">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع الجمع بي

هل مس الذكر ينقض الوضوء؟ إليك الرأي الراجح


في مسألة هل مس الذكر ينقض الوضوء؟، اختلفت آراء الفقهاء والعلماء،

ولكن الرأي الراجح الذي يجمع بين الأدلة الشرعية ويوفق بينها هو ما سنتناوله في هذا الموضوع.

 سنستعرض الأدلة من السنة النبوية، وكيفية الجمع بينها، بالإضافة إلى آراء كبار العلماء مثل الإمام الألباني والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.

▣▣ الرأي الراجح في مسألة مس الذكر:

أنه إذا مس الرجل ذكره بشهوة، سواء بوجود حائل أو بدونه، فإن وضوءه ينتقض ويجب عليه إعادة الوضوء. 

أما إذا كان المس بدون شهوة، فلا ينقض الوضوء. 

وهذا القول يعتبر أعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب، وهو ما ذهب إليه كثير من أهل العلم.

◄ والحكم نفسه ينطبق على المرأة، لأن النساء شقائق الرجال في الأحكام الشرعية إلا في بعض الأمور الخاصة بالمرأة.

▣▣ الأدلة الشرعية حول حكم مس الذكر:

وردت في هذه المسألة أحاديث صحيحة ظاهرها التعارض، لكن يمكن الجمع بينها لتحقيق الفهم الصحيح:

1 - حديث يدل على أن مس الذكر ينقض الوضوء : عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول : ( من مس ذكره فليتوضأ ). ((الموطأ)) (2/57) (127).

▣ توضيح : هذا الحديث محمول على المسِّ بشهوة، كما يؤكد ذلك حديث طلق بن علي.

2 - حديث يدل على أن مس الذكر لا ينقض الوضوء؛ لأن النبي شبهه بسائر أعضاء الجسد: فعن طلق بن علي رضي الله عنه قال:

( .. فلما قضى الصلاة جاء رجل كأنه بدوي فقال : يا رسول الله ما ترى في رجل مس ذكره في الصلاة؟

قال : هل هو إلا مضغة منك أو بضعة منك؟!). (((صحيح سنن النسائي)) (165)).

▣ هذا الحديث : يدل على أن مس الذكر لا ينقض الوضوء، لأنه شبهه بباقي أعضاء الجسم.

◄  فقوله  : ((هل هو إلا مضغة منك؟!)) علة لا يمكن أن تزول ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، 

فلا يمكن أن يكون ذكر الإنسان في يوم من الأيام ليس بضعة منه،

وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول، فإن الحكم يكون محكماً، ولا يصح عليه دعوى النسخ. ينظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/283).

▣▣ الجمع بين الحديثين للوصول إلى الحكم الصحيح:

 إذن مع ثبوت الحديثين لا مجال لرد أحدهما بدعوى ضعفه، والقول بالنسخ أو الترجيح لا يصار إليه مع إمكان الجمع والتوفيق، 

وإذا أمكن الجمع بين الحديثين وجب المصير إليه، لأن الجمع فيه إعمال الدليلين وترجيح أحدهما إلغاء للآخر، فيكون الجمع بين الحديثين كالتالي: 

1- إن مس ذكره بشهوة انتقض الوضوء وإلا فلا،

** يؤيد ذلك قوله  : ( إنما هو بضعة منك )فالرسول ﷺ علل عدم النقض بأنه بضعة منك؛ وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول، فإن الحكم يكون محكماً.

** فإذا مسست ذكرك بدون تحرك شهوة صار كأنما تمس سائر أعضائك، وحينئذ لا ينتقض الوضوء.

2- وإذا مس ذكره لشهوة فإنه ينتقض،

** لأن هذا المس يفضي إلى خروج شيء ناقض وهو المذي من غير شعور منك.
 
** ولأن مسه على هذا الوجه يخالف مس بقية الأعضاء، فهو كما لو مس بضعة أخرى، فهو مسه المس الذي يختص بالذكر وهو الشهوة.

** ولأن الشهوة مظنة الحدث، وما كان مظنة للحدث علق الحكم به ك (النوم) الذي قد يؤدي إلى خروج الريح بدون شعور؛ فألحقت المظنة باليقين.

 وبهذا يحصل الجمع بين حديث بسرة، وحديث طلق بن علي

▣▣ هل يفرق الحكم بين المس مع وجود حائل أو بدونه؟

** لم يثبت في السنة الصحيحة تفريق بين المس بالحائل أو بدونه، لأن حديث أبي هريرة الذي في المسند" ضعيف".

** ولأن حديث طلق (يمس ذكره في الصلاة) لا يدل على ذلك، لما بينته الروايات الأخرى كما في رواية ابن حبان (إن أحدنا يكون في الصلاة فيحتك فتصيب يده ذكره).

** ولذلك فإن الحكم يبقى كما هو: المسُّ بشهوة ينقض الوضوء، والمس العادي لا ينقضه، بغض النظر عن وجود حاجز بين اليد والذكر.

▣▣ آراء أهل العلم :

- قال الإمام الألباني رحمه الله :

... نفهم من الجمع بينهما أن المسّ الناقض للوضوء هو إذا كان بشهوة،

لأن النبي -  - في الحديث الثاني أنكر على السائل أنه يجب الوضوء من مس الذكر، إذا ما كان مَسّه إياه كما لو مس قطعة من بدنه.

وقد أوضح هذا المعنى أحد أصحاب النبي -  - ألا وهو عبد الله ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه - ..

ابن مسعود هذا سُئل نفس السؤال الذي جاء في حديث طلق بن علي : « الرجل يَمسّ عضوه، هل يتوضأ »، قال : سواءً مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي سواء مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي »، 

كأنه يُشِير أن الرجل حينما يَمَسّ أنفه، أو يمس أي عضو من أعضاء بدنه؛ لا يتصور وجود شهوة في هذا المس، 

كذلك إذا كان المَسّ لذاك العضو الذي هو عادةً مكان الشهوة ، إذا كان المَسّ مَساًّ عادياً ليس مقرونا بالشهوة، فلا فرق مسسته أو مسست أي مكان من بدنك كالأنف مثلاً.

... رجل يُصَلِّي ويومئذ كانوا يصلون بالإزار ليس هناك سراويل، فمس مد يده يحك جسده وإذا به يقع اللمس الغير مقصود بذَكَرِه فسأل الرسول،

قال له : « هل هو إلا بضعة منك»، أي هل كان هناك شهوة، الجواب : « بضعة منك »، فأوردت أثر ابن مسعود « سواء مسسته أو مسست أنفي»هذا هو الدليل.

لأننا إن وقفنا عند الحديث الأول : « من مَسّ ذَكره فليتوضأ » لا شك أن إطلاق المس يعني كل مس سواء كان بشهوة أو بغير شهوة،

لكن ماذا نفعل في الحديث الآخر : « هل هو إلا بَضْعَةً منك »،

 هل هذا القول يتمشى مع القواعد العلمية الأصولية، هل الأصل الجمع بين الحديثين المتعارضين، أم نسخ أحدهما بالآخر، ما هو الأصل؟ 

الأصل الجمع، وقد أمكن، وخاصة بفهم أحد السلف الصالح وهو عبد الله ابن مسعود.ينظر: (الهدى والنور/٧٦٨).

- وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

.. يمكن أن يؤخذ من هذين الحديثين : أن الإنسان إذا مس ذكره شهوة وجب عليه الوضوء، وإذا مسه لغير شهوة لم يجب عليه الوضوء، ويكون هذا جمعاً بين الحديثين، 

ويدل بهذا الجمع أن الرسول  علل عدم النقض بأنه بضعة؛ يعني : فإذا كان بضعةً منك فإن مسه كمس بقية الأعضاء،

كما لو مس الإنسان يده الأخرى أو مس رجله أو مس رأسه أو مس أنفه أو مس أي طرفٍ منه، فإنه لا ينتقض وضوءه،

كذلك الذكر؛ فإن مسه لغير شهوة كمس سائر الأعضاء، 

وأما إذا مسه لشهوة فإنه يختلف عن مس سائر الأعضاء.. ينظر: (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [50]) و(تفسير العثيمين: المائدة - جـ (١)) و(شرح "بلوغ المرام" (1/259)).

▣▣ الخلاصة:

◄ الرأي الراجح في مسألة هل مس الذكر ينقض الوضوء؟ هو التفريق بين المس بشهوة وبدون شهوة.
 
◄ وهذا الجمع بين الحديثين هو الأقرب إلى الصواب، وقد ذهب إليه كبار العلماء مثل الإمام الألباني والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.


والله اعلم

 ما رأيك في هذا الموضوع؟ شاركنا رأيك في التعليقات أو شاركه مع أصدقائك لتعم الفائدة!.

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات