قول أمين بعد الفاتحة سنة مؤكدة فى الصلاة سواء تعلق الأمر بالإمام أو المأموم أو المنفرد ،
ويُسرُّ بها في الصَّلاة السِّريَّةُ ويجهرُ بها في الجَهريَّة ويؤمِّنُ فيها مع الإمام ولا يسبقه المأموم بقول أمين .
كما أن من ترك قول أمين حتى اشتغل بغيره لم يعد إليه وصلاته صحيحة ، ويستحب أيضا قول "أمين" لمن هو خارج الصلاة .
و" أمين " ليست من الفاتحة إجماعًا ولهذا لم تُثبت في المصاحف وهي اسم فعل بمعنى : اللهم استَجِبْ.
وفيها لغتان :
- " آمين " بمد الألف على وزن " فاعيل "
- و" أَمين " بالقصر على وزن " فعيل "، والقصر هو الأصل . انتهى من "المغني" (2/ 163)
ودليل ذلك :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا قَالَ الْإِمَامُ : ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) ، فَقُولُوا : آمِينَ ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ). رواه البخاري.
- وفى رواية أخرى : (( إذا أمَّن الإمامُ فأمِّنوا ؛ فإنَّه مَن وافَقَ تأمينُه تأمينَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه )).
2- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَبَنا، فقال : ((إذا صلَّيتُم فأَقيموا صفوفَكم، ثم لْيَؤُمَّكم أحدكم، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال : ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]،
فقولوا : آمين، يُجِبْكُم الله، فإذا كبَّر وركع فكبِّروا واركعوا؛فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم...)). [أخرجه مسلم].
3- عن ابنِ جُرَيجٍ قال : قلتُ لعطاءٍ : أكان ابنُ الزُّبيرِ يؤمِّنُ على أثرِ أمِّ القرآنِ؟ قال : نعم، ويؤمِّنُ مَن وراءَهُ، حتَّى إنَّ للمسجدِ للَجَّةً . (صحح إسناده الألباني في ((أصل صفة الصلاة)) (1/380)).
قال ابنُ رجب رحمه الله :
دلَّ هذا الحديثُ على أنَّ الإمام والمأمومين يؤمِّنون جميعًا، وهذا قول جمهور أهل العلم، رُوي عن أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وأبي هريرة،
وقال عطاءٌ : لقد كنت أسمعُ الأئمة يقولون على إثر أم القرآن : آمين، هم أنفسهم ومَن وراءهم، حتى إن للمسجد للجةً،
وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وهو رواية المدنيِّين عن مالك، واختيارُهم .انتهى من ((فتح الباري)) (4/492).
قال النَّوويُّ رحمه الله :
قد اجتمعَتِ الأمةُ على أنَّ المنفَرِدَ يؤمِّن، وكذلك الإمامُ والمأمومُ في الصلاة السِّرية، وكذلك قال الجمهورُ في الجهرية . انتهى من ((شرح النَّووي على
مسلم)) (4/130).
وقال ابن عبد البرِّ رحمه الله :
قولُه في حديث سُمَيٍّ : (( إذا قال الإمام : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا : آمينَ ))، ولا خلافَ أنَّه لا تأمين في الصلاة في غير هذا الموضع . انتهى من ((الاستذكار)) (1/474).
قال ابن كثير رحمه الله :
يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها آمين .... قال أصحابنا وغيرهم : ويستحب ذلك لمن هو خارج الصَّلَاةِ،
وَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وفي جميع الأحوال . انظر : "مسائل الإمام أحمد" رواية ابنه عبدالله ص(72)، "الاستذكار" (2/ 197)، "المهذب" (1/ 79)، "المبسوط" (1/ 32) (تفسير ابن كثير لسورة الفاتحة)
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
كلمة آمين سنة للإمام والمنفرد والجماعة سنة بعد الفاتحة وهكذا في خارج الصلاة إذا قرأ الفاتحة يقول : آمين،
لأن فيها اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. [الفاتحة:6]، دعاء فهو يؤمن بعدها، وليست واجبة ولو تركها فلا سجود عليه صلاته صحيحة وليس عليه شيء،
لو تركها الإمام أو المأمومون أو المنفرد فلا شيء عليه والحمد لله، هذه السنة لا يتعمد تركها السنة فعلها، لكن لو نسيها لا شيء عليه . انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
يشرع للإنسان، إذا أتم قراءة الفاتحة في الصلاة أن يقول : آمين؛ لأن آخرها دعاء : اهدانا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
والدعاء ينبغي أن يختم بآمين؛ لأن آمين معناها : اللهم استجب، ثم إني أذكر إخواني المستمعين بأن الفاتحة هي أم القرآن والسبع المثاني،
وهي التي لا بد من قراءتها في الصلاة، فلا صلاة لمن لم يقرأ بها؛ وذلك لما تشتمل عليه من المعاني العظيمة، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال :
«قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ فإذا قال : ﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾. قال الله : حمدني عبدي. وإذا قال : ﴿الرحمن الرحيم﴾. قال : أثنى علي عبدي.
وإذا قال : ﴿مالك يوم الدين﴾. قال : مجدني عبدي. وإذا قال : ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾. قال : هذا بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل.
فإذا قال : ﴿ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» .
فينبغي للإنسان حال قراءة الفاتحة في الصلاة أن يستحضر هذا المعنى العظيم؛ فإن هذا من أسباب حضور القلب في الصلاة . انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [258]).
وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
حكم قول : آمين، بعد قول الإمام : { وَلَا الضَّالِّينَ }. أنه سنة للإمام والمأموم والمنفرد ،
روي ذلك عن ابن عمر وابن الزبير، وبه قال الثوري وعطاء والشافعي ويحيى ابن يحيى وإسحاق وأبو خيثمة وابن أبي شيبة وسليمان بن داود وأصحاب الرأي،
والأصل في ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ». متفق عليه.
وروى وائل بن حجر : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال : قال : آمين، ورفع بها صوته » ، رواه أبو داود، ورواه الترمذي وقال : « ومد بها صوته » وقال فيه : حديث حسن.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا قال : الإمام ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول : آمين، والإمام يقول : آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » . (مسلم) . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (٢٧٠٩)).
يستفاد من الأحاديث السابقة
أن ( وقت ) تأمين المأموم يكون موافِقًا لتأمين الإمام وليس قبله وذلك فى قول النبى " فقولوا : آمين " وهذا يدلُّ على اقتران تأمين المأموم بتأمين الإمام وذلك لأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه .
ويكون معنى قوله : (( إذا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنُوا ))؛ أي : شرَع في التأمين ، فاشْرَعوا في التأمين .
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
" فيه دليلٌ على أن الملائكة يُصلُّون مع الناس ويُؤمِّنُون على دعاء الإمام... فإن قيل : كيف نُوافِق تأمين الملائكة، فإن الملائكة تُؤمِّن مباشرةً ولا تُؤخِّر؟
والجواب : " إذا أمَّنْتَ من حين قال الإمام : ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾. [الفاتحة: 7]، فقد وافقتَ ". انتهى من [التعليق على مسلم (3/ 95)].
ويستفاد أيضا :
أن السنة (الجهر) بـ آمين في الصلاة الجهرية للإمام والمأموم والمنفرد، ويدل على ذلك هذا الحديث الصحيح :
سَمِعْتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَرأَ : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) وقالَ آمين ، ومدَّ بِها صوتَهُ. (صحيح الترمذي)
قال الشافعي في "الأم":
عن عطاء قال : كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون : آمين، ومن خلفهم : آمين ، حتى إن للمسجد لَلَجَّة [اللَّجَّة هي الصوت المرتفع] .
وهذا الأثر رواه البخاري في صحيحه معلقا ، وجزم بصحته عن عطاء ، فقال : " بَاب جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ . وَقَالَ عَطَاءٌ : آمِينَ دُعَاءٌ ، أَمَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً ". انتهى .
قال ابن القيم رحمه الله :
السنةُ المحكمةُ الصحيحةُ :
الجهرُ بآمين في الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين : ( إذا أمن الأمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ؛
ولولا جهره بالتأمين لما أمكن المأموم أن يؤمن معه ويوافقه في التأمين ، وأصرح من هذا حديث وائل بن حجر .
وسئل الشافعي عن الإمام هل يرفع صوته بآمين ؟
قال : نعم ، ويرفع بها من خلفه أصواتهم .
فقيل له : وما الحجة ؟
فقال : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمن الإمام ) ؛ فيه دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين ، لأن من خلفه لا يعرفون وقت تأمينه إلا بأن يسمع تأمينه . انتهى من " إعلام الموقعين " (2/396-398) .
وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :
إذا لم يسمع المأموم قول الإمام آمين، فهل يقولها أم لا؟
فأجاب :
نعم يقولها، ولكن كما نبهنا في الأمس القريب : لا يستعجل إذا سمع سكون النون من الإمام { وَلا الضَّالِّينَ }. [الفاتحة: ٧] يأخذ المقتدي كما لو كان هو القارئ ..
يأخذ نفساً ثم يقول : آمين، وبهذه الحالة يكون لم يسبق الإمام خلاف ما نشاهده اليوم في كثير من البلاد « إذا أمن فأمنوا » ، وليس من الضروري حينذاك أن يسمع؛
لأن كثيراً من الأئمة يكون مذهبهم الإسرار بآمين في بعض البلاد وبخاصة بلاد بعض الأعاجم كالأتراك الذين يغلب عليهم التمسك بالمذهب الحنفي،
فالمذهب الحنفي يرى أن الإمام لا يجهر بآمين وإنما يسر، وهذا خلاف السنة الصحيحة ؛ لأن السنة صرحت بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -: « كان إذا قال : {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] قال : آمين ورفع بها صوته ».
فإذا ابتلي المصلي بالاقتداء بإمام حنفي المذهب مثلاً لا يرى سنية الجهر بآمين، أو هو يرى ولكنه متاكسل لا يهتم بالتمسك بالسنة فلا يجهر بآمين،
فذلك لا يحول بين المقتدي وبين قوله : آمين، ولكن عليه أن لا يستعجل بها كما ذكرنا ذلك في الأمس القريب . انتهى من (رحلة النور: ٢٤ ب٠٠: ٢٤.: ٣٢)
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق