم السبحة أعدادا ضخمة فعلا لا يمكن احصاؤها بالأنامل ، الأذكار في شيء يسموها ألفية وأربع آلاف وقل هو الله أحد كذا ؛ كيف هذا سوف يحصيه إلا بالحصى أو بالسبحة التي تنوب عنها ؛ لكن الشرع لا يوجد فيه مثل هذا العدد الضخم .اه
(سلسلة الهدى والنور - شريط : (78))
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق