">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع الج

هل نثبت لله يد شمال لحديث «ثم يطوي الأرضين بشماله»؟


تعرف على تفسير حديث النبي ﷺ: «يطوي الأرضين بشماله»، وكيفية فهم صفات الله عز وجل بما يليق بجلاله وعظمته دون تشبيه أو تمثيل.

** إثبات اليدين لله عز وجل.

دلت نصوص الكتاب والسنة على ثبوت اليدين لله على الوجه اللائق به سبحانه:

1- قال سبحانه : قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ.{ص:75}.

2- قال ﷺ : "إن يمين الله ملأى، لا يغيضها نفقة... وبيده الأخرى الفيض". (رواه البخاري ومسلم).

** هل لله يد شمال؟

نعم، أثبتت النصوص أن لله يدين، إحداهما تسمى "الشمال"، ولكن ينبغي فهم هذا الوصف بما يليق بالله، فمن هذه النصوص :

1- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً : ( يطوي الله عزَّ وجلَّ السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول : أنا الملك! أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ 

ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول...) الخ الحديث. (رواه مسلم (2788).

وقال أيضا في صحيح مسلم : " وكلتا يديه يمين ". 

*  " وكلتا يديه يمين ": يعني في الشرف والفضل، وإن سميت إحداهما شمالاً .

2 - قال ﷺ : إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة، سَحَّاءُ الليل والنهار،... وبيده الأخرى الفيض - أو القبض - يرفع ويخفض. (صحيح البخاري-رقم : (7419 )).

* قوله : ( بيده الأخرى ) ، هذا يعني أنَّ الأخرى ليست اليَمِين ، فتكون الشِّمال .

3 - قوله ﷺ : إن الله عز وجل قبض بيمينه قبضة، وأخرى باليد الأخرى، وقال : هذه لهذه، وهذه لهذه، ولا أبالي(إسناده صحيح). ينظر: (هداية الرواة-للألباني-رقم : 116 ) و(تخريج شرح السنة- للأرناؤوط -رقم : (1/160 ))).

** هل اليد الشمال لله تعني النقص؟

الله سبحانه وتعالى له يدين يمين وشمال "وكلتاهما يمين" أي : من حيث الشرف والفضل واليُمن والخير والبركة،

فهو سبحانه مُنَزَّه على النقص والضعف؛ كما في أيدينا الشِّمال من النقص وعدم البطش.

- لا يلزم من إثبات اليد الشمال لله إثبات النقص، فيده الشمال سبحانه وتعالى ليست كاليد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليمين.

- فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال ، يعني : النقص في هذه اليد دون الأخرى ، قال : " كلتا يديه يمين ".

لا نصف ولا نقول بأن كلتا يدي المخلوقات يمين؛ لأن هذه صفة اختص بها رب العالمين .

** أقوال علماء أهل السنة في صفة اليدين:

قال الإمام أبو سعيد الدارمي رحمه الله :

... قال أبو سعيد :  ويلك أيها المعارض! إنما عنى رسول الله  ما قد أطلق على التي في مقابلة اليَمِين الشِّمال، 

ولكن تأويله : (( وكلتا يديه يَمِين ))؛ أي : مُنَزَّه على النقص والضعف؛ كما في أيدينا الشِّمال من النقص وعدم البطش، 

فقال : (( كِلتا يدي الرحمن يَمِين ))؛ إجلالاً لله، وتعظيماً أن يوصف بالشِّمال، وقد وصفت يداه بالشِّمال واليسار، 

وكذلك لو لم يجز إطلاق الشِّمال واليسار؛ لما أطلق رسول الله ﷺ،

ولو لم يجز أن يُقال : كلتا يدي الرحمن يَمِين؛ لم يقله رسول الله . ينظر: ((رده على بشر المريسي)) (ص 155).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

نقول : إن الله عز وجل وصف نفسه بأن لله يدين، فوجب الإيمان بذلك، وأن إحدى يديه يمين والأخرى شمال، 

ولكن في حديث آخر في الصحيح : أن النبي -  - قال : « وكلتا يدي ربي يمين » ،لا إشكال بين هذا الحديث والذي قبله،

 بل هذا الحديث الثاني يؤكد مبدأً قرآنيًّا وهو قوله تبارك وتعالى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }. (الشورى:11). فهو تبارك وتعالى مع كونه سميعًا بصيرًا فليس كمثله شيء، 

كذلك عز وجل مع كونه له يدان وإحداهما يمين والأخرى شمال فكلتا يدي ربي يمين خلافًا للمخلوقات ، 

فلا توصف بأن كلتا يدي يمين المخلوقات يمين؛ لأن هذه صفة اختص بها رب العالمين،

فلا تعارض لنتطلب التوفيق، بل هذا تأكيد لتنزيه الله تبارك وتعالى عن مشابهته للمخلوقات. ينظر: ("فتاوى جدة" (1/ 00:14:04)).

وسئل أيضا رحمه الله :

حديث : "إن الله يطوي السموات ثم يأخذهنَّ بيمينه ، ويطوي الأرضين ثم يأخذهنَّ بشماله" رواه مسلم من طريق عمر بن حمزة ... وهذا ضعيف.

فأجاب : 

صحيح أن عمرو هذا فيه ضعف ولا يُحتجُّ به لوحده ، ولكن كون ربِّ العالمين متصف باليدين يمينًا وشمالًا قد جاء في غير حديث هذا الضعيف،...

ولا أقول في تعارض بين الأحاديث التي فيها إثبات اليمين والشمال وبين قوله - عليه السلام - : " كلتا يدي ربي يمين " ؛ 

بل هو - عليه الصلاة والسلام - في هذه الجملة ينزِّه ربه - عز وجل - بصفة اليمين والشمال أن يكون ذلك كما هو معروف لدى البشر.هذا هو الجواب. ينظر: (رحلة النور - شريط : (33)).

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

.. فالله سبحانه توصف يداه باليمين والشمال من حيث الاسم كما في حديث ابن عمر ،

وكلتاهما يمين مباركة من حيث الشرف والفضل، كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى. ينظر: " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 25 / 126).

- قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

إذا كانت لفظة " شمال " محفوظة ، فهي عندي لا تنافي " كلتا يديه يمين " ؛ لأن المعني أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق : ناقصة عن اليمني ، 

فقال : " كلتا يديه يمين " ، أي : ليس فيها نقص ، ويؤيد هذا قوله في حديث آدم : " اخترت يمين ربي ، وكلتا يديه يمين مباركة " ، 

فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال ، يعني : النقص في هذه اليد دون الأخرى ، قال : " كلتا يديه يمين "، 

ويؤيده أيضاً قوله : " المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن " ، فإن المقصود بيان فضلهم ومرتبتهم ، وأنهم على يمين الرحمن سبحانه .

وعلى كل ، فإن يديه سبحانه اثنتان بلا شك ، وكل واحدة غير الأخرى، 

وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال ، فليس المراد أنها أقل قوة من اليد اليمني ، بل كلتا يديه يمين... ينظر:(مجموع فتاوى العثيمين ( 1 / 165 )).

قال الشيخ محمد خليل هرَّاس رحمه الله :

... قولـه عليه السلام : إنَّ يَمِين الله ملأى سحاء الليل والنهار )؛ يدل على أنَّ اليد الأخرى المقابلة لها ليست يَمِيناً. ينظر: (التعليق على ((كتاب التوحيد)) لابن خزيمة (ص 66)).

** خاتمة :

صفات الله عز وجل منزهة عن مشابهة صفات المخلوقين، وقد أثبت القرآن والسنة أن لله يدين، إحداهما تسمى الشمال، لكن كلتا يديه يمين في الشرف والفضل.


والله اعلم


* شارك الموضوع ليستفيد غيرك، أو قم بالتعليق إذا أعجبك


اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات