">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

نزل القرآن الكريم على مرحلتين تعرف عليهما


 نزل القرآن الكريم على مرحلتين :

** المرحلة الأولى : نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر المباركة من شهر رمضان.

وقيل : إنما أنزله إلى السماء الدنيا لشرف الملائكة بذلك، ولأنها كالمشترك بيننا وبين الملائكة، فهي لهم سكن، ولنا سقف وزينة. ينظر: (" البرهان في علوم القرآن " ( 1 / 230 )).

** المرحلة الثانية : نزل منجم (مفرّقاً) على الرسول في نحو ثلاث وعشرين سنة حسب الوقائع والأحداث من بعثته إلى وفاته عليه الصلاة والسلام،

فكان جبريل ينزله على النبي  نجوماً نجوماً، والله تعالى يتكلَّمُ به حقيقةً حينَ إنْزالِه، كما قال ابنُ عبّاسٍ : " فكـانَ الله إذا أرادَ أنْ يوحِـيَ مِنه شيئًا أوْحَاه ".

قاله ابن عباس وسَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ والرَّبيعُ بنُ أنَسٍ. وقال عنه الزركشي في البرهان : إنه أشهر وأصح وإليه ذهب الأكثرون ووصفه ابن حجر بأنه : الصحيح المعتمد . (فتح الباري).

** فلا يصحُّ أنْ يُفهم أنّ المرحلة الثانية من النزول على النبي ﷺ كانَت مِن السماء الدنيا ولا مِن اللوحِ المحفوظ،

ولكن الحقُّ الذي تدلُّ عليه الدلائلُ مِن الكتاب والسنّة أنّ الله عند إنزاله يتكلَّم بالقرآنِ حقيقةً فيسمعه جبريل من الله،

ثم ينزل به جبريل الى النبي  فيلقيه على النبي ﷺ الذي يسمعه بأذنه منه، قال تعالى : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. {الشعراء:192- 195}.

 فبيّن أن جبريل نزله من الله لا من هواء، ولا من لوح، ولا غير ذلك.


وأدلة ذلك :

1 -  قال الله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ). [القدر -1]

علماء اللغة يفرقون بين الإنزال والتنزيل، فالتنزيل لما نزل مفرقاً والإنزال أعم،

ولذلك قال الراغب في قوله : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }. (القدر:١) ، وإنما خُص لفظ الإنزال دون التنزيل لما روي أن القرآن نزل دفعةً واحدة إلى سماء الدنيا ثم نزل نجماً فنجماً. انتهى من (المفردات في غريب القرآن للراغب الأصبهاني ٤٨٨، (٤٨٩)).

قال الإمام الطبري رحمه الله فى تفسيره : يقول تعالى ذكره : إنا أنزلنا هذا القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القَدْر،...

 قال : ثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، في قوله ﴿إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ قال : أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر، إلى السماء الدنيا، فكان بموقع النجوم،

فكان الله ينزله على رسوله، بعضه في أثر بعض، ثم قرأ: ﴿ وقالوا لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا﴾. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .انتهى.

2 - قال الله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا . الفرقان/ (32) .

- قال الشيخ السعدي رحمه الله : " لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد طمأنينةً وثباتاً ، وخصوصاً عند ورود أسباب القلق ؛

فإن نزول القرآن عند حدوث السبب ، يكون له موقع عظيم ، وتثبيت كثير ، أبلغ مما لو كان نازلاً قبل ذلك ثم تذكره عند حلول سببه.. انتهى من (" تفسير السعدي " ( ص 582 )) .

3 - عن ابن عباس في قوله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } قال : أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا، وكان بموقع النجوم،

فكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال عز وجل : { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا }. ينظر: (تخريج زاد المعاد- للأرناؤوطي -إسناده صحيح).

* فهذا الأثر الصحيح الموقوف عن ابن عباس له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي.

- قال الحافظ في "فتح الباري" - عند شرح حديث لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشر سنين : 

يؤخذ من هذا الحديث : أنه نزل مفرقا ولم ينزل جملة واحدة، ولعله أشار إلى ما أخرجه النسائي وأبو عبيد والحاكم من وجه آخر عن ابن عباس قال:

أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة وقرأ : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث الآية،

وفي رواية للحاكم والبيهقي في الدلائل، فرق في السنين، وفي أخرى صحيحة لابن أبي شيبة والحاكم أيضا : وضع في بيت العزة في السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم. وإسناده صحيح. انتهى بتصرف قليل .

قال القرطبي رحمه الله -في تفسيره:

ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر ـ على ما بيناه ـ جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا،


ثم كان جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل به نجماً نجماً في الأوامر والنواهي والأسباب، وذلك في عشرين سنة.. انتهى.


وذكر السيوطي رحمه الله : أن القرطبي حكى الإجماع على أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا. ينظر: (الاتقان- للسيوطي).


- وقال ابن تيمية رحمه الله :


فإن كونه مكتوبا فى اللوح المحفوظ وفي صحف مطهرة بأيدي الملائكة لا ينافى أن يكون جبريل نزل به من الله ، سواء كتبه الله قبل أن يرسل به جبريل أو بعد ذلك، 


وإذا كان قد أنزله مكتوبا إلى بيت العزة جملة واحدة فى ليلة القدر فقد كتبه كله قبل أن ينزله.. انتهى باختصار من (مجموع الفتاوى (12/ 126 و 127، 15/ 223)).


قال الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب " موسوعة الألباني في العقيدة":


" ...ذاك هو حديث ابن عباس الموقوف أيضاً عليه والذي قال : « نزل القرآن إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل أنجماً حسب الحوادث »،


فهذا حديث موقوف، ولم نجده مرفوعاً إطلاقاً، جاء بالسند الصحيح عن ابن عباس موقوفاً عليه،


فقال العلماء : إن هذا الحديث في حكم المرفوع؛ لأنه يتحدث عن أمر غيبي، وهو أنه يقول : نزل كلام الله القرآن الكريم جملة واحدة إلى السماء الدنيا، 


وهذا لا يستطيع العقل البشري أن يتحدث به إلا من إنسان لا يبالي ما يخرج من فيه،


أما ابن عباس وهو صحابي جليل ابن صحابي ابن عم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فلا يخطر في بال إنسان أن يتحدث رجل بالغيب .


فإذاً:قوله أن القرآن نزل جملة واحدة .. إلى آخر الحديث، فيه من الدقائق مايبعد أن يكون هذا الحديث قد قاله بالرأي، فيقول مثلاً بعد أن ذكر نزل جملة واحدة إلى بيت العزة، ما هو بيت العزة،


وهل يستطيع الإنسان أن يعين مكاناً في السماء ويسميه باسم من عنده، هذا أبعد عن أن يكون قد حصل من رأي الصحابي، ثم هو يعين مكان بيت العزة هذا في السماء لا يقول لا السابعة، ولا .. ولا .. وإنما يقول السماء الدنيا .


فإذاً: هذا حديث موقوف في حكم المرفوع.


فإذا صح الحديث , صار هذا الأمر الغيبي موضع تسليم , ومن هنا تسقط  كل " الشبهات " و" التساؤلات " التي ترد حول هذه المرحلة من نزول القرآن الكريم. انتهى.


وقال أيضا رحمه الله :


... ما الذي دراه أن القرآن نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم نزل أنجما حسب الحوادث،


هذا يستبعد كل الإستبعاد أن يكون مجرد اجتهاد وإنما بتوقيف من الرسول عليه والسلام. انتهى من (سلسلة الهدى والنور - شريط : (861))




والله اعلم


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات