لا يلزم من إثبات الشمال إثبات النقص
لأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم فيده الشمال سبحانه وتعالى ليست كاليد الشمال بالنسبة للمخلوق ناقصة عن اليمين فيُجمع بين الحديثين بأن الله تعالى له يمين وشمال لكن كلتا اليدين يمين، أي: في الخير والبركة؛ فلا يتوهم واهم أن يده الشمال قاصرة كما هي في المخلوقين فليس كمثله شيء وهو السميع العليم.
وممن أثبت صفة الشمال لله : الإمام عثمان بن سعيد الدارمي، وأبو يعلى الفراء، ومحمد بن عبد الوهاب، وصديق حسن خان، ومحمد خليل الهرَّاس ، والألبانى ، وابن باز وغيرهم .
وقد جاءت فى السنة الصحيحة
إثبات اليدين لله منها:
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: (يطوي الله عزَّ وجلَّ السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك! أين الجبارون؟أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول...) الخ الحديث. رواه مسلم (2788).
- قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة بيمينه فقال: هذه لهذه ولا أبالي، وقبض قبضة أخرى يعني بيده الأخرى فقال: هذه لهذه ولا أبالي». («السلسلة الصحيحة» (٥٠)).
قال الإمام أبو سعيد الدارمي:
(وأعجب من هذا قول الثلجي الجاهل فيما ادعى تأويل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يَمِين الرحمن وكلتا يديه يَمِين))، فادعى الثلجي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تأول كلتا يديه يَمِين؛ أنه خرج من تأويل الغلوليين أنها يَمِين الأيدي، وخرج من معنى اليدين إلى النعم؛ يعني بالغلوليين: أهل السنة؛ يعني أنه لا يكون لأحد يَمِينان، فلا يوصف أحدٌ بيَمِينَيْن، ولكن يَمِين وشمال بزعمه.
قال أبو سعيد:
ويلك أيها المعارض! إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد أطلق على التي في مقابلة اليَمِين الشِّمال، ولكن تأويله: ((وكلتا يديه يَمِين))؛ أي: مُنَزَّه على النقص والضعف؛ كما في أيدينا الشِّمال من النقص وعدم البطش، فقال: ((كِلتا يدي الرحمن يَمِين))؛ إجلالاً لله، وتعظيماً أن يوصف بالشِّمال، وقد وصفت يداه بالشِّمال واليسار، وكذلك لو لم يجز إطلاق الشِّمال واليسار؛ لما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يجز أن يُقال: كلتا يدي الرحمن يَمِين؛ لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم. اه
((رده على بشر المريسي)) (ص 155).
قال الإمام الألباني رحمه الله:
الحقيقة أنني أعجب من بعض إخواننا الذين يوجهون مثل هذا السؤال يتوهمون التعارض بين ما جاء في بعض الأحاديث أن لله يمينًا ولله شمالاً وبين الحديث الذي قال فيه عليه السلام: «وكلتا يدي ربي يمين». يتوهمون التعارض بين هذا الحديث والأحاديث التي تُفصِّل فتقول إن لله يمينًا ولله شمالاً، كهذا الحديث حديث ابن عمر وأحاديث القبضتين التي كنتُ أخرجتها في أول المجلد الأول من السلسلة الصحيحة ففيها أن الله عز وجل لما خلق الخلق قبض قبضةً بيمينه في عالم الأرواح -فقال هؤلاء بالجنة ولا أبالي، وقبض قبضة بشماله فقال هؤلاء بالنار ولا أبالي،
لا تعارض ولا تنافي بين هذا الحديث وما في معناه من إثبات الشمال واليمين، وبين قوله عليه الصلاة والسلام: «وكلتا يدي ربي يمين»؛ لأن معنى ذلك كقوله تبارك وتعالى تمامًا في صفة السمع والبصر: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ليس كمثله شي يساوي كلتا يدي ربي يمين، وهو السميع البصير يساوي له يمنى وله يسرى،
فتنزيهًا لله عز وجل وبيانًا أن صفات الله عز وجل لا تشبه صفات المخلوقات، قال الرسول عليه السلام في الحديث المذكور آنفًا: «وكلتا يدي ربي يمين» فنحن البشر نصف أنفسنا لنا يمين ولنا شمال، لكن هل يجوز لنا أن نصف أنفسنا فنقول كما قال بعض الوعاظ المصرِّيين مخاطبًا الرسول عليه السلام يقول في تعظيمه وفي مدحه: (يا رسول الله وكلتا يديك يمين)، هذا هو الضلال المبين،
فلا يجوز للمسلم أن يصف نفسه إلا بما هو معروفٌ من بشريته فله يمين وله شمال، ولكن لا يجوز أن يصف بشرٍّ ما، مهما سما وعلا ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيقول وكلتا يدي رسول الله يمين»؛
لأن هذه الصفة مما تفرد بها رب العالمين تبارك وتعالى، والأمر في الصفات كما تعلمون يوجد اشتراك لفظيٌ، بين صفات الله عز وجل وبين صفات العباد، الله سميع بصير كما سمعتم في الآية السابقة، ولكنه قال بالنسبة لآدم: ﴿فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً﴾. لكن هذا السمع وهذا البصر يختلف تمامًا في حقيقتهما عن حقيقة صفة السمع والبصر كصفتين لله تبارك وتعالى، تأكيدًا لهذا التنزيه الذي ذكره الله عز وجل في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
من هذا الباب جاء قوله عليه الصلاة والسلام: «وكلتا يدي ربي يمين». فاليمين والشمال يوجد إشتراك لفظي، أما كلتا يدي ربي يمين لا أحد يشاركه في اللفظ فضلاً عن المعنى، هذا هو الجواب.اه
(فتاوى جدة –الأثر-" (33 /01:19:38)
وقال أيضا رحمه الله:
نقول:
إن الله عز وجل وصف نفسه بأن لله يدين، فوجب الإيمان بذلك، وأن إحدى يديه يمين والأخرى شمال، ولكن في حديث آخر في الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «وكلتا يدي ربي يمين» لا إشكال بين هذا الحديث والذي قبله بل هذا الحديث الثاني يؤكد مبدأً قرآنيًّا وهو قوله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. (الشورى:11). فهو تبارك وتعالى مع كونه سميعًا بصيرًا فليس كمثله شيء، كذلك عز وجل مع كونه له يدان وإحداهما يمين والأخرى شمال فكلتا يدي ربي يمين خلافًا للمخلوقات فلا توصف بأن كلتا يدي يمين المخلوقات يمين؛ لأن هذه صفة اختص بها رب العالمين، فلا تعارض لنتطلب التوفيق، بل هذا تأكيد لتنزيه الله تبارك وتعالى عن مشابهته للمخلوقات.اه
("فتاوى جدة" (1/ 00:14:04))
وسئل أيضا رحمه الله:
السائل:
الحديث: أن لله تعالى يدين، وكلتا يديه يمين، ويوجد حديث آخر أن له يدًا شمالًا، هل هذا وهم من الراوي، مع أن الحديث عند مسلم.
الشيخ:
نعم الحديث الذي عند مسلم فيه راو متكلم فيه بحق، ولكن للفظة الشمال في حديثه هذا شواهد أخرى جاءت خارج الصحيح لا مانع في اعتقادي من وصف اليد الأخرى بالشمال مع الجمع بينهما كما جمع الرسول عليه السلام بقوله: «وكلتا يدي ربي يمين»؛ لأن ذلك كتفصيل لقوله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11) فلا يوصف بشر بأن كلتا يديه يمين خلافًا ما نقل عن بعض الوعاظ في مصر حيث خاطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله: وكلتا يديك يا رسول الله يمين! فهذا شرك في الصفات،
فالحديث الصحيح: «وكلتا يدي ربي يمين» هو كالتأكيد لكون ما جاء في وصفه تعالى في بعض الأحاديث بأن له يمينًا وأن له شمالًا فليس كيمين وشمال المخلوقين، بل كلتا يدي ربي يمين، فهو تأكيد التنزيه الذي هو الأصل في كل صفات الله تبارك وتعالى. اه
("فتاوى جدة- الأثر -" (26ب /00:09:26))
ولمزيد كلام الشيخ الالبانى راجع كتاب موسوعة الألباني في العقيدة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" كلها أحاديث صحيحة عند علماء السنة وحديث ابن عمر مرفوع صحيح ، وليس موقوفا وليس بينها اختلاف بحمد الله فالله سبحانه توصف يداه باليمين والشمال من حيث الاسم كما في حديث ابن عمر وكلتاهما يمين مباركة من حيث الشرف والفضل كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى ".
انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 25 / 126 ) .
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
إذا كانت لفظة " شمال " محفوظة ، فهي عندي لا تنافي " كلتا يديه يمين " ؛ لأن المعني أن اليد الأخرى ليست كيد الشمال بالنسبة للمخلوق : ناقصة عن اليمني ، فقال : " كلتا يديه يمين " ، أي : ليس فيها نقص ، ويؤيد هذا قوله في حديث آدم : " اخترت يمين ربي ، وكلتا يديه يمين مباركة " ، فلما كان الوهم يذهب إلى أن إثبات الشمال ، يعني : النقص في هذه اليد دون الأخرى ، قال : " كلتا يديه يمين " ، ويؤيده أيضاً قوله : " المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن " ، فإن المقصود بيان فضلهم ومرتبتهم ، وأنهم على يمين الرحمن سبحانه .
وعلى كل ، فإن يديه سبحانه اثنتان بلا شك ، وكل واحدة غير الأخرى ، وإذا وصفنا اليد الأخرى بالشمال ، فليس المراد أنها أقل قوة من اليد اليمني ، بل كلتا يديه يمين .
والواجب علينا أن نقول : إن ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنحن نؤمن بها ، ولا منافاة بينها وبين قوله : " كلتا يديه يمين " كما سبق ، وإن لم تثبت ، فلن نقول بها ". انتهى
( " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " ( 1 / 165 )) .
قال الشيخ محمد خليل هرَّاس رحمه الله:
(يظهر أنَّ المنع من إطلاق اليسار على الله عزَّ وجلَّ إنما هو على جهة التأدب فقط؛ فإنَّ إثبات اليَمِين وإسناد بعض الشؤون إليها كما في قولـه تعالى: وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، وكما في قولـه عليه السلام: ((إنَّ يَمِين الله ملأى سحاء الليل والنهار؛ يدل على أنَّ اليد الأخرى المقابلة لها ليست يَمِيناً)).اه
(التعليق على ((كتاب التوحيد)) لابن خزيمة (ص 66)).
والله اعلم
وللفائدة..
عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات
حكم التأويل في صفات الله؟
https://amrelmolahz.blogspot.com/2020/06/blog-post_36.html
تعليقات
إرسال تعليق