يجوز للحائض والجنب مس المصحف والقراءة فيه وهو الصحيح إن شاء الله،
فلا يوجد دليل صحيح صريح في الكتاب ولا في السنة يدل على منع الجنب والحائض من مس القرآن أو تلاوته،
وإذا لم يكن هناك دليل لا من كتاب ولا سنة ثابتة بقي الأمر على البراءة الأصلية وهي الإباحة.
فإيجاب الطهارة لمس المصحف حكم تكليفى لابد له من نص صحيح صريح يحسم مادة الخلاف،
وليس فى نصوص الشريعة أمر بإيجاب بالطهارة لمس المصحف بصيغة قاطعة الدلالة على الوجوب فمع الإحتمال يسقط الإستدلال.
هذا وقد كان القرآن يقرأ فى زمن النبي ﷺ في صحف وأوراق ويدون في جلود فكيف لا يأمر نبيناﷺ أمنا عائشة بعدم مسه وهي حائض؟!.
وأنها آثمة لو فعلت هذا أيخفي علينا نبيناﷺ شيئا حراما ؟! محال، فتأخير البيان عن وقت الحاجة لايجوز.
ولكن لا شك أن قراءة القرآن على طهارة كاملة أنه هو الأولى والأفضل.
وهو قول المزني صاحب الشافعي وداود وابن حزم الظاهريان واختاره الإمام الألباني .
وإليك الأدلة على ذلك :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : " المؤمن لا ينجس ". (رواه البخاري ومسلم). وفي رواية للبخاري : " إن المسلم".
قال الحافظ ابن حجر فى فتح الباري : أراد بذلك نفي هذا الوصف وهو النجس عن المسلم حقيقة ومجازاً. انتهى.
فهذا الحديث أصل عظيم في طهارة بدن المسلم ولا ينجسُ في كل أحواله ولو كان جنباً أو كانت حائضاً .
قال الإمام النووي في شرح حديث : سبحان الله إن المؤمن لا ينجس : هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيّاً وميتاً فأمَّا الحيّ فطاهر بإجماع المسلمين...اهـ.
وقال ابن تيميَّة في مجموع الفتاوى : وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ : أَنَّ بَدَنَ الْجُنُبِ طَاهِرٌ، وَعَرَقُهُ طَاهِرٌ، وَالثَّوْبَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ عَرَقُهُ طَاهِرٌ. انتهى.
2- عن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ناوليني الخُمرة (هي السجادة التي يسجد عليها المصلي) من المسجد فقلت إني حائض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حيضتك ليست في يدك. (صحيح مسلم).
دل الحديث على أن : موضع الحيض -وهو الفرج فقط- هو الذي يكون نجسا، وما سوى ذلك من سائر جسدها فليس نجساً، وأن كل موضع لا يكون موضعا للحيض فلا يتعلق به حكم النجاسة.
- قال الشيخ الألباني رحمه الله : ...إذن لا مانع للحائض مطلقا أن تقرأ القرآن ولا مانع أن تمس القرآن ول امانع أن تدخل المسجد ،
فمن ادعى أن شيئا من هذه الأشياء الثلاثة محرم على المرأة الحائض فنقول كما قلنا آنفا هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. ينظر: (رحلة النور-(126)).
3- ثبت في "الصحيحين" من حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه ).
دل الحديث على : أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى متطهرا، ومحدثا، وجنبا، وقائما، وقاعدا، ومضطجعا، وماشيا.
والأصل براءة الذمة وعدم المنع فلا نُؤثّم عباد الله تعالى بفعل شيء لم يثبت به النص.
** قال الإمام ابن حزم رحمه الله :
قراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى جائز كل ذلك بوضوء وبغير وضوء وللجنب والحائض.
برهان ذلك أن قراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى أفعال خير مندوب إليها مأجور فاعلها، فمن ادعى المنع فيها في بعض الأحوال كلف أن يأتي بالبرهان. انتهى من ( المحلى لابن حزم ٩٤/١).
- وقال أيضا رحمه الله :
وأما مسُّ المصحف فإنَّ الآثار التي احتج بها من لم يُجِز للجنب مسه : فإنه لا يصحُّ منها شيءٌ،
لأنَّها إما مرسلةٌ وإما صحيفةٌ لا تُسند، وإما عن مجهولٍ وإما عن ضعيفٍ، وقد تقصيناها في غير هذا المكان. انتهى من "المحلى" (1/97).
- وقال أيضا رحمه الله :
وأما من قال يقرأ الجنب الآية أو نحوها ، أو قال لا يتم الآية ، أو أباح للحائض ومنع الجنب فأقوال فاسدة ;
لانها دعاوى لا يعضدها دليل لا من قرآن ، ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من إجماع ، ولا من قول صاحب ، ولا من قياس ، ولا من رأي سديد ،
لأن بعض الآية والآية قرآن بلا شك ، ولا فرق بين أن يباح له آية أو أن يباح له أخرى ، أو بين أن يمنع من آية أو يمنع من أخرى ،
وأهل هذه الأقوال يشنعون مخالفة الصاحب الذي لا يعرف له مخالف ، وهم قد خالفوا ههنا عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وسلمان الفارسي ، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة رضي الله عنهم .
وأيضا فإن من الآيات ما هو كلمة واحدة مثل والضحى ومدهامتان و والعصر والفجر ومنها كلمات كثيرة كآية الدين ، فإذ لا شك في هذا.
فإن في إباحتهم له قراءة آية الدين والتي بعدها أو آية الكرسي أو بعضها ، ولا يتمها ،
ومنعهم إياه من قراءة والفجر وليال عشر والشفع والوتر أو منعهم له من إتمام مدهامتان لعجبا.
وكذلك تفريقهم بين الحائض والجنب بأن أمد الحائض يطول ، فهو محال ، لانه إن كانت قراءتها للقرآن حراما فلا يبيحه لها طول أمدها، وإن كان ذلك لها حلالا فلا معنى للاحتجاج بطول أمدها.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ، حدثنا عبد الله بن نصر ، عن قاسم بن أصبغ ، عن محمد بن وضاح ، عن موسى بن معاوية ، حدثنا ابن وهب ، عن يونس بن يزيد، عن ربيعة قال : لا بأس أن يقرأ الجنب القرآن.
وبه إلى موسى بن معاوية ، حدثنا يوسف بن خالد السمتي ، حدثنا إدريس ، عن حماد قال :
سألت سعيد بن المسيب ، عن الجنب هل يقرأ القرآن فقال : وكيف لا يقرؤه وهو في جوفه .
وبه إلى يوسف السمتي ، عن نصر الباهلي قال : كان ابن عباس يقرأ البقرة وهو جنب.
عن حماد بن أبي سليمان قال : سألت سعيد بن جبير ، عن الجنب يقرأ فلم ير به بأسا وقال : أليس في جوفه القرآن، وهو قول داود وجميع أصحابنا. انتهى من ( المحلى لابن حزم ٩٤/١).
** قال الشيخ الألباني رحمه الله في تعقباته على سيد سابق :
ومن ما يحرم على الجنب : قوله : « ... ولا مانع من مس ما اشتمل على آيات من القرآن كالرسائل وكتب التفسير والفقه وغيرها فإن هذه لا تسمى مصحفا ولا تثبت لها حرمته ».
قلت : هذا الجواب مبني على القول بحرمة مس المصحف من الجنب والمصنف لم يذكر دليلا عليه ههنا،
ولكنه أشار في « فصل : ما يجب له الوضوء» أن الدليل هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: « لا يمس القرآن إلا طاهر ».
مع أنه صرح هناك بأن لفظة « طاهر» مشترك يحتمل معاني شتى وأنه لا بد من حمله على معنى معين من قرينة ثم حمله هو على غير الجنب بغير قرينة،
وقد رددنا عليه هناك بما فيه كفاية وبينا المراد من الحديث هناك وأنه لا يدل على تحريم مس القرآن على المؤمن مطلقا. فراجعه.
والبراءة الأصلية مع الذين قالوا بجواز مس القران من المسلم الجنب وليس في الباب نقل صحيح يجيز الخروج عنها. فتأمل. انتهى من [تمام المنة ص (١١٦)].
- وقال أيضا رحمه الله :
... فلا يجوز أن نمنع النساء من قراءة القرآن بحجة أنها غير طاهرة، لو أن الله منعها كما منعها من الصلاة لوقفنا عند هذا وانتهينا،
لكننا نجد الشارع الحكيم قد أوحى إلى الرسول الكريم بالتفريق بين الصلاة وبين أجزاء الصلاة، لأن بعض الناس يقولون:
يا أخي القراءة ركن من أركان الصلاة، فلماذا لا يجب الطهارة لهذه القراءة وهي جزء من أجزاء الصلاة؟
فنقول : ليست القراءة فقط هي جزء من أجزاء الصلاة، أول ما يستفتح الصلاة به هو قولنا : الله أكبر، فلنقل:
إنه لا يجوز للمسلم أن يقول الله أكبر إلا على طهارة؛ لأنها ركن من أركان الصلاة ... التسبيح والتحميد والتكبير إلخ،
لا يوجد مانع من ذلك أبداً، مع الاحتفاظ بما ذكرناه من الأفضل أن يذكر الله على طهارة.
كذلك يقال تماماً بالنسبة لمس القرآن، أيضاً مس القرآن يشرع، فقد جاءت آثار عن بعض الصحابة أنهم كانوا يمتنعون - يمتنعون فكراً - عن مس القرآن إلا على وضوء،
وهذا فيه بيان لما هو الأفضل لمن يريد أن يمس القرآن أو أن يقرأ من القرآن،
أما الإيجاب والقول بأنه يحرم على المرأة غير الطاهرة أن تمس القرآن فهذا لا دليل عليه أبداً. انتهى من (الهدى والنور / ١/ ٤٥: ٤٧: .. ).
وإليك الرد على أدلة المانعين:
1- فقد استدلوا على المنع بالآية الكريمة : { لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ }.ولكن الآية ليست في محل النزاع لأن المراد بها اللوح المحفوظ والمطهرون هم الملائكة .
قال : إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) ولم يقل : إلا المتطهِّرون. ولو أراد به مَنْعَ المُحْدِثِ من مَسِّهِ لَقَال : إلا المتطهِّرون، كما قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) [البقرة: 222]،
وفي الحديث : "اللهُمَّ اجعَلْني من التوَّابين، واجعلني من المُتَطَهِّرين" ؛ فـ "المُتَطَهِّر" فاعِلُ التطهير، و"المُطَهَّر" الذي طهَّرَهُ غيرُهُ، فالمتوضِّئُ ، كمتطهِّرٌ، والملائكةُ مطهَّرون.
إذن فالمعنى الصحيح لقوله تعالى : ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَـهَّرُونَ﴾ المقصود بالآية : الملائكة وهو إخبار من الله عز وجل عن الملائكة وليس هذا القرآن وإنما الذي هو في اللوح المحفوظ.
فهذا المصحف الذي هو في اللوح المحفوظ لا يمسه إلا المطهرون وهم الملائكة المقربون فهذه جملة خبرية وليست جملة إنشائية يعني تصدر حكماً شرعياً.
الله يتحدث عن الواقع أن القرآن الذي هو في الكتاب المكنون يعني اللوح المحفوظ هذا لا يمسه إلا المطهرون وهم الملائكة المقربون،
أما المصحف الذي بين أيدينا فهذا يمسه الصالح والطالح والمؤمن والكافر. انتهى من (سلسلة الهدى والنور للإمام الألباني/ شريط رقم/ (1))
2 - وأما استدلالهم بحديث : كان النبيُّ لا يَحجِبُه وربَّما قال : لا يَحجُزُه عن القرآنِ شيٌء ليس الجنابةُ.
فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة، ثم إن هذا الحديث لو صـح فإنه لا يدل على المنع لأنه حكاية فعل وحكاية الفعل المُجرّد لا يدل على المنع ولا يدل على الوجوب.
- قال ابن حجر فى «التلخيص، ص ٥١» : قال ابن خزيمة : لا حجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة لأنه ليس فيه نهي وإنما هي حكاية فعل . انتهى .
3 - وأما استدلالهم بحديث : " لا يمس القرآن إلا طاهر ".
فهو ضعيف لأنه مرسل والمرسل من أقسام الضعيف لا يحتج به في إثبات أحكام ، ثم إن هذا الحديث لو صـح فالصحيح أن كلمة طاهر لفظ مشترك أي:
يطلق على المؤمن وعلى الطاهر من الحدث الأكبر وعلى الطاهر من الحدث الأصغر وعلى من ليس على بدنه نجاسة،
فهذه احتمالات كثيرة والدليل إذا احتمل احتمالين بطل الاستدلال به، فكيف إذا احتمل أكثر؟!.فيسقط الاستدلال بهذه الحديث ثم نرجع إلى براءة الذمة.
وصرفه إلى واحدٍ من هذه المعاني يحتاج إلى
دليل ولا دليل على ذلك فلا يسلم الاحتجاج به على منع الحائض من مس المصحف.
** كما أن الصحيح الذى لا شك فيه أن الطاهر يطلق على المؤمن لقول الله تعالى (( إنما المشركون نجس )) فهذا فيه إثبات النجاسة للمشرك،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن المؤمن لا ينجس ) هذا في نفي النجاسة عن المؤمن ونفي النقيض يستلزم ثبوت نقيضه لأنه ما في إلا طهارة أو نجاسة مافي حالة متوسطة.
إذًا فيكون المراد بالطاهر هو المؤمن ويكون في الحديث دليل على تحريم مس الكافر للمصحف لا المؤمن.
** كما أن حديث عمرو بن حزم مكتوب إلى أهل اليمن وهم حينذاك ليسوا بمسلمين،
لذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم "لا يمس القران الا طاهر"، وهذا بلا شك دليل على أن الطاهر هو المؤمن.
فالمراد عدم تمكين المشرك من مسه، فهو كحديث : " نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ". متفق عليه.
- قال الإمام الشوكاني رحمه الله : " والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان
طاهراً ،
ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر
والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة...
ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس
بمحدث حدثاً أكبر أو أصغر.
فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملاً في معانيه فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره لحديث : " المؤمن لا ينجس".
ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحاً بلا مرجح وتعيينه لجميعها استعمالاً للمشترك في جميع معانيه وفيه الخلاف.
ولو سلم
رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه لما صح لوجود المانع وهو حديث : " المؤمن لا ينجس" .
- وقال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير : " إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر
لا يصح لا حقيقة ولا مجازاً ولا لغة، صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه،
فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائما فلا يتناوله الحديث سواء كان جنباً أو حائضاً أو محدثاً أو على بدنه نجاسة ". انتهى من (نيل الأوطار 1/243-244).
- وقال الإمام الألباني رحمه الله : أما حديث عمرو بن حزم " لا يمس القرآن إلا طاهر " فهو ضعيف لأنه مرسل والمرسل من أقسام الضعيف لا يحتج به في إثبات أحكام،
وعلى فرض صحته بناء على شهرته فإن كلمة (طاهر) تحتمل :
1- طاهر القلب من الشرك
2- طاهر البدن من النجاسة
3- طاهر من الحدث الأصغر
4- طاهر من الحدث الأكبر
والقاعدة الأصولية ( أن الحديث إن تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال ) تبطل الاستدلال به،
والطاهر يطلق على المؤمن لقول الله تعالى ( إنما المشركون نجس ) إثبات النجاسة للمشرك لذلك لا يقرب المسجد ولا يمس القرآن.
فإثبات النجاسة للمشرك يعني إثبات عكسها للمؤمن فالمؤمن طاهر في جميع أحواله لقول رسول الله " إن المؤمن لا ينجس " فمن يقول بحرمة المس فليأت لنا بدليل من حديث رسول الله.
الفتوى لا تكون بالكم ولا بالورع. إنما بالدليل...نحن نسير مع الدليل الصحيح حيث سار ولا نتعبد إلا بكلام نبينا ﷺ ،
والأصل الحل حتى يرد دليل على المنع " لا يمس القرآن إلا طاهر" الحديث إن صح فهو يحتمل احتمالات وبالتالي لا يستدل به على حرمة مس المصحف وهذا من قواعد أصول الفقه .
رسول الله ﷺ ما ترك شيئا حراما إلا شدد عليه وبينه.. فكيف لا يبين مسألة كهذه قد ندخل بها النار..
نعم لم يكن هناك مصحفا... كان القرآن يقرأ في صحف وأوراق ويدون في جلود،
فكيف لا يأمر نبيناﷺ أمنا عائشة بعدم مسه وهي حائض⁉. وأنها آثمة لو فعلت هذا أيخفي علينا نبيناﷺ شيئا حراما ؟! محال. انتهى.
https://www.youtube.com/watch?v=R6W5w0_JErQ
- وسئل أيضا رحمه الله :
عمن قال أن كلمة طاهر لفظ عام وهو يشمل المؤمن والطاهر من الحدثين ومن ليس على بدنه نجاسة والصحيح أن يحمل النهي على عموم اللفظ.
فأجاب :
الرد عليه أن إعمال اللفظ المشترك في جميع معانيه ليس من طريق أهل العلم، ولا هو مما جرى الأسلوب اللغوي عليه،
فأنت إذا قلت مثلا رأيت عينا، لا تستطيع أن تفهم منه بأنه رأى ... ورأى نقدا ورأى عينا جارية وجاسوسا وإلى أخر ذلك مما يُقال في كل الألفاظ المشتركة،
فلا بد من تحديد المعنى ولا يمكن أن يتلفّظ الشارع الحكيم بلفظ مشترك ويدعه هكذا مائعا لا يُحدّد المراد منه،
ولذلك فنحن ندّعي بأن هذا الحديث المراد واضحا بالأدلة الأخرى التي منها،
الحديث الذي ذكرته نهى عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو فقوله ( لا يمس القرأن إلا طاهر ) ... مسلم أي لا يمس القرأن غير المسلم كما في ذاك الحديث الثاني.
وبذلك يُفسّر الحديث بعضه ببعض ولا يبقى فيه دليل على أنه لا يجوز للمسلم الجنب أن يمسّ القرأن لأن المسلم الجنب هو طاهر بنص قوله عليه السلام ( إن المؤمن لا ينجس )،
فالمؤمن طاهر سواء كان جنبا أو غير جنب، فهذا الذي يبدو لنا في الحديث المذكور . انتهى من (متفرقات للألباني-(250)).
- وقال أيضا رحمه الله :
قوله عليه السلام ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) نفسّره بحديث ابن عمر السابق ( لا تسافروا بالمصحف إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو )،
ف ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) أي إلا مؤمن سواء كان بعد ذلك محدثا حدثا أكبرا أو حدثا أصغرا.
وهكذا ينبغي فيما نرى أن يفسر هذا الحديث بأنه لا يوجد هناك نص صحيح صريح في عدم جواز مس القرآن ممن كان على الحدث الأكبر أو على الحدث الأصغر .انتهى من (أسئلة وفتاوى الإمارات - ٧/ ٠٠: ٠٧: ١١).
- وسئل أيضا رحمه الله :
هل يجوز للحائض قراءة القرآن ولمسه؟
الجواب :
لا نجد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على منع الحائض والجنب من مس القرآن أو تلاوته،
بل لعلنا نجد من القواعد والأصول ما يدل على خلاف ذلك ألا وهو الجواز.
ذلك لأن من الأصول التي تبنى عليها فروع كثيرة قولهم : " الأصل في الأشياء الإباحة " فهنا لمس للقرآن وهنا قراءة من القرآن فكل من الأمرين الأصل في ذلك الإباحة.
فلا ينبغي الخروج عن هذا الأصل إلا بدليل ملزم من الكتاب أو السنة الصحيحة ولا يوجد مطلقاً في الكتاب ولا في السنة ما يمنع الجنب من مس القرآن أو تلاوته وكذلك المرأة الحائض.
بل قد نجد في تضاعيف السنة ما يشهد للأصل في ذلك مثلاً :
- روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :( كان رسول الله ﷺ يذكر الله في كل أحيانه ).
فهذه الكلية التي أطلقتها السيدة عائشة في حديثها تشمل أحيان الرسول ﷺ كلها أي سواء كان طاهراً أو غير طاهر سواء كان على حدث أصغر أو حدث أكبر.
والذي يؤكد هذا المعنى العام في هذا الحديث حديث عائشة - أنها هي أيضاً حدثتنا أن النبي ﷺ كان قد يُصبح أحياناً جنباً من احتلام وفي رمضان فيدخل عليه الفجر وهو جنب من احتلام فيصوم ثم يغتسل.
ووجه الاستـدلال بهذا : أننا نعلم من أحاديث أخرى أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ سورة تبارك ،
وكان لا ينام في كثير من لياليه حتى يقرأ سورة المزمل كذلك في بعض الأحاديث الحض على قراءة آية الكرسي ونحو ذلك من الأذكار المعروفة في كتب الأذكار.
فلم يأتي ما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة التي كان ينام فيها جنباً ،
كان لا يقرأ هذا الذي شرعه إن صح التعبير- للناس أن يقرؤوه بين يدي اضطجاعهم من نومهم .انتهى من (متفرقات الألباني/ شريط رقم : (226)/ سلسلة أهل الحديث والأثر).
وأما قوله: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
أما بالنسبة للآية : ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ .الحقيقة أن الناس ابتعدوا جداً عن فهم القرآن كما أراده الله وكما بينه علماء التفسير،
أول شيء أُلفت نظركم إليه : ﴿ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ مش نحن المسلمين على غير جنابة على طهارة كاملة، نحن مُطهَّرون !!.
هذا له علاقة باللغة العربية مع الأسف التي نسيها العرب قبل الأعاجم المطهَّرون هم الملائكة المقربون نحن نكون إذا كنا فعلاً كما أراد الله منا (متطهرون).
فيه فرق بين مطَهَّر وبين متطهِّر -
إذا كان فيكم شخص قرأ اللغة العربية ونحو، وصرف، وإلى آخره.. وعرف اشتقاق الكلمات.
(المطهَّر) من الله ولذلك قال تعالى : ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَـطَهَّرُواْ﴾... ما قال فيه رجال مطهَّر وإنما فيه رجال مطهرون فيه رجال يندموا ويتطهروا فيه رجال يتوسخوا فيَتنظَفوا ويتطهروا،
لكن الملائكة فقط هو المطهرون لأن الله وصفهم في القرآن الكريم : ﴿ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾
لذلك فهذه الآية ليس لها علاقة بموضوع مس القرآن فهنا ينبغي التنبيه لتفهيم معنى هذه الآية للناس،
لأن الناس في تجربتنا بعيدين كل البعد عن الفهم الصحيح لهذه الآية أول خطأ يفسروا (مطهرون) بــ (متطهرين) هذا خطأ لغةً وشرعاً.
يقول الإمام مالك في كتابه الذي هو من أصح الكتب وهو " الموطأ ":(أحسن ما سمعت في تفسير هذه الآية : ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾،
أنها كالتي في سورة " عبس" قال تعالى : ﴿ كَلَّآ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةِ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ) هؤلاء المطهرون هذه شهادة الإمام مالك الذي هو إمام دار الهجرة.
والآية لها تفاصيل أخرى لكن يكفي الآن للفت النظر أن معنى الآية أن الله يتحدث عن القرآن الموجود : ﴿ بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْـفُوظِ﴾،
هذا القرآن المجيد في اللوح المحفوظ لا يمسه ولا يتنـزل به إلا الملائكة المطهرون هذا معنى هذه الآية الكريمة. انتهى من (سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم: (131)) .
الخلاصة
لا يوجد دليل صحيح صريح في منع المُحدِث من قراءة القرآن ولا من مسّ المصحف سواء كان حدثا أصغر أم أكبر،
ولا شك أن قراءة القرآن على طهارة كاملة أنه هو الأولى والأفضل .
ولمزيد الأدلة والإيضاح اضغط على هذا الموضوع : ( هل يجوز مس المصحف بدون وضوء؟ ).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق